تعرّف على أغرب تقاليد الزواج في العالم

الزواج ليس مجرد اتحاد بين شخصين، بل هو حدث اجتماعي وثقافي يعكس معتقدات وممارسات المجتمعات المختلفة. وعلى مر العصور، تطورت تقاليد الزواج لتعبّر عن الهوية الثقافية للشعوب، فظهر تنوع كبير في الطقوس والرموز المصاحبة لهذا الحدث المحوري في حياة الإنسان. في حين نجد أن بعض الشعوب تحتفل بالزفاف بأساليب متعارف عليها عالميًا، فإن هناك مجتمعات أخرى تحتفظ بتقاليد غريبة بل وغامضة في بعض الأحيان. في هذا المقال، نغوص في أعماق الثقافات لنستعرض مجموعة من أغرب تقاليد الزواج في العالم، مع تسليط الضوء على أصولها، دلالاتها الاجتماعية، وأثرها الثقافي.

الزواج بالبكاء – الصين (قبيلة التوجيا)

من أغرب التقاليد التي تصادفنا هو طقس “البكاء الإجباري” لدى قبيلة التوجيا في الصين. تبدأ العروس بالبكاء قبل الزفاف بشهر كامل، حيث تخصص كل يوم ساعة على الأقل للبكاء. وبعد عشرة أيام، تنضم الأم للعروس في البكاء، وبعد عشرة أيام أخرى تنضم الجدة، وهكذا حتى يجتمع نساء العائلة في طقس جماعي يُطلق عليه “حفلة البكاء”. لا يُنظر لهذا الطقس على أنه تعبير عن الحزن، بل يُعتبر دليلاً على الفرح، ووسيلة فنية تُظهر مهارات الغناء التقليدي من خلال دمج البكاء مع الأناشيد الشعبية، كما يُعد رمزًا على امتنان العروس لعائلتها.

ضرب أقدام العريس – كوريا الجنوبية

في كوريا الجنوبية، بعد انتهاء مراسم الزفاف التقليدية، يُجبر العريس على خلع حذائه وجواربه، ليُربط من كاحليه بالحبال، ثم يُجلد على أخمص قدميه باستخدام سمكة مجففة أو عصا خشبية. يُقال إن هذا الطقس يهدف لاختبار صبر العريس وقوته قبل دخوله الحياة الزوجية، كما يُعتقد بأنه يجلب الحظ السعيد. يُرافق الطقس عادةً موسيقى وضحك الحضور، مما يجعل من الألم تجربة مرحة ومثيرة.

الزواج من الحيوانات – الهند

في بعض القرى الهندية مثل تلك الواقعة في ولاية جهارخاند أو شاتيسغار، إذا وُلد طفل أو طفلة بأسنان غير معتادة أو بتشوهات خلقية بسيطة في الوجه، يُعتقد أن الطفل ملعون. لإبعاد الأرواح الشريرة، تُجبر الطفلة على “الزواج” من حيوان، غالبًا ما يكون كلبًا. لا يحمل هذا الزواج طابعًا حقيقيًا، فهو رمزي بحت، وبعد مرور الطقس يُمكن للفتاة أن تتزوج لاحقًا زواجًا عادياً. يُعتقد أن هذا الطقس يطهر الفتاة من اللعنة.

بصق والد العروس – كينيا (قبيلة الماساي)

في قبيلة الماساي بكينيا، عندما تكون العروس مستعدة لمغادرة منزل عائلتها إلى بيت زوجها، يقوم والدها بالبصق على رأسها وصدرها كنوع من البركة. في الثقافة الغربية، يُعتبر البصق إهانة، لكن في ثقافة الماساي يُعد رمزًا للمباركة والاحترام، ويُقال إنه يُبعد الحسد والشر عن العروس.

منع دخول الحمام – ماليزيا (قبيلة التيدونغ)

في بورنيو الماليزية، وبالتحديد بين قبيلة التيدونغ، لا يُسمح للعروسين باستخدام الحمام إطلاقًا لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ بعد الزواج. يُراقبهم الأهل عن كثب لضمان امتثالهم لهذا الطقس، ويُسمح لهم فقط بتناول كميات قليلة من الطعام والشراب. يُعتقد أن هذا الامتناع يُبارك الزواج ويبعد الطلاق والمصائب عن الزوجين. ويُعتبر هذا التقليد من أصعب طقوس الزواج حول العالم.

