ظواهر طبيعية

أماكن حدوث الزلازل وأسبابها

أين تحدث الزلازل: دراسة شاملة عن مناطق وقوع الزلازل وأسبابها

تُعد الزلازل من الظواهر الطبيعية التي تحدث على سطح الأرض، وتمثل هزات مفاجئة وقوية تنجم عن حركة مفاجئة في قشرة الأرض. تحدث هذه الهزات نتيجة لتحرك كتل صخرية ضخمة تحت سطح الأرض، وهي ظاهرة طبيعية تتكرر بشكل مستمر على كوكبنا، لكنها تختلف في شدتها ومكان حدوثها. لفهم أين تحدث الزلازل، لا بد من دراسة بنية الأرض الداخلية، وأنظمة الصفائح التكتونية، والعوامل الجيولوجية التي تؤدي إلى وقوعها.

تعريف الزلازل ونشأتها

الزلازل هي هزات أرضية تنتج عن تحرك مفاجئ في قشرة الأرض أو الوشاح العلوي، مما يؤدي إلى تحرير طاقة هائلة تتسبب في اهتزازات أرضية. هذه الحركة قد تكون بسبب انكسار الصخور أو انزلاق كتل ضخمة من القشرة الأرضية على طول صدوع. تُقاس قوة الزلازل بواسطة مقياس ريختر أو مقياس العزم الزلزالي، وتعتمد شدتها على كمية الطاقة المنبعثة وعمق مركز الزلزال تحت الأرض.

بنية الأرض وعلاقتها بحدوث الزلازل

تتكون الأرض من عدة طبقات رئيسية تبدأ بالقشرة الأرضية التي تشكل السطح الصلب، تليها طبقة الوشاح، ثم النواة الخارجية والسفلية. القشرة الأرضية ليست كتلة صلبة واحدة، بل هي مقسمة إلى أجزاء كبيرة تسمى الصفائح التكتونية، والتي تتحرك ببطء فوق طبقة الوشاح شبه المنصهرة. حركات هذه الصفائح هي السبب الأساسي وراء وقوع الزلازل، إذ تتجمع الضغوط على حدود هذه الصفائح، وعندما تتجاوز القدرة على التحمل تنكسر الصخور وتحدث الزلازل.

مناطق حدوث الزلازل وأهميتها الجيولوجية

1. حدود الصفائح التكتونية

تحدث معظم الزلازل في العالم على حدود الصفائح التكتونية، حيث تلتقي أو تتحرك الصفائح بعضها تجاه أو بعيداً عن بعض. وتنقسم هذه الحدود إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

  • حدود التقارب (التصادم): حيث تصطدم صفيحتان مع بعضهما، مثل حدود صفيحة الهند والصفيحة الأوراسية التي تسبب زلازل ضخمة في منطقة هيمالايا.

  • حدود التباعد: حيث تتحرك الصفائح بعيداً عن بعضها، مثل الحزام الأوسط المحيطي في المحيط الأطلسي، وتنتج زلازل ذات عمق ضحل.

  • حدود الانزلاق الجانبي: حيث تنزلق الصفائح بجانب بعضها البعض، مثل صدع سان أندرياس في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مصدر للكثير من الزلازل القوية.

2. الحلقات الزلزالية الرئيسية

الحلقة النارية للمحيط الهادئ

تُعتبر الحلقة النارية للمحيط الهادئ أكبر وأهم منطقة زلزالية في العالم، حيث تتلاقى حوالي 75% من الزلازل العالمية. تحيط هذه الحلقة بالمحيط الهادئ وتشمل عدة مناطق مثل اليابان، ألاسكا، الساحل الغربي لأمريكا الشمالية والجنوبية، وجزر الفلبين. تتميز هذه المنطقة بحدود صفائح نشطة وزلازل عميقة وقوية.

منطقة الحزام المتوسط-الأطلسي

تمتد هذه المنطقة في قاع المحيط الأطلسي، حيث تتحرك الصفائح التكتونية بعيداً عن بعضها مكونة حزامًا من النشاط الزلزالي تحت الماء، مما يؤدي إلى تكون قاع محيط جديد باستمرار.

منطقة البحر الأبيض المتوسط وهندوسستان

تتواجد منطقة الزلازل النشطة بين الصفيحة الأفريقية والصفيحة الأوراسية، وهي منطقة معقدة جيولوجياً تتسبب في حدوث زلازل متكررة في جنوب أوروبا، تركيا، الشرق الأوسط، والهند.

3. الزلازل الداخلية (البعيدة عن حدود الصفائح)

رغم أن معظم الزلازل تحدث على حدود الصفائح، إلا أن هناك زلازل تحدث داخل الصفائح نفسها نتيجة لضغوط داخلية متراكمة. مثل زلازل وسط أمريكا الشمالية ووسط أستراليا، حيث تتجمع الضغوط نتيجة لتغيرات في القشرة الأرضية أو نشاط بركاني داخلي.

