أكثر التخصصات المطلوبة في سوق العمل الأردني

يُعدّ سوق العمل الأردني من الأسواق المتغيرة والمتأثرة بعدة عوامل اقتصادية واجتماعية وتقنية، تتجلى في تزايد الطلب على تخصصات معينة مقابل تراجع الاهتمام بأخرى، وذلك نتيجة للتحولات التكنولوجية، وتغير أولويات القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتوجهات الدولة في دعم المشاريع الريادية، إضافة إلى تأثيرات العولمة والرقمنة في شتى مجالات العمل.

وقد أدى هذا إلى بروز تخصصات جديدة ذات طلب مرتفع في السوق المحلي، يقابلها فائض في خريجي تخصصات تقليدية لم تعد تلبي احتياجات الاقتصاد الوطني بالشكل الكافي، مما خلق فجوة واضحة بين مخرجات التعليم الجامعي ومتطلبات سوق العمل. في هذا السياق، تتضح أهمية توجيه الطلبة الأردنيين نحو دراسة تخصصات واعدة يمكن أن تفتح أمامهم آفاقاً مهنية واسعة في المستقبل القريب والبعيد.

أولاً: الهندسة بمختلف فروعها

تتصدر تخصصات الهندسة قائمة التخصصات المطلوبة في الأردن، خاصة في ظل النهضة العمرانية المستمرة والمشاريع الكبرى التي تنفذها الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص. ومن بين أبرز التخصصات الهندسية المطلوبة:

• الهندسة المدنية: نظراً للحاجة المستمرة لتصميم وإنشاء البنية التحتية، خاصة الطرق، الجسور، ومحطات المياه والصرف الصحي.

• الهندسة الكهربائية والإلكترونية: مع توسع شبكات الطاقة ومشاريع الطاقة المتجددة، أصبحت الحاجة ملحة لمهندسين قادرين على العمل في تصميم الأنظمة الكهربائية وتشغيلها وصيانتها.

• الهندسة الميكانيكية: لازالت هذه التخصصات تحتفظ بأهميتها في مجالات الصناعة والتصنيع، وصيانة المعدات الثقيلة.

• هندسة الميكاترونيكس وهندسة الروبوتات: تزايد الطلب عليها مع انتشار الأتمتة في قطاعات الصناعة والتعليم.

• الهندسة الصناعية: خصوصًا في الشركات الكبرى التي تسعى لتحسين الكفاءة وتخفيض التكاليف عبر تخطيط وإدارة العمليات الإنتاجية والخدمية.

ثانياً: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT)

يُعتبر قطاع تكنولوجيا المعلومات من أسرع القطاعات نموًا في الأردن، ويُعد أحد الركائز الأساسية في الاقتصاد الوطني، نظراً للدور الحيوي الذي يلعبه في تسريع التحول الرقمي. التخصصات الأكثر طلباً تشمل:

• هندسة البرمجيات: مطورو البرمجيات مطلوبون في جميع القطاعات التي تحتاج إلى حلول رقمية مصممة خصيصاً.

• علم البيانات والذكاء الاصطناعي: تخصصات المستقبل التي تستخدم في تحليل البيانات الضخمة وصنع القرار الذكي.

• أمن المعلومات والشبكات: يزداد الطلب على مختصين قادرين على حماية الأنظمة المعلوماتية من التهديدات السيبرانية.

• تطوير التطبيقات والمواقع الإلكترونية: خاصة في ظل توسع التجارة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني والخدمات الرقمية.

• علم الحاسوب: لا يزال تخصصاً أساسياً يدخل في تطوير الحلول البرمجية والأنظمة المعقدة.

ثالثاً: تخصصات القطاع الصحي

بفعل النمو السكاني وتزايد التحديات الصحية، خاصة بعد جائحة كورونا، ارتفع الطلب على التخصصات الصحية بشكل كبير، ومن أبرزها:

• الطب البشري: يظل من التخصصات الأكثر احترامًا وطلبًا في المجتمع الأردني، مع حاجة المستشفيات والمراكز الصحية لمزيد من الأطباء.

• التمريض: خاصة التمريض السريري وتمريض الطوارئ، إذ تعاني المملكة من نقص في الكوادر التمريضية المدربة.

• الصيدلة السريرية والصناعية: مع ازدهار الصناعات الدوائية الأردنية وتوسع الصيدلة المجتمعية.

• العلاج الطبيعي والتأهيل: حيث تزايدت الحاجة لهذا النوع من التخصصات مع ارتفاع نسب الإصابات المزمنة والأمراض العضلية.

• المختبرات الطبية: يعتبر من التخصصات الدقيقة والمطلوبة في المستشفيات ومراكز التحليل.

