أقوال شكسبير عن المرأة

أقوال وحكم شكسبير عن المرأة: تحليل عميق لرؤيته حول المرأة ودورها في الأدب والواقع

من بين أشهر الأدباء في التاريخ، يبرز اسم وليم شكسبير كأحد أعمدة الأدب الإنجليزي الذي أثرى التراث الأدبي العالمي من خلال أعماله المدهشة. كان شكسبير مولعاً بالأدب الإنساني، وقام بتصوير البشر في جميع جوانبهم، بما في ذلك المرأة. قد تكون الصورة التي رسمها للمرأة في أعماله متناقضة في بعض الأحيان، حيث تتراوح بين التقدير والانتقاد، وتظهر هذه التناقضات في سياقات عدة في أعماله مثل المسرحيات، القصائد، والشعر.

إحدى السمات التي ميزت كتابات شكسبير عن غيرها هي قدرة الكاتب على تصوير الشخصية النسائية في مختلف الأبعاد، بدءاً من الشخصيات التي تُظهر القوة والعزيمة وصولاً إلى الشخصيات الضعيفة التي تتعرض للظلم. لعل هذا هو السبب الذي جعل أقواله وحكمه عن المرأة تتمتع بعمق عاطفي وفكري يمكن تأويله من عدة زوايا.

1. المرأة في مسرحيات شكسبير: بين العاطفة والقوة

لا شك أن شكسبير قد خصص العديد من الشخصيات النسائية في مسرحياته ليصوّر من خلالها أبعادًا متعددة للمرأة. بعض هذه الشخصيات تعكس القوة الداخلية والتصميم، بينما يظهر البعض الآخر في أدوار تقليدية، حيث تكون الخضوع والخنوع جزءًا من شخصياتهن.

في مسرحية “تاجر البندقية” (The Merchant of Venice) على سبيل المثال، تظهر شخصية بورتيا، التي تُعتبر واحدة من أقوى وأذكى الشخصيات النسائية في أعمال شكسبير. على الرغم من كونها امرأة في زمن كان يعاني فيه النساء من القيود الاجتماعية، إلا أنها تظهر فطنة لا مثيل لها في المحكمة، حيث تختار التسلح بالحكمة بدلاً من القوة البدنية لإظهار سلطتها وتغيير مصير الشخصيات من حولها.

من جهة أخرى، في “هاملت” (Hamlet)، تظهر شخصية أوفيليا في صورة أكثر هشاشة، حيث تؤدي التوقعات الاجتماعية إلى معاناتها النفسية، مما يعكس رؤية شكسبير للمرأة ككائن قد يُستغل ويُهمّش في المجتمع الذكوري.

لكن واحدة من أكثر الشخصيات النسائية شهيرة في أعماله هي “جولييت” في “روميو وجولييت”. هذه الشخصية تجسد الحب غير المشروط والقدرة على اتخاذ قرارات جريئة تحديًا للأعراف الاجتماعية. جولييت تمثل الجوانب العاطفية التي قد تكون مختفية وراء هيكل سردي درامي، حيث تتجاوز حبها لراميو حدود التقاليد والعائلة.

2. “النساء الصامتات” في أعمال شكسبير

ربما تكون واحدة من أعمق وأشهر الاقتباسات التي تتحدث عن النساء في أعمال شكسبير هي تلك التي نجدها في مسرحية “تاجر البندقية” عندما قال: “النساء كالزهور، في جمالهن يملكن القوة”. يشير هذا القول إلى تقدير شكسبير لجمال المرأة وقوتها في آن واحد، مع العلم أن هذا الجمال قد يكون سلاحًا للمرأة قد يُستغل ضدها أو يُستغل لصالحها في المجتمعات التي تميز بين الأجناس.

في بعض الحالات، قد نرى المرأة في مسرحياته تتبنى أدوارًا صامتة، أو أقل ظهورًا في مقارنة مع الأبطال الذكور. في مسرحية “الملك لير” (King Lear)، على سبيل المثال، يتم تصوير “كورديليا”، الابنة الأصغر، كرمز للعفة والصمت في مواجهة جشع الأخوات الأكبر. يتميز هذا الصمت عند كورديليا بمعنى عميق، حيث يعكس استراتيجيتها في مواجهة الانقسامات العائلية والمأساة الشخصية.

