أعراض نقص النحاس في الجسم وتأثيراته الصحية

يُعتبر النحاس من المعادن الأساسية التي يحتاجها الجسم بكميات دقيقة لضمان أداء وظائفه الحيوية بشكل سليم. فهو يلعب دوراً محورياً في تكوين الإنزيمات، دعم جهاز المناعة، إنتاج الطاقة، وتكوين الأنسجة الضامة. وعلى الرغم من احتياج الجسم لكميات صغيرة منه، فإن نقص النحاس قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة تؤثر على مختلف أجهزة الجسم. يتناول هذا المقال شرحاً موسعاً عن أعراض نقص النحاس، أسبابه، آثاره على الصحة، وطرق التشخيص والعلاج.

أهمية النحاس في الجسم

النحاس هو معدن حيوي يدخل في تركيب العديد من الإنزيمات الضرورية التي تساهم في عمليات الأيض، نقل الأكسجين، تصنيع الكولاجين، وتكوين خلايا الدم الحمراء. بالإضافة إلى ذلك، فهو يلعب دوراً في الحفاظ على صحة الأعصاب ووظائف الدماغ، وله تأثيرات مضادة للأكسدة تحمي الخلايا من التلف الناتج عن الجذور الحرة. يشارك النحاس كذلك في امتصاص الحديد، ما يجعله ضرورياً لتفادي فقر الدم.

أسباب نقص النحاس

يتسبب نقص النحاس في الجسم بعدة عوامل متنوعة منها:

• نقص في تناول النحاس الغذائي: خاصة عند الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية غير متوازنة أو نباتية صارمة دون تعويض مناسب.

• مشاكل في الامتصاص المعوي: مثل مرض كرون، أو جراحات المعدة التي تقلل من قدرة الأمعاء على امتصاص المعادن.

• استخدام مكملات الزنك بشكل مفرط: حيث يؤدي الزنك بجرعات عالية إلى تقليل امتصاص النحاس.

• أمراض وراثية: مثل مرض مينكي (Menkes disease) الذي يمنع الجسم من الاستفادة من النحاس بشكل طبيعي.

• زيادة فقد النحاس: في بعض حالات الفقد غير الطبيعي للنحاس عبر الكلى أو الجهاز الهضمي.

أعراض نقص النحاس في الجسم

تتفاوت أعراض نقص النحاس باختلاف شدة النقص ومدة استمرار الحالة، وقد تؤثر على أجهزة متعددة في الجسم. تشمل هذه الأعراض:

1. أعراض جهاز الدم

• فقر الدم غير المفسر: نقص النحاس يسبب فقر دم ميكروسيتي (صغر حجم خلايا الدم الحمراء) أو فقر دم خلوي (انخفاض عدد خلايا الدم).

• قلة كريات الدم البيضاء: يؤدي إلى ضعف مناعة الجسم وزيادة التعرض للعدوى.

• اضطرابات التخثر: قد تؤدي إلى سهولة النزيف نتيجة نقص عوامل تخثر معينة.

2. أعراض عصبية

• تنميل وخدر الأطراف: بسبب تأثير نقص النحاس على الأعصاب الطرفية.

• ضعف العضلات وصعوبة في التنسيق الحركي: نقص النحاس يسبب تلفاً في الأعصاب المحركة.

• تغيرات في المشي: مشية غير مستقرة تشبه تلك التي تظهر في بعض أمراض الأعصاب.

• تلف الأعصاب البصرية: قد يؤدي إلى ضعف في الرؤية أو حتى العمى في الحالات الشديدة.

• تراجع في الوظائف الإدراكية والذاكرة: قد تظهر بعض علامات الارتباك أو ضعف التركيز.

3. أعراض على الجلد والشعر

• شعر باهت وضعيف: قد يصبح الشعر هشاً ويتساقط بسهولة.

• جلد جاف ومتقشر: نقص النحاس يؤثر على إنتاج الكولاجين ما يضعف مرونة الجلد.

