أضرار النوم على البطن

أضرار النوم على البطن

يشكّل النوم أحد الأعمدة الأساسية لصحة الإنسان، وتُعدّ وضعية النوم أحد العوامل الجوهرية التي تؤثر على جودة النوم والصحة الجسدية والذهنية. من بين الوضعيات الأكثر إثارة للجدل، تأتي وضعية النوم على البطن، والتي رغم أن بعض الأشخاص يجدون فيها راحة مؤقتة، إلا أن الدراسات الطبية تشير إلى عدد كبير من الأضرار المرتبطة بها. في هذا المقال المفصل، سيتم استعراض التأثيرات السلبية للنوم على البطن على مختلف أجهزة الجسم، مع التركيز على الجهاز العضلي والعظمي، والجهاز العصبي، والهضمي، والتنفسي، والقلب والأوعية الدموية، فضلاً عن تأثيرها على الحمل والمظهر الجمالي، مستندين إلى الأدلة العلمية والطبية المتوفرة.

أولاً: التأثيرات العضلية والعظمية

1. ضغط مفرط على العمود الفقري

النوم على البطن يفرض ضغطاً مباشراً على العمود الفقري، لا سيما في منطقة الرقبة والقطنية (أسفل الظهر). حيث تؤدي هذه الوضعية إلى انحناء العمود الفقري بطريقة غير طبيعية، مما قد يُسبب انضغاط الأقراص الفقرية، ويزيد من احتمالية الإصابة بالانزلاق الغضروفي.

2. توتر عضلي مزمن

وضع الرقبة في التفاف دائم نحو أحد الجانبين أثناء النوم على البطن يتسبب في إجهاد مستمر لعضلات الرقبة والكتف. هذا التوتر العضلي يمكن أن يتحول مع الوقت إلى آلام مزمنة وتيبّس، وقد يؤدي إلى تقييد الحركة في هذه المناطق.

3. ضعف محاذاة المفاصل

تؤدي الوضعية غير المتوازنة إلى تشوه في وضع المفاصل، خاصة مفصل الحوض والركبتين. فبقاء الجسم لساعات في وضعية غير مستقرة يؤثر على استقامة المفاصل، ما قد يُساهم في زيادة احتمالية الإصابة بالفصال العظمي في مراحل لاحقة من الحياة.

ثانياً: تأثيرات على الجهاز التنفسي

1. تقييد حركة القفص الصدري

عندما يكون الشخص نائمًا على بطنه، فإن وزن الجسم يضغط على القفص الصدري، ما يقلل من قدرته على التمدد الكامل أثناء الشهيق، ويؤثر على قدرة الرئتين على التوسع بالشكل الكافي لاستيعاب الهواء.

2. انخفاض جودة التهوية الرئوية

تُشير الدراسات إلى أن النوم على البطن يقلل من الكفاءة الوظيفية للجهاز التنفسي، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كـ الربو أو الانسداد الرئوي المزمن. حيث تتدهور تبادل الغازات داخل الحويصلات الهوائية في هذه الوضعية.

ثالثاً: الجهاز العصبي وتأثيرات عصبية محتملة

1. انضغاط الأعصاب

نتيجة الضغط غير المتوازن الناتج عن هذه الوضعية، قد يحدث انضغاط للأعصاب المحيطية، خاصة الأعصاب التي تمر بين الفقرات أو في منطقة الكتفين. مما قد يسبب وخزًا، وخدرًا، وأحيانًا فقدانًا مؤقتًا للإحساس في الأطراف العلوية أو السفلية.

2. الصداع وآلام الرأس

الضغط المستمر على الرقبة نتيجة الالتواء غير الطبيعي، قد يسبب شدًا عضليًا يؤدي بدوره إلى حدوث صداع توتري. كما أن قلة الأوكسجين المتدفّق إلى الدماغ أثناء النوم بهذه الوضعية قد تفاقم من المشكلة.

