اختبار خصائص مياه الشرب

طريقة اختبار مياه الشرب لتقدير الخصائص الطبيعية

تعتبر مياه الشرب أحد الموارد الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في حياتنا اليومية، ولذلك فإن ضمان جودة المياه من حيث سلامتها وصلاحيتها للاستهلاك البشري يمثل أمرًا بالغ الأهمية. يشمل اختبار مياه الشرب العديد من الإجراءات التي تهدف إلى تقييم خصائص المياه الطبيعية والكيميائية والبيولوجية، وذلك للتأكد من خلوها من الملوثات التي قد تهدد صحة الإنسان. في هذا المقال، سنتناول طريقة اختبار مياه الشرب لتقدير الخصائص الطبيعية، مع التركيز على الأساليب المختلفة التي يتم استخدامها في المختبرات لتقييم هذه الخصائص.

1. أهمية اختبار مياه الشرب

تعتبر مياه الشرب من أكثر الموارد الطبيعية التي قد تتعرض للملوثات نتيجة للنشاطات البشرية أو التغيرات البيئية. تشمل الملوثات التي قد توجد في المياه العادمة أو المياه السطحية التي تستخدم للشرب، الملوثات البيولوجية مثل البكتيريا والفيروسات، والملوثات الكيميائية مثل المعادن الثقيلة والمركبات العضوية. لذلك، فإن اختبارات مياه الشرب تهدف إلى ضمان خلو المياه من هذه الملوثات وتحقيق معايير الجودة العالمية التي تحددها منظمة الصحة العالمية (WHO) أو الهيئات المحلية المعنية.

2. الخصائص الطبيعية للمياه

الخصائص الطبيعية لمياه الشرب هي الخصائص التي يمكن تحديدها بسهولة باستخدام أجهزة بسيطة وأحيانًا بدون الحاجة إلى مواد كيميائية متخصصة. تشمل هذه الخصائص:

2.1 اللون

يعتبر لون الماء من أولى المؤشرات التي يمكن أن تكشف عن وجود ملوثات. في الحالة المثالية، يجب أن تكون مياه الشرب شفافة، أي أن لا تحتوي على لون أو شوائب مرئية. ولكن في حال وجود ألوان معينة، فإن ذلك قد يكون نتيجة لتلوث المياه بالجزيئات العضوية أو المواد الكيميائية التي قد تؤثر على جودتها. اختبار اللون يتم باستخدام جهاز يسمى “المقياس اللوني” (Colorimeter)، والذي يقيس شدة اللون باستخدام الطول الموجي للضوء.

2.2 الرائحة

تعتبر الرائحة أيضًا من الخصائص الطبيعية الهامة التي تساعد في تحديد نوعية المياه. المياه النقية لا تحتوي على رائحة واضحة. أي تغير في رائحة المياه، مثل رائحة الكبريت أو الكلور، يمكن أن يشير إلى وجود مواد ملوثة. يتم اختبار الرائحة عن طريق أخذ عينة من المياه ووضعها في وعاء مغلق لمدة قصيرة، ثم استنشاق الرائحة الناتجة.

2.3 الطعم

يمكن أن يكون طعم الماء مؤشرًا قويًا على وجود ملوثات معينة. المياه النقية يجب أن تكون خالية من الطعم غير الطبيعي. وجود طعم مالح أو معدني قد يشير إلى تلوث المياه بالمعادن الثقيلة مثل الصوديوم أو الحديد. من خلال اختبار الطعم، يتم تقييم العينة بشكل حسي باستخدام الأذواق المختلفة.

2.4 الدرجة الحموضة (pH)

تعتبر درجة الحموضة من الخصائص الطبيعية الهامة في تقييم المياه. حيث أن المدى الطبيعي لدرجة الحموضة في المياه الصالحة للشرب يتراوح بين 6.5 و 8.5. في حال كانت درجة الحموضة أقل من هذا النطاق أو أكثر، فإن ذلك قد يؤثر على قدرة الجسم على امتصاص المعادن في الماء، أو قد يشير إلى وجود تلوث بيئي. يتم قياس درجة الحموضة باستخدام أجهزة خاصة مثل مقياس الأس الهيدروجيني (pH Meter).

