أعراض انقطاع الدورة الشهرية: مرحلة تحول مهمة في حياة المرأة
تعد مرحلة انقطاع الدورة الشهرية واحدة من أكثر الفترات المحورية في حياة المرأة، حيث تحمل العديد من التغيرات البيولوجية والنفسية التي تؤثر على الجسم بشكل عام. يُعرف انقطاع الدورة الشهرية أيضًا باسم “سن اليأس” أو “انقطاع الطمث”، وهو يعني التوقف التام للدورة الشهرية لدى المرأة لمدة 12 شهرًا متتاليًا. يبدأ عادة في سن الخمسين تقريبًا، لكن يمكن أن يختلف هذا العمر من امرأة لأخرى. بينما قد تُعد هذه المرحلة أمرًا طبيعيًا في حياة المرأة، إلا أنها قد تترافق مع مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية التي تؤثر على نوعية الحياة. في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل أبرز الأعراض التي قد تشعر بها المرأة أثناء انقطاع الدورة الشهرية، مع تسليط الضوء على كيفية التعامل معها.
أولاً: الأعراض الجسدية لانقطاع الدورة الشهرية
1. التغيرات في الدورة الشهرية
قبل انقطاع الدورة الشهرية تمامًا، تواجه المرأة ما يُعرف بالفترة الانتقالية التي يُطلق عليها “المرحلة ما قبل انقطاع الطمث” (Perimenopause). في هذه المرحلة، تبدأ الدورة الشهرية في أن تصبح غير منتظمة، حيث قد تطول أو تقصر فترات الحيض، كما قد تحدث نزيفات غزيرة أو خفيفة بشكل غير معتاد. قد تلاحظ المرأة أيضًا تغييرات في طول الدورة، حيث تصبح بعض الأشهر بدون حيض، بينما قد تلاحظ في أشهر أخرى نزيفًا غير متوقع.
2. التعرق الليلي والهبات الساخنة
تُعتبر الهبات الساخنة من الأعراض الشائعة التي تواجهها العديد من النساء في فترة انقطاع الدورة الشهرية. تظهر الهبات الساخنة على شكل شعور مفاجئ بالحرارة الشديدة في الجسم، خاصة في منطقة الوجه والصدر، وقد يترافق ذلك مع احمرار الجلد وزيادة في معدل ضربات القلب. كما يُلاحظ حدوث التعرق الليلي بشكل مكثف، ما يجعل النوم أكثر صعوبة. يمكن أن تحدث الهبات الساخنة عدة مرات في اليوم أو الليل وتستمر لفترات تتراوح بين بضع ثوانٍ إلى عدة دقائق.
3. جفاف المهبل
مع انخفاض مستويات هرموني الإستروجين والبروجستيرون، تصبح أنسجة المهبل أقل مرونة ورطوبة، مما يؤدي إلى حدوث الجفاف المهبلّي. قد تشعر المرأة بتهيج أو حكة في المهبل أثناء ممارسة العلاقة الحميمة، وقد يصاحب ذلك شعور بالألم أو الانزعاج. في بعض الحالات، قد يُنصح باستخدام كريمات أو زيوت مرطبة للمساعدة في تخفيف هذه الأعراض.
4. التغيرات في الوزن والشكل الجسماني
قد تُلاحظ المرأة في مرحلة انقطاع الدورة الشهرية تغييرات في وزنها، حيث قد تزداد احتمالية تراكم الدهون في مناطق معينة من الجسم مثل البطن والفخذين. يحدث ذلك بسبب التغيرات الهرمونية التي تؤثر على توزيع الدهون في الجسم، بالإضافة إلى انخفاض مستويات النشاط البدني لدى بعض النساء. من المهم ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم للحفاظ على الوزن الصحي وتعزيز اللياقة البدنية.
5. تغيرات في صحة الجلد والشعر
خلال مرحلة انقطاع الدورة الشهرية، يعاني العديد من النساء من جفاف الجلد وفقدان مرونته، ما يجعل البشرة تبدو أكثر شحوبًا وأكثر عرضة لظهور التجاعيد. كما قد يؤثر انخفاض مستويات الإستروجين على نمو الشعر، حيث تلاحظ بعض النساء تساقط الشعر بشكل متزايد أو تقصفه. يمكن أن يساعد استخدام منتجات العناية بالبشرة الغنية بالمرطبات والمغذيات، بالإضافة إلى استشارة طبيب مختص بشأن طرق العناية بالشعر والجلد.
