الوقاية من هشاشة العظام أفضل من العلاج منه
تعد هشاشة العظام واحدة من أبرز المشكلات الصحية التي تهدد كبار السن، خصوصًا النساء بعد سن اليأس، وهي مرض يتسم بضعف العظام وزيادة قابليتها للكسور. تتسبب هشاشة العظام في العديد من المشاكل الصحية التي قد تؤثر على نوعية الحياة وتزيد من تكلفة الرعاية الصحية على مستوى الفرد والمجتمع. ومع تقدم الدراسات العلمية في هذا المجال، تبين أن الوقاية من هشاشة العظام أهم وأفضل بكثير من علاجها. إذ أن التدابير الوقائية لا تساعد فقط في تقليل خطر الإصابة بالمرض، بل قد تمنع مضاعفاته التي تتسبب في حالات شديدة من الإعاقة.
ما هي هشاشة العظام؟
هشاشة العظام هي حالة طبية تؤدي إلى ترقق العظام وضعفها، مما يجعلها أكثر عرضة للكسور. وعادة ما تكون العظام في حالة تجديد مستمر حيث تقوم الخلايا العظمية القديمة بالتكسر وتعويضها بأخرى جديدة. ومع تقدم العمر، تتباطأ هذه العملية، مما يؤدي إلى فقدان العظام بشكل أسرع من نموها. وفي النهاية، تصبح العظام هشة وضعيفة بشكل ملحوظ. يُعرف هذا المرض بأنه “القاتل الصامت”، لأنه في الغالب لا يظهر أعراضًا واضحة حتى حدوث كسر في العظم، وغالبًا ما يكون هذا الكسر نتيجة إصابة خفيفة أو حتى بسبب انحناء الجسم أو السقوط البسيط.
أهمية الوقاية
إن الوقاية من هشاشة العظام تتعلق بشكل أساسي بتقوية العظام والحفاظ على كثافتها طوال الحياة، ومن خلال اتخاذ التدابير الوقائية المناسبة، يمكن تقليل احتمالات الإصابة بالمرض أو تأخير ظهوره. وتبدأ الوقاية منذ مراحل الطفولة والمراهقة حيث يكون من الأسهل بناء عظام قوية وكثيفة، لكنها تبقى ذات فائدة في جميع مراحل الحياة.
الوقاية من هشاشة العظام في مراحل مبكرة
في سنوات النمو المبكرة، من المهم أن يتم التركيز على تناول العناصر الغذائية التي تدعم صحة العظام. وفي هذا السياق، يعد الكالسيوم وفيتامين “د” من أبرز العوامل التي تلعب دورًا كبيرًا في الوقاية من هشاشة العظام. يعتبر الكالسيوم المكون الرئيسي للعظام، ولذا فإن الحصول على كمية كافية منه خلال مرحلة الطفولة والمراهقة يساعد على بناء عظام قوية. أما فيتامين “د”، فهو يساهم في امتصاص الكالسيوم، وبالتالي في تعزيز صحة العظام.
1. الاهتمام بالتغذية السليمة
من الضروري أن تحتوي وجبات الطعام على مصادر غنية بالكالسيوم مثل الحليب ومنتجاته (اللبن الزبادي، الجبن)، والخضروات الورقية مثل السبانخ والبروكلي، والفواكه مثل البرتقال. كما يمكن الحصول على فيتامين “د” من خلال التعرض للشمس لفترات معقولة أو من خلال تناول الأسماك الزيتية مثل السلمون.
2. ممارسة النشاط البدني
الرياضة تعتبر من الوسائل الفعالة لتعزيز صحة العظام. النشاط البدني، وخاصة التمارين التي تعتمد على الوزن مثل المشي، والجري، ورفع الأثقال، تساهم في زيادة كثافة العظام وتحفيز الجسم على إنتاج خلايا عظمية جديدة. كما أن ممارسة الرياضة بانتظام تسهم في تحسين التوازن وتقليل خطر السقوط.
3. تجنب التدخين والإفراط في الكحول
لقد ثبت أن التدخين والإفراط في تناول الكحول يؤثران سلبًا على صحة العظام. التدخين يقلل من قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم، بينما يسبب الكحول تأثيرًا سلبيًا على كثافة العظام من خلال زيادة إفراز الكالسيوم عبر البول، ما يساهم في ضعف العظام مع مرور الوقت.
