أعراض السعال الديكي عند الأطفال

يُعد السعال الديكي من الأمراض التنفسية المعدية التي تصيب الأطفال بشكل خاص، ويُعرف أيضاً باسم “الكَحْل الشديد” أو “السعال المتشنج”. ينجم هذا المرض عن عدوى بكتيرية تسببها بكتيريا السعال الديكي (Bordetella pertussis)، والتي تستهدف الجهاز التنفسي، محدثة التهاباً حاداً في الشعب الهوائية. يمتاز السعال الديكي بشدة أعراضه وتطوره التدريجي، مما يجعله مرضاً ذا خطر على الأطفال، خصوصاً الرضع منهم.

في هذا المقال سيتم استعراض أعراض السعال الديكي عند الأطفال بشكل مفصل، مع التركيز على المراحل المختلفة للمرض، الأعراض التي تظهر خلالها، وطريقة تشخيصه، وذلك بناءً على الدراسات العلمية الطبية المحدثة.

طبيعة السعال الديكي وتأثيره على الأطفال

تبدأ العدوى عادة عندما تستقر بكتيريا السعال الديكي في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، خاصة في القصبات الهوائية، فتقوم بإفراز سموم تؤدي إلى تهيج الغشاء المخاطي، والتهاب الغشاء الداخلي للرئتين. مع تطور المرض، يظهر سعال قوي متكرر، يشبه نوبة التشنج، ويصاحب هذه النوبات ضيق في التنفس وصرير يخرج أثناء الشهيق.

يُعد الأطفال، وخاصة الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة، الأكثر عرضة لمضاعفات خطيرة بسبب ضعف جهازهم المناعي وعدم اكتمال اللقاحات الوقائية. لذلك فإن فهم الأعراض وتحديدها مبكراً يلعب دوراً محورياً في التدخل العلاجي وتقليل المضاعفات.

مراحل السعال الديكي وأعراض كل مرحلة

ينقسم السعال الديكي إلى ثلاث مراحل رئيسية، تختلف فيها شدة الأعراض وطبيعتها:

المرحلة الأولى: المرحلة القمية أو المرحلة الكتانية (Catarrhal Stage)

تبدأ هذه المرحلة بعد فترة حضانة تتراوح بين 7 إلى 10 أيام من التعرض للبكتيريا. وتستمر عادة من أسبوع إلى أسبوعين. تعتبر المرحلة القمية مشابهة جداً لأعراض نزلات البرد، مما يصعب في البداية تمييزها عن أمراض تنفسية أخرى.

الأعراض في المرحلة القمية:

• احتقان الأنف وسيلان المخاط: يبدأ الطفل بالسيلان الأنفي والتهاب الحلق.

• العطاس المتكرر: بسبب تهيج الأغشية المخاطية.

• السعال الخفيف: سعال جاف ومستمر، لكنه ليس متشنجاً بعد.

• ارتفاع طفيف في درجة الحرارة: لا تتعدى الحمى 38 درجة مئوية في معظم الحالات.

• الشعور بالإرهاق والخمول: يظهر على الطفل ضعف عام وانخفاض في النشاط.

تعتبر هذه المرحلة فترة مهمة للوقاية، حيث تكون البكتيريا في ذروتها وقابلة للانتقال بشكل كبير من الطفل المصاب إلى الآخرين.

المرحلة الثانية: المرحلة التشنجية (Paroxysmal Stage)

تبدأ هذه المرحلة بعد حوالي أسبوعين من بداية المرض، وتستمر من 2 إلى 6 أسابيع، أحياناً قد تطول إلى عدة أشهر إذا لم يتم العلاج. في هذه المرحلة تظهر الأعراض الأكثر وضوحاً وتميزاً للسعال الديكي.

الأعراض في المرحلة التشنجية:

• السعال المتكرر والشديد: تظهر نوبات من السعال الحاد والمتقطع والتي قد تستمر لعدة دقائق.

• نوبات السعال التشنجية: يتكرر السعال في نوبات شديدة، تتسم بصعوبة التنفس بعد كل نوبة.

• صرير الشهيق (الصرخة): بعد انتهاء نوبة السعال، يصدر الطفل صوتاً حاداً أثناء الشهيق يشبه الصرخة أو الصفير.

• التقيؤ بعد نوبات السعال: في كثير من الأحيان يؤدي السعال الشديد إلى القيء.

• ازرقاق حول الفم (الزُرقة): نتيجة لنقص الأكسجين خلال نوبات السعال.

• التعب الشديد بعد النوبات: ينهك السعال الطفل بشكل كبير ويجعله غير قادر على استئناف نشاطه الطبيعي فوراً.

• زيادة كمية اللعاب: في بعض الحالات يصاحب السعال إفراز زائد للعاب.

