إسعافات أولية لإنعاش القلب والرئتين

الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والرئتين: حياة تُنقَذ بخطوات دقيقة

مقدمة

تعدُّ الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والرئتين (CPR) أحدى المهارات الحيوية التي قد تكون الفارق بين الحياة والموت في حالات الطوارئ. عندما يتوقف قلب شخص ما عن النبض أو يتعرض للتوقف المفاجئ في التنفس، يمكن أن يتسبب ذلك في الوفاة خلال دقائق إذا لم يتم التدخل بسرعة. مع ذلك، يبقى الأمل في إنقاذ الحياة قائماً من خلال إتمام الإسعافات الأولية بشكل صحيح. سوف نستعرض في هذا المقال تقنيات إنعاش القلب والرئتين، وأسباب توقف القلب، وأهمية التوقيت، وكيفية إجراء هذه الإسعافات بشكل فعال.

أهمية الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والرئتين

تحدث حالات التوقف المفاجئ للقلب بسبب مشاكل صحية قد يكون من أبرزها النوبات القلبية، السكتات الدماغية، أو الغرق، أو الصدمات الكهربائية. يحدث التوقف القلبي عندما يتوقف القلب عن ضخ الدم إلى الأعضاء الحيوية، مما يتسبب في نقص الأوكسجين في الجسم، وفي مقدمتها الدماغ. إذا لم يتم التدخل بسرعة، فإن خلايا الدماغ تبدأ في التدهور بسرعة، مما يزيد من خطر التلف الدماغي الدائم أو الموت.

في مثل هذه الحالات، يصبح التدخل الفوري من خلال الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والرئتين (CPR) أمرًا حيويًا. يمكن لتطبيق هذه الإجراءات بالشكل الصحيح أن يمنح فرصة كبيرة للنجاة، حيث أن تزويد الجسم بالدم الغني بالأوكسجين حتى وصول فرق الإسعاف يمكن أن يغير مسار الموقف بشكل كامل.

كيف يعمل إنعاش القلب والرئتين (CPR)

تستند عملية إنعاش القلب والرئتين إلى مبدأين رئيسيين هما: الإنعاش القلبي و الإنعاش التنفسي. الهدف من CPR هو الحفاظ على تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية، بما في ذلك الدماغ، وكذلك توفير الأوكسجين بشكل مؤقت حتى يتمكن الشخص من استعادة القدرة على التنفس أو يتم نقل المريض إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية المتخصصة.

1. الإنعاش القلبي:

يتضمن الضغط على صدر الشخص المصاب بقوة وبوتيرة محددة من أجل ضخ الدم بشكل اصطناعي من القلب إلى أنحاء الجسم. يتم هذا الضغط على قلب الشخص الذي توقف عن العمل بطريقة مماثلة للحركات التي يؤديها القلب نفسه لضخ الدم. هذه الطريقة ضرورية من أجل الحفاظ على تدفق الدم للأعضاء الحيوية.

2. الإنعاش التنفسي:

يشمل عملية تهوية الشخص المصاب من خلال الفم، حيث يُقدَّم الأوكسجين مباشرة إلى الرئتين بواسطة تقنيات تنفس اصطناعي. يتم ذلك عن طريق التنفس في فم الشخص المصاب بعد التأكد من أن مجاري التنفس غير مسدودة.

الخطوات الصحيحة لإجراء الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والرئتين

تتطلب عملية إنعاش القلب والرئتين سلسلة من الخطوات المدروسة التي يجب أن تُنفَّذ بترتيب معين لضمان أعلى فرصة للنجاة. يتطلب هذا التدخل السرعة والدقة في التنفيذ، كما ينبغي للمسعف أن يكون على دراية كاملة بالإجراءات الواجب اتباعها.

1. تقييم الوضع:

قبل بدء أي عملية إنعاش، يجب أولًا التأكد من أن الشخص المصاب فاقد للوعي تمامًا. يُنصح بالقيام بما يلي:

• قم بهز الشخص بلطف أو بصوت مرتفع لتحديد استجابته.

• تأكد من عدم وجود أي تنفس طبيعي، وإذا كنت غير متأكد، استخدم الأسلوب المعروف بـ “الاستماع والنظر” حيث تستمع إلى التنفس وتنظر إلى حركة الصدر للتأكد من أن الشخص لا يتنفس.

2. الاتصال بالطوارئ:

إذا كنت في مكان عام أو مع شخص آخر، اطلب المساعدة على الفور. اتصل بالرقم المخصص للطوارئ واطلب الإسعاف. إذا كنت بمفردك، وكنت مدرَّبًا على الإسعافات الأولية، ابدأ بعملية الإنعاش القلبي فورًا قبل أن تقوم بالاتصال بالطوارئ.