2.5 الصلابة (Hardness)

الصلابة هي مقياس لوجود المعادن القلوية في الماء، مثل الكالسيوم والمغنيسيوم. الماء الصلب يمكن أن يتسبب في تراكم الرواسب المعدنية في الأنابيب وأسطوانات الغسالات، بينما قد يكون الماء اللين أكثر ملاءمة للاستهلاك البشري. يتم قياس صلابة الماء باستخدام أجهزة مخصصة تقوم بتحديد تركيز الكالسيوم والمغنيسيوم في العينة.

2.6 الموصيلية الكهربائية (Electrical Conductivity)

الموصلية الكهربائية هي مقياس لعدد الأيونات القابلة للتوصيل في الماء، والتي تعكس تركيز الأملاح والمركبات الذائبة. يمكن قياسها باستخدام جهاز مخصص يسمى “مقياس الموصلية” (Conductivity Meter). تعد الموصلية الكهربائية مؤشرًا جيدًا على كمية الأملاح الذائبة في الماء، مثل الصوديوم والكالسيوم، التي قد تؤثر على جودة المياه.

3. طرق اختبار الخصائص الطبيعية لمياه الشرب

3.1 الاختبارات المعملية

تعتبر الاختبارات المعملية من أكثر الطرق دقة في تحديد خصائص المياه الطبيعية. تشمل هذه الاختبارات استخدام أدوات دقيقة ومواد كيميائية متخصصة لتحليل العينة. يتم أخذ عينات من المياه في زجاجات معقمة ثم تحليلها باستخدام مجموعة متنوعة من الأجهزة المخبريّة لتحديد اللون، الطعم، الرائحة، درجة الحموضة، الصلابة، والموصلية الكهربائية.

3.2 الاختبارات الميدانية

في بعض الحالات، يمكن إجراء الاختبارات الميدانية مباشرة في مواقع مصادر المياه باستخدام أجهزة محمولة. هذه الأجهزة تسمح بفحص خصائص المياه بسرعة ودقة في الموقع، مثل مقياس الأس الهيدروجيني المحمول أو جهاز قياس الموصلية الكهربائية. وتستخدم هذه الاختبارات بشكل رئيسي لتقييم المياه في الأماكن التي يصعب الوصول إليها أو لتوفير الوقت في حالات الطوارئ.

4. المعايير العالمية لسلامة مياه الشرب

تضع منظمة الصحة العالمية (WHO) العديد من المعايير والارشادات لتقييم جودة مياه الشرب. وتشمل هذه المعايير مكونات المياه الطبيعية التي يجب أن تكون في حدود معينة لضمان أن الماء آمن للشرب. كما تقوم الهيئات الوطنية والمحلية أيضًا بوضع معايير خاصة تتناسب مع الظروف المحلية.

4.1 مؤشرات التلوث البيولوجي

تشمل مؤشرات التلوث البيولوجي وجود الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والفطريات التي قد تسبب أمراضًا. أحد الاختبارات الأساسية للكشف عن هذه الكائنات هو اختبار “الكوليفورم” (Coliform Test)، والذي يساعد في قياس عدد البكتيريا التي تشير إلى تلوث المياه بالبراز.

4.2 المعايير الكيميائية

تشمل هذه المعايير التركيزات المقبولة للمواد الكيميائية في المياه مثل المعادن الثقيلة (الرصاص، الزئبق، النحاس) والمواد الكيميائية السامة الأخرى. تم تحديد حدود هذه المواد بحيث لا تؤثر على صحة الإنسان.

5. خاتمة

تعتبر الاختبارات التي يتم إجراؤها على مياه الشرب جزءًا أساسيًا من ضمان سلامة المياه وصلاحيتها للاستهلاك البشري. تتراوح هذه الاختبارات بين تلك التي تهدف إلى تقييم الخصائص الطبيعية مثل اللون والطعم والموصلية الكهربائية، إلى تلك التي تركز على تقييم التلوث البيولوجي والكيميائي. ومن خلال اتباع المعايير العالمية والمحلية، يمكن توفير مياه شرب آمنة وصحية لجميع الأفراد.