أضرار نبات العطرة الصحية

أضرار نبات العطرة: التأثيرات الجانبية والمخاطر الصحية المحتملة

نبات العطرة، والذي يُعرف أيضاً باسم “إبرة الراعي العطرية” أو “عطرشة” في بعض البلدان العربية، هو أحد النباتات العشبية ذات الرائحة الزكية التي تنتمي إلى الفصيلة الغرنوقية (Geraniaceae). تنتشر زراعته واستخداماته في العديد من الثقافات التقليدية، ويُستخدم في الطب الشعبي لأغراض متعددة، من تخفيف التوتر وتحسين الهضم إلى تهدئة السعال والآلام. إلا أن الإفراط في استخدام هذا النبات، سواء على شكل مستخلصات أو زيوت أو منقوعات، قد يتسبب في أضرار صحية جدية. هذا المقال يستعرض بشكل علمي موسع الأضرار المحتملة لنبات العطرة، خاصة عند استخدامه بطريقة غير مدروسة أو بكميات كبيرة.

التركيب الكيميائي لنبات العطرة وتأثيره على الجسم

يتكوّن نبات العطرة من مجموعة من المركبات الفعالة التي تُعزى إليها خصائصه الطبية والعطرية، من أهمها:

• الجيرانيول (Geraniol)

• السترونيلول (Citronellol)

• لينالول (Linalool)

• تانينات وزيوت طيارة

هذه المركبات، رغم فوائدها المحتملة في التخفيف من الالتهابات ومكافحة البكتيريا، إلا أنها أيضاً قد تؤدي إلى تفاعلات غير مرغوب فيها داخل الجسم عند تجاوز الجرعة الموصى بها، أو عند استخدامها لدى أشخاص يعانون من حالات صحية معينة.

أضرار نبات العطرة على الجهاز الهضمي

استخدام العطرة كمشروب أو مضاف للأطعمة قد يؤدي في بعض الحالات إلى مشاكل في الجهاز الهضمي، ومن أبرز هذه الأعراض:

• الإسهال المزمن:
  
  بعض المركبات العطرية في النبات لها تأثير ملين للأمعاء، مما قد يسبب الإسهال، خصوصًا عند تناوله بجرعات كبيرة أو لفترات طويلة.

• الانتفاخ والغازات:
  
  رغم أن البعض يستخدم العطرة لعلاج انتفاخ البطن، إلا أن الإفراط في تناولها قد يسبب تهيجاً في القولون، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الغازات.

• تشنجات معوية:
  
  قد تؤدي العطرة إلى حدوث تشنجات في الأمعاء الدقيقة لدى بعض الأفراد، خاصة المصابين بمتلازمة القولون العصبي (IBS).

تأثيرات جلدية وتحسسية

من أكثر الأضرار التي تم توثيقها في الأبحاث الطبية المتعلقة بالعطرة هي ردود الفعل الجلدية، خاصة عند استخدام الزيت المستخلص منها:

• تهيج الجلد:
  
  عند استخدام زيت العطرة بشكل موضعي دون تخفيف، قد يسبب حكة واحمراراً وحرقة، خاصة لدى أصحاب البشرة الحساسة.

• التحسس الضوئي:
  
  بعض مركبات العطرة قد تجعل الجلد أكثر حساسية لأشعة الشمس، ما يزيد من خطر الإصابة بالحروق الشمسية.

• التحسس الجهازي:
  
  في حالات نادرة، قد يؤدي التعرض المستمر للعطرة إلى تفاعلات تحسسية جهازية تشمل ضيق التنفس، تورم الوجه أو اللسان، أو طفح جلدي واسع.

الأضرار الهرمونية المحتملة

تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن الزيوت العطرية التي تحتوي على مركبات مشابهة للإستروجين (كالتي توجد في العطرة) قد يكون لها تأثير على التوازن الهرموني، خصوصاً لدى الأطفال والمراهقين:

• اختلال التوازن الهرموني:
  
  قد يؤدي استخدام زيت العطرة لفترات طويلة إلى اضطرابات هرمونية، مثل تضخم الثدي لدى الذكور (gynecomastia) نتيجة تأثير يشبه تأثير الإستروجين.

• تأثيرات على الدورة الشهرية:
  
  في حالات نادرة، قد تتأثر الدورة الشهرية لدى النساء اللاتي يستخدمن العطرة بكثافة، إما بزيادة النزيف أو بعدم انتظام الدورة.

أضرار العطرة على الجهاز العصبي

رغم الاستخدام التقليدي للعطرة في التهدئة وتقليل القلق، إلا أن لها أيضاً آثاراً سلبية محتملة على الجهاز العصبي:

• النعاس والخمول:
  
  الاستخدام المكثف للعطرة قد يؤدي إلى انخفاض مستوى النشاط العقلي والبدني والشعور بالكسل العام.

