نصائح سريعة من كتاب “إدارة الأولويات” لستيفن كوفي
يعتبر كتاب “إدارة الأولويات” من بين أبرز الكتب التي أثرت في مجال التطوير الشخصي والإدارة. مؤلف الكتاب، ستيفن كوفي، يعرض فيه مجموعة من المبادئ والتقنيات التي يمكن أن تساعد الأفراد على تحديد أولوياتهم بشكل صحيح، وتنظيم وقتهم بكفاءة أكبر، لتحقيق النجاح الشخصي والمهني. يعتمد كوفي في هذا الكتاب على مجموعة من المفاهيم الأساسية التي تهدف إلى تحسين جودة حياة الأفراد من خلال إدارة الأولويات بذكاء، والابتعاد عن العشوائية والتشتت.
أولاً: فهم أهمية إدارة الأولويات
من أولى الأفكار التي يطرحها كوفي هي أهمية ترتيب الأولويات بشكل واضح. يؤكد أن عدم وجود رؤية واضحة للأولويات يجعلنا نضيع وقتنا في أمور غير هامة، ويؤثر بشكل مباشر على إنتاجيتنا. لهذا السبب، يعد تحديد الأولويات من أولى الخطوات التي يجب أن يخطوها أي فرد في طريق النجاح.
تحديد الأولويات يتطلب منا إدراك الفروق بين الأمور التي تستحق وقتنا وجهدنا وتلك التي لا تستحق. إذا لم نكن قادرين على ترتيب أولوياتنا، فإننا نضيع فرصة مهمة لتحقيق الأهداف.
ثانياً: نموذج مصفوفة الأولويات
أحد الأدوات التي يعرضها كوفي لإدارة الأولويات هو “مصفوفة الأولويات” التي تعتمد على تقسيم الأنشطة إلى أربع فئات رئيسية:
-
الأمور العاجلة والمهمة (الربع الأول): مثل الأزمات والمهام التي تتطلب استجابة فورية. هذه الأنشطة غالباً ما تأتي بسبب ضغوط الوقت، وتستهلك الكثير من الطاقة.
-
الأمور غير العاجلة ولكن مهمة (الربع الثاني): تشمل التخطيط للمستقبل، بناء العلاقات، تحسين المهارات، أو أي نشاط يساهم في تحسين حياتنا الشخصية والمهنية على المدى البعيد.
-
الأمور العاجلة ولكن غير مهمة (الربع الثالث): مثل الاجتماعات غير المثمرة أو المكالمات الهاتفية التي لا تقدم قيمة فعلية. هذه الأنشطة تستهلك وقتنا ولكن لا تضيف أي قيمة حقيقية.
-
الأمور غير العاجلة وغير المهمة (الربع الرابع): مثل التسلية المفرطة أو الأنشطة التي لا تضيف أي قيمة في تحقيق أهدافنا.
ينبغي على الأفراد التركيز على الأنشطة في الربع الثاني لأنها تمثل الفرص لتطوير الذات وتحقيق النجاح المستدام. بينما يجب تقليص الأنشطة في الأجزاء الأخرى من المصفوفة أو الحد منها بقدر الإمكان.
ثالثاً: قاعدة 80/20 أو مبدأ باريتو
يناقش كوفي في كتابه أيضاً تطبيق مبدأ باريتو، أو قاعدة 80/20، التي تنص على أن 80% من نتائجنا تأتي من 20% من جهودنا. ولذلك، فإن النجاح يكمن في تحديد هذه النسبة الصغيرة من الأنشطة التي تساهم بشكل كبير في تحقيق أهدافنا.
يتطلب تطبيق هذا المبدأ أن نكون قادرين على تحديد الأنشطة الأكثر تأثيراً في حياتنا. هذه الأنشطة هي التي يجب أن نركز عليها بشكل أكبر، ونعطيها أولوية.
رابعاً: التفرغ للأنشطة ذات القيمة العالية
الوقت هو من أهم الموارد التي نملكها في الحياة. ويدعو كوفي إلى ضرورة التفرغ بشكل أكبر للأمور التي تعود علينا بأكبر فائدة. قد تكون هذه الأنشطة هي العمل على تطوير مهاراتنا، أو تحسين علاقاتنا مع الآخرين، أو الاستثمار في صحتنا العقلية والجسدية.
هذه الأنشطة هي التي تساعد على بناء أساس متين للنجاح على المدى البعيد، وتجنب الوقوع في فخ الأنشطة التي تستهلك وقتنا دون أي عائد ملموس.
