أضرار قلة شرب الماء للحامل

أضرار قلة شرب الماء للحامل

تلعب المياه دورًا أساسيًا في الحفاظ على صحة الإنسان، وتزداد أهميتها بشكل مضاعف خلال فترة الحمل، حيث تصبح حاجة الجسم للسوائل أكبر لدعم التغيرات الفسيولوجية المصاحبة لنمو الجنين وتكوين السائل الأمنيوسي وتسهيل عملية نقل المغذيات والأكسجين. إن قلة شرب الماء خلال الحمل لا تُعدّ مجرد مشكلة بسيطة بل تحمل في طياتها العديد من الأضرار الصحية التي قد تؤثر سلبًا على الأم والجنين على حد سواء. يتناول هذا المقال بتفصيل علمي شامل الأضرار المحتملة لقلة شرب الماء لدى الحامل، مع توضيح الآليات الحيوية التي تتأثر بالجفاف وأهمية تلبية حاجة الجسم اليومية من الماء في هذه المرحلة الحرجة.

أهمية الماء خلال فترة الحمل

الماء لا يُعدّ مجرد عنصر مكمّل للنظام الغذائي للحامل، بل يُشكّل العمود الفقري للعديد من العمليات الحيوية داخل الجسم، منها:

• المحافظة على حجم الدم: يزداد حجم الدم لدى المرأة الحامل بنسبة تقارب 50% لتلبية احتياجات الجنين والمشيمة.

• نقل المغذيات إلى الجنين: يعتمد الجنين اعتمادًا كاملاً على دم الأم في الحصول على الأكسجين والمواد الغذائية.

• تكوين السائل الأمنيوسي: السائل الأمنيوسي هو الوسط الحيوي الذي ينمو فيه الجنين ويوفر له الحماية والتوازن الحراري.

• تنظيم درجة حرارة الجسم: من خلال عملية التعرّق والتنفس، يساعد الماء على تنظيم حرارة جسم الحامل.

• تسهيل عمليات الهضم: الماء عنصر أساسي في الوقاية من الإمساك والانتفاخ وعسر الهضم التي تشيع خلال الحمل.

أضرار قلة شرب الماء على صحة الحامل

1. الجفاف وتأثيره على الوظائف الحيوية

يُعدّ الجفاف من أبرز النتائج المباشرة لنقص شرب الماء، ويؤثر على الحامل بشكل مضاعف مقارنة بالنساء غير الحوامل. يؤدي الجفاف إلى:

• انخفاض ضغط الدم بسبب نقص حجم البلازما.

• تسارع في نبضات القلب لتعويض نقص الأوكسجين.

• انخفاض كفاءة الكلى وزيادة تركيز البول.

• الشعور بالإرهاق العام والدوخة والصداع.

• جفاف الفم وتشقق الشفاه وضعف مرونة الجلد.

2. زيادة خطر حدوث الإمساك والبواسير

يُعدّ الإمساك من الأعراض الشائعة خلال الحمل، ويزداد حدةً مع قلة تناول الماء، حيث يصبح البراز أكثر صلابة ويصعب تمريره. ترافق الإمساك المزمن في بعض الحالات بظهور البواسير بسبب الضغط المتكرر أثناء عملية التبرز.

3. التهابات المسالك البولية

قلة شرب الماء تقلل من كمية البول المطروحة، ما يؤدي إلى زيادة تركيز البكتيريا في المسالك البولية ويزيد من احتمالية الإصابة بالتهابات المسالك البولية، وهي حالة شائعة وخطيرة خلال الحمل قد تؤدي إلى مضاعفات مثل الولادة المبكرة أو التهاب الكلى.

4. تقليل حجم السائل الأمنيوسي

السائل الأمنيوسي ضروري لنمو الجنين وحركته وحمايته من الصدمات الخارجية. أحد أسباب انخفاض مستوياته هو الجفاف، مما قد يؤدي إلى ضغط على الحبل السري أو نمو غير طبيعي للجنين.

5. التقلصات الرحمية المبكرة

قلة الماء تؤدي إلى زيادة تركيز الأوكسيتوسين والمواد الكيميائية المحفزة للتقلصات الرحمية، مما قد يزيد من خطر الولادة المبكرة، خاصة في الثلث الثالث من الحمل.

