أعراض المس وتأثيره على الإنسان

المس هو حالة روحية ونفسية يعاني فيها الإنسان من تأثير كيان غير مرئي يُعتقد أنه يلتصق به ويؤثر على حالته الصحية والنفسية والسلوكية، ويعد المس من الظواهر التي ورد ذكرها في التراث الديني والثقافي لدى مختلف الحضارات، لا سيما في التراث الإسلامي حيث تتناول النصوص الشرعية هذا الموضوع بشكل واضح من حيث الأسباب، الأعراض، وطرق العلاج. في هذا المقال نستعرض بشكل مفصل الأعراض الشائعة للمس، وأنواعه، وتأثيره النفسي والجسدي، مع محاولة ربط ذلك بالأبحاث والدراسات الحديثة في مجالات الطب النفسي والعلوم الاجتماعية.

تعريف المس من الناحية الشرعية والطبية

المس في اللغة يعني الالتصاق أو التعلق، وفي الاصطلاح الشرعي هو أن يدخل الجن في جسد الإنسان أو يؤثر عليه بطريقة محسوسة أو محسوسة نسبياً، مما يؤدي إلى ظهور أعراض تختلف في شدتها وتنوعها. أما طبياً، فقد حاول بعض العلماء تفسير أعراض المس على أنها حالات نفسية أو عصبية مثل اضطرابات الهلوسة، الفصام، أو الوسواس القهري، ولكن يبقى المس حالة مرتبطة في غالب المجتمعات بثقافة دينية وروحية معينة.

تصنيف أنواع المس

يمكن تصنيف المس حسب حالة المصاب وطبيعة التأثير إلى عدة أنواع رئيسية:

• المس الخفيف: حيث يشعر المصاب ببعض الاضطرابات النفسية أو الجسدية الخفيفة مثل التوتر، الكوابيس، أو الصداع.

• المس المتوسط: يبدأ المصاب في فقدان السيطرة على بعض الأفعال أو الكلام، مع ظهور نوبات من القلق أو الغضب المفاجئ.

• المس الشديد: حيث يسيطر الجن على جسد المصاب تماماً، قد يتكلم بأصوات غريبة، يتحرك بطريقة غير طبيعية، أو يظهر عليه علامات استثنائية مثل القوة الخارقة.

• المس المزمن: حالة تستمر لفترة طويلة مع أعراض متكررة ومتنوعة يصعب السيطرة عليها.

أعراض المس الجسدية

تتنوع الأعراض الجسدية التي قد تظهر على المصاب بالمس بحسب طبيعة الحالة وشدة التأثير، ومن أشهر هذه الأعراض:

• آلام حادة ومتكررة في الجسم: قد يعاني المصاب من آلام في مناطق مختلفة من الجسم دون سبب طبي واضح، وغالباً ما تكون هذه الآلام متقطعة ومتغيرة في المكان والزمان.

• حركات لا إرادية: من أبرز علامات المس وجود حركات جسدية غريبة وغير إرادية، مثل الارتجاف، التشنجات، أو الحركات المتكررة في اليدين أو الرأس.

• تغيرات في الصوت والكلام: قد يلاحظ المحيطون أن المصاب يتكلم بصوت مختلف أو يردد كلمات غير مفهومة أو بألسنة مختلفة.

• ضعف عام وإرهاق مزمن: يشعر المصاب بإرهاق شديد غير مفسر طبياً مع عدم القدرة على أداء الأنشطة اليومية.

• اضطرابات النوم: النوم المضطرب، الكوابيس، الاستيقاظ المفاجئ والشعور بالخوف الشديد، وهي من الأعراض التي تظهر بشكل متكرر.

• تغيرات في الشهية والهضم: فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام مع اضطرابات في الجهاز الهضمي كالغثيان والقيء.

الأعراض النفسية والسلوكية للمس

يؤدي المس إلى تأثيرات واضحة على الحالة النفسية والسلوك العام للمصاب، منها:

• القلق والتوتر الشديد: غالباً ما يشعر المصاب بحالة دائمة من الخوف والقلق غير المبرر، حتى في أوقات الهدوء.

• تقلب المزاج: تغيرات مفاجئة في المزاج من الفرح إلى الحزن أو الغضب بشكل غير مبرر.

• الهلاوس السمعية والبصرية: سماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة في الواقع، وهي من العلامات المؤكدة على وجود حالة غير طبيعية.

• فقدان التركيز والانتباه: يصعب على المصاب التركيز في مهامه اليومية أو الدراسة أو العمل.

• العزلة الاجتماعية: يميل المصاب إلى الانسحاب من المجتمع وتجنب الاختلاط بالآخرين بسبب الخوف أو الشعور بالوصم.

