اختبار تحديد الشخصية والأولويات

اختبار غريب يحدد شخصيتك وأولوياتك وأحبائك في الحياة

في عالم متسارع ومليء بالتحديات والتغيرات، يسعى الإنسان دائمًا إلى فهم ذاته بعمق أكبر، ومعرفة جوانب شخصيته التي قد تكون خفية أو غير واضحة له. على هذا النحو، ظهرت العديد من الاختبارات النفسية والاجتماعية التي تهدف إلى تحديد الصفات الشخصية، ومعرفة الأولويات الحياتية، وتوضيح العلاقات العاطفية والاجتماعية التي يتمسك بها الفرد في حياته. من بين هذه الأدوات التي لاقت انتشارًا واسعًا، يأتي اختبار غريب في طبيعته، لكنه يحقق نتائج مدهشة تساعد في كشف خبايا النفس، وتوجيه صاحبها إلى الطريق الأنسب لتحقيق توازن داخلي وفهم أعمق للعلاقات والأهداف.

طبيعة الاختبار الغريب: كيف يعمل؟

يُعتبر هذا الاختبار غريبًا لأنه لا يعتمد على الأساليب التقليدية المعروفة في قياس الشخصية مثل “اختبار الشخصيات الخمسة الكبرى” أو “اختبار مايرز بريجز” أو غيرها من الاختبارات السلوكية أو النفسية المعتادة. بدلاً من ذلك، يعتمد على سلسلة من المواقف والألوان، وحتى رموز وأشياء يومية يتم اختيارها بعناية. هذه الاختيارات تعكس في ظاهرها بساطة الاختبار، لكنها في العمق تحمل دلالات نفسية وسلوكية عميقة تكشف عن توجهات العقل اللاواعي.

تعتمد فكرة الاختبار على مبدأ أن الأشياء التي ينجذب إليها الإنسان بطريقة عفوية وغير مدروسة تكشف الكثير عن قيمه، أولوياته، وعلاقاته الشخصية. فعلى سبيل المثال، اختيار لون معين أو مشهد طبيعي أو حتى نوع معين من الحيوانات يعكس أنماط تفكير معينة، ويمثل رموزًا لعواطف أو حاجات داخلية.

تحديد الشخصية من خلال الاختبار

تُصنف الشخصيات التي يُمكن أن تظهر من خلال هذا الاختبار إلى عدة أنواع رئيسية، كل منها يتمتع بصفات مميزة تُظهر كيف يفكر الإنسان وكيف يتفاعل مع محيطه:

• الشخصية العاطفية الحساسة: يميل أصحاب هذه الشخصية إلى اختيار ألوان ناعمة ومشاهد طبيعية هادئة. يتميزون بالتعاطف الكبير والقدرة على فهم مشاعر الآخرين بشكل عميق، وقد يكونون أكثر عرضة للتأثر بالمواقف العاطفية، ما يجعلهم أصدقاء وأحباء مخلصين.

• الشخصية الطموحة والمغامرة: هؤلاء يختارون ألواناً زاهية أو رموزًا تمثل الحركة والنشاط مثل الجبال أو الأمواج. تعكس اختياراتهم روح المغامرة وحب التحدي، ويتميزون بالسعي الدائم لتحقيق الإنجازات والنجاحات، كما أن لديهم نظرة مستقبلية واضحة.

• الشخصية العقلانية والمنطقية: غالبًا ما تختار هذه الفئة أشياء تمثل النظام والترتيب، مثل الأشكال الهندسية أو الألوان المحايدة. يتمتع هؤلاء الأشخاص بقدرة عالية على التحليل والتخطيط، ويعتمدون على التفكير المنطقي في اتخاذ القرارات، مما يجعلهم قادة ممتازين في العمل والعلاقات.

