آلام الظهر: أنواعها وتشخيصها
آلام الظهر تعتبر من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا في العصر الحديث. يعاني منها الكثيرون بمختلف الأعمار، وهي تعد واحدة من الأسباب الرئيسية للتغيب عن العمل وزيارة الطبيب. مع أن معظم حالات آلام الظهر يمكن علاجها بشكل فعال، إلا أن معرفة الأسباب الدقيقة لهذه الآلام وأنواعها، فضلاً عن طرق التشخيص الدقيقة، يمكن أن يساعد في الحصول على العلاج الأنسب والوقاية منها.
1. أنواع آلام الظهر
تنقسم آلام الظهر إلى عدة أنواع حسب شدتها، مدة استمرارها، والسبب الرئيسي وراء حدوثها. وهذه الأنواع تشمل:
أ. آلام الظهر الحادة
تُعرف آلام الظهر الحادة بأنها تلك التي تستمر لمدة تقل عن 6 أسابيع. وتعتبر هذه الآلام أكثر شيوعًا، وغالبًا ما تكون نتيجة لحركات مفاجئة، حمل أثقال بشكل غير صحيح، أو إصابات أخرى. تكون هذه الآلام شديدة في بعض الأحيان، لكنها تميل إلى التحسن مع الراحة والعلاج البسيط.
ب. آلام الظهر المزمنة
تُعتبر آلام الظهر المزمنة تلك التي تستمر لفترة تزيد عن 3 أشهر، حتى بعد العلاج أو الراحة. قد تتراوح شدتها بين الخفيفة والمزمنة، وتؤثر على جودة الحياة اليومية بشكل كبير. في بعض الحالات، قد تكون هذه الآلام نتيجة لحالة مرضية مزمنة مثل التهاب المفاصل أو مشاكل في الفقرات.
ج. آلام الظهر العنقية (آلام الرقبة)
هذه الآلام تصيب منطقة العنق وقد تتسبب في صداع، ضعف في اليدين، أو ألم في منطقة الكتف. عادة ما تحدث نتيجة لإصابات على مستوى الرقبة أو بسبب مشاكل في فقرات الرقبة.
د. آلام أسفل الظهر
تُعد آلام أسفل الظهر من أكثر أنواع الآلام شيوعًا، حيث يصاب بها الكثير من الأشخاص نتيجة للأوضاع غير السليمة أثناء الجلوس أو الوقوف، أو حتى بعد الأنشطة اليومية. من أبرز الأسباب لهذه الآلام هي مشكلات في الأقراص الفقرية أو العضلات المحيطة بالفقرات.
هـ. آلام الظهر الناتجة عن الإصابة بأمراض أخرى
في بعض الحالات، قد تكون آلام الظهر نتيجة لوجود مشكلة صحية أخرى. على سبيل المثال، قد تحدث آلام الظهر بسبب أمراض مثل التصلب اللويحي أو الأورام السرطانية التي تؤثر على الأعصاب المحيطة بالفقرات.
2. أسباب آلام الظهر
يمكن أن تنشأ آلام الظهر من العديد من الأسباب المختلفة، والتي تتراوح بين الإصابات البسيطة إلى الأمراض المزمنة. وفيما يلي بعض الأسباب الرئيسية لآلام الظهر:
أ. الإصابات والتمزقات
الإصابات الناتجة عن الحركات المفاجئة أو التمارين الشاقة يمكن أن تؤدي إلى تمزقات في الأنسجة العضلية أو الأربطة، مما يؤدي إلى الشعور بألم حاد في الظهر.
ب. مشاكل في الأقراص الفقرية
الأقراص الفقرية تعمل كعوامل تمتص الصدمات بين الفقرات. وعندما تنزلق هذه الأقراص أو تتمزق، قد تتسبب في ضغط على الأعصاب المجاورة، مما يسبب آلامًا شديدة.
ج. التهابات المفاصل
التهابات المفاصل مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو التهاب المفاصل التنكسي يمكن أن تؤدي إلى آلام مزمنة في الظهر نتيجة لتآكل الغضاريف أو التهاب المفاصل في الفقرات.
د. الانزلاق الغضروفي
الانزلاق الغضروفي يحدث عندما يخرج أحد الأقراص الفقرية عن مكانه، مما يؤدي إلى ضغط على الأعصاب ويسبب آلامًا شديدة.
هـ. الشد العضلي
الشد العضلي يحدث عندما تتقلص العضلات بشكل مفرط، مما يسبب ألمًا حادًا. يمكن أن يحدث هذا بسبب حمل الأوزان الثقيلة أو الجلوس لفترات طويلة.
و. التقوس أو الجنف
الجنف هو انحناء غير طبيعي في العمود الفقري، مما يمكن أن يؤدي إلى الضغط على الأعصاب ويسبب آلامًا في الظهر.