3. كيف رأى شكسبير العلاقة بين الرجل والمرأة؟

تأثرت أفكار شكسبير عن المرأة بشكل كبير بالسياق الاجتماعي والسياسي في زمانه. في العديد من مسرحياته، يتفاعل الرجل مع المرأة بطريقة يمكن تفسيرها على أنها تجسد للأنماط السائدة في المجتمع الإليزابيثي، حيث كانت المرأة تُعتبر أداة لتحقيق غايات اجتماعية أو اقتصادية.

ومع ذلك، أظهرت أعماله تحولًا في هذه الصورة النمطية في بعض الأحيان. ففي “عطيل” (Othello)، على سبيل المثال، قدم شكسبير شخصية “ديسديمونا” التي تكون غير متوافقة مع الصورة التقليدية للمرأة الضعيفة. على الرغم من كونها ضحية للخيانة والغيرة، فإنها تمثل قدرة المرأة على مواجهة الأزمات والظلم، حتى وإن كان في النهاية، هذا التحول يؤدي إلى نهاية مأساوية.

4. لغة شكسبير: رمزية جمال المرأة وعلاقته بالموت

كانت صورة المرأة عند شكسبير مرتبطة بشدة بجمالها، الذي يُعتبر سلاحًا مزدوجًا. في قصيدته الشهيرة “سونيت 18″، يقول:

“أنت أجمل من الصيف وأكثر اعتدالاً،

الريح العاصفة تزعج أزهار مايو،

وأنت لا تفقدين جمالك،

أنت حية في ذكرياتي إلى الأبد.”

هذه الأبيات تعكس نظرة شكسبير المتفائلة إلى جمال المرأة، الذي يُعتبر شيئًا خالدًا، لا يموت، رغم مرور الزمن. كما أن هذا الجمال يرتبط ارتباطًا وثيقًا بفكرة الخلود، ويُعتبر رمزًا للحياة المستمرة رغم التغيرات الزمنية.

ومع ذلك، في مسرحيات أخرى مثل “ماكبث” (Macbeth)، يمكن للمرأة أن تمثل الأبعاد المظلمة في النفس البشرية. على سبيل المثال، شخصية “ليدي ماكبث” تمثل القوة الشريرة التي تُجسد التلاعب والتحكم في الرجال عبر التلاعب النفسي، حيث تشير إلى فكرة المرأة التي يمكن أن تكون “أداة” للشر، وإن كانت في النهاية ضحية لهذه القوة المدمرة.

5. المرأة في شعر شكسبير: من الإعجاب إلى الأسطورة

في العديد من السونيتات التي كتبها شكسبير، نجد أن المرأة تتخذ صورة معقدة ورمزية. على سبيل المثال، في سونيت 130، يتحدث شكسبير عن “عيوب” المرأة بشكل فكاهي وغير تقليدي، حيث يُقلل من المبالغة في وصف جمال المرأة كما كان شائعًا في الشعر الإليزابيثي. يقول في هذا السونيت:

“عيناها ليست شمسًا ذهبية،

شفتاها ليست وردية،

ولا شعرها من حرير.”

من خلال هذه السونيتات، يبدو أن شكسبير كان يهدف إلى تقديم صورة واقعية للمرأة بعيدًا عن المثالية التي قد تُعطى لها في الأدب التقليدي. لكن في نفس الوقت، أظهرت بعض سونيتاته الأخرى صورة مثالية للمرأة التي كانت تمثل الجمال الكوني الذي يتجاوز التقدير الشخصي.

6. الخلاصة

أقوال وحكم شكسبير عن المرأة تجسد صورة معقدة لهذه الشخصية في الأدب الإنساني. من خلال مسرحياته وسونيتاته، استطاع أن يعكس التنوع في الأدوار التي تلعبها المرأة في المجتمعات المختلفة، وكيفية تأثيراتها في الدراما والحياة اليومية. المرأة في أدب شكسبير ليست مجرد كائن ضعيف أو تابع، بل هي شخص متعدد الأبعاد، يمثل الحب، الكراهية، القوة، والضعف في آن واحد.

قد تختلف آراؤه عن المرأة بين التقدير والانتقاد، لكن في النهاية، تظل كتاباته عن المرأة ماثلة في الأذهان كمرآة تعكس تعقيدات العلاقة الإنسانية بين الرجل والمرأة.