3. البدء بالضغط على الصدر:

إذا تأكدت من أن الشخص لا يتنفس، قم بالضغط على صدره بسرعة وبقوة. اتبع هذه الخطوات:

• ضع يديك على منتصف الصدر مباشرةً على عظمة القص.

• تأكد من أن يديك متشابكتان وأن الإبهام موجه للأسفل.

• اضغط بشكل قوي، مع الحفاظ على معدل سرعة يتراوح بين 100 و120 ضغطة في الدقيقة.

• يجب أن تكون الضغطة على عمق حوالي 5 إلى 6 سم (2 إلى 2.4 بوصة) في الصدر، مع السماح للصدر بالعودة إلى وضعه الطبيعي بين كل ضغطة.

4. التنفس الاصطناعي:

إذا كنت مدرَّبًا على إجراء التنفس الاصطناعي، يمكنك القيام بذلك بعد كل 30 ضغطة. هذا يتم عن طريق:

• تأكد من أن مجاري التنفس مفتوحة عن طريق إمالة رأس الشخص للخلف ورفع ذقنه.

• أغلق أنف الشخص واضغط على فمه باستخدام فمك لتنفخ الهواء في رئتيه. حاول أن تجعل صدره يرتفع لتتأكد من أنك تدفع الهواء إلى رئتيه.

• استمر في إجراء التنفس الاصطناعي حتى تعود حركة التنفس الطبيعية أو حتى وصول المساعدة.

5. استخدام جهاز إزالة الرجفان الخارجي (AED):

إذا كنت في مكان يتوفر فيه جهاز إزالة الرجفان الخارجي الآلي (AED)، يجب استخدامه فورًا بعد التأكد من أن الشخص في حالة توقف قلبي. يعمل هذا الجهاز على تحليل النشاط الكهربائي للقلب ويقدم صدمة كهربائية إذا كان ذلك ضروريًا لاستعادة نبض القلب الطبيعي. يجب أن يتبع المسعف التعليمات الصوتية التي يوفرها الجهاز.

6. استمرار الضغط على الصدر:

إذا لم يكن هناك جهاز AED متاحًا أو لم تصل فرق الإسعاف، استمر في الضغط على الصدر بمعدل 100 إلى 120 ضغطة في الدقيقة حتى يعود الشخص إلى التنفس الطبيعي أو وصول فريق الطوارئ.

متى يجب التوقف عن الإنعاش؟

• إذا عاد الشخص إلى التنفس الطبيعي أو استعاد الوعي.

• إذا وصل فريق الإسعاف وتولى العلاج.

• إذا كنت تشعر بالتعب الشديد أو إذا استنفدت كل طاقتك، يمكنك التوقف بعد إعطاء أفضل ما يمكن.

أثر الإسعافات الأولية في إنقاذ الحياة

يعتبر التدخل الفوري من قبل المسعف في حالة التوقف المفاجئ للقلب أمرًا بالغ الأهمية. تشير الدراسات إلى أن تطبيق الإسعافات الأولية للإنعاش القلبي الرئوي يزيد من فرص النجاة بنسبة كبيرة. إذا تم إجراء الإنعاش خلال دقيقتين من حدوث التوقف القلبي، تزداد فرصة النجاة بشكل ملحوظ. في حال تأخير التدخل، يقل الأوكسجين في الدماغ، مما يؤدي إلى تلف الخلايا الدماغية وفقدان القدرة على الحياة.

متطلبات التدريب على الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والرئتين

إن تعلم كيفية إجراء الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والرئتين ليس فقط أمرًا ضروريًا لكل شخص، بل هو مهارة يمكن أن تنقذ حياة الآخرين. يوصى بإجراء دورات تدريبية معتمدة من جمعيات الإسعاف الوطنية أو المحلية لتعلم كيفية إجراء CPR بشكل فعال. في هذه الدورات، يتعلم المشاركون كيفية تحديد حالات الطوارئ المختلفة، واستخدام جهاز AED، وتنفيذ الإجراءات الضرورية لإعادة إحياء القلب والرئتين.

الخاتمة

إن المعرفة بكيفية إجراء الإسعافات الأولية لإنعاش القلب والرئتين هي مهارة أساسية لكل فرد. في حالات الطوارئ، قد يكون الشخص المصاب بحاجة إلى تدخل سريع ومباشر لإنقاذ حياته. من خلال التدخل الفوري وتطبيق الخطوات المناسبة، يمكن للمسعفين غير المحترفين أن يكونوا جزءًا من الحل في إنقاذ الأرواح.