سرقة العروس – قرغيزستان

في بعض المناطق الريفية في قرغيزستان، لا تزال تُمارس عادة “اختطاف العروس”، وهي عادة قديمة تعود لقرون. يتم اختطاف الفتاة بالقوة من قِبل العريس وأصدقائه، وتُجبر على البقاء في بيت عائلة العريس حتى توافق على الزواج. على الرغم من أن الحكومة القرغيزية جرّمت هذه الممارسة، إلا أنها لا تزال موجودة في بعض المجتمعات المحافظة وتُبرر بأنها عادة تقليدية وليست جريمة، رغم ما تثيره من جدل أخلاقي وحقوقي.

ضرب العريس بالعصا – منغوليا

في بعض المناطق الريفية بمنغوليا، هناك طقس غريب حيث يُجلد العريس بعصا خيزران أثناء المراسم التقليدية. يُعتقد أن هذا الطقس يُطهر روحه من الذنوب، ويُهيئه لدخول حياة جديدة بروح نقية. الطقس يُمارَس بحضور أهل العروس، وأحياناً تُشارك العروس نفسها في الجلد كنوع من التحدي والطاعة.

ارتداء الملابس السوداء – رومانيا

في بعض القرى الرومانية، ترتدي العروس ملابس سوداء بدلًا من الفستان الأبيض المعروف، ويُرافقها هذا اللون خلال كامل مراسم الزفاف. يُنظر إلى اللون الأسود على أنه رمز للنضج والتخلي عن الطفولة، وليس على أنه علامة حزن. يشير الفستان الأسود إلى استعداد المرأة لتحمّل المسؤوليات الثقيلة في الزواج، ولقطع علاقتها بمرحلة العزوبية.

الزواج تحت شجرة – كينيا

في قبائل الدوروبو في كينيا، تُقام مراسم الزواج تحت شجرة مقدسة تُسمى “شجرة الحياة”، ويُعتقد أن الأرواح الخيرة تعيش فيها. يُزيَّن المكان بأقمشة وأغصان خضراء، وتُقدم القرابين من الحليب والعسل. تُعتبر الشجرة شاهدًا على الزواج، ويُمنع قطعها أو الاقتراب منها لاحقًا دون طقوس خاصة، ويُعتقد أن أي خرق لهذا العهد يُجلب لعنة للعائلة.

الزواج بالدم – الفلبين

في بعض قرى الفلبين، وخاصةً لدى قبيلة الكاغيان، يقوم الزوجان بخدش أيديهما حتى يسيل الدم، ثم يضع كلٌ منهما دمه في كأس النبيذ ويشربانها معًا. يُعد هذا الطقس تجسيدًا للوحدة الأبدية والرباط الدموي، ويُرمز به إلى الاندماج الكامل بين الزوجين، ليس فقط جسديًا بل روحيًا وبيولوجيًا.

رمي الطماطم على العروسين – إسبانيا (مهرجان بونيول)

رغم أن “مهرجان الطماطم” في إسبانيا ليس خاصًا بالزواج، إلا أن بعض الأزواج الإسبان يختارون إقامة حفلات زفافهم خلال هذا المهرجان الشهير في بلدة بونيول. في هذه الحالة، يتحول العروسان إلى هدف للطماطم المتطايرة في رمزية مزدوجة: من جهة كتعبير عن الفرح، ومن جهة أخرى لاختبار صمود الحب وسط الفوضى والضغط، وكأن الحياة الزوجية تحتاج لتجارب عشوائية لتثبت قوتها.

السحر والتعاويذ قبل الزواج – المغرب

في بعض القرى المغربية، وخاصة في المناطق الأمازيغية، تلجأ العائلة إلى “العرافة” أو “الفقهاء” لأداء طقوس سحرية تهدف إلى تسهيل الزواج أو حمايته من العين والسحر. تُستخدم التعاويذ، الحناء، الأعشاب، و”الحرز” (تمائم صغيرة) توضع تحت وسادة العروس أو داخل ملابسها. يُعتقد أن هذه الطقوس تحمي الزواج من الغيرة وتحفظ البركة داخل البيت الجديد.

قائمة مقارنة بأغرب تقاليد الزواج

الأثر الثقافي لهذه التقاليد

تعبّر هذه الطقوس الغريبة عن عمق التداخل بين الزواج والدين والأسطورة والموروث الشعبي. فهي ليست مجرد طقوس للزينة أو المرح، بل ترتبط غالبًا بفلسفة حياة، وتصورات غيبية حول العلاقات، والحظ، والأرواح، والبركة. في العديد من هذه المجتمعات، تُعد هذه التقاليد جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية، وتحظى باحترام الأجيال