كيف أعرف أنني مصاب بفقر الدم: دليل شامل لفهم الأعراض والتشخيص والمضاعفات

يُعد فقر الدم (Anemia) من أكثر اضطرابات الدم شيوعاً على مستوى العالم، ويؤثر على مئات الملايين من الأشخاص من مختلف الأعمار والخلفيات. يظهر فقر الدم نتيجة لانخفاض عدد خلايا الدم الحمراء السليمة أو انخفاض تركيز الهيموغلوبين في الدم، وهو البروتين الذي يحمل الأكسجين إلى أنسجة الجسم. تتراوح أسباب فقر الدم من نقص التغذية إلى الأمراض المزمنة، وتتباين أعراضه بشكل كبير مما يجعل تشخيصه معتمداً على مزيج من العلامات السريرية والتحاليل المخبرية الدقيقة.

تعريف فقر الدم ومكوناته الأساسية

فقر الدم هو حالة تحدث عندما لا يحتوي الجسم على ما يكفي من خلايا الدم الحمراء السليمة أو عندما تكون كمية الهيموغلوبين أقل من الحد الطبيعي. يُقاس فقر الدم عادة بمستوى الهيموغلوبين في الدم، وتختلف القيم الطبيعية بحسب الجنس والعمر، ولكن في العموم فإن المستويات التالية تُعد مؤشراً على فقر الدم:

• أقل من 13 غرام/ديسيلتر لدى الرجال

• أقل من 12 غرام/ديسيلتر لدى النساء

• أقل من 11 غرام/ديسيلتر لدى الحوامل

الهيموغلوبين هو بروتين غني بالحديد يوجد في خلايا الدم الحمراء، ويعمل على نقل الأكسجين من الرئتين إلى جميع أنحاء الجسم، وبالتالي فإن انخفاضه يؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء والأنسجة بسبب نقص الأوكسجين.

الأسباب الرئيسية لفقر الدم

تتعدد الأسباب المؤدية إلى فقر الدم، ويمكن تصنيفها إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

1. فقدان الدم: وهو من أكثر الأسباب شيوعاً، خاصة عند النساء بسبب الدورة الشهرية أو النزيف خلال الولادة. كما يمكن أن يكون بسبب نزيف داخلي في الجهاز الهضمي نتيجة لقرحة المعدة أو البواسير أو سرطانات القولون.

2. نقص في إنتاج خلايا الدم الحمراء: بسبب سوء التغذية (خاصة نقص الحديد، فيتامين B12، أو حمض الفوليك)، أو نتيجة أمراض مزمنة مثل أمراض الكلى أو السرطان.

3. تدمير خلايا الدم الحمراء بسرعة: وهو ما يُعرف بفقر الدم الانحلالي، ويمكن أن يكون وراثياً (مثل الثلاسيميا أو فقر الدم المنجلي) أو مكتسباً نتيجة أمراض مناعية أو استخدام بعض الأدوية.

العلامات والأعراض الأولية لفقر الدم

في مراحله المبكرة، قد لا يسبب فقر الدم أعراضاً ملحوظة، ولكن مع تطور الحالة تظهر علامات تتراوح من الخفيفة إلى الشديدة، ومن بين الأعراض الأكثر شيوعاً:

• الإرهاق المستمر والضعف العام: بسبب نقص الأوكسجين الواصل إلى العضلات والدماغ.

• شحوب الجلد: خاصة في الوجه وباطن الكف وداخل الجفن السفلي.

• ضيق في التنفس: حتى بعد مجهود بسيط.

• خفقان القلب أو تسارعه: كرد فعل تعويضي لنقص الأوكسجين.

• الدوخة أو الدوار: وخصوصاً عند الوقوف المفاجئ.

• البرودة في اليدين والقدمين.

• الصداع المتكرر.

• ألم في الصدر في بعض الحالات المتقدمة.

