إيفان راكيتيتش: مسيرة أسطورة كرة القدم الكرواتية
إيفان راكيتيتش هو واحد من أبرز لاعبي كرة القدم في جيل كرواتيا الذهبي الذي استطاع أن يحقق النجاح على الصعيدين الفردي والجماعي. يعتبر راكيتيتش من اللاعبين الذين تركوا بصمة لا تُمحى في عالم كرة القدم بفضل موهبته الكبيرة، قدراته التقنية العالية، ونجاحاته مع الأندية والمنتخب الكرواتي. وعلى الرغم من أنه ربما لا يُذكر بنفس القدر من الشهرة مثل بعض الأسماء الكبيرة في عالم كرة القدم، إلا أن مساهماته داخل الملعب جعلت منه لاعبًا ذا قيمة كبيرة في عالم الساحرة المستديرة.
البداية المبكرة والنشأة
وُلد إيفان راكيتيتش في 10 مارس 1988 في مدينة موستار الواقعة في البوسنة والهرسك، التي كانت جزءًا من يوغوسلافيا السابقة، لكنه يحمل الجنسية الكرواتية. من الطفولة المبكرة كان يُظهر راكيتيتش شغفًا كبيرًا بكرة القدم، وظهرت مهاراته الفائقة في اللعب منذ سن صغيرة. نشأ في أسرة رياضية، مما ساعده في صقل مهاراته وتوجيهه إلى عالم كرة القدم الاحترافية.
كان انتقاله من موستار إلى مدينة زغرب في سن مبكرة خطوة مهمة في مسيرته. كان ذلك الانتقال ليس فقط انتقلًا من مكان لآخر، بل كان بداية الطريق نحو الاحترافية في أكبر الأندية الأوروبية. وبالفعل، بدأ راكيتيتش في تطوير قدراته بشكل كبير، وهو ما أدى إلى انضمامه إلى أكاديمية دينامو زغرب، وهو النادي الذي شكل بداية انطلاقته نحو عالم الأضواء.
مسيرته الاحترافية مع الأندية
الأندية الأوروبية الأولى
في سن السادسة عشرة، انضم إيفان راكيتيتش إلى نادي باشايتشير سيتي في سويسرا، حيث قضى هناك عدة سنوات أكسبته الخبرة اللازمة للانتقال إلى أكبر الأندية الأوروبية. بعد فترات من التألق في النادي السويسري، انتقل إلى صفوف نادي شالكة 04 الألماني في عام 2007. هذه الخطوة كانت بمثابة مرحلة مهمة في حياته الاحترافية حيث شارك في العديد من المباريات في الدوري الألماني ودوري أبطال أوروبا. أصبح راكيتيتش جزءًا لا يتجزأ من تشكيلة الفريق، وقد أظهر موهبته الكبيرة في التمرير وصناعة الألعاب.
الانتقال إلى برشلونة
في عام 2014، كانت لحظة فارقة في مسيرته الكروية عندما انتقل إلى نادي برشلونة الإسباني، أحد أعرق الأندية في العالم. هذا الانتقال كان بمثابة قمة النجاح لراكيتيتش، حيث انضم إلى فريق مليء بالنجوم مثل ليونيل ميسي، نيمار، ولويس سواريز. في موسمه الأول مع برشلونة، نجح راكيتيتش في تقديم مستوى عالٍ من الأداء، وتمكن من الفوز بالعديد من البطولات مع الفريق، بما في ذلك دوري أبطال أوروبا، الدوري الإسباني، وكأس الملك.
ساهم راكيتيتش بشكل كبير في الفوز بالثلاثية (الدوري الإسباني، كأس الملك، ودوري أبطال أوروبا) خلال موسم 2014-2015، وكان له دور رئيسي في وسط الملعب، حيث عُرف بقدرته الفائقة على التحكم في الكرة والتمريرات الدقيقة. كما أثبت قدرته على التسجيل في المباريات الهامة، مما جعله من اللاعبين الذين لا يمكن الاستغناء عنهم في تشكيلة برشلونة.
