أفقر 10 دول في قارة أمريكا الجنوبية 2023

تمثل قارة أمريكا الجنوبية واحدة من المناطق التي تجمع بين التنوع الاقتصادي والاجتماعي الكبير، حيث تضم دولاً ذات اقتصادات متطورة نسبياً وأخرى تعاني من تحديات اقتصادية حادة. ورغم أن القارة تتمتع بموارد طبيعية هائلة، إلا أن التفاوت الاقتصادي بين الدول فيها واضح جداً، حيث تواجه بعض الدول مستويات مرتفعة من الفقر تجعلها في قائمة أفقر دول القارة. في هذا المقال سيتم تناول تصنيف أفقر 10 دول في أمريكا الجنوبية لعام 2023، مع تحليل أسباب الفقر والظروف الاقتصادية التي تواجه هذه الدول، مع توضيح مؤشرات الفقر الاقتصادية والاجتماعية، ودور السياسات الاقتصادية، والصراعات الداخلية، والتحديات الخارجية في استمرار هذا الواقع.

الفقر في أمريكا الجنوبية: خلفية عامة

الفقر في أمريكا الجنوبية ليس ظاهرة جديدة، بل هو نتاج تراكمات طويلة من عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية، بدءاً من الاستعمار، مروراً بالصراعات الداخلية، والاعتماد المفرط على قطاع معين من الاقتصاد، وصولاً إلى التحديات البيئية والجغرافية. تختلف نسب الفقر من دولة لأخرى بسبب الاختلاف في البنية الاقتصادية والسياسات الحكومية، فضلاً عن العوامل الجيوسياسية.

يشير الفقر إلى عدم قدرة الأفراد أو الأسر على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الغذاء، والتعليم، والرعاية الصحية، والإسكان اللائق. ولهذا، تعتمد تصنيفات الفقر على مجموعة من المؤشرات، مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، معدل البطالة، نسبة السكان تحت خط الفقر، ومستوى التعليم والخدمات الصحية.

معايير تصنيف أفقر الدول في أمريكا الجنوبية 2023

يعتمد تصنيف الدول الأفقر في قارة أمريكا الجنوبية على عدة معايير اقتصادية واجتماعية، من أهمها:

• الناتج المحلي الإجمالي للفرد (GDP per capita): يعتبر مؤشرًا رئيسيًا يقيس متوسط الدخل للفرد في الدولة، وهو مقياس مهم لرفاهية السكان.

• معدل الفقر المدقع: يشير إلى نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، حيث لا يستطيعون توفير الاحتياجات الأساسية.

• مؤشرات التنمية البشرية (HDI): تشمل الصحة، التعليم، ومستوى المعيشة، وتوضح جودة حياة السكان.

• معدل البطالة: ارتفاع معدلات البطالة يعكس ضعف الاقتصاد وعدم توفر فرص العمل.

• الديون الخارجية: تؤثر ديون الدول على قدرتها على الاستثمار والتنمية.

• استقرار سياسي وأمني: الفوضى السياسية والحروب الأهلية تزيد من معاناة السكان وتحد من النمو الاقتصادي.

قائمة أفقر 10 دول في أمريكا الجنوبية لعام 2023

1. فنزويلا

تعتبر فنزويلا من أفقر دول القارة رغم ثروتها النفطية الهائلة، إذ تعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ عدة سنوات. تسبب التضخم المفرط، انهيار الاقتصاد، العقوبات الدولية، والسياسات الاقتصادية الفاشلة في انخفاض حاد في دخل الفرد وارتفاع معدلات الفقر المدقع. وفقاً لتقارير البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعيش أكثر من 70% من سكان فنزويلا تحت خط الفقر، مع نقص حاد في الغذاء والرعاية الصحية.

2. بوليفيا

بوليفيا دولة ذات اقتصاد زراعي يعتمد بشكل كبير على تصدير الموارد الطبيعية مثل الغاز الطبيعي والمعادن. بالرغم من النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، ما زالت مستويات الفقر مرتفعة بشكل كبير، خاصة في المناطق الريفية والسكان الأصليين. نسبة الفقر تقارب 30%، ويرتبط الفقر بالتفاوت الاجتماعي والاقتصادي الكبير بين الحضر والريف.

3. باراغواي

يعاني الاقتصاد الباراغواياني من مشاكل هيكلية، حيث يعتمد بشكل كبير على الزراعة وتصدير المنتجات الزراعية، لكن ضعف التنوع الاقتصادي وبنية تحتية متواضعة يحدان من النمو. يقدر معدل الفقر بحوالي 28%، مع تفاوت كبير بين المناطق الحضرية والريفية، بالإضافة إلى محدودية الوصول للخدمات التعليمية والصحية.

4. بيرو

رغم أن بيرو شهدت نمواً اقتصادياً ملحوظاً خلال العقد الماضي بفضل استغلال الموارد المعدنية، إلا أن الفقر ما زال متفشياً في المناطق الريفية وبالقرب من حدود الأمازون. يتراوح معدل الفقر الكلي حوالي 25%، مع تدني في جودة التعليم والرعاية الصحية في المناطق النائية.

5. الإكوادور

يعتمد اقتصاد الإكوادور بشكل كبير على النفط والزراعة والسياحة، إلا أن البلاد تواجه تحديات اجتماعية كبيرة تشمل الفقر والبطالة. تقدر نسبة الفقر بحوالي 25%، مع ارتفاع معدلات الفقر في المناطق الريفية والريفية النائية، وتأثر الاقتصاد بتذبذب أسعار النفط عالمياً.