ز. عوامل أخرى
تشمل عوامل أخرى مثل زيادة الوزن، التقدم في العمر، أو ضعف العضلات.
3. تشخيص آلام الظهر
تُعد عملية تشخيص آلام الظهر من الأمور المهمة لفهم السبب وراءها وتحديد العلاج المناسب. يبدأ الطبيب عادة بتقييم الأعراض التي يعاني منها المريض، ثم قد يلجأ إلى بعض الفحوصات الطبية المتقدمة لتحديد السبب بشكل دقيق.
أ. الفحص السريري
الفحص السريري هو أول خطوة في التشخيص، حيث يقيّم الطبيب وضع المريض، ويحاول تحديد موقع الألم ومدى تأثيره على الحركات اليومية. قد يُطلب من المريض أداء بعض الحركات أو اختبار مرونة الجسم.
ب. الأشعة السينية (X-Ray)
تُعد الأشعة السينية واحدة من الأدوات الأساسية لتصوير العظام. يتم استخدامها للكشف عن الكسور أو التشوهات في العمود الفقري أو المفاصل.
ج. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)
يُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي لتصوير الأنسجة الرخوة مثل العضلات والأربطة والأقراص الفقرية. يمكن للرنين المغناطيسي أن يحدد الانزلاق الغضروفي، تمزق الأربطة، أو وجود أي مشاكل صحية أخرى.
د. التصوير المقطعي المحوري (CT Scan)
يُستخدم التصوير المقطعي المحوري للحصول على صورة دقيقة للعمود الفقري والأقراص الفقرية. يمكن أن يساعد هذا في تشخيص الحالات التي يصعب تشخيصها باستخدام الأشعة السينية.
هـ. الاختبارات الكهربائية للأعصاب
يمكن أن يتم إجراء اختبارات كهربية للأعصاب لتحديد ما إذا كان هناك ضغط على الأعصاب في العمود الفقري، مثل اختبار قياس سرعة التوصيل العصبي.
و. تحاليل الدم
في بعض الحالات، قد يقوم الطبيب بإجراء فحوصات دم للتأكد من وجود التهابات أو أمراض أخرى قد تكون السبب في آلام الظهر.
4. طرق علاج آلام الظهر
تعتمد طريقة العلاج على السبب الرئيسي للآلام، وقد يتطلب العلاج أساليب مختلفة بناءً على التشخيص. تتراوح خيارات العلاج بين الراحة البسيطة والعلاج الجراحي في الحالات المعقدة.
أ. العلاج الدوائي
يمكن استخدام الأدوية المسكنة للألم مثل المسكنات غير الستيرويدية أو الأدوية المضادة للالتهابات لتخفيف الألم. في بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية مرخية للعضلات أو أدوية موجهة للأعصاب.
ب. العلاج الطبيعي
يشمل العلاج الطبيعي تمارين وتقنيات تهدف إلى تقوية العضلات المحيطة بالعمود الفقري، مما يساعد على تقليل الضغط على الفقرات والأعصاب.
ج. الحقن العصبية
في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بحقن الستيرويد في المنطقة المصابة لتخفيف الالتهاب والضغط على الأعصاب.
د. الجراحة
إذا كانت الآلام ناتجة عن مشكلة كبيرة مثل الانزلاق الغضروفي أو كسور في الفقرات، قد يوصي الطبيب بالجراحة لإصلاح أو إزالة الأنسجة المتضررة.
5. الوقاية من آلام الظهر
الوقاية من آلام الظهر تتمثل في عدة ممارسات يومية تهدف إلى تحسين صحة العمود الفقري والعضلات. من بين هذه الممارسات:
-
التمارين الرياضية: ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم تعزز من مرونة العضلات وتقويتها.
-
الحفاظ على وزن صحي: الوزن الزائد يشكل عبئًا على العمود الفقري، لذا فإن الحفاظ على وزن صحي أمر ضروري.
-
تقنيات الجلوس السليم: الجلوس بطريقة صحيحة يقلل من الضغط على الظهر.
-
تجنب رفع الأوزان الثقيلة: يجب رفع الأشياء الثقيلة بطريقة صحيحة باستخدام الركبتين وليس الظهر.
6. خاتمة
آلام الظهر تعتبر مشكلة صحية منتشرة عالميًا، وقد تتراوح بين حالات بسيطة يمكن علاجها بسهولة إلى حالات مزمنة قد تؤثر بشكل كبير على نوعية حياة المريض. معرفة الأسباب المختلفة للآلام وطرق تشخيصها بفعالية يمكن أن تساعد في تقديم العلاج المناسب والوقاية من تكرار حدوثها.