رابعاً: التعليم والتدريب المهني

في ظل التحولات في أساليب التعليم وزيادة التوجه نحو التعليم المهني والتقني، برزت أهمية تخصصات إعداد المعلمين، وخاصة:

• تخصصات تعليم STEM (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، الرياضيات): المدارس الخاصة والعامة تسعى لتوظيف معلمين أكفاء في هذه المجالات.

• التعليم الإلكتروني وتصميم المحتوى الرقمي: الطلب يتزايد على مختصين قادرين على بناء محتوى تعليمي رقمي تفاعلي.

• التدريب المهني والتقني: في مجالات مثل صيانة المركبات، النجارة، الكهرباء الصناعية، الحرف اليدوية، وهي تخصصات تتطلب مهارات تطبيقية ومباشرة.

خامساً: إدارة الأعمال والاقتصاد

رغم وفرة الخريجين في هذه التخصصات، إلا أن هناك طلباً متزايداً على الكفاءات ذات المهارات التطبيقية والخبرة في الأسواق، ومن أبرز التخصصات في هذا القطاع:

• إدارة المشاريع: خصوصاً في المؤسسات التي تعمل على تنفيذ مشاريع تنموية أو استثمارية كبرى.

• المالية والمحاسبة: لا غنى عنها في كل مؤسسة، ويتزايد الطلب على المحاسبين القانونيين والماليين المدربين على الأنظمة المحاسبية الحديثة.

• التسويق الرقمي وإدارة المحتوى: التخصصات الحديثة التي تدعم ترويج الخدمات والمنتجات على الإنترنت.

• التحليل الاقتصادي: في ظل التحديات الاقتصادية، فإن وجود محللين اقتصاديين يسهم في اتخاذ قرارات مالية سليمة.

• إدارة الموارد البشرية: باتت وظيفة محورية في المؤسسات لتخطيط وتنمية الكوادر.

سادساً: التخصصات السياحية والفندقية

يُعدّ القطاع السياحي أحد أهم روافد الدخل الوطني في الأردن، مما يخلق طلباً متزايداً على التخصصات التالية:

• إدارة الفنادق والضيافة: نظراً لأهمية تقديم خدمة متميزة للسياح والزوار.

• الإرشاد السياحي: خاصة مع تزايد أعداد السياح المهتمين بالمواقع الأثرية والتاريخية.

• إدارة الفعاليات والمؤتمرات: تخصص مطلوب في الفنادق الكبرى ومراكز المعارض الدولية.

سابعاً: التخصصات الزراعية والبيئية

مع توجه الدولة نحو الأمن الغذائي والتنمية الزراعية، تتزايد الحاجة إلى:

• الهندسة الزراعية: لتطوير أساليب الزراعة الحديثة واستخدام التكنولوجيا في الزراعة الذكية.

• الاقتصاد الزراعي: لدراسة تأثير السياسات الزراعية على الأمن الغذائي.

• البيئة والاستدامة: التخصصات البيئية باتت ضرورية في ظل التغير المناخي وندرة المياه.

ثامناً: التخصصات القانونية والإعلامية

رغم أن هذه التخصصات تقليدية، إلا أن التخصصات الدقيقة ضمنها تشهد اهتماماً كبيراً:

• القانون التجاري والدولي: مع توسع الشركات وانخراط الأردن في اتفاقيات دولية عديدة.

• القانون التكنولوجي: لمتابعة قضايا الملكية الفكرية وجرائم الإنترنت.

• الإعلام الرقمي: التوجه نحو الإعلام الإلكتروني خلق حاجة لمختصين في إنتاج وتحرير المحتوى الرقمي، والتصميم الجرافيكي، وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي.

جدول يوضح أبرز التخصصات المطلوبة في الأردن حسب القطاع

التحولات المستقبلية وتأثيرها على تخصصات سوق العمل الأردني

من المتوقع أن يستمر سوق العمل الأردني في التطور والتغير خلال السنوات القادمة نتيجة لتأثيرات الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، والتوسع في الخدمات الرقمية. هذه التحولات قد تخلق فرص عمل جديدة في مجالات لم تكن موجودة من قبل، مثل تطوير الواقع الافتراضي، هندسة البيانات الضخمة، إدارة الابتكار، والطب الجيني. كما يُتوقع أن يزداد الطلب على المهارات الناعمة (Soft Skills) مثل التفكير النقدي، إدارة الوقت، والعمل الجماعي، والتي باتت ضرورية في بيئة العمل الحديثة.

إن توجيه الشباب نحو التخصصات الأكثر طلباً، إلى جانب تعزيز المهارات التطبيقية والتقنية لديهم، يمثل خطوة محورية نحو تقليص نسب البطالة ورفع كفاءة رأس المال البشري في الأردن، بما ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي للدولة 2033.

المراجع

• وزارة العمل الأردنية – تقارير سوق العمل السنوية

• تقرير “الطلب على التخصصات الجامعية” الصادر عن ديوان الخدمة المدنية الأردني