• الدوار وفقدان التركيز:
  
  الاستنشاق المتكرر لرائحة زيت العطرة المركز قد يسبب الصداع أو الدوار لدى بعض الأشخاص، خصوصاً في الأماكن المغلقة.

• الإدمان السلوكي الخفيف:
  
  على الرغم من عدم وجود دليل علمي قوي على إدمان العطرة، إلا أن بعض الأفراد قد يطورون سلوكاً اعتماديًا تجاه استخدامها لأغراض نفسية.

أضرار استخدام العطرة أثناء الحمل والرضاعة

تشير المصادر الطبية إلى أن بعض الزيوت العطرية قد تؤثر على الحمل بسبب خصائصها التي تحفّز الرحم أو تؤثر على التوازن الهرموني. والعطرة من النباتات التي يجب الحذر في استخدامها خلال هذه الفترات:

• تحفيز الرحم:
  
  يُعتقد أن زيت العطرة قد يحفّز تقلصات الرحم، مما قد يؤدي إلى خطر الولادة المبكرة أو الإجهاض في المراحل الأولى من الحمل.

• تأثير على نمو الجنين:
  
  لا توجد دراسات كافية حول أمان العطرة على الأجنة، لذا يُفضل تجنبها تمامًا خلال الحمل.

• مرور المركبات الفعالة عبر حليب الأم:
  
  بعض مركبات العطرة قد تُفرز في حليب الأم، مما قد يؤثر سلباً على الطفل الرضيع، خصوصاً إذا كان يعاني من حساسية تجاه الزيوت الطيارة.

التأثيرات السلبية على الكبد والكلى

نظرًا لأن الكبد والكلى هما المسؤولان عن استقلاب وإخراج المركبات النباتية من الجسم، فإن الاستخدام المطوّل أو المكثف للعطرة قد يُجهد هذه الأعضاء:

• تراكم المواد الفعالة:
  
  الاستخدام المستمر لزيت العطرة قد يؤدي إلى تراكم بعض المواد السامة في الكبد والكلى، مما يزيد من خطر الالتهاب الكبدي أو القصور الكلوي في الحالات الشديدة.

• تداخل مع أدوية الكبد أو الكلى:
  
  قد تتفاعل العطرة مع بعض الأدوية الموصوفة لمرضى الكبد أو الكلى، ما يقلل من فعالية العلاج أو يزيد من سُميّة الأدوية.

التفاعلات الدوائية

واحدة من أخطر أضرار النباتات الطبية عموماً هي تفاعلها مع الأدوية الصيدلانية، ونبات العطرة ليس استثناءً:

التسمم المحتمل عند الأطفال

الأطفال أكثر حساسية تجاه النباتات والزيوت العطرية بسبب ضعف الجهاز المناعي وسرعة امتصاص المواد:

• تسمم فموي:
  
  قد يؤدي تناول كميات صغيرة من زيت العطرة المركز إلى التسمم، والذي قد يظهر في شكل قيء، إسهال، دوخة، وحتى نوبات تشنجية.

• تأثيرات على الجهاز التنفسي:
  
  استنشاق زيت العطرة المركز قد يسبب تهيجاً في القصبات الهوائية أو ضيقاً في التنفس لدى الأطفال.

توصيات السلامة والجرعة الآمنة

• لا يجب استخدام زيت العطرة المركز مباشرة على الجلد دون تخفيفه بزيت حامل مثل زيت جوز الهند أو زيت الزيتون.

• يُنصح بعدم تناول أكثر من كوب واحد من شاي العطرة يوميًا في حال استخدامه لأغراض طبية.

• يجب تجنب استخدامه تماماً لدى النساء الحوامل، المرضعات، الأطفال دون سن 6 سنوات، ومرضى الكبد والكلى.

خلاصة طبية

رغم الشعبية المتزايدة التي يحظى بها نبات العطرة في الطب البديل والعلاجات المنزلية، إلا أن استخدامه يجب أن يتم بحذر شديد وبمعرفة واضحة لآثاره الجانبية المحتملة. لا ينبغي الافتراض أن جميع الأعشاب طبيعية وآمنة لمجرد أنها تأتي من مصادر نباتية. التوازن في الاستخدام، واحترام الجرعات، والتشاور مع مختصين في الطب أو الصيدلة، يظل أمرًا ضروريًا لتفادي المخاطر الصحية المرتبطة بهذا النبات.

المراجع:

1. Tisserand, R., & Young, R. (2014). Essential Oil Safety: A Guide for Health Care Professionals. Elsevier Health Sciences.

2. National Center for Complementary and Integrative Health (NCCIH). https://www.nccih.nih.gov