أمراض كريات الدم البيضاء

أمراض كريات الدم البيضاء: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

تعد كريات الدم البيضاء (أو خلايا الدم البيضاء) أحد المكونات الأساسية في الجهاز المناعي للجسم، وهي تلعب دوراً حيوياً في الدفاع عن الجسم ضد العدوى والأمراض. تتواجد هذه الخلايا في الدم، ولكنها أيضاً موجودة في الأنسجة اللمفاوية وأماكن أخرى في الجسم. يمكن أن تكون أمراض كريات الدم البيضاء نتيجة لمجموعة متنوعة من الحالات، بدءاً من العدوى البسيطة إلى الأمراض المزمنة والمعقدة مثل السرطان. يعتبر فهم أمراض كريات الدم البيضاء أمراً مهماً لضمان التشخيص والعلاج المبكر، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تحسن الحالة الصحية للمريض.

تعريف كريات الدم البيضاء ووظائفها

كريات الدم البيضاء هي خلايا دم غير متخصصة تُنتَج في نخاع العظم، وتعتبر أساسية في استجابة الجهاز المناعي ضد الميكروبات والفيروسات والطفيليات، كما أنها تشارك في الدفاع ضد الأورام. تتنوع أنواع كريات الدم البيضاء، ولها وظائف محددة في مكافحة الأمراض:

• العدلات: وهي أكثر أنواع خلايا الدم البيضاء شيوعاً، وتقوم بمحاربة العدوى البكتيرية.

• اللمفاويات: تشمل خلايا T وB التي تساهم في الاستجابة المناعية التكيفية، حيث تساعد في القضاء على الخلايا المصابة بالفيروسات أو السرطانية.

• الخلايا الوحيدة: تتحول إلى خلايا بلعمية تساعد في التخلص من الخلايا الميتة والمخلفات.

• الخلايا الحمضية: تلعب دوراً في الدفاع ضد الطفيليات، وتشارك في الاستجابة للحساسية.

• الخلايا القاعدية: تفرز الهيستامين وتشارك في ردود الفعل التحسسية.

يعمل كل نوع من هذه الخلايا بشكل متكامل لضمان الحماية الكاملة للجسم ضد العدوى والأمراض.

الأمراض التي تصيب كريات الدم البيضاء

تتعدد الأمراض التي تصيب كريات الدم البيضاء، ويمكن تقسيمها إلى فئات رئيسية بناءً على طبيعة الخلل الذي يصيب هذه الخلايا، مثل:

1. الأمراض المعدية التي تؤثر على كريات الدم البيضاء

2. اضطرابات إنتاج كريات الدم البيضاء

3. السرطانات المتعلقة بكريات الدم البيضاء

4. الأمراض المناعية الذاتية المتعلقة بكريات الدم البيضاء

1. الأمراض المعدية التي تؤثر على كريات الدم البيضاء

الأمراض المعدية تعد من أكثر الأسباب شيوعاً التي تؤدي إلى تغيرات في تعداد كريات الدم البيضاء. يمكن أن تكون العدوى فيروسية أو بكتيرية أو فطرية أو طفيليات. تختلف تأثيرات هذه العدوى على كريات الدم البيضاء، وفقاً لنوع العدوى، فقد تؤدي العدوى إلى زيادة أو نقص في عدد كريات الدم البيضاء.

• العدوى الفيروسية: الفيروسات مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، وفيروس الأنفلونزا، وفيروس الهربس، تؤدي إلى تدمير كريات الدم البيضاء أو تغيير في وظائفها. فيروس نقص المناعة البشرية، على سبيل المثال، يصيب الخلايا اللمفاوية ويؤدي إلى نقص شديد في المناعة.

• العدوى البكتيرية: العدوى البكتيرية مثل التسمم الدموي أو التهاب السحايا يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع مستويات العدلات كجزء من استجابة الجسم المناعية.

• العدوى الفطرية والطفيليات: الطفيليات والفطريات مثل داء المبيضات، وداء المقوسات، يمكن أن تؤثر أيضاً على وظائف كريات الدم البيضاء.

2. اضطرابات إنتاج كريات الدم البيضاء

تعتبر اضطرابات الإنتاج من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى وجود خلل في كريات الدم البيضاء. من أبرز هذه الاضطرابات:

• قلة العدلات (Neutropenia): وهو نقص في عدد العدلات، مما يجعل الجسم عرضة للعدوى. يمكن أن يكون هذا النقص نتيجة للأمراض الوراثية، أو من تأثير الأدوية مثل أدوية العلاج الكيميائي أو مثبطات المناعة.

• فرط العدلات (Neutrophilia): يحدث عندما يزيد عدد العدلات في الدم، غالباً بسبب العدوى أو الالتهاب الشديد، وقد يرتبط أيضاً بمشاكل صحية أخرى مثل السرطان.