• الشخصية الاجتماعية والمرحة: يميل أصحاب هذه الشخصية إلى اختيار أشياء أو ألوان تعبر عن البهجة والمرح مثل الألوان الزاهية والرموز المرتبطة بالاحتفالات أو الحيوانات الأليفة. يتميزون بحبهم للتواصل والانخراط في المواقف الاجتماعية، ويعتبرون دعم الأصدقاء والعائلة من أهم أولوياتهم.

• الشخصية الهادئة والمحتفظة: تفضل هذه الشخصية الألوان الهادئة والاختيارات التي تعبر عن الاستقرار والخصوصية. عادة ما يفضلون العيش في بيئة منظمة ومتزنة ويضعون العلاقات العائلية في مرتبة عالية جدًا، كما أنهم مخلصون جدًا لأحبائهم.

فهم الأولويات الحياتية

من خلال تكرار الاختيارات وتحليلها، يمكن للاختبار أن يحدد الأولويات التي يضعها الفرد في حياته، والتي تنعكس في اختياراته اليومية. تُبرز هذه الأولويات الجوانب التالية:

• التركيز على العلاقات الشخصية: تظهر أهمية العلاقات العائلية والاجتماعية كأولوية قصوى، خصوصًا إذا كانت الاختيارات تميل إلى رموز تعكس الانتماء والدفء العائلي. يعكس ذلك رغبة الشخص في الحفاظ على روابط قوية مع أحبائه، والاستثمار في جودة العلاقات الاجتماعية.

• الطموح المهني والتطور الشخصي: تبرز هذه الأولوية في اختيارات تشير إلى الحركة والتقدم، كالاختيار بين رموز النجاح والطموح مثل السلالم، النجوم، أو ألوان نابضة بالحياة. يدل ذلك على رغبة الفرد في تحقيق إنجازات مهنية والشعور بالتطور الذاتي المستمر.

• الاستقرار النفسي والعاطفي: يركز هذا الجانب على الرغبة في خلق بيئة مستقرة وهادئة تضمن توازنًا نفسيًا. اختيارات الأشخاص الذين يضعون هذا في أولوياتهم تكون غالبًا مرتبطة بالأماكن الهادئة والألوان الدافئة التي تخلق إحساسًا بالأمان والطمأنينة.

• السعي وراء الحرية والاستقلال: يبرز هذا الاتجاه في اختيارات رموز تعبر عن الفضاء الواسع أو الطبيعة البرية، مما يدل على رغبة الفرد في التحرر من القيود والاستقلالية في اتخاذ القرارات.

الأحباء ومكانتهم في الحياة

يقدم هذا الاختبار رؤية دقيقة حول من هم الأحباء الحقيقيون في حياة الفرد. فبناءً على الأنماط التي تظهر من خلال اختياراته، يمكن تصنيف علاقاته إلى عدة مستويات:

• العلاقات العائلية: غالبًا ما يظهر أن الأشخاص الذين يضعون الأسرة في مقدمة اختياراتهم لديهم روابط قوية مع أفراد العائلة، ويُظهرون اهتمامًا كبيرًا بالرعاية والدعم المتبادل، مما يجعل الأسرة محور حياتهم وعنوان الأمان الأول.

• الصداقة الحقيقية: بالنسبة للبعض، تكون الصداقة من أهم الدعائم في الحياة، ويتمثل ذلك في اختيار رموز تعبر عن التواصل والمشاركة. يتميز هؤلاء الأشخاص بوفائهم وحرصهم على بناء صداقات مستدامة تدعمهم في كل مراحل الحياة.

• العلاقات العاطفية والرومانسية: يظهر هذا الجانب في الاختيارات التي تميل إلى رموز الحب والدفء، مثل القلوب أو الألوان الدافئة. يولي هؤلاء الأشخاص أهمية كبيرة لشركائهم العاطفيين ويعملون على بناء علاقة متينة قائمة على الثقة والاحترام.