أعراض خاصة بأنواع معينة من فقر الدم

تختلف الأعراض بحسب نوع فقر الدم وسببه:

• فقر الدم الناتج عن نقص الحديد:

  • اشتهاء غير طبيعي لأشياء غير غذائية مثل الثلج، الطين، أو الورق (البيكا).

  • تكسر الأظافر وسرعة تقصفها.

  • تشقق زوايا الفم.

  • لسان ناعم ومؤلم.

• فقر الدم الناتج عن نقص فيتامين B12:

  • تنميل في الأطراف.

  • ضعف في الذاكرة والتركيز.

  • تقلبات مزاجية.

  • صعوبة في التوازن.

• فقر الدم الانحلالي:

  • اصفرار الجلد (اليرقان).

  • بول داكن اللون.

  • تضخم الطحال.

تشخيص فقر الدم

يعتمد تشخيص فقر الدم على الفحص السريري إلى جانب التحاليل المخبرية، وتتضمن أهم الفحوصات:

فحص الدم الكامل (CBC – Complete Blood Count)

يُعد هذا الفحص الأساسي لتشخيص فقر الدم، حيث يقيّم:

اختبارات إضافية حسب الاشتباه السريري

• تحليل مستوى الحديد، الفيريتين، والـ TIBC: للكشف عن فقر الدم الناتج عن نقص الحديد.

• تحليل فيتامين B12 وحمض الفوليك: للكشف عن فقر الدم الخبيث أو المرتبط بسوء التغذية.

• تحليل وظائف الكلى والكبد: للتحقق من الأمراض المزمنة المسببة لفقر الدم.

• اختبارات تحليل الدم الخفي في البراز: للكشف عن نزيف داخلي.

• اختبارات نخاع العظم: في الحالات المعقدة أو المشتبه بها لوجود خلل نخاعي.

الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفقر الدم

• النساء في سن الإنجاب، بسبب فقدان الدم الشهري أثناء الدورة الشهرية أو خلال الحمل.

• الحوامل، بسبب زيادة الحاجة للحديد وحمض الفوليك.

• الأطفال، خاصة في مراحل النمو المتسارع.

• كبار السن، نتيجة تراجع وظائف الجسم وسوء التغذية أو الأمراض المزمنة.

• الأشخاص النباتيون، نظراً لاحتمالية نقص الحديد وفيتامين B12 في نظامهم الغذائي.

• المصابون بأمراض مزمنة مثل الفشل الكلوي أو أمراض الأمعاء الالتهابية.

المضاعفات المرتبطة بفقر الدم

عند تجاهل فقر الدم وعدم معالجته، قد يؤدي إلى عدد من المضاعفات الخطيرة، ومنها:

• ضعف الجهاز المناعي: ما يجعل الجسم أكثر عرضة للعدوى.

• ضعف الأداء البدني والعقلي: ما يؤثر على القدرة على العمل أو الدراسة.

• مشاكل في القلب: مثل تضخم القلب أو فشل القلب الاحتقاني بسبب محاولة القلب تعويض نقص الأوكسجين.

• مشاكل الحمل: مثل الولادة المبكرة أو انخفاض وزن الجنين عند الولادة.

• تلف الأعصاب: خاصة في فقر الدم الناتج عن نقص فيتامين B12.

العلاج والوقاية

تعتمد خطة العلاج على السبب الجذري لفقر الدم، وتشمل عادة:

• مكملات الحديد: لعلاج فقر الدم الناتج عن نقص الحديد.

• مكملات فيتامين B12 وحمض الفوليك: في حالات سوء الامتصاص أو النظام الغذائي الناقص.

• نقل الدم: في الحالات الحادة أو المزمنة التي تُسبب أعراضاً حادة أو انخفاضاً شديداً في الهيموغلوبين.

• علاج السبب الكامن: مثل وقف النزيف، معالجة القرحة أو إدارة الأمراض المزمنة.

ولل