إهمال الأم وتأخر المشي

إهمال الأم يؤخر المشي عند الأطفال

يعد المشي من أبرز التطورات الحركية التي يشهدها الطفل في مراحل نموه المبكرة. فهو يمثل خطوة هامة نحو الاستقلالية والقدرة على استكشاف العالم من حوله. قد يختلف عمر الطفل الذي يبدأ في المشي من طفل لآخر، لكن عادة ما يبدأ الأطفال في المشي بين سن 9 و18 شهراً. هناك العديد من العوامل التي تؤثر في قدرة الطفل على المشي، وتعد البيئة المحيطة بالطفل، وخصوصاً رعاية الأم، أحد العوامل الأساسية التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر في تطور مهارات الطفل الحركية.

في هذا المقال، سيتم تناول كيفية تأثير إهمال الأم على تأخير مشي الطفل، مع تسليط الضوء على العوامل النفسية والجسدية التي تتداخل في هذه العملية. كما سنناقش الطرق المثلى لدعم الطفل في هذه المرحلة الحاسمة من حياته لضمان تطوره الحركي السليم.

المرحلة المبكرة وتطور الحركة لدى الأطفال

منذ الولادة، يبدأ الطفل في اكتساب مجموعة من المهارات الحركية مثل رفع الرأس، ثم الجلوس، والزحف، وأخيراً الوقوف والمشي. يتطلب كل من هذه المراحل جهداً جسمياً ونفسياً متزايداً. خلال هذه الفترة، تكون الأم هي المسؤول الأول عن توفير البيئة المناسبة والدعم اللازم لنمو الطفل بشكل طبيعي.

في حال لم تُقدم الأم الدعم الكافي، سواء على المستوى العاطفي أو الجسدي، قد يُصاب الطفل بتأخير في تطوره الحركي. على سبيل المثال، إذا لم يُسمح للطفل بممارسة النشاطات التي تشجع على تحريك أطرافه مثل اللعب على الأرض أو الزحف، قد يتأخر في الوصول إلى مرحلة المشي.

التفاعل بين الأم والطفل وتأثيره على النمو الحركي

من المعروف أن الأطفال يعتمدون على التواصل المبكر مع أمهاتهم في جميع الجوانب، بما في ذلك تطوير مهاراتهم الحركية. قد لا يدرك البعض أن التفاعل البسيط مثل حمل الطفل، وتشجيعه على الوقوف أو الزحف، يساهم بشكل كبير في تعزيز قدرة الطفل على المشي. عندما تبذل الأم جهداً في تشجيع طفلها على تحريك جسده، سواء كان من خلال الألعاب التفاعلية أو من خلال جلسات اللعب المنتظمة على الأرض، فإنها تساهم في تطوير العضلات الحركية التي يحتاجها الطفل للمشي.

إذا كانت الأم غائبة عن هذه المراحل أو لا تهتم بتشجيع الطفل على التحرك، فإن الطفل قد يفقد فرصة لتطوير هذه المهارات في وقت مبكر. على سبيل المثال، قد لا يتحفز الطفل للزحف أو الوقوف بمفرده إذا لم يتوفر له الدعم الكافي من الأم أو لم يجد بيئة تحفزه على ذلك.

البيئة المحيطة بالطفل وأثرها على نموه الحركي

تعتبر البيئة المحيطة بالطفل عاملاً مهماً في تحفيز النمو الحركي السليم. البيئة التي لا توفر للطفل مجالاً للتحرك، مثل إبقائه في سرير الأطفال لفترات طويلة أو استخدام وسائل راحة مبالغ فيها مثل الكراسي الهزازة أو المقعد الثابت، قد تؤثر سلباً على تطور مهاراته الحركية. إذا تم إهمال النشاط الحركي اليومي مثل الزحف أو اللعب على الأرض، فإن الطفل قد يواجه صعوبة في الانتقال من مرحلة الزحف إلى مرحلة المشي.

في المقابل، البيئة التي تشجع على الحركة واللعب توفر للطفل الفرصة لتحفيز قدراته الحركية. من خلال السماح له بالتحرك بحرية والتفاعل مع العناصر المحيطة به، يمكن للأم أن تساهم في تسريع عملية تطوير مشي الطفل.

