أكبر دول عربية منتجة للبن

الدول العربية المنتجة للبن

يُعتبر البن أحد أهم المحاصيل الزراعية التي ترتبط بتاريخ طويل وثقافة غنية في العديد من البلدان حول العالم، ولا سيما في العالم العربي الذي كان من أوائل المناطق التي احتضنت زراعته واستهلاكه. ارتبطت القهوة العربية بمظاهر الضيافة والكرم، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من التقاليد والعادات اليومية، وكذلك عنصراً اقتصادياً مهماً في بعض الدول العربية المنتجة للبن، خاصة في شبه الجزيرة العربية وأجزاء من شمال أفريقيا.

رغم أن الإنتاج العالمي للبن يتركّز في دول مثل البرازيل وفيتنام وكولومبيا، إلا أن عدداً من الدول العربية ما زال يحتفظ بدور ملحوظ في زراعة هذا المحصول، سواءً من الناحية الكمية أو النوعية أو الثقافية. سنستعرض فيما يلي أهم الدول العربية المنتجة للبن، مع تحليل للجوانب الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بهذه الزراعة.

اليمن: موطن البن العربي الأول

تاريخ البن في اليمن يعود إلى القرن الخامس عشر، ويُعتقد أن اليمن هو أول دولة قامت بزراعة البن تجارياً، وتحديداً في منطقة “موكا” الواقعة على البحر الأحمر، والتي أعطت اسمها الشهير لنوع القهوة المعروف بـ”موكا”. يتميز البن اليمني بخصائص فريدة تعود إلى طبيعة التربة البركانية، والمناخ الجبلي، وطرق الزراعة التقليدية المعتمدة على مياه الأمطار دون استخدام للري الحديث.

الخصائص المميزة للبن اليمني:

• نكهة قوية ومعقدة تحتوي على ملاحظات توابلية وزهرية.

• يُزرع في مدرجات جبلية في مناطق مثل حراز، برع، وصنعاء.

• الإنتاج لا يزال تقليدياً وغير ميكنن، ما يحافظ على الجودة ولكنه يحد من الكمية.

التحديات:

• تراجع الإنتاج بسبب الحروب والصراعات الداخلية.

• تغيّر أنماط الزراعة نحو القات، الذي يوفر ربحاً أسرع للمزارعين.

• ضعف البنية التحتية لتصدير البن.

السودان: إمكانيات زراعية واسعة تنتظر الاستغلال

يمتلك السودان بيئة طبيعية ملائمة لزراعة البن، لا سيما في مناطق جنوب البلاد مثل جبال النوبة والأنقسنا. رغم أن السودان ليس من كبار المصدرين، إلا أن زراعته للبن تنتشر محلياً بدرجة متوسطة، ويوجد توجه استراتيجي لزيادة المساحات المزروعة وتحسين جودة المحصول.

أبرز المناطق المنتجة:

• جنوب كردفان.

• جنوب النيل الأزرق.

• منطقة النوبة.

عوامل مساعدة:

• وفرة الأراضي الزراعية الصالحة لزراعة البن.

• توفر الأيدي العاملة الرخيصة.

• ازدياد الطلب المحلي والعربي على القهوة السودانية.

عوائق النمو:

• ضعف الدعم الحكومي لزراعة البن مقارنة بالمحاصيل الأخرى.

• مشاكل النقل والتخزين والتسويق.

• الحاجة إلى تطوير تقنيات الزراعة والتحميص.

السعودية: تنمية القهوة الخولانية

رغم أن المملكة العربية السعودية لا تصنّف من كبار المنتجين للبن مقارنة باليمن أو إثيوبيا، إلا أن زراعة البن تُعد من التقاليد الراسخة في جنوب غرب المملكة، خاصة في منطقة جازان. تُعرف القهوة المزروعة في السعودية باسم “القهوة الخولانية”، وهي نوع نادر وفاخر من البن العربي.

القهوة الخولانية:

• تُزرع في مرتفعات جازان، خصوصاً في جبال فيفاء وبني مالك.

• تشتهر بمذاقها الفريد وقيمتها السوقية العالية.

• بدأت المملكة في السنوات الأخيرة دعم المزارعين عبر برامج وزارة البيئة والمياه والزراعة لزيادة الإنتاج وتصديره.