• سلوك عدواني: أحياناً يتحول المصاب إلى العدوانية والعنف، وقد يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بنفسه أو بالآخرين.

تأثير المس على الإدراك والحواس

المس له تأثير واضح على الحواس والإدراك، مما يسبب اضطرابات في كيفية استشعار المصاب لبيئته، من هذه التأثيرات:

• تغير في حاسة السمع: سماع أصوات غير موجودة، أو تشويش في الأصوات الطبيعية.

• تغير في حاسة البصر: رؤية ألوان أو أشكال غير طبيعية، أو شعور بتغير في حجم الأشياء.

• إحساس بالضغط أو السحب: يصف البعض شعوراً بوجود قوة خارجية تضغط على أجزاء من جسمه أو تسحبها.

• إحساس بالخوف الدائم: خوف غير مبرر يصاحب المصاب ويزداد في أوقات معينة مثل الليل أو في أماكن معتمة.

علامات أخرى تدل على وجود مس

هناك مجموعة من العلامات التي عادةً ما تكون مصاحبة للمس، والتي يمكن ملاحظتها من قبل المحيطين بالمصاب أو من قبل المختصين في العلاج الروحي:

• تغيرات غير مبررة في الوزن بشكل سريع.

• حدوث حوادث متكررة أو إصابات بدون سبب واضح.

• تغيرات مفاجئة في الصوت أو اللهجة.

• نوبات صرع أو تشنجات متكررة غير مفسرة طبياً.

• ظهور جروح أو علامات على الجلد دون سبب واضح.

• نفور المصاب من قراءة القرآن أو ذكر الله أو الأماكن المقدسة أحياناً.

العلاقة بين المس وبعض الأمراض النفسية

يرى بعض الأطباء النفسيين أن بعض أعراض المس تتقاطع مع أعراض اضطرابات نفسية مثل:

• الفصام: الذي يتسبب في هلاوس سمعية وبصرية، وأفكار متوهمة.

• اضطرابات القلق والاكتئاب.

• اضطرابات التوتر الحاد ما بعد الصدمة.

• الوسواس القهري.

لكن من ناحية أخرى، يرفض كثير من المختصين النفسيين تفسير جميع حالات المس على أساس علمي فقط، نظراً لأن بعض الحالات تظهر تغيرات لا يمكن تفسيرها بالكامل بواسطة الطب الحديث.

تشخيص المس

تشخيص المس لا يعتمد فقط على الأعراض الظاهرة بل يشمل دراسة التاريخ الطبي والنفسي للمصاب، بالإضافة إلى تقييم الحالة الروحية والثقافية. في بعض المجتمعات يُستخدم أحياناً الرقية الشرعية كجزء من التشخيص والعلاج، حيث تكون هناك محاولة لفحص استجابة المصاب للعلاج الروحي.

طرق التعامل مع أعراض المس

يتطلب التعامل مع أعراض المس توازناً بين العلاجات الطبية والنفسية والروحية:

• العلاج الطبي: يشمل فحص الحالة الصحية العامة لاستبعاد الأمراض العضوية أو النفسية التي قد تسبب الأعراض.

• العلاج النفسي: جلسات الدعم النفسي والعلاج السلوكي قد تساعد في تهدئة الأعراض النفسية المرتبطة.

• العلاج الروحي: مثل الرقية الشرعية، قراءة القرآن، الدعاء، والاستعانة بالمختصين في العلاج الروحي.

• البيئة الداعمة: توفير جو هادئ ومستقر نفسياً للمصاب وتجنب العوامل التي تزيد من حدة الأعراض.

جدول يوضح أهم أعراض المس وتأثيرها على الإنسان

الخلاصة

تظهر أعراض المس في صورة مجموعة متشابكة من المؤشرات الجسدية، النفسية، والسلوكية التي تؤثر بشكل كبير على جودة حياة المصاب. ولأن هذه الأعراض قد تتداخل مع حالات طبية أو نفسية أخرى، فإن الفهم الشامل للحالة يشكل أساساً مهماً لتقديم العلاج المناسب. الاهتمام بالعلاج الروحي مع المتابعة الطبية والنفسية يساهم في تقليل الأعراض واستعادة التوازن الصحي والنفسي للمصاب.

المصادر والمراجع

1. كتاب “الرقية الشرعية بين الطب والشرع” للدكتور محمد صالح المنجد.

2. دراسة “العلاقة بين الاضطرابات النفسية والأعراض التي تشابه المس” – مجلة الطب النفسي، جامعة القاهرة، 2019.