مياه المسابح: أضرار بالغة على رئة الأطفال
تعتبر المسابح من الأماكن الترفيهية التي يستمتع بها الأطفال، خاصة خلال فترات الصيف. يعتقد الكثيرون أن السباحة في المياه هي نشاط آمن ومفيد للجسم، ولكن هناك جانباً غير مرئي من المخاطر الصحية التي قد تهدد الأطفال بشكل خاص. من بين هذه المخاطر، تبرز مخاطر تأثير المياه المعالجة كيميائيًا في المسابح على صحة رئة الأطفال. في هذا المقال، نستعرض هذه المخاطر بالتفصيل، مع التركيز على الأضرار التي قد تحدث للأطفال جراء التعرض الطويل لمياه المسابح المعالجة.
1. المواد الكيميائية في مياه المسابح
تُعالج مياه المسابح باستخدام مواد كيميائية متنوعة لضمان تطهير المياه وقتل البكتيريا والميكروبات الضارة. من أبرز هذه المواد الكلور، الذي يعد من أكثر المواد استخدامًا في تطهير المياه. على الرغم من فاعليته في قتل الجراثيم، إلا أن الكلور وغيره من المواد الكيميائية مثل البروم والمواد المُبيضة قد يشكلان تهديدًا لصحة الجهاز التنفسي للأطفال.
عندما يتعرض الأطفال لهذه المواد بشكل مستمر، فإنها قد تتسبب في تهيج الجهاز التنفسي لديهم. في المسابح المغلقة أو الأماكن ذات التهوية السيئة، يمكن أن تتفاعل هذه المواد مع المواد العضوية في المياه لتنتج مركبات كيميائية تؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية في الأنف، الحنجرة، والرئتين. الأطفال، الذين يتمتعون بجهاز مناعي وجهاز تنفسي أكثر حساسية من البالغين، هم أكثر عرضة لهذه التأثيرات السلبية.
2. الاستنشاق المباشر للكلور والمركبات الكيميائية
أحد الأضرار الكبيرة التي يتعرض لها الأطفال في المسابح هو استنشاق الأبخرة المتصاعدة من المياه المكلورة. مع وجود الرذاذ في الهواء، يمكن للطفل استنشاق هذه الأبخرة التي تحتوي على الكلور المتطاير. الاستنشاق المستمر للأبخرة المكلورة يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بما يُعرف بـ “أزمة السباحة” (swimmer’s asthma)، وهي حالة تؤثر على الجهاز التنفسي بشكل خاص لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه الكلور أو لديهم استعداد لأمراض الرئة.
تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للسباحة في المسابح المكلورة لفترات طويلة قد يعانون من مشاكل في التنفس مثل السعال المستمر، وضيق التنفس، وزيادة الإفرازات المخاطية في الأنف. في حالات أكثر شدة، يمكن أن يؤدي التعرض المستمر إلى الإصابة بالربو أو تفاقم الأعراض لدى الأطفال المصابين مسبقًا بالربو.
3. تأثير المسابح الملوثة على صحة الرئة
إضافة إلى المواد الكيميائية المعالجة للمياه، تعتبر المسابح الملوثة عاملاً رئيسيًا آخر في تدهور صحة الرئة للأطفال. قد تحتوي المياه الملوثة على ميكروبات أو فطريات، وهذه الكائنات قد تدخل إلى الجسم من خلال الاستنشاق أو الاتصال المباشر. الأطفال الذين يسبحون في المسابح غير النظيفة أو التي يتم تغيير مياهها بشكل غير منتظم معرضون بشكل أكبر لهذه المخاطر.
البكتيريا مثل “الإيكولاي” (E. coli) وفطريات مثل “الكانديدا” (Candida) قد تتواجد في المياه الملوثة، وإذا تم استنشاق هذه الكائنات أثناء السباحة، فإنها يمكن أن تؤدي إلى التهابات في الجهاز التنفسي. في حالات نادرة، يمكن أن تسبب هذه العدوى التسمم، الذي قد يهدد الحياة، خاصة إذا تركت دون علاج.
