أنواع وقود الطائرات واستخداماته

بنزين الطائرات: أنواعه واستخداماته

يعد الوقود المستخدم في الطائرات من العوامل الأساسية التي تحدد الأداء والكفاءة التشغيلية للطائرة. يطلق على وقود الطائرات عادة اسم “بنزين الطائرات”، وهو ليس مجرد وقود بسيط كما هو الحال مع السيارات أو المحركات الأرضية. يتمتع بنزين الطائرات بخصائص فنية وكيماوية تجعل استخدامه في الطيران أكثر تخصصًا. يتكون بنزين الطائرات من مركبات نفطية مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المحركات الطائرة، سواء كانت تلك المحركات تعمل في الطائرات التجارية أو العسكرية أو الخفيفة. تختلف أنواع بنزين الطائرات بحسب نوع المحرك المستخدم في الطائرة.

أنواع بنزين الطائرات

هناك نوعان رئيسيان من الوقود المستخدم في الطائرات: الوقود النفاث والبنزين المستخدم للطائرات ذات المحركات المكبسية. سنتناول كل نوع بالتفصيل في هذا المقال.

1. الوقود النفاث (Jet Fuel)

يعد الوقود النفاث هو الأكثر شيوعًا في طائرات الركاب التجارية والطائرات العسكرية. يوجد العديد من الأنواع المختلفة من الوقود النفاث، ولكن النوعين الأكثر استخدامًا هما الوقود النفاث من النوع A1 والوقود النفاث من النوع JP-8.

أ. الوقود النفاث من النوع A1 (Jet-A1)

الوقود النفاث من النوع Jet-A1 هو الأكثر استخدامًا في الطائرات التجارية حول العالم. يتميز هذا النوع من الوقود بخصائص تجعله مناسبًا لمحركات الطائرات التي تعمل على الدورات الغازية مثل محركات التوربينات. يشمل هذا النوع طائرات الركاب الكبيرة والطائرات التجارية الأخرى، حيث يمكن تخزينه في خزانات الوقود على الطائرات لفترات طويلة. من أبرز خصائص وقود Jet-A1:

• الاحتراق الكامل: يساعد الوقود في ضمان احتراق كامل داخل المحرك، مما يزيد من الكفاءة ويقلل من الانبعاثات.

• الاستقرار في درجات الحرارة المنخفضة: يتسم الوقود بقدرته على الاستمرار في العمل في بيئات باردة، وهو ما يجعله مناسبًا للطيران على ارتفاعات عالية حيث تنخفض درجات الحرارة.

• المزايا الاقتصادية: يعتبر هذا الوقود اقتصاديًا مقارنة ببعض أنواع الوقود الأخرى المستخدمة في الطائرات.

ب. الوقود النفاث من النوع JP-8 (Jet Propellant 8)

يعد JP-8 نوعًا آخر من الوقود النفاث، ويستخدم بشكل رئيسي في الطائرات العسكرية. يعد هذا الوقود أكثر تخصصًا في التعامل مع ظروف التشغيل في البيئات القاسية مثل الحروب. من مميزاته:

• تحمل الظروف القاسية: هذا الوقود مصمم لتحمل ظروف قاسية مثل درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة جدًا.

• التوافق مع المحركات العسكرية: يتميز هذا الوقود بتوافقه مع المحركات العسكرية الخاصة بالطائرات الحربية والطائرات المقاتلة.

• المواد المضافة: يحتوي على مواد مضافة تهدف إلى تحسين أدائه وحمايته من التآكل.

2. البنزين للطائرات ذات المحركات المكبسية (Avgas)

على الرغم من أن معظم الطائرات التجارية تستخدم الوقود النفاث، إلا أن هناك نوعًا آخر من الوقود يسمى البنزين للطائرات ذات المحركات المكبسية أو Avgas. يُستخدم هذا النوع من الوقود في الطائرات التي تعتمد على المحركات المكبسية بدلاً من المحركات النفاثة. تتميز الطائرات الصغيرة والطائرات التدريبية باستخدام هذا النوع من البنزين.

أ. بنزين 100LL (100 Low Lead)

يعد 100LL هو النوع الأكثر شيوعًا من Avgas. يتميز هذا النوع بوجود نسبة قليلة من الرصاص، وهو ما يجعله أكثر أمانًا من الأنواع الأخرى من الوقود التي تحتوي على كميات أكبر من الرصاص. يستخدم هذا الوقود في العديد من الطائرات الخفيفة مثل الطائرات التدريبية أو الطائرات الخاصة.

من خصائص هذا الوقود:

• الاحتراق العالي الكفاءة: يوفر بنزين 100LL احتراقًا عالي الكفاءة، مما يزيد من أداء المحرك ويوفر قوة دفع كبيرة للطائرة.

• التعامل مع المحركات المكبسية: يتم تصميمه خصيصًا للمحركات المكبسية التي تعتمد على مزيج من البنزين والهواء لخلق الطاقة اللازمة للطيران.

• الكثافة العالية: يحتوي على كثافة طاقة أعلى من معظم أنواع البنزين المستخدمة في السيارات، مما يساعد على زيادة قدرة الطائرة على الطيران لمسافات طويلة دون الحاجة لإعادة التزود بالوقود.