• قلة الخلايا اللمفاوية (Lymphocytopenia): تتضمن هذه الحالة انخفاض عدد الخلايا اللمفاوية في الدم، مما يعرض الجسم للعدوى. قد تحدث هذه الحالة نتيجة لأمراض فيروسية معينة أو العلاج الكيميائي.

3. السرطانات المتعلقة بكريات الدم البيضاء

من بين أخطر الأمراض التي تصيب كريات الدم البيضاء هي السرطانات التي تنشأ من خلايا الدم البيضاء نفسها. أشهر هذه الأنواع هي:

• اللوكيميا (Leukemia): هو سرطان يصيب خلايا الدم البيضاء ويؤثر بشكل رئيسي على نخاع العظم. يسبب هذا المرض إنتاج خلايا دم بيضاء غير طبيعية وبشكل مفرط، مما يعوق إنتاج خلايا الدم السليمة. يمكن أن تكون اللوكيميا حادة أو مزمنة، وفقاً لطبيعة نمو الخلايا السرطانية.

• اللمفومة (Lymphoma): هو نوع آخر من السرطان الذي يؤثر على الخلايا اللمفاوية في الدم والأوعية اللمفاوية. وتشمل الأنواع الشائعة اللمفومة الهودجكينية واللمفومة غير الهودجكينية، وكلاهما يؤثر على جهاز المناعة ويؤدي إلى تضخم الغدد اللمفاوية وأعراض أخرى.

4. الأمراض المناعية الذاتية المتعلقة بكريات الدم البيضاء

الأمراض المناعية الذاتية هي تلك التي يتعرض فيها الجهاز المناعي للهجوم على خلاياه وأنسجته الخاصة. في هذه الحالة، قد تهاجم الخلايا المناعية مثل كريات الدم البيضاء خلايا الجسم السليمة، مما يؤدي إلى التسبب في التهاب وأضرار في الأنسجة. من أبرز هذه الأمراض:

• الذئبة الحمامية الجهازية (Systemic Lupus Erythematosus): في هذه الحالة، يهاجم جهاز المناعة الأنسجة والأعضاء المختلفة في الجسم، بما في ذلك كريات الدم البيضاء.

• التهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis): هذا مرض مناعي ذاتي يؤثر بشكل أساسي على المفاصل ولكنه قد يؤدي أيضاً إلى تأثر كريات الدم البيضاء بشكل غير طبيعي.

أعراض أمراض كريات الدم البيضاء

تتراوح أعراض الأمراض المتعلقة بكريات الدم البيضاء حسب نوع المرض وسببه. قد تتضمن الأعراض الشائعة:

• ارتفاع درجة الحرارة: من أكثر الأعراض شيوعاً في حالة العدوى أو السرطان.

• تعب وإرهاق: يحدث بسبب الخلل في وظائف الجهاز المناعي.

• فقدان الوزن غير المبرر: خاصة في حالات السرطان أو الالتهابات المزمنة.

• تضخم الغدد اللمفاوية: قد تحدث نتيجة لعدوى أو سرطان اللمفومة.

• التعرق الليلي: قد يكون علامة على عدوى مزمنة أو سرطان.

تشخيص أمراض كريات الدم البيضاء

تتطلب تشخيص أمراض كريات الدم البيضاء فحوصات متعددة لضمان تشخيص دقيق. تشمل هذه الفحوصات:

• تحليل الدم: لفحص تعداد كريات الدم البيضاء ومكوناتها.

• اختبارات وظائف المناعة: مثل اختبارات الأجسام المضادة للكشف عن الأمراض المناعية الذاتية.

• خزعة من نخاع العظم: تستخدم لتشخيص السرطان مثل اللوكيميا.

• التصوير الطبي: مثل الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي للكشف عن التغيرات في الأنسجة.

علاج أمراض كريات الدم البيضاء

يتنوع علاج أمراض كريات الدم البيضاء بحسب السبب الرئيسي للمرض. يشمل العلاج عادة:

• الأدوية المناعية: مثل الأدوية المثبطة للمناعة لعلاج الأمراض المناعية الذاتية.

• العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي: لعلاج السرطان مثل اللوكيميا واللمفومة.

• المضادات الحيوية أو مضادات الفيروسات: لعلاج العدوى البكتيرية أو الفيروسية.

• زراعة نخاع العظم: في الحالات الشديدة مثل اللوكيميا.

الخلاصة

أمراض كريات الدم البيضاء تشكل مجموعة متنوعة من الحالات التي تتراوح بين العدوى البسيطة والأمراض المزمنة مثل السرطان. تتطلب هذه الأمراض تشخيصاً دقيقاً وعلاجاً مناسباً لضمان تحسين الحالة الصحية للمريض. يساعد الفهم الجيد لكريات الدم البيضاء وأمراضها في تمكين الأفراد من التعرف على الأعراض والتوجه للطبيب في الوقت المناسب لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة.