5 أسباب تجعل هواتف آيفون أكثر أماناً من أجهزة أندرويد

في عالم التقنية المتسارع، تتزايد التهديدات الأمنية التي تستهدف المستخدمين، خاصة عبر الهواتف الذكية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية. من خلال تصفح الإنترنت، وإجراء المعاملات البنكية، وتبادل الرسائل، وتخزين الصور والبيانات الحساسة، بات الهاتف الذكي مركزاً لحياة المستخدم الرقمية. وفي هذا السياق، تُطرح دائماً المقارنة بين أمان نظامي التشغيل الرئيسيين: iOS (أجهزة آيفون) وAndroid (أجهزة من شركات متعددة). بالرغم من التطور الكبير الذي شهده نظام أندرويد، لا يزال كثير من الخبراء والمختصين يعتبرون أن هواتف آيفون تتفوق من حيث الأمان السيبراني والخصوصية.

يرجع هذا التفوق إلى مجموعة من الأسباب التقنية والهيكلية المرتبطة بطبيعة النظام، وسياسات التحديث، والتحكم في التطبيقات، والبنية التحتية للأمان، وطريقة تعامل الشركة المصنعة (آبل) مع خصوصية المستخدمين. هذا المقال يعرض تحليلاً مفصلاً لخمس من أبرز الأسباب التي تجعل هواتف آيفون أكثر أماناً مقارنة بأجهزة أندرويد، مستنداً إلى تقارير أمان حديثة، وتجارب المستخدمين، وتحليلات الخبراء.

1. التحكم المركزي الكامل من شركة آبل في الأجهزة والبرمجيات

أحد العوامل الجوهرية التي تعزز من أمان هواتف آيفون هو أن شركة آبل تتحكم بالكامل في كل جوانب بيئة أجهزتها: من العتاد (Hardware) إلى البرمجيات (Software). آبل تصنع المعالج (مثل شريحة A16 Bionic)، وتطور نظام التشغيل iOS، وتُشرف على تصميم كل مكون في الجهاز، بما في ذلك الدوائر الإلكترونية، وواجهة الاستخدام، وآلية التشفير. هذا التكامل الكامل يسمح لآبل بإغلاق الكثير من الثغرات الأمنية قبل أن تصل إلى المستخدم، كما يمكنها اختبار توافق البرمجيات مع العتاد بدقة شديدة.

على النقيض، تعمل أجهزة أندرويد بنظام تشغيل مطور من Google، ولكنها تُستخدم من قبل مئات الشركات المختلفة مثل سامسونج، شاومي، أوبو، وغيرها. هذه الشركات تُدخل تعديلات على النظام الأساسي، وتضيف واجهات خاصة بها، مما يزيد من احتمال وجود ثغرات أمنية نتيجة لتعدد مصادر التعديل على النظام. كما أن تباين جودة العتاد وتفاوت درجات الحماية من شركة لأخرى يزيد من سطح الهجوم (Attack Surface).

2. نظام التحديثات الموحد والسريع

تحظى أجهزة آيفون بميزة جوهرية تتعلق بسرعة وشمولية التحديثات الأمنية. فعندما تكتشف آبل ثغرة أمنية أو تطلق تحديثاً لنظام التشغيل، يصل هذا التحديث إلى جميع الأجهزة المؤهلة حول العالم في الوقت ذاته. هذا النموذج المركزي للتحديثات يمنع الهجمات التي تستغل ثغرات قديمة (Zero-Day Exploits)، ويقلل من نسبة الأجهزة الضعيفة أمنياً في السوق.

في المقابل، تعاني أجهزة أندرويد من بطء شديد في وصول التحديثات. وحتى عندما تُصدر Google تحديثاً أمنياً، يجب أن تمرّ عبر مراحل عديدة: من Google إلى الشركة المصنعة، ثم إلى شركة الاتصالات، وأخيراً إلى المستخدم، وقد يتم تعديلها أو تأخيرها في كل مرحلة. وهذا يعني أن الكثير من أجهزة أندرويد تبقى دون تحديث لفترات طويلة، ما يعرضها لمخاطر أمنية متزايدة.

وفقًا لتقارير أمنية صادرة عن مؤسسات مثل Statista و[Mobile Threat Landscape]، فإن نسبة الأجهزة العاملة بأحدث نسخة من أندرويد لا تتجاوز في بعض الأحيان 20%، في حين أن نسبة أجهزة آيفون العاملة بأحدث نسخة من iOS غالباً ما تتجاوز 80% خلال أشهر قليلة من الإصدار.

3. متجر التطبيقات الأكثر أماناً وتحكماً (App Store)

تخضع التطبيقات التي تُنشر على متجر App Store التابع لآبل لمراجعة دقيقة وصارمة قبل الموافقة على نشرها. تتضمن هذه المراجعة تحليل الشيفرة البرمجية للتطبيق، وتدقيق في الأذونات المطلوبة، وتحليل سلوك التطبيق لمنع التطبيقات الخبيثة أو التي تحتوي على أدوات تتبع للمستخدم. كما تقوم آبل بحذف التطبيقات المخالفة في حال اكتشاف أي نشاط مريب حتى بعد نشرها.

من جهة أخرى، متجر Google Play يعاني من تساهل نسبي في مراجعة التطبيقات، خاصة وأنه يعتمد بدرجة كبيرة على الأنظمة المؤتمتة أكثر من التدقيق البشري. كما أن نظام أندرويد يسمح بتثبيت التطبيقات من مصادر خارجية (Side Loading)، وهي ميزة تزيد من الحرية، لكنها في الوقت ذاته تُضاعف من المخاطر الأمنية. يمكن للمستخدم تحميل تطبيقات من مواقع غير موثوقة، مما يفتح الباب أمام البرمجيات الخبيثة، والتطبيقات التي تقوم بسرقة البيانات أو تتبع النشاطات دون علم المستخدم.

وفقًا لدراسات أمنية نُشرت في دوريات مثل AV-TEST وCheck Point Research، فإن الغالبية العظمى من البرمجيات الخبيثة التي تستهدف الهواتف الذكية تركز على نظام أندرويد، نظرًا لطبيعته المفتوحة ومحدودية الرقابة في بعض الأسواق.

4. سياسات الخصوصية الصارمة والمبادرات الاستباقية

تمثل الخصوصية أحد الأعمدة الأساسية في فلسفة آبل التقنية. وتُبرز الشركة ذلك بشكل واضح في حملاتها الإعلانية، وتصميم أنظمة التشغيل الخاصة بها. بدءاً من iOS 14، أدخلت آبل ميزة “شفافية تتبع التطبيقات” (App Tracking Transparency – ATT) والتي تتيح للمستخدم منع التطبيقات من تتبعه عبر مواقع وخدمات الإنترنت. كما تقدم معلومات مفصلة عن الأذونات التي يطلبها كل تطبيق، وتوضح للمستخدم متى يتم استخدام الميكروفون أو الكاميرا أو الموقع.

آبل تُخزن معظم بيانات المستخدم محلياً على الجهاز، وتستخدم أنظمة تشفير متقدمة لحماية هذه البيانات، مثل شريحة Secure Enclave التي تقوم بتشفير البيانات الحيوية مثل بصمات الأصابع أو بيانات Apple Pay.

أما أندرويد، فعلى الرغم من تبنيه عدداً من الإجراءات لتحسين الخصوصية، إلا أن Google تعتمد بدرجة كبيرة على الإعلانات المستهدفة والتي تحتاج إلى تتبع سلوك المستخدم. هذا ما يجعل جمع البيانات جزءاً من نموذج أعمالها، ما يُثير قلق العديد من المستخدمين والباحثين في أمن المعلومات.

5. تقنيات الأمان المتقدمة والمتكاملة داخل النظام

تتميز هواتف آيفون بتكامل تقنيات الحماية داخل الجهاز بشكل يصعب تجاوزه. تشمل هذه التقنيات:

• نظام تشفير متقدم للملفات (File-Level Encryption)، حيث تُشفَّر كل البيانات تلقائياً باستخدام مفاتيح فريدة لكل جهاز.

• Secure Boot Chain، وهي سلسلة من خطوات الإقلاع التي تضمن أن نظام التشغيل لم يتعرض لأي تعديل غير مصرح به.

• Face ID وTouch ID، وكلاهما يعتمدان على الذكاء الاصطناعي ومكونات بيومترية محلية لا ترسل بيانات إلى السحابة.

• قفل التنشيط (Activation Lock)، الذي يمنع استخدام الجهاز بعد السرقة دون إدخال بيانات Apple ID الأصلية.

• Sandboxing، وهي تقنية تعزل كل تطبيق عن الآخر، وتمنع التطبيقات من الوصول إلى بيانات تطبيقات أخرى.

في المقابل، وعلى الرغم من أن Google تعمل على إدخال تقنيات مشابهة مثل Android Verified Boot، وGoogle Play Protect، إلا أن فعالية هذه الأنظمة تختلف حسب الشركة المصنعة، ولا تُطبق بشكل موحد على جميع الأجهزة، مما يجعل التجربة الأمنية متفاوتة بدرجة كبيرة.

جدول مقارنة تقني بين iOS وأندرويد من حيث الأمان

خلاصة تقنية

تعكس البنية المغلقة والمركزية لنظام iOS فلسفة مختلفة تماماً عن نظام أندرويد المفتوح. وعلى الرغم من أن لكل نظام مزاياه وعيوبه، فإن الأمان هو أحد المجالات التي لا تحتمل التراخي. تظهر الأدلة التقنية والتحليلية أن هواتف آيفون تُقدم للمستخدم تجربة أمنية أعلى وأكثر اتساقاً، بفضل التحديثات الفورية، والمراجعة الدقيقة للتطبيقات، وتقنيات الخصوصية المدمجة، والبنية التحتية الصلبة من حيث العتاد والبرمجيات. ومع تصاعد وتيرة التهديدات الرقمية، فإن اختيار هاتف ذكي يتمتع بنظام أمان عالي المستوى يُعد خطوة استراتيجية لحماية البيانات الشخصية والخصوصية الرقمية.

المراجع:

• Apple Security Documentation. Apple Inc. https://support.apple.com/en-us/HT201222

• Android Security Bulletins. Google. https://source.android.com/security/bulletin