أين يُخزّن الدم في الجسم؟
يعد الدم أحد أكثر المكونات الحيوية في الجسم البشري. يتكون الدم من مجموعة من العناصر المختلفة، بما في ذلك خلايا الدم الحمراء، خلايا الدم البيضاء، الصفائح الدموية، والبلازما. يلعب الدم دورًا بالغ الأهمية في نقل الأوكسجين إلى الأنسجة وإزالة الفضلات والسموم من الجسم. بالإضافة إلى ذلك، يعمل الدم على دعم جهاز المناعة وتنظيم حرارة الجسم وغيرها من الوظائف الحيوية. ولكن، عندما يتحدث الناس عن “تخزين الدم”، فإنهم يشيرون غالبًا إلى آلية احتفاظ الجسم بالدم أو توجيه تدفقه إلى مناطق معينة استجابةً للحاجة.
إن الإجابة عن سؤال “أين يُخزن الدم في الجسم؟” تعتمد على العديد من العوامل مثل احتياج الجسم للطاقة أو الأوكسجين، فضلاً عن الظروف الصحية التي قد تتطلب زيادة أو تقليل كمية الدم في أجزاء معينة من الجسم. من أجل فهم آلية تخزين الدم بشكل أفضل، يجب النظر إلى الأعضاء والأنسجة الرئيسية التي تسهم في هذه العملية.
الدورة الدموية في الجسم
قبل أن نتحدث عن أماكن تخزين الدم، من المهم أن نفهم كيف يدور الدم داخل الجسم. يتكون جهاز الدورة الدموية من قلب وأوعية دموية تشمل الشرايين، الأوردة، والشعيرات الدموية. القلب هو المضخة التي تدفع الدم في أنحاء الجسم عبر هذه الأوعية. في الحالة الطبيعية، يسير الدم في المسار التالي:
-
يدخل الدم المؤكسج إلى القلب عبر الأذين الأيسر.
-
يتم ضخ الدم عبر البطين الأيسر إلى الشرايين الرئيسية.
-
ينتقل الدم المؤكسج عبر الأوعية الدموية إلى الأنسجة والأعضاء المختلفة في الجسم.
-
بعد تبادل الأوكسجين والفضلات، يعود الدم غير المؤكسج عبر الأوردة إلى القلب عبر الأذين الأيمن.
أماكن تخزين الدم في الجسم
هناك عدة أماكن رئيسية في الجسم تعمل على تخزين أو تنظيم تدفق الدم. يمكن تقسيم هذه الأماكن إلى مكونات حيوية مثل الأوعية الدموية والأعضاء والأنسجة الأخرى التي تلعب دورًا في إدارة مستوى الدم في الجسم.
1. الطحال
الطحال هو عضو يقع في الجزء العلوي الأيسر من البطن بالقرب من المعدة. يعد الطحال مركزًا أساسيًا لتخزين الدم. ففي الحالات التي يتطلب فيها الجسم زيادة في حجم الدم المتاح، يمكن للطحال أن يطلق الدم المخزن ليتم توزيعه عبر الجسم. يحتوي الطحال على خلايا دم حمراء قديمة أو تالفة، كما يساهم في التخلص من هذه الخلايا عبر عملية التحلل.
يعد الطحال أحد الأعضاء التي تعمل بمثابة “مستودع دموي”، حيث يمكنه تخزين كميات من الدم قد تصل إلى نحو 250 مل في الأوقات العادية. وعندما يواجه الجسم حاجة طارئة مثل النزيف الحاد أو في حالات التعب الشديد، يقوم الطحال بإطلاق هذا الدم إلى مجرى الدورة الدموية.
2. الكبد
يعد الكبد أيضًا من الأعضاء الحيوية التي تلعب دورًا كبيرًا في تخزين الدم. على الرغم من أن الكبد لا يخزن الدم بكميات كبيرة مثل الطحال، إلا أنه يحتوي على مخزون من الدم يمكنه إطلاقه إلى الدورة الدموية عند الحاجة. يمكن أن يصل حجم الدم المخزن في الكبد إلى نحو 10% من حجم الدم الكلي في الجسم.
