الكحة (السعال): أنواعها وطرق علاجها الشاملة

الكحة أو السعال هي رد فعل طبيعي للجسم يهدف إلى تنظيف مجرى الهواء من المهيجات مثل المخاط، الغبار، الدخان، أو الأجسام الغريبة، وهي من أكثر الأعراض شيوعاً التي تصاحب العديد من الأمراض التنفسية. ومع ذلك، تختلف أسبابها وأنواعها، وكذلك طرق علاجها التي تتنوع بين العلاجات المنزلية، الطبية، والتدخلات المتقدمة حسب نوع الكحة وشدتها.

تعريف الكحة وأهميتها في الجسم

السعال هو استجابة فيزيولوجية دفاعية يطلقها الجهاز التنفسي لطرد المخاط أو المواد الغريبة التي تدخل إلى القصبات الهوائية أو الرئتين. تنشأ الكحة نتيجة تنبيه مستقبلات عصبية تقع في المجرى التنفسي، مما يؤدي إلى تقلص عضلات الصدر والحجاب الحاجز بسرعة لطرد المواد المهيجة.

هذه الاستجابة ضرورية للحفاظ على سلامة الجهاز التنفسي ومنع دخول الجراثيم والملوثات إلى الرئتين. لكن استمرار السعال لفترات طويلة أو وجوده بشكل مزمن قد يشير إلى وجود مشكلة صحية تستدعي العلاج والمتابعة.

أنواع الكحة وتصنيفها

يمكن تصنيف الكحة حسب المدة، السبب، وطبيعة الإفرازات المصاحبة لها إلى عدة أنواع رئيسية:

1. الكحة الحادة (Acute Cough)

تستمر عادة أقل من ثلاثة أسابيع، وغالباً ما تكون نتيجة لالتهابات الجهاز التنفسي العلوي مثل نزلات البرد أو الإنفلونزا. في هذه الحالة، يكون السعال مصحوباً بأعراض أخرى مثل احتقان الأنف، التهاب الحلق، والحمى. الكحة الحادة تكون غالباً جافة في بدايتها ثم تتحول إلى كحة مصحوبة بإفرازات مخاطية.

2. الكحة المزمنة (Chronic Cough)

تستمر أكثر من ثمانية أسابيع عند البالغين، وأكثر من أربعة أسابيع عند الأطفال، وترتبط بأسباب مختلفة قد تكون أكثر تعقيداً مثل:

• الربو.

• التهاب الشعب الهوائية المزمن.

• ارتجاع المريء.

• حساسية الأنف.

• التدخين.

• بعض الأدوية مثل مثبطات ACE.

3. الكحة الجافة (Non-productive Cough)

هي الكحة التي لا يصاحبها إخراج بلغم أو إفرازات، وتكون غالباً ناتجة عن تهيج الممرات التنفسية أو بداية الالتهابات. قد تسبب إزعاجاً شديداً خاصة عند الأطفال أو في الليل.

4. الكحة الرطبة (Productive Cough)

تتميز بإخراج بلغم أو مخاط، وتكون عادة علامة على وجود التهابات في الرئة أو الشعب الهوائية، مثل التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي. البلغم قد يكون شفافاً أو مصحوباً بلون أصفر أو أخضر حسب نوع العدوى.

5. كحة الحساسية

تحدث نتيجة التعرض لمهيجات مثل الغبار، العطور، أو مواد كيميائية، وتكون عادة كحة جافة مصحوبة بحكة في الحلق واحتقان.

6. الكحة النفسية

وهي كحة غير عضوية ناتجة عن أسباب نفسية أو عصبية، وتكون مزمنة ومتكررة دون وجود سبب عضوي واضح.

الأسباب المرضية للكحة

تتنوع الأسباب المرضية للكحة بين أمراض بسيطة وأخرى مزمنة أو خطيرة، ومن أهم هذه الأسباب:

• التهابات الجهاز التنفسي العلوي: مثل نزلات البرد، الإنفلونزا، التهاب الحلق.

• التهابات الجهاز التنفسي السفلي: مثل التهاب الشعب الهوائية، الالتهاب الرئوي.

• الربو القصبي: يسبب كحة مزمنة مع أزيز وضيق في التنفس.

• الارتجاع المعدي المريئي: حيث يرتد حمض المعدة إلى المريء مسبباً تهيج الممرات التنفسية.

• التدخين: يسبب التهاب مزمن في الشعب الهوائية مع كحة مستمرة.

• حساسية الأنف أو الرئة: تؤدي إلى سعال مستمر مع عطاس واحتقان.

• الأدوية: مثل بعض أدوية ضغط الدم التي تسبب كحة جافة.

