أعراض التهاب الشعب الهوائية عند الأطفال: الأسباب، الأنواع، المضاعفات، وطرق التشخيص والعلاج

يُعد التهاب الشعب الهوائية من الحالات التنفسية الشائعة التي تصيب الأطفال، وتتطلب اهتماماً طبياً دقيقاً لتفادي المضاعفات، خاصة لدى الفئات العمرية الصغيرة التي لا تزال أجهزتها المناعية والتنفسية في طور النمو. ويحدث هذا الالتهاب نتيجة لتورم وتهيج في الشعب الهوائية، وهي القنوات التي تنقل الهواء من وإلى الرئتين. يؤثر الالتهاب على قدرة الطفل على التنفس بشكل طبيعي، وغالباً ما يُصاحب ذلك مجموعة من الأعراض المقلقة التي تتراوح حدتها بين الخفيفة والحادة، تبعاً لطبيعة الالتهاب وسببه الأساسي.

ينقسم التهاب الشعب الهوائية إلى نوعين رئيسيين: التهاب الشعب الهوائية الحاد، الذي يظهر عادة بسبب عدوى فيروسية ويكون مؤقتاً، والتهاب الشعب الهوائية المزمن، وهو أقل شيوعاً عند الأطفال لكنه يظهر في الحالات المرضية المستمرة أو لدى من يعانون من أمراض رئوية مزمنة. تتعدد الأسباب والأعراض المرتبطة بهذا المرض، وتتطلب فهماً عميقاً لطبيعته من أجل التدخل السريع والفعال.

أولاً: تعريف التهاب الشعب الهوائية

التهاب الشعب الهوائية هو التهاب يصيب بطانة أنابيب الشعب الهوائية، وهي المجاري التنفسية الكبرى التي تحمل الهواء من القصبة الهوائية إلى الرئتين. عندما تلتهب هذه الأنابيب، فإنها تنتفخ ويزداد إفراز المخاط، مما يؤدي إلى تضييق المسالك الهوائية وصعوبة التنفس.

ثانياً: الأسباب الشائعة لالتهاب الشعب الهوائية عند الأطفال

تتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى حدوث التهاب الشعب الهوائية عند الأطفال، وتشمل ما يلي:

• العدوى الفيروسية: السبب الأكثر شيوعاً، ويشمل فيروسات البرد والإنفلونزا.

• العدوى البكتيرية: أقل شيوعاً، لكنها قد تتسبب في التهاب حاد يتطلب مضادات حيوية.

• التعرض للمهيجات: مثل دخان السجائر، الهواء الملوث، المواد الكيميائية، الغبار.

• الربو: في بعض الأحيان يكون التهاب الشعب الهوائية ناتجاً عن نوبات الربو أو مصاحباً لها.

• ضعف المناعة: الأطفال الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي يكونون أكثر عرضة للإصابة.

• الأمراض التنفسية المزمنة: مثل التليف الكيسي أو توسع القصبات قد تؤدي إلى التهابات متكررة.

ثالثاً: أنواع التهاب الشعب الهوائية عند الأطفال

رابعاً: الأعراض السريرية لالتهاب الشعب الهوائية عند الأطفال

تتراوح الأعراض بين حالات خفيفة تمر دون مضاعفات، إلى أعراض أكثر شدة تستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً. ومن أبرز العلامات السريرية:

1. السعال المستمر

يُعتبر السعال العرض الأبرز والأكثر شيوعاً، وقد يكون:

• جافاً في المراحل المبكرة.

• مصحوباً بإفرازات مخاطية صفراء أو خضراء.

• يشتد أثناء الليل أو بعد الاستيقاظ.

2. الصفير عند التنفس (Wheezing)

يصدر صوت صفير عند الشهيق أو الزفير، نتيجة تضيق الشعب الهوائية، وهو شائع بشكل خاص عند الأطفال المصابين بالربو أو الالتهابات الفيروسية.

3. ضيق التنفس

يشعر الطفل بصعوبة في التنفس، وقد يُلاحظ على شكل تنفس سريع أو مجهد، أو حركة غير طبيعية لعضلات الصدر والبطن أثناء التنفس.

4. ارتفاع درجة الحرارة

الحمى تكون عادة خفيفة إلى معتدلة في حالات العدوى الفيروسية، لكنها قد تكون عالية في حال وجود عدوى بكتيرية.

5. آلام في الصدر

يشعر الطفل بألم خفيف إلى متوسط في منطقة الصدر نتيجة السعال المتكرر والتهيج في الشعب الهوائية.

6. إرهاق وضعف عام

يبدو الطفل متعباً، قليل النشاط، وقد ينام أكثر من المعتاد.

7. احتقان الأنف وسيلان الأنف

خاصة في حالات الالتهاب المرتبط بالعدوى الفيروسية.

8. فقدان الشهية

يرتبط ذلك بعدم الراحة وصعوبة التنفس، ما يعيق الرغبة في تناول الطعام.

خامساً: المضاعفات المحتملة لالتهاب الشعب الهوائية عند الأطفال

على الرغم من أن معظم حالات التهاب الشعب الهوائية عند الأطفال تُشفى تلقائياً دون آثار دائمة، إلا أن بعض المضاعفات قد تظهر في الحالات التي تُهمل أو تُعالج بشكل غير صحيح، ومنها:

• تحول الالتهاب الحاد إلى مزمن، خصوصاً عند الأطفال المصابين بالحساسية أو الربو.