ب. Avgas 130/130

كان Avgas 130/130 واحدًا من الوقود الأكثر شيوعًا في الطائرات ذات المحركات المكبسية، ولكن تم تقليص استخدامه بشكل تدريجي بسبب مخاوف بيئية مرتبطة بمحتواه من الرصاص. كما أن هذا الوقود قد استبدل تدريجيًا بالأنواع الأقل ضررًا بالبيئة.

خصائص الوقود الطائر

يتميز الوقود الطائر، سواء كان Jet-A1 أو Avgas، بعدة خصائص تؤثر في اختيار نوع الوقود المناسب للطائرة والمحرك المستخدم. من أهم هذه الخصائص:

1. الكثافة الحرارية

تعتمد الطائرات على الوقود ذو الكثافة الحرارية العالية، مما يسمح بتخزين طاقة أكبر في كل وحدة حجم من الوقود. تساعد الكثافة الحرارية العالية في زيادة مدة الطيران، مما يسهم في تحسين الكفاءة التشغيلية للطائرة.

2. نقطة الانصهار

نقطة الانصهار تعتبر من الخصائص الحيوية للوقود. تعتبر الطائرات التي تطير على ارتفاعات عالية في حاجة إلى وقود لا يتجمد في درجات الحرارة المنخفضة. وهذا يفسر أهمية استخدام وقود مثل Jet-A1 الذي لا يتجمد عند درجات الحرارة المنخفضة.

3. التوافق مع المحرك

يجب أن يكون الوقود متوافقًا تمامًا مع نوع المحرك المستخدم في الطائرة. فإذا كان المحرك توربينيًا، فيجب استخدام الوقود النفاث الذي يناسبه. أما في الطائرات ذات المحركات المكبسية، فيجب استخدام Avgas.

4. المواد المضافة

تضاف بعض المواد إلى الوقود لتحسين خصائصه، مثل مثبطات التآكل ومواد الأوكتان، التي تساهم في زيادة كفاءة الاحتراق وحماية المحرك من الأضرار.

الفرق بين بنزين الطائرات والوقود المستخدم في السيارات

بينما يستخدم الوقود في السيارات مزيجًا من البنزين العادي ومواد إضافية لتحقيق الاحتراق الأمثل، فإن بنزين الطائرات يتسم بمواصفات تختلف بشكل كبير. وتتمثل أبرز الفروق بين الوقودين في:

• درجة الانضغاط: وقود الطائرات يُصمم ليتحمل درجات انضغاط أعلى داخل المحرك، مما يساعد في الحصول على قوة دفع أكبر.

• المواد المضافة: يضاف إلى الوقود المستخدم في الطائرات مواد خاصة تساعد في تقليل التآكل والحفاظ على الكفاءة.

• الكثافة الحرارية: يحتوي بنزين الطائرات على كثافة حرارية أعلى من بنزين السيارات، مما يعني مزيدًا من الطاقة في وحدة الوقود.

تأثيرات الوقود على البيئة

يعد الطيران من أكبر المساهمين في انبعاث الغازات الدفيئة بسبب استخدام الوقود النفاث. لذلك، تعمل العديد من الشركات والمختبرات على تطوير تقنيات الوقود البديل والتي تهدف إلى تقليل تأثير الطيران على البيئة. من بين هذه البدائل:

• الوقود الحيوي: قد يتم تطوير أنواع وقود طيران جديدة تعتمد على المواد الحيوية (مثل زيت الطعام المستعمل) لتقليل الانبعاثات الضارة.

• الوقود الاصطناعي: تطوير وقود طيران يمكن إنتاجه صناعيًا باستخدام مصادر غير نفطية قد يكون له تأثير بيئي أقل.

مستقبل وقود الطائرات

مع الاهتمام المتزايد بالبيئة، فإن المستقبل يحمل احتمالات مثيرة بالنسبة لوقود الطائرات. ستشهد الصناعة الطيرانية مزيدًا من الابتكار والتطوير لتوفير وقود أكثر كفاءة وأقل تأثيرًا على البيئة. قد تشمل هذه التطورات:

• الطائرات الكهربائية: تسعى بعض الشركات إلى تطوير طائرات كهربائية كبديل عن الطائرات التقليدية التي تستخدم الوقود النفاث. قد يكون هذا الحل المثالي في المستقبل للطيران المحلي.

• الوقود الحيوي: يتوقع أن يحظى الوقود الحيوي بقبول أكبر في المستقبل في إطار سعي صناعة الطيران لتقليل البصمة الكربونية.

الخلاصة

بنزين الطائرات هو عنصر حاسم في ضمان تشغيل الطائرات بكفاءة وأمان. باختلاف أنواعه بين الوقود النفاث والبنزين للطائرات ذات المحركات المكبسية، كل نوع يخص فئة معينة من الطائرات ويعتمد على خصائص فيزيائية وكيميائية خاصة لضمان الأداء الأمثل للمحرك. التحديات البيئية الحالية تدفع إلى البحث عن حلول بديلة للوقود التقليدي، وقد يكون الوقود الحيوي والطائرات الكهربائية جزءًا من الحل المستقبلي.