• الذات كنقطة مركزية: هناك فئة تضع اهتمامها الأساسي في تطوير الذات وفهم النفس، مما يجعلها في بعض الأحيان تفضل العزلة المؤقتة أو اختيار الأنشطة التي تعزز نموها الشخصي. ينعكس ذلك في اختيار رموز تمثل التأمل، الاستبطان، أو النشاطات الفردية.

الجدول التالي يوضح العلاقة بين أنواع الشخصيات، أولوياتها، ومكانة الأحباء في حياتها:

الأهمية النفسية والاجتماعية للاختبار

يمثل هذا النوع من الاختبارات أهمية كبيرة في فهم النفس البشرية بطريقة غير تقليدية. إذ إن الإنسان بطبيعته يبحث عن أدوات تساعده على تفسير مشاعره وتوجهاته، وهذا الاختبار يمنحه مرآة تكشف عن نفسه بوضوح. كما يتيح له الفرصة لإعادة ترتيب أولوياته، وتصحيح مسار العلاقات الاجتماعية والعاطفية التي قد تكون عرضة للخلل بسبب عدم الفهم العميق.

كذلك، يسهم في تحسين التفاهم بين الأفراد، سواء في العلاقات العائلية أو في بيئات العمل، لأنه يجعل كل طرف يفهم طبيعة الآخر بشكل أفضل، ويتعامل معه وفقًا لما يتناسب مع شخصيته وأولوياته.

تأثير الاختبار على التنمية الذاتية

من أبرز الفوائد التي يمكن استخلاصها من هذا الاختبار هو التأثير الإيجابي على مسار التنمية الذاتية للفرد. فمن خلال معرفة نوع شخصيته وأولوياته وأحبائه، يستطيع الفرد:

• تحديد نقاط القوة والضعف: يتعرف على الجوانب التي يجب تعزيزها والعيوب التي يمكن أن تحسنها في ذاته.

• تحسين إدارة الوقت والجهد: يوجه طاقاته نحو ما هو مهم حقًا في حياته، سواء كان ذلك في العلاقات أو العمل أو الاهتمامات الشخصية.

• زيادة الوعي الذاتي: يصبح أكثر إدراكًا لما يريده من الحياة وكيفية تحقيق ذلك بشكل متوازن.

• بناء علاقات صحية: يفهم كيف يتفاعل مع الآخرين ويطور علاقات قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل.

• تعزيز الشعور بالسعادة والرضا: من خلال العيش وفق أولوياته الحقيقية والانخراط مع من يحب بصدق.

خلاصة القول

إن اختبار الشخصية والأولويات والأحباء الذي يعتمد على اختيار رموز وألوان ومواقف غريبة في الظاهر، يعد وسيلة فريدة ومهمة تكشف الكثير عن النفس البشرية. هو أكثر من مجرد لعبة أو اختبار بسيط، بل هو أداة تعبيرية عميقة تساعد على فهم الذات، تنظيم الأولويات، وتقييم العلاقات الحياتية بشكل واضح. من خلال النتائج التي يقدمها، يمكن لكل فرد أن يعيد ترتيب حياته بشكل أكثر وعيًا وسعادة، ويعيش تجربة توازن نفسي واجتماعي مميزة.

يظل هذا النوع من الاختبارات ذا قيمة عالية، خاصة في عصر يزداد فيه التعقيد النفسي والاجتماعي، حيث تسهم مثل هذه الأدوات في تعزيز التواصل الداخلي والخارجي، وتقديم رؤية شاملة للحياة من منظور شخصي فريد لكل إنسان. لذا فهو يستحق أن يكون جزءًا من أدوات التنمية الذاتية والتفاعل الإنساني في مختلف مراحل الحياة.

المصادر والمراجع

1. جالينوس، علم النفس الحديث، دار الفكر العربي، 2019.

2. سوزان كين، قوة الشخصية الداخلية، ترجمة محمد عبد القادر، دار الكتاب الجامعي، 2021.