في كتاب “إعادة اختراع العمل: رؤية جديدة لسبل العيش في زماننا” للكاهن الجريء ماثيو فوكس، يستلهم من تراث غني من الصوفية العظماء والفلاسفة الكبار، ويقترح روحانية العمل. كما قال توما الأكويني: “أن تعيش بشكل جيد هو أن تعمل بشكل جيد”، وفي هذه الدعوة الجريئة إلى إحياء العمل اليومي، يشارك فوكس رؤيته لعالم يُحتفى فيه بحياتنا الشخصية والمهنية في وئام – عالم حيث لا يُضحى بالذات من أجل العمل، بل يتقدس من خلال “عمل الروح” الأصيل.
تمتد فكرة الكتاب بعمق داخل الأبعاد الروحية والاجتماعية للعمل، ويقدم فوكس رؤية متجددة لمفهوم العمل ومكانته في الحياة البشرية. من خلال استلهامه من مجموعة متنوعة من الفلاسفة والمتصوفين، يبرز الكاتب أهمية تكريس العمل اليومي للمسار الروحي والتنمية الشخصية. فالعمل، برأيه، ليس مجرد واجب يومي، بل هو فرصة للتواصل مع الذات وتحقيق النمو الروحي.
في هذا السياق، يقدم فوكس رؤية تحولية للعمل، حيث يعزز الاتصال العميق بين الفرد ومهمته الحياتية، ويعتبر العمل فرصة لتعبئة الروح والتعبير عن الذات بشكل متكامل. يعكس الكتاب أيضًا رؤية فوكس لعالم متوازن يتميز بتوازن مثالي بين العمل والحياة الشخصية، حيث يتم تكريم الذات والمهمة الروحية في كل جانب من جوانب الحياة.
بالنسبة لفوكس، الروحانية لا تقتصر على الممارسات الدينية التقليدية، بل يمكن أن تتجلى في الحياة اليومية وخاصة في مجال العمل. يدعونا الكتاب إلى إعادة تفكير عميق في كيفية تحقيق الروحانية من خلال العمل، وكيف يمكن للعمل أن يصبح وسيلة للتأمل والتطور الشخصي.
تُعتبر هذه الرؤية الجديدة للعمل استجابة لتحديات العصر الحديث، حيث يبحث الكثيرون عن معنى عميق وروحاني في حياتهم المهنية والشخصية. يقدم فوكس في كتابه هذا توجيهات عملية وعميقة لكل من يسعى إلى تحقيق التوازن والتأمل في حياتهم اليومية، ويدعو إلى إحياء روح العمل كوسيلة للتحول الشخصي والتحول الاجتماعي.
في النهاية، يُعتبر “إعادة اختراع العمل: رؤية جديدة لسبل العيش في زماننا” عملًا فريدًا ينير طريقنا نحو فهم أعمق لمفهوم العمل ودوره في حياتنا اليومية، ويقدم منهجًا ملهمًا للبحث عن الروحانية والمعنى في كل جانب من جوانب حياتنا.