أنواع كريات الدم البيضاء

كريات الدم البيضاء: أنواعاها ووظائفها وأهميتها في الجسم

تعتبر كريات الدم البيضاء (WBC) جزءًا أساسيًا من جهاز المناعة في الجسم البشري، حيث تلعب دورًا محوريًا في حماية الجسم من الأمراض والعدوى. تختلف كريات الدم البيضاء عن كريات الدم الحمراء، إذ لا تساهم في نقل الأوكسجين، بل تتخصص في الدفاع عن الجسم ضد الميكروبات والأجسام الغريبة التي قد تسبب العدوى. في هذا المقال، سنتناول مفهوم كريات الدم البيضاء، أنواعها المختلفة، وظيفتها، بالإضافة إلى أهميتها في الحفاظ على الصحة العامة للجسم.

مفهوم كريات الدم البيضاء

كريات الدم البيضاء هي خلايا دم لا تحتوي على صبغة الهيموجلوبين، وتظهر بشكل شفاف أو أبيض في العينات تحت المجهر. تتميز هذه الخلايا بقدرتها على التنقل عبر الأنسجة والأوعية الدموية للتفاعل مع الجراثيم والعوامل الممرضة. على عكس كريات الدم الحمراء، التي تشكل غالبية مكونات الدم، تتواجد كريات الدم البيضاء بنسبة أقل بكثير في الدم، حيث تمثل حوالي 1% فقط من إجمالي حجم الدم.

تُنتج كريات الدم البيضاء في نخاع العظام، وهو المركز الرئيسي لإنتاج الخلايا الدمويّة. كما يتم إنتاجها أيضًا في الأنسجة الليمفاوية مثل الطحال والغدد الليمفاوية، التي تساهم في تكوين وتخزين خلايا الدم البيضاء.

أنواع كريات الدم البيضاء

تختلف كريات الدم البيضاء من حيث الشكل والوظيفة، ويمكن تقسيمها إلى خمسة أنواع رئيسية، كل منها له دور خاص في الحفاظ على مناعة الجسم ومكافحة العدوى. هذه الأنواع هي:

1. العدلات (Neutrophils)
   
   تمثل العدلات حوالي 60% إلى 70% من إجمالي عدد كريات الدم البيضاء في الجسم. وتعتبر العدلات الخلايا الأكثر وفرة والأولى في الاستجابة لأي نوع من العدوى البكتيرية. تقوم العدلات بابتلاع الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والطفيليات، حيث تحيط بها وتحللها بواسطة إنزيمات خاصة.

2. اللمفاويات (Lymphocytes)
   
   تشكل اللمفاويات حوالي 20% إلى 40% من مجموع كريات الدم البيضاء، وهي أساسية في المناعة التكيفية. تنقسم اللمفاويات إلى أنواع فرعية:

   • الخلايا التائية (T-cells): تساعد على قتل الخلايا المصابة بالفيروسات أو الميكروبات.

   • الخلايا البائية (B-cells): تنتج الأجسام المضادة التي تستهدف الميكروبات لتدميرها.

   • الخلايا القاتلة الطبيعية (NK-cells): تساهم في قتل الخلايا المصابة بالفيروسات والخلايا السرطانية.

3. الحَمَضات (Eosinophils)
   
   تشكل الحَمَضات حوالي 1% إلى 4% من إجمالي عدد كريات الدم البيضاء. تلعب دورًا مهمًا في محاربة الطفيليات والمساعدة في تفاعلات الحساسية، مثل الربو. يمكن أن تسبب الحَمَضات تفاعلات التهابية في الجسم، خاصة عندما تهاجم الطفيليات أو الأجسام الغريبة.

4. القَاعدات (Basophils)
   
   تمثل القاعدات حوالي 0.5% من مجموع كريات الدم البيضاء، وتعتبر أندر نوع منها. تفرز هذه الخلايا مواد كيميائية مثل الهيستامين التي تُستخدم في الاستجابة للحساسية، مما يساهم في التهاب الأنسجة وتوسيع الأوعية الدموية لتحسين تدفق الدم إلى المنطقة المصابة.

