أعراض نقص الغدة الجار درقية

الغدة الجار درقية هي أربع غدد صغيرة تقع خلف الغدة الدرقية في الرقبة، وتلعب دورًا حيويًا في تنظيم مستويات الكالسيوم والفوسفور في الجسم من خلال إفراز هرمون يسمى هرمون الغدة الجار درقية (Parathyroid Hormone – PTH). هذا الهرمون يؤثر بشكل مباشر على توازن المعادن، حيث يساعد على زيادة مستوى الكالسيوم في الدم عن طريق تحفيز العظام على إطلاق الكالسيوم، وزيادة امتصاصه من الأمعاء، وتقليل فقدانه عن طريق الكلى.

عندما يحدث نقص في نشاط الغدة الجار درقية، أي نقص في إفراز هرمونها، تحدث حالة تعرف بنقص الغدة الجار درقية أو قصور الغدة الجار درقية (Hypoparathyroidism)، وهي حالة تؤدي إلى انخفاض حاد في مستويات الكالسيوم في الدم (نقص كالسيوم الدم)، وارتفاع مستويات الفوسفور. هذا الاختلال المعدني يسبب مجموعة من الأعراض التي قد تكون مزعجة وشديدة في بعض الأحيان، نظراً للدور الحاسم للكالسيوم في وظائف الأعصاب والعضلات والقلب.

أسباب نقص الغدة الجار درقية

قبل التطرق إلى الأعراض، من المهم توضيح الأسباب التي تؤدي إلى نقص نشاط الغدة الجار درقية، والتي تشمل:

• إزالة الغدة الدرقية أو الغدد الجار درقية جراحياً: خلال عمليات استئصال الغدة الدرقية أو جراحات الرقبة، قد يحدث ضرر أو استئصال غير مقصود للغدد الجار درقية.

• الالتهابات أو التليف: بعض الأمراض المناعية أو الالتهابية قد تؤدي إلى تلف الغدد.

• نقص المغنيسيوم: المغنيسيوم ضروري لوظيفة الغدة الجار درقية، ونقصه يسبب اضطرابًا في إفراز الهرمون.

• أسباب وراثية: حالات نادرة تنجم عن طفرات جينية تؤثر على تكوين أو وظيفة الغدد.

• الإشعاع: التعرض للإشعاع في منطقة الرقبة يمكن أن يضر بالغدد.

الأعراض السريرية لنقص الغدة الجار درقية

ينجم نقص هرمون الغدة الجار درقية عن انخفاض الكالسيوم في الدم، وهذا يؤثر على الجهاز العصبي والعضلي بشكل أساسي، وتظهر الأعراض بشكل تدريجي أو مفاجئ حسب شدة الحالة.

1. أعراض نقص كالسيوم الدم العصبية والعضلية

• تشنجات عضلية (Tetany): من أشهر علامات نقص الكالسيوم، وتشمل تشنجات لا إرادية في العضلات، خاصة في اليدين (خاصة في الأصابع)، القدمين، حول الفم، وأحيانًا في الحنجرة مما قد يسبب صعوبة في التنفس.

• الوخز والتنميل (Paresthesia): إحساس بالوخز أو الخدر في الأصابع، حول الفم، وفي الأطراف.

• تشنجات العضلات المستمرة: قد تسبب ألمًا شديدًا في العضلات مع صعوبة في التحكم الحركي.

• تشنجات الحنجرة (Laryngospasm): تقلص غير إرادي في عضلات الحنجرة قد يؤدي إلى صعوبات تنفسية حادة، وهي حالة طوارئ.

2. أعراض الجهاز العصبي المركزي والنفسي

• القلق والتوتر: زيادة القلق والعصبية.

• الاكتئاب: قد يتطور إلى اضطرابات نفسية أكثر حدة عند استمرار نقص الكالسيوم.

• الارتباك وضعف التركيز: قد يصاحب الحالة تشوش ذهني أو ضعف في الذاكرة.

• النوبات التشنجية (Seizures): نقص الكالسيوم الشديد قد يؤدي إلى نوبات تشنجية غير مفسرة.

3. أعراض القلب والدورة الدموية

• عدم انتظام ضربات القلب (Arrhythmias): الكالسيوم ضروري لنشاط القلب الطبيعي، ونقصه قد يؤدي إلى اضطرابات في نظم القلب، مثل بطء القلب أو تسارع غير طبيعي.

• انقباض العضلة القلبية بشكل غير فعال: مما يؤثر على كفاءة ضخ الدم.