• الأورام الرئوية أو أمراض القلب: وهي أسباب أقل شيوعاً لكنها تستدعي فحصاً دقيقاً.

الآليات الفسيولوجية للسعال

يبدأ السعال بتحفيز مستقبلات حسية خاصة في الممرات التنفسية نتيجة وجود مادة مهيجة. تنتقل الإشارة العصبية إلى مركز السعال في الدماغ الموجود في جذع الدماغ، حيث يتم تنسيق استجابة عضلات الصدر، الحجاب الحاجز، والحنجرة لإنتاج السعال. هذه الاستجابة تشمل ثلاث مراحل:

1. الشهيق العميق لملء الرئتين بالهواء.

2. الضغط القوي على الصدر عن طريق انقباض عضلات الحجاب الحاجز والصدر مع غلق الحنجرة.

3. الزفير السريع عند فتح الحنجرة، ما يؤدي إلى دفع الهواء بقوة لطرد المهيجات.

طرق علاج الكحة

تختلف طرق العلاج حسب نوع الكحة وسببها، وتنقسم إلى علاجات طبيعية وعقاقير دوائية، إضافة إلى تدابير وقائية.

1. العلاج الطبيعي والمنزلي

• الترطيب الجيد: شرب الماء بكميات كافية يساعد على تخفيف المخاط وتحسين حالة الحلق.

• استنشاق البخار: يساعد في ترطيب الممرات التنفسية وتخفيف الاحتقان.

• العسل: له تأثير مهدئ للحلق ومضاد للبكتيريا، خاصة في الكحة الجافة.

• الزنجبيل: يستخدم كمضاد للالتهابات ومهدئ للكحة.

• الابتعاد عن المهيجات: مثل التدخين، الغبار، والعطور القوية.

2. العلاج الدوائي

أ. أدوية السعال الجاف

• مضادات السعال (Antitussives): تعمل على تثبيط مركز السعال في الدماغ مثل ديكستروميثورفان.

• المهدئات الطبيعية: مثل مستخلصات الأعشاب التي تساعد على تهدئة الحلق.

ب. أدوية السعال الرطب

• مذيبات البلغم (Expectorants): تساعد على تخفيف اللزوجة وتسهل إخراج المخاط مثل الغايفينيسين.

• المضادات الحيوية: توصف فقط في حالات العدوى البكتيرية المثبتة وليس لجميع أنواع الكحة.

ج. أدوية علاج السبب الأساسي

• موسعات الشعب الهوائية: للربو والحالات التي تصاحب ضيق تنفس.

• مضادات الحموضة: لعلاج الارتجاع المعدي المريئي.

• مضادات الحساسية: في حالات الحساسية التنفسية.

3. التدخلات الطبية المتقدمة

• في حالات الكحة المزمنة أو المرفقة بأعراض خطيرة مثل نزيف، ضيق التنفس الحاد، فقدان الوزن غير المبرر، قد يستلزم الأمر إجراء فحوصات مثل الأشعة السينية للصدر، التنظير القصبي، أو تحاليل دم دقيقة لتحديد السبب الأساسي.

نصائح وقائية للحد من الكحة

• تجنب التدخين والمناطق الملوثة.

• الحفاظ على نظافة اليدين لتقليل العدوى.

• تجنب التعرض للمهيجات البيئية مثل الغبار والدخان.

• تعزيز الجهاز المناعي بالغذاء الصحي والنوم الكافي.

• علاج الأمراض المزمنة مثل الربو وارتجاع المريء بشكل منتظم.

الجدول التالي يلخص أنواع الكحة، الأسباب، وطرق العلاج المناسبة لكل نوع:

الخلاصة

السعال هو آلية دفاعية مهمة للجسم، لكن فهم نوع الكحة وسببها يمثل الخطوة الأساسية في علاجه بفعالية. العلاج يتنوع بين تدابير منزلية بسيطة وأدوية متخصصة تستهدف المسبب الأساسي للسعال. الاستشارة الطبية ضرورية في حالات السعال المستمر أو المصاحب لأعراض مقلقة لضمان التشخيص الصحيح وتجنب المضاعفات.

المصادر والمراجع

1. Mayo Clinic. Cough – Symptoms and causes. Available at: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/cough/symptoms-causes/syc-20351671

2. American Lung Association. Understanding Cough. Available at: https://www.lung.org/lung-health-diseases/wellness/what-causes-cough

هذا المقال يقدم معلومات شاملة ومفصلة حول الكحة وأنواعها مع التركيز على تقديم حلول علاجية موثوقة ومتنوعة، مما يجعله مصدراً غنيًا وموثوقًا للقراء الباحثين عن المعرفة الطبية المتخصصة.