4. زيادة حالات الربو عند الأطفال
دراسات متعددة أظهرت أن الأطفال الذين يتعرضون بانتظام للمسابح المكلورة يعانون من زيادة في نسبة الإصابة بالربو. في إحدى الدراسات، وجد أن الأطفال الذين يسبحون في مسابح مكلورة يعانون من نوبات ربو أكثر من أولئك الذين يسبحون في مسابح غير مكلورة أو لا يسبحون على الإطلاق.
السبب في ذلك يعود إلى أن المواد الكيميائية في مياه المسابح المكلورة يمكن أن تضر الخلايا المبطنة للمجاري التنفسية، مما يؤدي إلى التهيج المزمن. مع مرور الوقت، يمكن أن يساهم هذا التهيج المستمر في زيادة حساسيتهم لمؤثرات بيئية أخرى، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالربو.
5. الآثار النفسية والعاطفية على الأطفال
لا تقتصر الأضرار الناتجة عن السباحة في المسابح الملوثة على الجهاز التنفسي فقط، بل تتعداها لتؤثر على الحالة النفسية والعاطفية للأطفال. بعض الأطفال الذين يعانون من مشاكل في التنفس قد يتجنبون السباحة أو يواجهون صعوبة في ممارسة الأنشطة الرياضية بشكل طبيعي. قد يؤدي ذلك إلى شعورهم بالعزلة أو عدم القدرة على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، مما يؤثر على رفاههم العام.
6. كيفية الوقاية من الأضرار
لحماية الأطفال من الأضرار الصحية المحتملة الناتجة عن مياه المسابح الملوثة أو المعالجة بشكل غير صحيح، من الضروري اتخاذ عدة خطوات وقائية:
1. تحسين تهوية المسابح:
يجب التأكد من أن المسابح المغلقة تحتوي على نظام تهوية جيد لخفض مستويات الأبخرة المكلورة في الهواء. توفير تهوية مناسبة يمكن أن يقلل من تراكم المركبات الكيميائية الضارة في الهواء وبالتالي يقلل من التأثيرات السلبية على الجهاز التنفسي للأطفال.
2. الحفاظ على مستوى الكلور المناسب:
من الضروري مراقبة مستوى الكلور في المسابح لضمان أنه ضمن الحدود الآمنة. يجب على مشغلي المسابح التأكد من أن المياه تحتوي على مستوى من الكلور لا يتجاوز الحد الموصى به، وتجنب الإفراط في استخدام المواد الكيميائية.
3. التشجيع على السباحة في المسابح النظيفة:
من الأفضل اختيار المسابح التي يتم تنظيفها وتغيير مياهها بشكل دوري. يمكن أن تساعد المياه النظيفة على تقليل احتمالية التعرض للميكروبات والفطريات التي قد تضر بالجهاز التنفسي للأطفال.
4. استخدام نظارات السباحة الواقية:
قد تساعد نظارات السباحة الواقية الأطفال على تجنب تلامس الماء الملوث بشكل مباشر مع العينين، وتمنع أيضًا استنشاق المياه الملوثة أو المواد الكيميائية التي قد تكون موجودة في المياه.
5. تجنب السباحة في الأماكن المزدحمة:
إذا كان عدد السباحين في المسابح كبيرًا جدًا، فإن ذلك قد يساهم في تلوث المياه بشكل أسرع. من الأفضل محاولة تجنب السباحة في أوقات الذروة لتقليل التعرض للمواد الكيميائية والمخاطر الأخرى.
7. الخاتمة
على الرغم من أن المسابح تُعد من الأماكن المفضلة للأطفال للاستمتاع واللعب، إلا أن المخاطر الصحية المرتبطة بمياه المسابح، وخاصة بالنسبة للجهاز التنفسي، هي أمر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار. تتنوع هذه المخاطر بين تأثير المواد الكيميائية مثل الكلور، والتلوث البيولوجي، وزيادة نسبة الإصابة بأمراض التنفس مثل الربو. من خلال اتخاذ التدابير الوقائية المناسبة، يمكن تقليل هذه المخاطر وحماية صحة الأطفال أثناء استمتاعهم بالسباحة.
