أنواع الوحمات وأسبابها وعلاجها

الوحمات (Birthmarks): أنواعها، أسبابها، وعلاجها

الوحمات، أو كما يُطلق عليها باللغة الإنجليزية “Birthmarks”، هي عبارة عن بقع أو علامات تظهر على الجلد منذ الولادة أو تظهر في الأشهر الأولى بعد الولادة. تشكل الوحمات جزءًا من التنوع الطبيعي لبشرة الإنسان وقد تكون شائعة جدًا بين الأطفال حديثي الولادة. تتراوح الوحمات من تلك التي تكون غير ضارة إلى الأنواع التي قد تستدعي مراقبة طبية دقيقة. تختلف الوحمات في أشكالها وألوانها وأحجامها، وتظهر في مناطق متفرقة من الجسم. هذا المقال يستعرض بالتفصيل الأنواع المختلفة للوحمات، أسبابها، تأثيرها على الصحة العامة، وطرق علاجها.

تعريف الوحمات

الوحمات هي علامات أو تغيرات جلدية تظهر منذ الولادة أو بعد فترة قصيرة منها. قد تكون هذه التغيرات ناتجة عن تجمعات غير طبيعية للخلايا أو الأنسجة تحت الجلد، مما يؤدي إلى ظهورها بشكل مرئي على سطح الجلد. في معظم الحالات، لا تكون الوحمات علامة على مشكلة صحية خطيرة، إلا أن بعضها قد يتطلب متابعة طبية في حال تغير شكله أو حجمه مع مرور الوقت.

تظهر الوحمات بعدد من الأشكال المختلفة، ويمكن أن تكون مسطحة أو مرتفعة عن سطح الجلد، كما أنها قد تكون ملونة بألوان متعددة مثل الأحمر، البني، الأسود أو حتى الأزرق. قد تظهر هذه الوحمات في أي مكان على الجسم، بما في ذلك الوجه، الأطراف، أو حتى مناطق أخرى من الجلد.

أنواع الوحمات

هناك نوعان رئيسيان من الوحمات: الوحمات الولادية (التي تظهر عند الولادة) والوحمات المكتسبة (التي تظهر بعد الولادة). تختلف هذه الأنواع في مظهرها وسبب ظهورها، ويمكن تصنيفها إلى عدة فئات حسب السمات الخاصة بكل منها.

1. الوحمات الوعائية (Vascular Birthmarks)

تُعد الوحمات الوعائية هي الأكثر شيوعًا بين الأطفال، وهي تظهر نتيجة لوجود خلل في الأوعية الدموية. وتنقسم هذه الوحمات إلى نوعين رئيسيين:

• الوحمات الوعائية الدموية (Hemangiomas): هي عبارة عن تكاثر غير طبيعي للخلايا الدموية في الجلد. قد تكون هذه الوحمات حمراء أو زرقاء اللون، وتظهر عادة في المناطق المحيطية من الجسم مثل الوجه، الرقبة، والظهر. في بعض الأحيان، تكون هذه الوحمات مسطحة، وفي حالات أخرى قد تكون مرتفعة قليلاً. في كثير من الحالات، تتقلص هذه الوحمات وتختفي مع تقدم العمر.

• الوحمات الوعائية الكهفية (Cavernous Hemangiomas): هي عبارة عن أورام صغيرة تتكون من شبكة من الأوعية الدموية الكبيرة، وقد تكون أكبر حجمًا من الوحمات الوعائية الدموية. قد تكون هذه الوحمات أكثر عمقًا تحت سطح الجلد، وتحتاج إلى المراقبة الدقيقة، خاصة إذا كان لديها تأثير على الأعضاء الداخلية.

• علامات الفراولة (Strawberry Marks): هي نوع خاص من الوحمات الوعائية التي تظهر في مرحلة الطفولة، وتتميز بلونها الأحمر الفاتح أو الوردي. يمكن أن تظهر على أي جزء من الجسم، وعادةً ما تكون غير ضارة وتزول مع مرور الوقت.

2. الوحمات الصبغية (Pigmented Birthmarks)

تتكون الوحمات الصبغية نتيجة لتراكم غير طبيعي لمادة الميلانين (الصبغة المسؤولة عن لون الجلد). وتشمل هذه الأنواع:

• الشامات (Moles): هي علامات داكنة صغيرة تظهر على الجلد، وقد تكون بنية أو سوداء. قد تكون هذه الشامات مسطحة أو مرتفعة قليلاً عن سطح الجلد. يمكن أن تكون الشامات عميقة أو سطحية، وهي شائعة جدًا لدى البالغين. في بعض الحالات، قد تكون الشامات مرتبطة ببعض الحالات الوراثية مثل متلازمة سْبورنْغَيلسْ.

• الوحمة القططية (Congenital Melanocytic Nevi): هي شامات داكنة تظهر منذ الولادة، وقد تكون كبيرة جدًا. هذه الشامات تكون ذات لون بني أو أسود وقد تحتوي على العديد من الشعرات. في بعض الحالات، قد تتغير هذه الشامات مع مرور الوقت أو قد ترتبط بمخاطر صحية.

• الوحمة السوداء (Black Birthmark): هي نوع من الوحمات الصبغية التي تحتوي على نسبة عالية من الميلانين، مما يجعلها تظهر بلون أسود أو بني غامق. يمكن أن تكون هذه الوحمة مسطحة أو مرتفعة وقد تظهر في أي مكان على الجسم.