6. آلام المفاصل والعضلات
تشير الدراسات إلى أن انخفاض هرمون الإستروجين قد يؤدي إلى هشاشة العظام وزيادة الآلام في المفاصل والعضلات. قد تشعر المرأة في هذه المرحلة بآلام مفاجئة أو مزمنة في المفاصل، لا سيما في مناطق الركب والظهر. يُنصح بزيادة استهلاك الكالسيوم وفيتامين د، بالإضافة إلى ممارسة تمارين تقوية العضلات للحفاظ على صحة العظام والمفاصل.
ثانيًا: الأعراض النفسية والعاطفية
1. تقلبات المزاج والاكتئاب
من بين الأعراض النفسية التي قد ترافق انقطاع الدورة الشهرية، تتعرض بعض النساء لتقلبات مزاجية شديدة، حيث قد يشعرن بحالات من التوتر والقلق أو الاكتئاب. هذه التغيرات النفسية يمكن أن تنتج عن التغيرات الهرمونية التي تؤثر على إفراز بعض المواد الكيميائية في الدماغ مثل السيروتونين والدوبامين. قد تعاني المرأة من تقلبات مزاجية غير مبررة أو شعور بالضيق المستمر.
2. القلق والتوتر
تشعر بعض النساء خلال هذه الفترة بمستوى عالٍ من القلق والتوتر، الذي يمكن أن يكون مرتبطًا بتغيرات الحياة والضغط النفسي الناتج عن دخول مرحلة جديدة من العمر. قد يؤثر هذا التوتر على نوعية الحياة اليومية، كما قد يؤدي إلى مشاكل في النوم والتمتع بالراحة العقلية.
3. مشاكل النوم والأرق
تعد مشاكل النوم من الأعراض الشائعة خلال مرحلة انقطاع الدورة الشهرية، حيث قد تعاني المرأة من صعوبة في النوم أو الاستيقاظ في منتصف الليل نتيجة للتعرق الليلي أو الهبات الساخنة. قد تؤدي هذه المشاكل إلى الشعور بالإرهاق خلال النهار وصعوبة في التركيز.
4. فقدان الرغبة الجنسية
يُعتبر انخفاض مستوى الإستروجين أحد العوامل المساهمة في تقليل الرغبة الجنسية لدى بعض النساء خلال هذه الفترة. يمكن أن يؤثر الجفاف المهبلّي على الراحة أثناء ممارسة العلاقة الحميمة، ما يزيد من شعور المرأة بالانزعاج أو الإحباط. قد يُنصح باستخدام مزلقات مهبلية أو أدوية هرمونية لتحسين هذه الأعراض.
ثالثًا: طرق التعامل مع أعراض انقطاع الدورة الشهرية
1. التغذية الصحية
تعتبر التغذية الصحية من العناصر الأساسية التي تساهم في التخفيف من أعراض انقطاع الدورة الشهرية. يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، مثل الكالسيوم وفيتامين د، اللذين يعززان صحة العظام. كما يمكن أن تساعد الأطعمة الغنية بالألياف في التحكم في الوزن وتخفيف تقلبات المزاج.
2. ممارسة التمارين الرياضية
التمارين الرياضية المنتظمة تساهم في تقليل الكثير من أعراض انقطاع الدورة الشهرية، مثل تقلبات المزاج والقلق. تساعد التمارين على تحسين الدورة الدموية وزيادة إفراز الإندورفينات، مما يحسن المزاج ويخفف من الآلام العضلية والمفصلية. يُنصح بممارسة رياضات مثل المشي، السباحة، أو اليوغا.
3. العلاج الهرموني
يعد العلاج الهرموني من الخيارات المتاحة للتعامل مع الأعراض الشديدة لانقطاع الدورة الشهرية، خاصة الهبات الساخنة وجفاف المهبل. يعتمد العلاج على استبدال الهرمونات التي تنخفض خلال هذه المرحلة مثل الإستروجين والبروجستيرون. يجب استشارة الطبيب قبل اتخاذ أي قرار بشأن استخدام العلاج الهرموني.
4. الاسترخاء والتأمل
ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق يمكن أن يساعد في تقليل مستويات التوتر والقلق، مما يساهم في تحسين الحالة النفسية والتعامل مع تقلبات المزاج.
الخاتمة
على الرغم من أن انقطاع الدورة الشهرية قد يترافق مع مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية التي قد تؤثر على حياة المرأة اليومية، إلا أن هذه المرحلة تمثل أيضًا فرصة للمرأة لإعادة تقييم صحتها العامة وأسلوب حياتها. من خلال العناية الذاتية، والتغذية الصحية، والنشاط البدني المنتظم، يمكن للمرأة التعامل مع هذه الأعراض بشكل فعال والاستمتاع بحياة صحية ومتوازنة في مرحلة ما بعد انقطاع الدورة الشهرية.