تتسم هذه المرحلة بحدة أعراضها مما يستدعي متابعة طبية دقيقة لمنع المضاعفات الخطيرة، خاصة لدى الرضع.

المرحلة الثالثة: مرحلة الشفاء (Convalescent Stage)

تبدأ هذه المرحلة بعد نهاية المرحلة التشنجية وتمتد لعدة أسابيع، حيث يبدأ السعال بالانخفاض تدريجياً في التكرار والشدة.

الأعراض في المرحلة الشفائية:

• انخفاض تدريجي في نوبات السعال.

• تحسن ملحوظ في التنفس وعودة اللون الطبيعي للوجه.

• زيادة القدرة على النشاط الطبيعي لدى الطفل.

• قد يستمر السعال في الظهور بشكل خفيف أو متقطع حتى ينهي الطفل مرحلة التعافي تماماً.

أعراض أخرى مصاحبة للسعال الديكي عند الأطفال

إلى جانب السعال الشديد، يمكن أن يعاني الطفل من أعراض أخرى تشير إلى تأثر الجهاز التنفسي والعضوي، منها:

• الحمى المنخفضة الدرجة أو عدم وجود حمى ملحوظة، مما يميز السعال الديكي عن أنواع العدوى الأخرى التي عادة ما تترافق مع حمى شديدة.

• التهاب الملتحمة (التهاب العين): في بعض الحالات يمكن أن يرافق المرض التهاب بسيط في العين.

• فقدان الشهية والوزن: بسبب صعوبة التنفس والتقيؤ المتكرر.

• التعب العام والخمول: نتيجة لضعف الجسم ونقص الأكسجين.

• اختلال النوم: يعاني الطفل من اضطرابات في النوم بسبب نوبات السعال المتكررة.

المضاعفات المحتملة للسعال الديكي عند الأطفال

إذا لم يتم تشخيص المرض وعلاجه بشكل مبكر، يمكن أن يؤدي السعال الديكي إلى مضاعفات خطيرة، خاصة عند الأطفال الرضع أو من يعانون من ضعف المناعة. من أبرز هذه المضاعفات:

• الالتهاب الرئوي: بسبب تهيج الشعب الهوائية وانتشار العدوى.

• الاختناق بسبب نوبات السعال الحادة.

• الكسور في الأضلاع نتيجة السعال المتكرر والعنيف.

• النزيف تحت الملتحمة أو في المخ نتيجة الضغط المتكرر خلال نوبات السعال.

• التشنجات العصبية: قد تحدث نتيجة لنقص الأكسجين.

• فشل القلب أو تلف في الدماغ في الحالات الشديدة جداً.

التشخيص التفريقي للسعال الديكي عند الأطفال

يتم تشخيص السعال الديكي من خلال الفحص الطبي والتاريخ المرضي للطفل، مع اعتماد بعض الفحوصات المختبرية لتأكيد الإصابة، خصوصاً في الحالات التي تكون الأعراض فيها غير واضحة. وتشمل:

• الفحص السريري: ملاحظة نوبات السعال المتكررة وصوت الصفير عند الشهيق.

• اختبار الزرع المجهري من الحلق: للكشف عن وجود بكتيريا السعال الديكي.

• اختبار PCR: للكشف عن الحمض النووي للبكتيريا في عينات المخاط.

• اختبارات الدم: للكشف عن وجود الأجسام المضادة أو علامات الالتهاب.

أهمية الوقاية من السعال الديكي

تُعتبر الوقاية من السعال الديكي ذات أهمية قصوى، خصوصاً في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يتم إعطاء التطعيمات المعروفة بلقاح السعال الديكي ضمن جدول التحصين الروتيني. يساهم التطعيم في تقليل معدل الإصابة وشدة المرض بشكل كبير، ويحمي الأطفال من المضاعفات الخطيرة.

جدول يوضح مراحل السعال الديكي والأعراض المصاحبة

الخلاصة

يمثل السعال الديكي حالة مرضية حادة تصيب الجهاز التنفسي عند الأطفال، وتتميز بسعال متكرر وتشنجي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب. تظهر الأعراض في ثلاث مراحل متتابعة تبدأ بأعراض تشبه نزلات البرد، ثم مرحلة نوبات السعال التشنجية، وصولاً إلى مرحلة التعافي. يعتمد التشخيص الدقيق على الفحص السريري والفحوصات المخبرية، بينما يشكل التطعيم الوقائي حجر الزاوية في مكافحة المرض والحد من انتشاره.

المصادر

1. World Health Organization (WHO). Pertussis (Whooping Cough). Available at: https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/pertussis

2. Centers for Disease Control and Prevention (CDC). Pertussis Symptoms and Treatment. Available at: https://www.cdc.gov/pertussis/about/signs-symptoms.html