الإشعاعات هي ظاهرة طبيعية أو صناعية تتمثل في انبعاث طاقة في شكل موجات أو جسيمات. وتختلف الإشعاعات في أنواعها حسب خصائصها وطرق تأثيرها على المادة. يمكن أن تصنف الإشعاعات إلى عدة أنواع بناءً على خصائصها الفيزيائية مثل الطول الموجي، والطاقة، وكذلك مدى تأثيرها على الأنسجة الحية. يعد فهم الإشعاع أحد المواضيع المهمة في مجالات متعددة مثل الفيزياء، والطب، والهندسة النووية، والعلم البيئي.
1. الإشعاع الكهرومغناطيسي
الإشعاع الكهرومغناطيسي هو أحد أكثر أنواع الإشعاعات شيوعًا ويشمل جميع الموجات الكهرومغناطيسية التي تنتقل عبر الفضاء بسرعة الضوء. هذا النوع من الإشعاع يمكن أن يتراوح بين الموجات ذات الطاقة المنخفضة جدًا مثل الموجات الراديوية، وصولاً إلى الموجات عالية الطاقة مثل الأشعة السينية والأشعة الجاما.
أ. الموجات الراديوية
تعتبر الموجات الراديوية أقل أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسي طاقة. تُستخدم هذه الموجات في الاتصالات اللاسلكية مثل الراديو والتلفزيون والموجات الدقيقة. وبالرغم من أن طاقتها منخفضة، إلا أنها تستطيع نقل كميات كبيرة من البيانات عبر مسافات طويلة.
ب. الأشعة تحت الحمراء
تنتج الأشعة تحت الحمراء عن الحرارة، وتستخدم في العديد من التطبيقات مثل أجهزة التحكم عن بُعد والتصوير الحراري. تتمتع هذه الأشعة بقدرة على التفاعل مع الأجسام لتوليد الحرارة.
ج. الضوء المرئي
الضوء المرئي هو الجزء الوحيد من الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي يمكن للإنسان رؤيته. يتراوح الطول الموجي لهذا النوع من الإشعاع بين 400 نانومتر إلى 700 نانومتر، ويشمل كافة الألوان التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة.
د. الأشعة فوق البنفسجية
الأشعة فوق البنفسجية هي نوع آخر من الإشعاع الكهرومغناطيسي، وتوجد عادة في ضوء الشمس. تنتقل هذه الأشعة في الطيف الكهرومغناطيسي بين الضوء المرئي والأشعة السينية. يمكن أن تسبب الأشعة فوق البنفسجية ضررًا للجلد والعينين إذا تعرض الإنسان لها لفترات طويلة.
هـ. الأشعة السينية
تعتبر الأشعة السينية نوعًا عالي الطاقة من الإشعاع الكهرومغناطيسي. تُستخدم الأشعة السينية في التصوير الطبي لفحص العظام والأعضاء الداخلية. بالرغم من فائدتها في الطب، فإن تعرض الأنسجة البشرية لهذه الأشعة لفترات طويلة قد يؤدي إلى آثار صحية ضارة مثل التسمم الإشعاعي.
و. الأشعة الجاما
تعتبر الأشعة الجاما من أقوى أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسي، وتمتلك طاقة عالية للغاية. هذه الأشعة قادرة على اختراق المواد الصلبة مثل الخرسانة، وتستخدم في العلاجات الإشعاعية لمكافحة السرطان. كما يمكن أن تنبعث الأشعة الجاما من المواد المشعة أو العمليات النووية.
2. الإشعاع الجسيمي
الإشعاع الجسيمي يتضمن انبعاث جسيمات من المادة، ويشمل أنواعًا مثل الأشعة ألفا، والأشعة بيتا، والأشعة نيوترونية، والأشعة الكونية. هذه الجسيمات تحمل طاقة يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الخلايا والأنسجة الحية.
أ. الأشعة ألفا
الأشعة ألفا هي جسيمات مشحونة إيجابيًا مكونة من بروتونين ونيوترونين، وتتميز بقدرتها المحدودة على اختراق المواد. يمكن لجسيمات ألفا أن تتوقف بسهولة عند ملامستها لورقة من الورق أو حتى طبقة رقيقة من الجلد. ولكن إذا تم استنشاق هذه الجسيمات أو ابتلاعها، فإنها يمكن أن تسبب أضرارًا كبيرة للجسم.
ب. الأشعة بيتا
الأشعة بيتا تتكون من إلكترونات أو بوزيترونات مشحونة، وهي أكثر قدرة على اختراق المواد مقارنة بالأشعة ألفا، لكن لا تزال توجد عدة مواد يمكنها امتصاص هذه الأشعة مثل الألومنيوم الرقيق. تُستخدم الأشعة بيتا أيضًا في الطب، خاصة في العلاج الإشعاعي لعلاج بعض أنواع السرطان.