يعمل الكبد كمصفاة طبيعية للدم، حيث ينقي الدم من السموم والمواد الضارة قبل أن يعود إلى باقي أنحاء الجسم. كما يساعد في تحويل المواد الغذائية من الدم إلى الجلوكوز والمركبات الأخرى الضرورية.
3. الأوعية الدموية
الأوعية الدموية، وخاصة الأوردة الكبيرة والشرايين، تسهم بشكل غير مباشر في “تخزين” الدم في الجسم. تحتفظ الأوعية الدموية الكبيرة بكميات كبيرة من الدم، وتلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم تدفقه إلى الأعضاء والأنسجة الأخرى. الأوردة تحتوي على صمامات خاصة تساعد في الحفاظ على ضغط الدم وضمان تدفقه في الاتجاه الصحيح.
4. نخاع العظام
نخاع العظام هو أحد الأنسجة التي تساهم بشكل مباشر في إنتاج الدم بدلاً من تخزينه. ولكن من المهم ذكره هنا لأن العمليات المتعلقة بنخاع العظام تؤثر بشكل غير مباشر على تخزين الدم في الجسم. يتم إنتاج خلايا الدم الحمراء، البيضاء، والصفائح الدموية في نخاع العظام، وفي حالات النزيف أو التدمير المفرط للخلايا، يبدأ نخاع العظام في زيادة إنتاج خلايا الدم لتعويض النقص.
5. الأنسجة الدهنية
تعد الأنسجة الدهنية أو “الدهون” أيضًا جزءًا من آلية تخزين الدم، على الرغم من أنها لا تخزن الدم بشكل مباشر كما يفعل الطحال أو الكبد. لكن في حالات نقص الدم أو الفقدان الكبير للوزن، يمكن أن تساهم الأنسجة الدهنية في توفير الطاقة اللازمة لدعم العمليات الحيوية في الجسم، مما يعزز قدرة الجسم على الحفاظ على تدفق الدم بشكل مستقر.
الدم في حالات الطوارئ
عند حدوث إصابة أو نزيف حاد، يعمل الجسم على عدة مستويات للحفاظ على مستوى الدم في الأنسجة الحيوية. في مثل هذه الحالات، قد يتقلص الأوعية الدموية الصغيرة (الشعيرات الدموية) في المناطق المصابة، مما يقلل من فقد الدم. في الوقت نفسه، قد يتم إطلاق الدم المخزن في الطحال والكبد للزيادة المؤقتة في حجم الدم المتاح.
كيفية تنظيم الدم في الجسم
يتم تنظيم مستوى الدم في الجسم بشكل دقيق عبر نظام معقد من الهرمونات والعوامل البيوكيميائية. الهورمونات مثل “الإريثروبويتين” (Erythropoietin) تلعب دورًا في تحفيز إنتاج خلايا الدم الحمراء في نخاع العظام، في حين أن الأنزيمات المختلفة تساعد في مراقبة حجم الدم وضغطه في الأوعية الدموية. هذه الأنظمة تعمل بالتوازي لضمان أن الجسم يمكنه الاستجابة لأي نقص في الدم بسرعة وكفاءة.
خلاصة
الدم في الجسم لا يُخزن في مكان واحد فقط، بل يتم تخزينه وتنظيمه عبر عدة أماكن حيوية تشمل الطحال، الكبد، والأوعية الدموية. هذه الأماكن لا تقتصر على تخزين الدم فقط، بل تعمل أيضًا على توفير الدم عند الحاجة وتصفية الشوائب الضارة منه. عملية تنظيم الدم تعتبر جزءًا أساسيًا في الحفاظ على استقرار الجسم واستجابته لحالات الطوارئ.