5. الخلايا الوحيدة (Monocytes)
   
   تشكل الخلايا الوحيدة حوالي 2% إلى 8% من مجموع كريات الدم البيضاء. هذه الخلايا تقوم بالابتلاع والهضم للميكروبات، وتتحول إلى خلايا بلعمية بعد دخولها الأنسجة، حيث تقوم بمواصلة الدفاع ضد العوامل الممرضة وتلعب دورًا في تعزيز الاستجابة المناعية.

وظائف كريات الدم البيضاء

تلعب كريات الدم البيضاء دورًا مهمًا في الدفاع عن الجسم ضد مجموعة واسعة من العوامل الممرضة. تتنوع وظائفها بما يتناسب مع نوعها، لكنها تشترك جميعها في هدف واحد وهو الحفاظ على صحة الجسم وحمايته من الأمراض:

• مكافحة العدوى: تعتبر الوظيفة الرئيسية لكريات الدم البيضاء هي التصدي للعدوى. فهي تهاجم البكتيريا، الفيروسات، الفطريات، والطفيليات عن طريق مجموعة من الآليات مثل الابتلاع (البلعمة) أو إفراز المواد السامة.

• الاستجابة المناعية: تعد كريات الدم البيضاء جزءًا من الجهاز المناعي الفطري والتكيفي، مما يعني أنها قادرة على استهداف مجموعة من العوامل الممرضة بشكل فوري أو عن طريق تذكر العوامل السابقة. تعتمد اللمفاويات بشكل أساسي على آلية الذاكرة المناعية، حيث تتذكر الخلايا البائية والخلايا التائية مسببات الأمراض التي سبق وأن تعاملت معها.

• التفاعل مع التفاعلات الالتهابية: تساهم كريات الدم البيضاء في عملية الالتهاب، وهو رد فعل الجسم على الإصابة أو العدوى. يساعد هذا التفاعل في تصحيح الأضرار التي تحدث في الأنسجة وتسهيل عملية الشفاء.

• التحكم في الأورام: تساعد بعض أنواع كريات الدم البيضاء، مثل الخلايا القاتلة الطبيعية (NK-cells)، في محاربة الخلايا السرطانية ومنع نمو الأورام.

أهمية كريات الدم البيضاء في الجسم

كريات الدم البيضاء تعتبر حجر الزاوية في حماية الجسم من الأمراض، فدورها لا يقتصر فقط على الدفاع ضد العدوى، بل يمتد ليشمل الوقاية من السرطان والحفاظ على التوازن الصحي للجسم. زيادة أو نقص في عدد كريات الدم البيضاء يمكن أن يكون مؤشرًا على مشاكل صحية قد تتطلب التدخل الطبي.

• زيادة عدد كريات الدم البيضاء (Leukocytosis): قد تشير الزيادة في عدد كريات الدم البيضاء إلى وجود عدوى حادة أو مزمنة، التهاب، أو حالة طبية أخرى مثل السرطان. على سبيل المثال، قد تتسبب العدوى البكتيرية في زيادة عدد العدلات، بينما قد ترتفع اللمفاويات في حالات العدوى الفيروسية.

• نقص عدد كريات الدم البيضاء (Leukopenia): من ناحية أخرى، يعد نقص عدد كريات الدم البيضاء مؤشرًا على ضعف جهاز المناعة. قد يحدث هذا بسبب أمراض معينة مثل نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، أو بسبب تناول أدوية معينة مثل أدوية العلاج الكيميائي، أو نتيجة لإصابات في نخاع العظام.

الخلاصة

تلعب كريات الدم البيضاء دورًا حيويًا في النظام المناعي للجسم، وتعد السطر الدفاعي الأول ضد مجموعة متنوعة من الميكروبات والأمراض. يشمل جهاز المناعة مجموعة معقدة من الخلايا والآليات التي تتفاعل في تناغم لحماية الجسم من المخاطر الخارجية. تعتبر أنواع كريات الدم البيضاء المختلفة أساسية في تحقيق توازن هذا النظام الدفاعي، وبالتالي ضمان استمرارية صحة الجسم وحمايته من الأمراض.