3. الوحمات الأخرى

• الوحمات الشعرية (Hairy Birthmarks): هي نوع نادر من الوحمات التي تحتوي على نمو مفرط للشعر فوقها. قد تكون هذه الوحمات كبيرة أو صغيرة، وتحتاج إلى متابعة طبية في بعض الأحيان إذا كانت تؤثر على الجمال أو الراحة الشخصية.

• الوحمة الزرقاء (Blue Nevus): هي نوع من الوحمات التي تظهر بلون أزرق أو أزرق-أسود. تتكون هذه الوحمات من خلايا ميلانينية غير طبيعية، وقد تظهر عادة على الوجه أو الرقبة أو الذراعين.

أسباب ظهور الوحمات

تظهر الوحمات نتيجة لعدة أسباب معقدة تتراوح بين العوامل الوراثية والبيئية. يمكن أن تكون بعض الوحمات ناتجة عن عوامل جينية تتعلق بالعائلة أو السلالة، في حين أن البعض الآخر قد يظهر نتيجة لعدة عوامل أخرى خلال فترة الحمل أو عند الولادة.

1. العوامل الوراثية

في بعض الحالات، قد يكون ظهور الوحمات مرتبطًا بالعوامل الوراثية، حيث تنتقل الجينات المسؤولة عن تكوّن الوحمات من الأبوين إلى الأبناء. على سبيل المثال، قد يتعرض بعض الأطفال لظهور الوحمات الموروثة من العائلة.

2. التغيرات الهرمونية

تشير بعض الدراسات إلى أن التغيرات الهرمونية أثناء فترة الحمل قد تؤدي إلى ظهور بعض الوحمات. على سبيل المثال، قد يؤدي الارتفاع المفاجئ في هرمونات الحمل إلى تحفيز نمو الأوعية الدموية في الجلد.

3. عوامل بيئية

على الرغم من أن معظم الوحمات هي حالات وراثية، فإن بعض العوامل البيئية قد تؤدي إلى ظهور الوحمات، مثل التعرض للأشعة فوق البنفسجية أو التلوث البيئي. على الرغم من أن هذه العوامل ليست السبب المباشر، إلا أنها قد تؤثر على تكوين الوحمات أو تغيير شكلها.

4. نمو الأوعية الدموية أو الخلايا الصبغية

أحد الأسباب الأساسية للعديد من أنواع الوحمات هو النمو غير الطبيعي للأوعية الدموية أو الخلايا الصبغية تحت سطح الجلد. في حالة الوحمات الوعائية، قد تكون هذه التغيرات مرتبطة بتراكم الأوعية الدموية التي تنمو بطريقة غير متناسقة. أما في حالة الوحمات الصبغية، فقد تكون هذه التغيرات نتيجة لتراكم مادة الميلانين، مما يؤدي إلى ظهور البقع الداكنة.

تأثير الوحمات على الصحة العامة

معظم الوحمات لا تشكل أي تهديد للصحة العامة ولا تتطلب علاجًا. ومع ذلك، فإن بعضها قد يكون مرتبطًا بحالات صحية معينة، وقد تتطلب مراقبة طبية دقيقة. في بعض الأحيان، قد يتغير شكل أو حجم الوحمة بشكل مفاجئ، مما قد يشير إلى وجود حالة طبية تحتاج إلى تدخل.

1. الوحمات الوعائية

قد تكون بعض الوحمات الوعائية، مثل الهيمانجيومات، معرضة للتهيج أو النزيف إذا تم تعرضها لإصابة أو ضغط مستمر. قد تكون هذه الوحمات أيضًا مزعجة من الناحية الجمالية، لكنها عادة ما تتقلص وتختفي مع مرور الوقت. في حالات نادرة، قد تحتاج إلى علاج جراحي أو علاجات بالليزر.

2. الوحمات الصبغية

في بعض الحالات، قد تتحول الوحمات الصبغية إلى علامات قد تشير إلى وجود سرطان الجلد، مثل الشامات التي تغير لونها أو تنمو بسرعة. من المهم فحص هذه الشامات بانتظام والتأكد من عدم وجود تغييرات غير طبيعية.

علاج الوحمات

علاج الوحمات يعتمد بشكل كبير على نوعها وموقعها وتطورها مع مرور الوقت. في الغالب، لا تحتاج الوحمات إلى علاج إذا كانت غير ضارة ولا تسبب أي مشاكل صحية. ومع ذلك، في بعض الحالات، قد يكون من الضروري التدخل لعلاج الوحمات التي تتسبب في مشاكل صحية أو جمالية.

1. العلاج بالليزر

يستخدم الليزر في علاج العديد من أنواع الوحمات الوعائية والصبغية. تساعد تقنية الليزر على تقليص أو إزالة الوحمات بشكل فعال، خصوصًا تلك التي تظهر على الوجه أو أماكن مرئية.

2. العلاج الجراحي

في بعض الحالات النادرة، قد يحتاج الشخص إلى إجراء جراحة لإزالة الوحمة، خصوصًا إذا كانت تسبب مضاعفات صحية أو إذا كانت تشكل خطرًا على الجلد.

3. العلاج بالكورتيزون

يستخدم الكورتيزون أحيانًا لعلاج بعض أنواع الوحمات الوعائية، خاصة تلك التي تسبب ألمًا أو تورمًا. يساعد