أسلوب لعبه
إيفان راكيتيتش يُعرف بكونه لاعب وسط ميدان شامل، يُجيد الهجوم والدفاع على حد سواء. يتمتع بقدرة استثنائية على قراءة اللعبة، ولديه القدرة على السيطرة على مجريات المباريات بفضل تمريراته الذكية والفعالة. يتميز بقدرة كبيرة على ربط خطوط الفريق وتحقيق التوازن بين الدفاع والهجوم. كما أن لديه قدرة على التسجيل في اللحظات الحاسمة، سواء كان ذلك من خلال تسديدات بعيدة أو من خلال تحركاته المتميزة داخل منطقة الجزاء.
في الفريق، كان راكيتيتش اللاعب الذي يمكن الاعتماد عليه لتمريرات طويلة ودقيقة، كما يُعتبر من أفضل اللاعبين في التسديد من خارج منطقة الجزاء. قدرته على استلام الكرة تحت الضغط وإيجاد الحلول المناسبة كانت من أبرز مميزاته.
مشاركته مع المنتخب الكرواتي
بالإضافة إلى نجاحاته مع الأندية، كانت مسيرة راكيتيتش مع المنتخب الكرواتي متميزة للغاية. منذ انضمامه إلى المنتخب في عام 2007، أصبح راكيتيتش أحد الركائز الأساسية في خط وسط منتخب كرواتيا. كان له دور كبير في قيادة منتخب بلاده إلى نهائي كأس العالم 2018 في روسيا، وهو الإنجاز الذي يُعتبر من أهم اللحظات في تاريخ كرة القدم الكرواتية.
راكيتيتش قدم مستوى عالٍ طوال البطولة، حيث قاد منتخب بلاده في العديد من المباريات المهمة. في المباراة نصف النهائية ضد إنجلترا، كان لراكيتيتش دور كبير في تقدم كرواتيا إلى النهائي بعد فوزهم بنتيجة 2-1، إذ سجل ركلة جزاء حاسمة في المباراة التي شهدت إثارة كبيرة.
على الرغم من خسارة المنتخب الكرواتي أمام فرنسا في النهائي، إلا أن راكيتيتش أظهر عزيمة قوية وإرادة صلبة، وكانت البطولة بمثابة قمة النجاح الشخصي له ولزملائه في المنتخب. لقد أصبح واحدًا من أفضل لاعبي خط الوسط في العالم خلال هذه البطولة، وقد أضاف إنجازًا تاريخيًا إلى مسيرته.
الخاتمة والنهاية في برشلونة
في عام 2020، مع مرور الوقت، بدأ إيفان راكيتيتش يواجه بعض التحديات داخل نادي برشلونة، خاصة مع التغيرات التي شهدها الفريق، ومع قدوم المدرب الجديد رونالد كومان. لم يعد يتواجد بنفس الأهمية في التشكيلة الأساسية، مما دفعه إلى اتخاذ قرار بالرحيل عن النادي في عام 2020. انتقل إلى نادي إشبيلية الإسباني، حيث كان له دور كبير في العودة إلى المنافسة على البطولات المحلية والدولية.
إيفان راكيتيتش يبقى واحدًا من أبرز اللاعبين في تاريخ كرة القدم الكرواتية. تعتبر مسيرته مليئة بالإنجازات واللحظات التاريخية التي ستظل عالقة في أذهان محبي اللعبة. شخصية رياضية محترمة، وأسلوب لعبه المتكامل جعل منه نموذجًا يُحتذى به. على الرغم من الابتعاد عن الأضواء في بعض الفترات، فإن تأثيره في كرة القدم سيظل ملموسًا طالما تذكرنا بتلك اللحظات الرائعة التي أمتعنا بها على مدار سنوات عديدة.