6. غيانا

تقع غيانا على الحدود الشمالية الشرقية لأمريكا الجنوبية، وتعتمد بشكل كبير على قطاع التعدين والزراعة. رغم الموارد الطبيعية الوفيرة، يعاني أكثر من 35% من السكان من الفقر، خاصة في المناطق الريفية البعيدة. ضعف البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية تلعب دوراً في ارتفاع معدلات الفقر.

7. أوروغواي

تُعتبر أوروغواي من أكثر الدول استقراراً في أمريكا الجنوبية اقتصادياً وسياسياً، إلا أن هناك فئات من السكان تعيش تحت خط الفقر، بنسبة تقارب 20%. بالرغم من أن معدلات الفقر أقل مقارنة بالدول الأخرى في القارة، إلا أن الفقر لا يزال يمثل تحدياً في بعض المناطق الحضرية.

8. الأرجنتين

تعاني الأرجنتين من أزمة اقتصادية متكررة بسبب التضخم، الديون الخارجية، وعدم الاستقرار الاقتصادي، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر التي وصلت إلى أكثر من 30% في 2023. مع ذلك، يعد الاقتصاد الأرجنتيني من الأكبر في القارة، لكنه يعاني من ضعف في التوزيع العادل للثروة.

9. كولومبيا

تعاني كولومبيا من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً في ظل الصراعات المسلحة الداخلية والنزوح القسري. نسبة الفقر تقدّر بحوالي 27%، مع تفاوت كبير بين المناطق الريفية والحضرية، إضافة إلى تفاوت في الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.

10. سورينام

سورينام دولة صغيرة ذات اقتصاد يعتمد على التعدين والزراعة، وتواجه تحديات اقتصادية ترتبط بضعف البنية التحتية وقلة التنوع الاقتصادي. معدل الفقر يصل إلى حوالي 30%، مع محدودية فرص العمل ونقص الخدمات الاجتماعية الأساسية.

جدول يوضح مؤشرات الفقر والدخل في أفقر 10 دول أمريكا الجنوبية 2023

العوامل المؤثرة في استمرار الفقر في أمريكا الجنوبية

1. التفاوت الاجتماعي والاقتصادي

التفاوت الكبير بين الطبقات الاجتماعية والفوارق الحادة بين المناطق الحضرية والريفية تعمق مشكلة الفقر. غالباً ما تكون الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة أقل جودة وتوفراً في المناطق الريفية، حيث يعيش أكبر عدد من الفقراء.

2. الاعتماد على موارد طبيعية متقلبة

تعتمد الكثير من دول أمريكا الجنوبية على تصدير الموارد الطبيعية، مثل النفط والمعادن والزراعة، التي تتأثر بأسعار السوق العالمية. هذا الاعتماد يجعل اقتصاداتها عرضة للصدمات الاقتصادية.

3. الفساد وسوء الإدارة الحكومية

يؤدي الفساد المستشري وضعف الحوكمة إلى هدر الموارد الوطنية وضعف فاعلية البرامج التنموية والاجتماعية، مما يحد من قدرة الدول على معالجة مشكلة الفقر بفعالية.

4. الصراعات السياسية والاجتماعية

تعاني بعض الدول من أزمات سياسية واضطرابات اجتماعية تؤثر على الاستقرار الاقتصادي وتنفيذ الخطط التنموية، مما يزيد من معاناة الفقراء.

دور السياسات التنموية في مواجهة الفقر

تعتمد جهود محاربة الفقر في أمريكا الجنوبية على سياسات تنموية تهدف إلى:

• تحسين التعليم والتدريب المهني: رفع كفاءة القوى العاملة وتعزيز فرص العمل.

• تنويع الاقتصاد: تخفيف الاعتماد على الموارد الطبيعية وتعزيز الصناعات المحلية.

• تحسين البنية التحتية: توفير طرق نقل، مياه، وكهرباء لتحسين جودة الحياة.

• برامج الدعم الاجتماعي: تقديم مساعدات مالية مباشرة وبرامج صحية لتعزيز رفاهية الفئات الضعيفة.

• مكافحة الفساد: تعزيز الشفافية والمساءلة لتحسين توزيع الموارد.

خاتمة

تظل مشكلة الفقر من أكبر التحديات التي تواجه دول أمريكا الجنوبية، حيث تعاني الدول العشر الأشد فقراً من مزيج من عوامل معقدة تشمل الأزمات الاقتصادية، التفاوت الاجتماعي، الاعتماد على الموارد الطبيعية المتقلبة، والاضطرابات السياسية. تتطلب معالجة هذه المشكلة سياسات تنموية شاملة ومستدامة تستهدف تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص متساوية لجميع السكان. في الوقت نفسه، فإن الاستقرار السياسي والحوكمة الرشيدة يمثلان مفتاحاً أساسياً لإنجاح أي جهود تنموية تؤدي إلى الحد من الفقر وتحسين جودة حياة الشعوب في القارة.

المصادر

1. البنك الدولي – تقرير التنمية الاقتصادية في أمريكا الجنوبية 2023

2. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – تقرير مؤشرات التنمية البشرية 2023