العوامل النفسية وتأثير الإهمال على قدرة الطفل على المشي

علاوة على التأثيرات الجسدية، يلعب الجانب النفسي دوراً مهماً في قدرة الطفل على اكتساب مهاراته الحركية. إذا كانت الأم تُظهر عدم اهتمام أو تشعر بالإحباط تجاه تطور الطفل، فقد يؤثر ذلك بشكل غير مباشر على نفسية الطفل. الأطفال في هذه المرحلة من الحياة حساسون جداً لمشاعر أمهاتهم ويدركون مشاعر القلق أو الإحباط التي قد تنقلها الأم إليهم، حتى وإن لم تُعبّر عن ذلك بالكلمات.

القلق الزائد من الأم أو الشعور بعدم الأمان قد يجعل الطفل يشعر بالتوتر، ما قد يؤدي إلى تأخر في تطور مهاراته الحركية. في المقابل، عندما يشعر الطفل بالدعم والطمأنينة من أمه، فإنه يميل إلى استكشاف بيئته بكل ثقة، مما يعزز من قدرته على المشي بشكل أسرع.

التأثيرات السلبية لإهمال الأم على تطور المشي

إهمال الأم في هذه المرحلة يمكن أن يتسبب في مجموعة من التأثيرات السلبية على تطور الطفل الحركي. إليك بعض هذه التأثيرات:

1. ضعف العضلات والتنسيق الحركي: الأطفال الذين لا يُشجعون على التحرك واللعب قد يواجهون صعوبة في تقوية عضلاتهم التي تعتبر ضرورية للمشي. فقد يتأخرون في تطوير التنسيق بين الأطراف، مما يبطئ من تقدمهم الحركي.

2. قلّة الاستقلالية: المشي يمنح الطفل شعوراً بالاستقلالية والقدرة على التحكم في تحركاته. التأخر في المشي يمكن أن يعوق تطور هذا الشعور بالاستقلال.

3. قلة التفاعل الاجتماعي: الطفل الذي لا يستطيع المشي قد يكون أقل قدرة على التفاعل مع أقرانه. المشي يمنح الطفل فرصة للاندماج في أنشطة جماعية، وبالتالي يعزز من مهاراته الاجتماعية.

4. التأثير على التطور العقلي: هناك ارتباط قوي بين تطور الحركة والتطور العقلي. عندما يتحرك الطفل بحرية ويستطيع استكشاف بيئته، فإنه يساهم بشكل إيجابي في تحفيز عقله وتنمية مهاراته المعرفية.

دور الأم في دعم تطور الطفل الحركي

من أجل دعم تطور الطفل الحركي، يتعين على الأم أن تكون أكثر وعيًا بكيفية تحفيز الطفل على التحرك. هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تساعد في تعزيز قدرة الطفل على المشي:

1. تشجيع الطفل على الزحف والوقوف: من خلال الألعاب التفاعلية التي تشجع الطفل على الزحف أو الوقوف، يمكن تحفيز العضلات التي يحتاجها للمشي.

2. إعطاء الطفل المساحة للتحرك: يجب على الأم توفير بيئة آمنة تسمح للطفل بالتحرك بحرية دون قيود. تجنب وضع الطفل في المكان الذي يجعله ثابتاً لفترات طويلة مثل المقعد الثابت.

3. الاهتمام بالغذاء والتغذية: التغذية السليمة لها دور كبير في دعم النمو الجسدي والعقلي للطفل. يجب على الأم توفير طعام غني بالعناصر الغذائية التي تدعم صحة العظام والعضلات.

4. الاهتمام بالصحة النفسية للطفل: التعامل مع الطفل برفق واهتمام يعزز من ثقته بنفسه ويساعد في تطور مهاراته الحركية.

خاتمة

إن إهمال الأم لدورها في تحفيز تطور الطفل الحركي يمكن أن يؤدي إلى تأخر في قدرة الطفل على المشي، مما يؤثر على تطوره الجسدي والعقلي بشكل عام. لذلك، من المهم أن تكون الأم على دراية بتأثيرات رعايتها على نمو الطفل، وأن تسعى دائماً لتوفير البيئة المناسبة التي تشجع على الحركة والاكتشاف. من خلال الانتباه إلى هذه الجوانب، يمكن ضمان أن يمر الطفل بمراحل نموه الحركي بشكل طبيعي وسريع، ليتمكن في النهاية من تحقيق خطواته الأولى بثقة واستقلالية.