خامساً: تحديد أهداف واضحة ومحددة
أحد الأسس التي ينطلق منها كوفي في كتابه هو تحديد الأهداف. يجب على كل فرد أن يكون لديه رؤية واضحة لما يريد تحقيقه في الحياة، سواء كان ذلك على مستوى العمل أو الحياة الشخصية. الأهداف يجب أن تكون واضحة، قابلة للقياس، وقابلة للتحقيق. تحديد الأهداف يجعلنا نركز طاقتنا في الاتجاه الصحيح، ويساعد في تقليل التشويش الناتج عن المهام غير المهمة.
يعد تحديد الأهداف جزءاً أساسياً من إدارة الأولويات لأنه يساعدنا على اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن كيفية تخصيص وقتنا ومواردنا. هذا التوجه لا يقتصر على الأهداف الكبيرة فقط، بل يمتد إلى الأهداف اليومية والأسبوعية، التي تساهم في تحقيق الأهداف الأكبر بمرور الوقت.
سادساً: اتخاذ القرارات الجريئة
من المفاهيم المهمة التي يوضحها كوفي هي ضرورة اتخاذ القرارات الجريئة والصحيحة في الوقت المناسب. في كثير من الأحيان، قد نجد أنفسنا في موقف يتطلب اتخاذ قرار صعب، سواء كان ذلك في العمل أو في الحياة الشخصية. في مثل هذه اللحظات، يشجع كوفي على اتخاذ قرارات جريئة، حتى وإن كانت غير مريحة في البداية.
القرارات الجريئة غالباً ما تكون هي التي تحدد ما إذا كنا سنتقدم أو سنظل في مكاننا. اتخاذ هذه القرارات قد يتطلب منا التخلي عن بعض العادات القديمة أو الراحة المؤقتة من أجل التقدم نحو أهدافنا الأكبر.
سابعاً: الاستفادة من الوقت الضائع
يعتبر كوفي أن أحد أكبر العوائق أمام إدارة الأولويات هو تسرب الوقت في أنشطة غير ذات قيمة. في هذا السياق، يشير إلى أن أحد الطرق الفعالة للاستفادة من الوقت الضائع هي تحديد الوقت الذي نضيع فيه بشكل غير مبرر، مثل الوقت الذي نقضيه في التصفح المفرط للإنترنت أو مشاهدة التلفاز.
بإمكاننا استغلال هذا الوقت بشكل أكثر فاعلية، سواء كان ذلك بتطوير مهاراتنا، قراءة الكتب، أو العمل على مشاريعنا الشخصية. يمكن أن تتحول هذه اللحظات الصغيرة إلى فرص كبيرة إذا استخدمناها بحكمة.
ثامناً: أهمية التوازن بين العمل والحياة الشخصية
لا تقتصر إدارة الأولويات على تنظيم العمل فقط، بل تشمل أيضاً تحقيق توازن بين الحياة الشخصية والمهنية. يشير كوفي إلى أن أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها الأشخاص هو التركيز الشديد على العمل على حساب حياتهم الشخصية.
التوازن بين العمل والحياة لا يعني فقط تخصيص وقت للعمل ووقت للراحة، بل يتطلب منا أن نكون حاضرين ذهنياً في كل لحظة نعيشها، سواء كانت في العمل أو في حياتنا الشخصية. التوازن الجيد يساهم في تعزيز إنتاجيتنا ويقلل من التوتر، مما يساعدنا على الحفاظ على صحة عقلية وجسدية جيدة.
تاسعاً: أهمية التدرب على التفويض
في إطار إدارة الأولويات، يشير كوفي إلى أن تعلم التفويض يعد أحد المهارات الأساسية التي يجب على الجميع اكتسابها. التفويض يساعد في توزيع المهام على الأشخاص الذين يمتلكون المهارات المناسبة لإنجازها. هذه العملية لا تقلل فقط من ضغط العمل، بل تمنحك أيضاً الوقت للتركيز على الأمور الأكثر أهمية.
التفويض يجب أن يتم بشكل مدروس، بحيث نعلم تماماً من هو الشخص الأنسب للقيام بالمهمة المعينة. كما يجب أن يكون التفويض مصحوباً بتوجيهات واضحة وتوقعات دقيقة لضمان نجاح المهمة.
في الختام
إن “إدارة الأولويات” هي فن لا يتقنه الجميع، ولكنه ضروري لتحقيق النجاح والعيش بحياة متوازنة. كتاب ستيفن كوفي يقدم لنا إرشادات وأدوات تساعدنا على تنظيم حياتنا اليومية، وتحقيق أهدافنا الشخصية والمهنية. من خلال تطبيق المبادئ التي يتحدث عنها كوفي، يمكن لكل فرد أن يصبح أكثر إنتاجية، وأن يحقق النجاح الذي يسعى إليه.