جهود حكومية لتطوير القطاع:

• إدراج القهوة الخولانية ضمن المنتجات الثقافية والاقتصادية ذات الأولوية.

• تنظيم مهرجانات سنوية للقهوة للترويج لها عالمياً.

• دعم مباشر للمزارعين وتشجيع استبدال المحاصيل الأقل ربحية بزراعة البن.

سلطنة عُمان: زراعة محدودة بنكهة محلية

عُمان ليست من الدول الكبرى في إنتاج البن، لكنّها تمتلك تقليداً زراعياً قديماً في بعض المناطق الجبلية، لا سيما في محافظة الظاهرة وجبل شمس. البن العُماني يُزرع بكميات قليلة، ويُستهلك محلياً بشكل كبير في الطقوس والمناسبات التقليدية.

السمات المميزة للبن العماني:

• نكهة فريدة تميل إلى الخفة مع نوتات ترابية.

• يُزرع في المناطق المرتفعة ذات المناخ المعتدل.

• الإنتاج محدود لكن هناك جهود للحفاظ على هذا التراث الزراعي.

جزر القمر: لاعب ناشئ في زراعة البن العربي

جزر القمر، رغم صغر مساحتها، تعد من المنتجين التقليديين للبن في المحيط الهندي، خصوصاً في جزيرتي القمر الكبرى وأنجوان. البن في جزر القمر يتمتع بجودة عالية ويُزرع في بيئات رطبة على ارتفاعات متوسطة.

مميزات البن القمري:

• يُزرع بن العربي بشكل أساسي، ويتميز بحموضة متوازنة.

• يلقى قبولاً في الأسواق الفرنسية بسبب العلاقة التاريخية مع الاستعمار الفرنسي.

تحديات الإنتاج:

• ضعف البنية التحتية الزراعية.

• تأثر القطاع الزراعي بالكوارث المناخية والعواصف الاستوائية.

• قلة الاستثمارات الخارجية في قطاع القهوة.

الإمارات وقطر والسعودية كمراكز إعادة تصدير وليس إنتاج

رغم عدم امتلاكها لبيئة مناسبة لزراعة البن على نطاق واسع، إلا أن دول الخليج العربي مثل الإمارات وقطر والسعودية تلعب دوراً محورياً في استيراد البن وتحميصه وإعادة تصديره، إضافة إلى كونها من أكبر أسواق الاستهلاك في المنطقة. تحتضن الإمارات مراكز تحميص عالمية ومناطق حرة لتخزين وتوزيع البن، وتُعتبر دبي من أبرز النقاط اللوجستية في هذا السياق.

الجدول التالي يوضح مقارنة بين أبرز الدول العربية المنتجة للبن:

البن العربي وتأثيره الثقافي في المنطقة

البن العربي لا يمثل فقط محصولاً زراعياً، بل عنصراً جوهرياً في الحياة الاجتماعية والثقافية. يتجلى ذلك في الطقوس التي تحيط بإعداده وتقديمه، والتي تختلف من منطقة إلى أخرى، لكنها تتفق على اعتبار القهوة رمزاً للضيافة والكرم.

أمثلة على ذلك:

• في الخليج، تُقدّم القهوة العربية مع التمر في المجالس.

• في اليمن، تُحضّر بطرق تقليدية تُبرز نكهتها الفريدة.

• في السودان، ترتبط القهوة بجلسات “الجَبَنة” التقليدية.

الآفاق المستقبلية لزراعة البن في العالم العربي

في ظل تزايد الطلب العالمي على البن العربي عالي الجودة، تتزايد فرص الدول العربية في لعب دور أكبر على الساحة الدولية إذا تم الاستثمار في سلاسل القيمة الخاصة بإنتاج وتصدير القهوة. من المتوقع أن تشهد العقود القادمة تطوراً كبيراً في هذا القطاع عبر:

• توسيع المساحات المزروعة.

• تحسين طرق المعالجة والتحميص.

• تعزيز التسويق الدولي للأنواع المحلية ذات الجودة العالية.

وتبرز أهمية تطوير التعاون الإقليمي بين الدول العربية في هذا المجال من خلال تبادل الخبرات، وتنسيق الجهود في مجالات الترويج والجودة والاعتمادات الزراعية.

المراجع:

1. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) – تقارير إنتاج البن في الدول العربية.

2. البنك الدولي – تقارير التنمية الزراعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.