• انخفاض ضغط الدم: قد يصاحب الحالة هبوط في ضغط الدم.

4. أعراض الجلد والشعر

• جفاف الجلد: نقص الكالسيوم يؤثر على صحة الجلد مما يسبب جفافه وتقشره.

• شعر هش ومتساقط: ضعف بصيلات الشعر بسبب نقص الكالسيوم يؤدي إلى تساقط الشعر.

• أظافر ضعيفة ومشققة: تظهر أحياناً هشاشة في الأظافر مع تغيرات في شكلها.

5. أعراض أخرى متفرقة

• آلام المفاصل والعظام: بسبب نقص الكالسيوم والتوازن المعدني الذي يؤثر على بنية العظام.

• تشنجات في البطن والمعدة: قد يعاني بعض المرضى من تقلصات وآلام في الجهاز الهضمي.

• تعب عام وضعف عضلي: انخفاض قدرة العضلات على العمل بشكل طبيعي.

• تغيرات في الصوت: نتيجة تشنج عضلات الحنجرة.

التشخيص

يبدأ التشخيص عادة بالفحص السريري مع دراسة الأعراض، ويتطلب تأكيده تحاليل مخبرية تشمل:

• قياس مستوى الكالسيوم في الدم: يظهر انخفاضًا واضحًا.

• قياس مستوى الفوسفور: عادة ما يكون مرتفعًا.

• قياس مستوى هرمون الغدة الجار درقية (PTH): يكون منخفضًا في معظم حالات نقص الغدة الجار درقية.

• فحص المغنيسيوم: قد يكون منخفضًا في بعض الحالات.

• في بعض الأحيان، تُجرى فحوصات تصويرية لتقييم الغدد.

مضاعفات نقص الغدة الجار درقية

إذا لم يُعالج نقص الغدة الجار درقية بسرعة وكفاءة، قد تتطور الحالة إلى مضاعفات خطيرة مثل:

• التشنجات المزمنة وفقدان السيطرة على العضلات.

• مشاكل القلب التي قد تؤدي إلى فشل القلب أو نوبات قلبية.

• التغيرات المزمنة في العظام مثل هشاشة العظام بسبب اضطراب التوازن المعدني.

• التهاب القرنية أو مشاكل العين الأخرى نتيجة نقص الكالسيوم.

العلاج

يركز العلاج على تصحيح نقص الكالسيوم والفوسفور، وتعويض نقص هرمون الغدة الجار درقية، ويتضمن:

• مكملات الكالسيوم: تعطى عن طريق الفم أو في الحالات الشديدة عن طريق الوريد.

• فيتامين د: لتعزيز امتصاص الكالسيوم من الأمعاء.

• مكملات المغنيسيوم: إذا كان هناك نقص.

• الأدوية التي تحاكي عمل هرمون الغدة الجار درقية (PTH analogs): في بعض الحالات يتم استخدام هذه الأدوية لتعويض النقص الهرموني.

• متابعة دورية للمعادن في الدم لتجنب فرط الكالسيوم أو الفوسفور.

أهمية التشخيص المبكر والمتابعة المستمرة

إن التشخيص المبكر لنقص الغدة الجار درقية هو العامل الأهم في منع تطور الأعراض الخطيرة والمضاعفات، حيث أن التأخير في العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات دائمة قد تؤثر على جودة الحياة. لذلك يجب مراقبة المرضى الذين خضعوا لجراحة الغدة الدرقية أو الذين يعانون من أمراض مناعية أو التهابية قد تؤثر على الغدد الجار درقية.

الخلاصة

نقص الغدة الجار درقية حالة مرضية ناتجة عن قصور في إنتاج هرمون الغدة الجار درقية، مما يؤدي إلى انخفاض الكالسيوم في الدم وارتفاع الفوسفور. تتميز هذه الحالة بتنوع واسع في الأعراض التي تشمل الجهاز العصبي، العضلي، القلبي، والجلدي، ويعد نقص الكالسيوم هو العامل الرئيسي في ظهور هذه الأعراض. التشخيص المبكر وإدارة الحالة بعناية من خلال المكملات الغذائية والأدوية ضروري لتجنب المضاعفات الخطيرة التي قد تهدد حياة المصاب أو تؤثر على وظائف الجسم الحيوية.

المصادر والمراجع:

1. Harrison’s Principles of Internal Medicine, 20th Edition, McGraw-Hill Education, 2018.

2. Endocrinology: Adult and Pediatric, 7th Edition, Elsevier, 2016.