الوقاية في منتصف العمر
مع تقدم الشخص في العمر، يصبح من الضروري الانتباه إلى صحة العظام بشكل أكبر. في هذه المرحلة، تكون العظام قد بدأت في فقدان كثافتها نتيجة التغيرات الطبيعية في الجسم، مثل انخفاض مستويات هرمون الإستروجين لدى النساء بعد انقطاع الطمث. لذا فإن الوقاية لا تقتصر فقط على التغذية السليمة وممارسة الرياضة، بل يجب أيضًا أن تشمل التقييم الدوري لصحة العظام واتباع أساليب الوقاية المناسبة.
1. مراجعة الطبيب بانتظام
أحد المفاتيح المهمة للوقاية هو زيارة الطبيب لإجراء فحوصات دورية مثل اختبار كثافة العظام (DEXA scan). يساعد هذا الاختبار في قياس كثافة العظام والكشف عن انخفاضها في وقت مبكر، مما يسمح بإجراء تدخلات علاجية أو وقائية في الوقت المناسب.
2. التحكم في مستويات الهرمونات
النساء بعد سن اليأس يكون لديهن انخفاض في مستويات هرمون الإستروجين، وهو الهرمون الذي يساهم في الحفاظ على كثافة العظام. يمكن أن تتضمن الوقاية في هذه المرحلة استخدام العلاجات البديلة مثل هرمونات الإستروجين أو الأدوية التي تساعد في تقوية العظام مثل البايفوسفونات.
3. تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين “د”
قد يجد البعض صعوبة في الحصول على ما يكفي من الكالسيوم وفيتامين “د” من الطعام فقط. في هذه الحالة، يمكن للطبيب أن يوصي باستخدام مكملات غذائية تساعد في توفير هذه العناصر الهامة للحفاظ على صحة العظام.
الوقاية من هشاشة العظام في كبار السن
عند التقدم في السن، تتزايد الحاجة إلى الانتباه إلى صحة العظام بشكل أكبر. كبار السن هم الأكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام، لذا من المهم أن يتبعوا استراتيجيات وقائية شاملة تشمل التغذية السليمة، والتمارين المناسبة، والمراجعات الطبية المنتظمة.
1. التمارين المناسبة لكبار السن
مع تقدم العمر، قد لا تكون التمارين الشاقة مثل رفع الأثقال ممكنة أو موصى بها. ومع ذلك، يمكن الاستفادة من تمارين الوزن الخفيف مثل المشي، والسباحة، وتمارين التوازن التي تساعد في الحفاظ على صحة العظام وتقليل خطر السقوط.
2. الاهتمام بالسلامة المنزلية
الوقاية من الكسور في كبار السن تتطلب تحسين البيئة المحيطة. يمكن تقليل خطر السقوط من خلال استخدام دعائم للحفاظ على توازن الشخص في المنزل، مثل إزالة السجاد الزلق أو تركيب مساند في الحمام.
العوامل الوراثية وتأثيرها على هشاشة العظام
على الرغم من أن الوقاية تعتبر الخط الدفاعي الأول ضد هشاشة العظام، فإن بعض العوامل الوراثية قد تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالمرض. على سبيل المثال، إذا كان هناك تاريخ عائلي للإصابة بالمرض، فإن احتمالات الإصابة به تزداد. ومع ذلك، يبقى تأثير الوقاية في تقليل المخاطر كبيرًا، حتى في حالة وجود عوامل وراثية قد تزيد من فرص الإصابة.
الخاتمة
إن الوقاية من هشاشة العظام هي الخيار الأكثر فعالية للحفاظ على صحة العظام في جميع مراحل الحياة. باتباع أسلوب حياة صحي يشمل التغذية السليمة، ممارسة النشاط البدني بانتظام، والحفاظ على الفحوصات الطبية الدورية، يمكن للإنسان أن يقي نفسه من هذا المرض المزعج والمكلف. تتطلب الوقاية جهودًا متواصلة وطويلة الأمد، ولكنها تستحق العناء لأنها تساهم في تحسين جودة الحياة وتقليل فرص الإصابة بالكسور التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة في المستقبل.