عمق الزلازل وتأثيره على مكان حدوثها

يمكن تصنيف الزلازل حسب عمق مركزها إلى ثلاث أنواع:

  • زلازل ضحلة (0-70 كم): الأكثر شيوعًا وأشد تأثيرًا على سطح الأرض، تحدث في حدود الصفائح وتسبب أضرارًا كبيرة.

  • زلازل متوسطة العمق (70-300 كم): تقع غالبًا في مناطق الانغمار تحت الصفائح وتكون أقل تأثيرًا من الزلازل الضحلة.

  • زلازل عميقة (300-700 كم): تحدث في مناطق الانغمار العميقة، وتكون قوتها كبيرة لكنها تسبب أضرارًا أقل على السطح بسبب العمق الكبير.

تأثير البيئة الجغرافية على حدوث الزلازل

تتفاوت طبيعة الزلازل حسب البيئة الجغرافية التي تحدث فيها، فمثلاً:

  • في المناطق الجبلية مثل الهيمالايا والأنديز، تُسبب الزلازل تكتلات ضخمة من الصخور والانهيارات الأرضية.

  • في المناطق الساحلية التي تطل على الحلقات النارية مثل اليابان وكاليفورنيا، تحدث الزلازل مع احتمال وقوع تسونامي، مما يزيد من خطورتها على السكان.

  • في المناطق الصحراوية مثل وسط أستراليا، يكون تأثير الزلازل محدودًا بسبب قلة السكان والبنية التحتية.

توزيع الزلازل حول العالم

جدول يوضح بعض مناطق الزلازل الرئيسية وأنواعها

المنطقة الجغرافية نوع حدود الصفائح أشهر الزلازل أو النشاط الزلزالي تأثيرات رئيسية
الحلقة النارية للمحيط الهادئ تقارب وانزلاق جانبي زلزال توهوكو 2011 في اليابان، زلزال ألاسكا 1964 دمار واسع، تسونامي، خسائر بشرية
الحزام المتوسط-الأطلسي تباعد نشاط زلزالي تحت المحيط تكون قاع محيط جديد، نشاط بركاني
منطقة البحر الأبيض المتوسط تقارب زلازل تركيا 1999، إيطاليا انهيارات أرضية، دمار مدني
وسط أمريكا الشمالية داخل الصفيحة زلزال نيو مدريد 1811-1812 تأثير على البنية التحتية، هزات متكررة
وسط أستراليا داخل الصفيحة نشاط زلزالي خفيف ومتقطع تأثير محدود

العوامل الجيولوجية الأخرى المرتبطة بحدوث الزلازل

النشاط البركاني

يرتبط بعض الزلازل بالنشاط البركاني حيث تتحرك الصهارة والغازات تحت سطح الأرض، مما يؤدي إلى ضغط الصخور وحدوث هزات زلزالية. معظم هذه الزلازل تكون محلية ومتوسطة الشدة، لكنها تنذر بحدوث انفجارات بركانية.

التحميل والتفريغ السطحي

تغيرات في الوزن السطحي للأرض، مثل ذوبان الأنهار الجليدية أو بناء سدود ضخمة، يمكن أن تؤدي إلى إعادة توزيع الضغوط تحت الأرض، مما يسبب حدوث زلازل صغيرة ومتوسطة.

النشاط الصناعي

بعض الأنشطة البشرية مثل استخراج النفط والغاز، وتكسير الصخور (الهيدروليك فركتشرينج)، والتعدين، تسبب زلازل صناعية نتيجة لتحريك الطبقات الأرضية.

الخلاصة

تحدث الزلازل في مناطق محددة جغرافياً ترتبط بحركة الصفائح التكتونية بشكل رئيسي، حيث تعتبر حدود هذه الصفائح الأكثر نشاطًا زلزاليًا. مناطق مثل الحلقة النارية للمحيط الهادئ، الحزام المتوسط-الأطلسي، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط تمثل أبرز أماكن تكرار الزلازل حول العالم. كما يمكن أن تحدث الزلازل بعيدًا عن حدود الصفائح بسبب عوامل جيولوجية داخلية أو نشاط بشري. تعد معرفة أماكن حدوث الزلازل وأنواعها أمرًا حيويًا في فهم تأثيراتها وتقليل الأضرار الناجمة عنها من خلال التخطيط العمراني المناسب، وأنظمة الإنذار المبكر.


المراجع:

  1. Stein, S., & Wysession, M. (2009). An Introduction to Seismology, Earthquakes, and Earth Structure. Wiley-Blackwell.

  2. US Geological Survey (USGS). Earthquake Hazards Program. Available at: https://earthquake.usgs.gov/