6. زيادة احتمالية الإصابة بتسمم الحمل

تشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة غير مباشرة بين الجفاف وسوء التروية الدموية للمشيمة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة احتمال الإصابة بتسمم الحمل، وهي حالة خطيرة قد تهدد حياة الأم والجنين.

7. ضعف التركيز والقدرات المعرفية

قلة الماء تؤثر على الدماغ بشكل مباشر، إذ يقل تدفق الدم إليه مما يؤدي إلى ضعف التركيز، تشوش الذاكرة، زيادة الانفعال، والشعور بالدوار أو حتى الإغماء.

أضرار قلة شرب الماء على الجنين

1. نقص إمدادات الأوكسجين والمغذيات

تؤثر قلة الماء على حجم الدم وتدفقه إلى المشيمة، ما يقلل من كفاءة نقل الأوكسجين والمواد الغذائية إلى الجنين، ويؤثر على نموه الطبيعي.

2. ضعف تطور الجهاز العصبي والدماغ

الماء عنصر أساسي لتكوين خلايا الدماغ والجهاز العصبي. في حال حدوث جفاف مستمر، قد يتأثر التطور العصبي للجنين سلبيًا.

3. انخفاض وزن الجنين عند الولادة

يرتبط نقص الماء المزمن خلال الحمل بانخفاض الوزن عند الولادة، وهو عامل مهم في تحديد الحالة الصحية للرضيع بعد الولادة.

4. زيادة احتمال حدوث التشوهات الخلقية

بالرغم من أن هذا الخطر ليس مباشراً، إلا أن سوء التغذية ونقص الماء خلال مراحل حرجة من الحمل قد يساهمان في زيادة خطر التشوهات نتيجة نقص السائل الأمنيوسي وتأثر أداء المشيمة.

الكمية الموصى بها من الماء للحامل

وفقًا لتوصيات الأكاديمية الأمريكية للطب الغذائي والكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد، يُفضل أن تتناول المرأة الحامل ما لا يقل عن 2.3 إلى 3 لترات يوميًا من السوائل، أي ما يعادل 8 إلى 12 كوبًا من الماء النقي يوميًا، ويمكن زيادته في الحالات التالية:

• ارتفاع درجات الحرارة.

• ممارسة مجهود بدني.

• الإصابة بأمراض مثل الإسهال أو القيء.

• في الشهور الأخيرة من الحمل حيث تزداد حاجة الجسم للسوائل.

مؤشرات تدل على قلة شرب الماء أثناء الحمل

نصائح لتعزيز شرب الماء خلال الحمل

• حمل زجاجة ماء طوال اليوم: لتشجيع النفس على الشرب بانتظام.

• استخدام منبه كل ساعة: كتذكير داخلي لشرب كمية صغيرة من الماء.

• تناول أطعمة غنية بالماء: مثل الخيار، البطيخ، الفراولة، والخس.

• إضافة نكهات طبيعية: مثل شرائح الليمون أو النعناع للماء لتحسين مذاقه.

• البدء بالشرب في الصباح الباكر: وعدم تأجيل الشرب حتى الشعور بالعطش.

• تجنب المشروبات المدرة للبول: مثل القهوة والشاي بكميات كبيرة لأنها تساهم في فقدان السوائل.

خاتمة

قلة شرب الماء أثناء الحمل ليست فقط عادة غير صحية، بل تُعدّ خطرًا حقيقيًا يهدد صحة الحامل والجنين على حد سواء، ويزيد من احتمالية التعرض لمضاعفات جسيمة قد تؤثر على نمو الجنين، وعلى سلامة الحمل والولادة. إدراك المرأة الحامل لأهمية الماء والالتزام المنتظم بتناول كميات كافية يوميًا يُعدّ من العوامل الجوهرية التي تسهم في دعم حمل صحي ومتوازن. إن ضمان الترطيب الكافي لا يحتاج إلى مجهود معقد، وإنما إلى وعي منتظم وإدراك لأهمية هذا العنصر الحيوي في كل مرحلة من مراحل الحمل.

المراجع:

1. American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG). “Nutrition During Pregnancy.”

2. National Institutes of Health (NIH). “Hydration and Health in Pregnancy.”