ج. الأشعة النيوترونية
الأشعة النيوترونية هي جسيمات غير مشحونة يمكنها اختراق المواد بشكل كبير، وهي تنبعث عادة من التفاعلات النووية مثل الانشطار النووي. تُستخدم الأشعة النيوترونية في الأبحاث العلمية وفي بعض التطبيقات الصناعية مثل اختبارات الخلل غير التدميري.
د. الأشعة الكونية
الأشعة الكونية هي إشعاع عالي الطاقة يأتي من الفضاء الخارجي. هذه الأشعة تتكون من جسيمات مشحونة مثل البروتونات والإلكترونات التي تندفع عبر الفضاء بسرعات قريبة من سرعة الضوء. عند دخول هذه الأشعة الغلاف الجوي للأرض، يمكن أن تتسبب في تشكيل إشعاعات ثانوية تؤثر على الأجهزة الإلكترونية والأقمار الصناعية.
3. الإشعاع النووي
الإشعاع النووي هو نوع من الإشعاع الذي ينبعث من النشاط النووي للذرات المشعة. يعتمد هذا النوع من الإشعاع على طبيعة المادة المشعة والمراحل التي تمر بها الذرات خلال عملية الانحلال الإشعاعي.
أ. الانحلال الإشعاعي
الانحلال الإشعاعي هو عملية تفكك الذرات المشعة إلى ذرات أخرى غير مشعة عن طريق إطلاق إشعاع. تتضمن أنواع الانحلال الإشعاعي الأشعة ألفا، الأشعة بيتا، والأشعة جاما. هذا النوع من الإشعاع يمكن أن يكون ضارًا جدًا إذا تعرضت له الأنسجة الحية لفترات طويلة.
ب. النشاط الإشعاعي الطبيعي
يحدث النشاط الإشعاعي الطبيعي عندما تنبعث الإشعاعات من مواد موجودة بشكل طبيعي في البيئة، مثل الراديوم والثوريوم والبوتاسيوم-40. على الرغم من أن مستويات هذه الإشعاعات طبيعية، فإن التعرض المفرط لها قد يؤدي إلى مخاطر صحية على المدى الطويل.
4. الإشعاع المؤين وغير المؤين
تنقسم الإشعاعات أيضًا إلى نوعين بناءً على قدرتها على تأيين الجزيئات الكيميائية في الأجسام الحية.
أ. الإشعاع المؤين
الإشعاع المؤين هو نوع من الإشعاع الذي يمتلك طاقة كافية لإزالة الإلكترونات من الذرات أو الجزيئات في المادة، مما يؤدي إلى تكوين أيونات. تشمل الإشعاعات المؤينة الأشعة السينية، والأشعة الجاما، والأشعة ألفا وبيتا. هذه الإشعاعات تعتبر ضارة لأنها يمكن أن تؤدي إلى تلف الخلايا والأحماض النووية في الجسم، مما قد يتسبب في الإصابة بأمراض مثل السرطان.
ب. الإشعاع غير المؤين
الإشعاع غير المؤين لا يمتلك طاقة كافية لتأيين الذرات أو الجزيئات. تشمل الأمثلة الشائعة للإشعاع غير المؤين الموجات الراديوية، والأشعة تحت الحمراء، والضوء المرئي. بالرغم من أن هذا النوع من الإشعاع لا يتسبب في التأين، إلا أنه قد يؤدي إلى تأثيرات صحية في حالات معينة مثل التعرض الطويل للأشعة تحت الحمراء.
5. التأثيرات الصحية للإشعاع
تختلف التأثيرات الصحية للإشعاع باختلاف نوع الإشعاع ومدة التعرض، ولكن بشكل عام يمكن تصنيف التأثيرات إلى نوعين رئيسيين: التأثيرات قصيرة المدى والتأثيرات طويلة المدى.
أ. التأثيرات قصيرة المدى
التأثيرات قصيرة المدى للإشعاع تحدث نتيجة التعرض لجرعات عالية من الإشعاع على مدى فترة قصيرة. قد تشمل هذه التأثيرات الحروق الإشعاعية، والغثيان، وفقدان الشعر، وحتى التسمم الإشعاعي في الحالات المتطرفة.
ب. التأثيرات طويلة المدى
التأثيرات طويلة المدى للإشعاع تشمل الأمراض التي تظهر بعد فترات طويلة من التعرض للإشعاع، مثل السرطان، أمراض القلب، وتأثيرات على الجهاز المناعي.