• الالتهاب الرئوي نتيجة انتشار العدوى إلى الرئتين.

• نقص الأوكسجين في الدم بسبب صعوبة التنفس.

• تفاقم حالات الربو عند الأطفال المصابين به.

• العدوى البكتيرية الثانوية التي قد تتطلب العلاج بالمضادات الحيوية.

سادساً: طرق التشخيص

يعتمد تشخيص التهاب الشعب الهوائية على الجمع بين الفحص السريري والتحاليل المخبرية والتصوير الشعاعي عند الحاجة. ومن أهم وسائل التشخيص:

1. الفحص السريري

يقوم الطبيب بالاستماع إلى صوت الصدر باستخدام السماعة الطبية لاكتشاف أي صفير أو أصوات غير طبيعية.

2. تاريخ الحالة المرضية

معرفة مدة السعال، وجود حمى، تكرار الإصابة، والتعرض لمهيجات بيئية.

3. تحاليل الدم

قد تُظهر زيادة في عدد خلايا الدم البيضاء، مما يدل على وجود التهاب.

4. تحليل البلغم

يفيد في تحديد ما إذا كانت العدوى فيروسية أو بكتيرية.

5. الأشعة السينية للصدر

تُستخدم لاستبعاد وجود التهاب رئوي أو مشكلات أخرى في الرئتين.

6. اختبار وظائف الرئة

يُجرى أحياناً إذا كان الطفل يعاني من أعراض متكررة أو يُشتبه بوجود ربو.

سابعاً: علاج التهاب الشعب الهوائية عند الأطفال

1. العلاج الداعم

• الراحة التامة: السماح للجسم بمقاومة العدوى.

• الإكثار من السوائل: للحفاظ على ترطيب الجسم وتسهيل إذابة المخاط.

• الهواء الرطب: باستخدام جهاز الترطيب في الغرفة لتقليل تهيج الشعب الهوائية.

• الباراسيتامول أو الإيبوبروفين: لتخفيض الحرارة وتخفيف الألم، ولكن يجب عدم إعطائهما دون إشراف طبي.

2. العلاج الدوائي

• مضادات الفيروسات: في بعض الحالات الخاصة التي يحددها الطبيب.

• المضادات الحيوية: فقط إذا ثبت وجود عدوى بكتيرية.

• موسعات الشعب الهوائية: تُستخدم في حالات الصفير أو ضيق التنفس، خاصة لدى المصابين بالربو.

• أدوية الكورتيزون: تُستخدم في الحالات المزمنة أو شديدة الالتهاب وتحت إشراف الطبيب فقط.

3. العلاجات المنزلية المساعدة

• العسل للأطفال فوق سن السنة: له خصائص مهدئة للسعال.

• استنشاق البخار: يساعد في فتح الممرات الهوائية.

• رفع الرأس أثناء النوم: لتسهيل التنفس.

ثامناً: الوقاية من التهاب الشعب الهوائية عند الأطفال

الوقاية هي الركيزة الأساسية لتقليل معدل الإصابة وتكرار الالتهاب، وتشمل:

• تطعيم الأطفال ضد الإنفلونزا وجراثيم المكورات الرئوية.

• الابتعاد عن التدخين السلبي، إذ يُعد أحد العوامل الرئيسية المسببة للتهيج التنفسي.

• غسل اليدين باستمرار، للحد من انتشار الفيروسات.

• تجنب إرسال الطفل إلى الحضانة أو المدرسة أثناء العدوى، لتفادي انتقال المرض.

• الحفاظ على تغذية صحية تعزز جهاز المناعة.

• التهوية الجيدة للغرف وتنظيف مصادر الغبار والمهيجات المنزلية.

تاسعاً: الفرق بين التهاب الشعب الهوائية والربو عند الأطفال

رغم تشابه بعض الأعراض، إلا أن هناك اختلافات رئيسية بين الحالتين:

عاشراً: متى يجب مراجعة الطبيب فوراً؟

تُعتبر بعض العلامات دلالة على حالة طبية طارئة تستوجب التوجه الفوري للمستشفى، مثل:

• صعوبة شديدة في التنفس أو ازرقاق الشفاه.

• الحمى المستمرة أو المرتفعة جداً.

• السعال المصحوب بالدم.

• فقدان الوعي أو انخفاض الاستجابة.

• علامات الجفاف مثل قلة التبول أو جفاف الفم.

الحادي عشر: العلاقة بين التغيرات المناخية والتهاب الشعب الهوائية

التقلبات في الطقس، خاصة في الفصول الانتقالية، تلعب دوراً في زيادة معدلات الإصابة، حيث تؤثر البرودة والجفاف على كفاءة الجهاز التنفسي. الأطفال أكثر تأثراً بهذه التغيرات نتيجة ضعف مقاومتهم الطبيعية، لذلك يُنصح بتدفئة الجسم بشكل مناسب وتجنب الانتقال المفاجئ بين البيئات المختلفة.

الثاني عشر: دور الأسرة في دعم الطفل المصاب

العناية النفسية والتربوية لا تقل أهمية عن العلاج الطبي. فالاهتمام بالطفل وتوفير بيئة هادئة تساعد في تسريع الشفاء. ينبغي تشجيع الطفل على الراحة وتقديم الدعم العاطفي له دون إثقاله بالقلق أو الخوف.

المراجع:

1. Mayo Clinic – Bronchitis in children

2. American Academy of Pediatrics – Pediatric Respiratory Infections Guidelines