• ظهور بقع بيضاء أو تغيرات في لون الجلد.

4. أعراض على العظام والمفاصل

• آلام المفاصل والعظام: نقص النحاس يسبب ضعف تكوين العظام.

• زيادة خطر الإصابة بترقق العظام: ما يؤدي إلى سهولة الكسور.

• تأخر التئام الجروح: بسبب ضعف تكوين الأنسجة الضامة.

5. أعراض أخرى

• تعب عام وضعف في الأداء البدني: نتيجة انخفاض إنتاج الطاقة في الخلايا.

• مشاكل في القلب والأوعية الدموية: مثل ضعف عضلة القلب وارتفاع ضغط الدم في بعض الحالات.

تشخيص نقص النحاس

يعتمد تشخيص نقص النحاس على تقييم الحالة السريرية للمريض مع إجراء التحاليل المختبرية المناسبة، والتي تشمل:

• مستوى النحاس في الدم: قياس تركيز النحاس في المصل.

• مستوى السيرولوبلزمين: وهو البروتين الناقل للنحاس في الدم، وغالباً ما ينخفض في حالة نقص النحاس.

• تحاليل دم كاملة: للكشف عن فقر الدم ونقص كريات الدم البيضاء.

• اختبارات عصبية: لتقييم مدى تأثر الأعصاب.

قد يحتاج الطبيب إلى متابعة الحالة مع إجراء فحوصات إضافية في حال وجود أمراض مصاحبة أو عوامل خطورة.

علاج نقص النحاس

العلاج الأساسي لنقص النحاس هو تعويض النقص من خلال مكملات النحاس عن طريق الفم أو الحقن حسب شدة الحالة. يشمل العلاج:

• مكملات النحاس الفموية: تستخدم في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة.

• الحقن الوريدي للنحاس: تستخدم في الحالات الحادة أو التي تعاني من مشاكل في الامتصاص.

• معالجة الأسباب الأساسية: مثل ضبط تناول الزنك أو علاج الأمراض المعوية.

• مراقبة مستمرة لمستوى النحاس: لتجنب الإفراط في التعويض الذي قد يؤدي إلى تسمم.

الوقاية من نقص النحاس

يمكن الوقاية من نقص النحاس باتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على مصادر النحاس الطبيعية، مثل:

• المأكولات البحرية: كالمحار والجمبري.

• المكسرات والبذور: مثل اللوز، الجوز، وبذور دوار الشمس.

• الحبوب الكاملة: كالقمح والشوفان.

• الخضروات الورقية الخضراء.

• الشوكولاتة الداكنة.

كما يجب تجنب الاستخدام المفرط لمكملات الزنك بدون استشارة طبية.

الجدول التالي يوضح أهم أعراض نقص النحاس وتأثيراتها على الجسم:

الخلاصة

نقص النحاس حالة صحية هامة تستوجب الانتباه بسبب تأثيرها الشامل على مختلف أجهزة الجسم، خصوصاً الجهاز العصبي وجهاز الدم. التعرّف المبكر على الأعراض ومراجعة الطبيب لإجراء الفحوصات المختبرية ضروري لتفادي المضاعفات الخطيرة. النظام الغذائي المتوازن ومراقبة تناول المعادن الأخرى مثل الزنك تلعب دوراً أساسياً في الوقاية والعلاج. العلاج المبكر والمناسب يعيد التوازن المعدني في الجسم ويخفف من الأعراض، محافظاً على صحة الإنسان وجودة حياته.

المصادر والمراجع

1. Institute of Medicine (US) Panel on Micronutrients. Dietary Reference Intakes for Vitamin A, Vitamin K, Arsenic, Boron, Chromium, Copper, Iodine, Iron, Manganese, Molybdenum, Nickel, Silicon, Vanadium, and Zinc. National Academies Press (US); 2001.

2. Prohaska JR. Copper. In: Erdman JW, Macdonald IA, Zeisel SH, editors. Present Knowledge in Nutrition. 10th ed. Wiley-Blackwell; 2012. p. 420-36.