رابعاً: أضرار على الجهاز الهضمي

1. تفاقم الارتجاع المعدي المريئي

النوم على البطن يزيد من ضغط البطن على المعدة، ما قد يدفع بمحتويات المعدة إلى المريء، مسبّبًا الارتجاع الحمضي أو تفاقمه لدى الأشخاص الذين يعانون منه مسبقاً. هذا قد يؤدي إلى تآكل بطانة المريء وتدهور صحة الجهاز الهضمي عموماً.

2. بطء في حركة الأمعاء

الوضعية تضغط أيضًا على القولون والأمعاء الدقيقة، مما قد يُبطئ حركة الأمعاء ويزيد من احتمال الإصابة بالإمساك المزمن، خصوصاً إذا تزامن ذلك مع نظام غذائي منخفض الألياف.

خامساً: آثار على القلب والدورة الدموية

1. ضعف تدفق الدم

الوضع غير الطبيعي للجسم قد يعيق التدفق الطبيعي للدم، خاصة عند الضغط على الأوعية الدموية في منطقة البطن أو الأطراف. هذا قد يؤدي إلى برودة الأطراف، أو تنميل، وأحياناً تورم في القدمين والساقين.

2. زيادة العبء على القلب

النوم في وضعية تضغط على التجويف الصدري يزيد العبء على القلب، إذ يكون عليه أن يعمل بجهد أكبر لضخ الدم عبر الأوعية التي تتأثر بالضغط الجسدي، خاصة أثناء النوم العميق حين تكون الاستجابة التنفسية أقل كفاءة.

سادساً: أضرار تتعلق بالجمال والبشرة

1. زيادة التجاعيد وعلامات الشيخوخة

الوجه عندما يكون ملاصقًا للوسادة طوال الليل يتعرض لاحتكاك وضغط مستمر، مما يؤدي إلى تكسر الكولاجين وتسارع عملية تشكل التجاعيد، خاصة على الجبين وحول العينين.

2. تفاقم حب الشباب

النوم على البطن يزيد من احتكاك الوجه بسطح الوسادة الذي قد يكون ملوثاً بالبكتيريا أو الزيوت، ما قد يؤدي إلى انسداد المسام وظهور حب الشباب أو تفاقمه بشكل ملحوظ.

سابعاً: تأثير النوم على البطن أثناء الحمل

1. تهديد للجنين

رغم أن النوم على البطن في المراحل المبكرة من الحمل قد لا يشكّل خطورة كبيرة، إلا أن استمرار هذه الوضعية في الثلث الثاني والثالث من الحمل قد يُؤثر سلبًا على الدورة الدموية للأم والجنين نتيجة الضغط على الرحم والمشيمة.

2. تقييد التنفس للأم

الحجم المتزايد للبطن مع التقدم في الحمل، عند الضغط عليه أثناء النوم، يُقيد التنفس الطبيعي للأم ويقلل من كفاءة الرئتين في تزويد الدم بالأوكسجين الضروري للحفاظ على حياة صحية للجنين.

ثامناً: اضطراب في نمط النوم العام

1. استيقاظ متكرر

الوضعية غير المريحة تؤدي إلى استيقاظ متكرر في الليل بسبب الألم أو الشعور بعدم الراحة، مما يخل بجودة النوم ويؤثر على مراحل النوم العميق والرم (REM)، والتي تعتبر أساسية لاستعادة النشاط الذهني والجسدي.

2. الإحساس بالإجهاد عند الاستيقاظ

من الشائع جداً أن يشعر الأشخاص الذين ينامون على بطونهم بالتعب عند الاستيقاظ، حتى بعد نوم طويل. يعود ذلك إلى أن الجسم يكون مشدوداً طوال فترة النوم دون أن يكون في وضعية استرخاء حقيقية.

جدول يوضح مقارنة بين وضعيات النوم

الاستنتاج العام

رغم أن بعض الأشخاص قد يجدون في النوم على البطن راحة مؤقتة أو تخفيفاً لمشكلة الشخير، إلا أن الأدلة الطبية توضح أن هذه الوضعية ترتبط بأضرار صحية متشعبة تؤثر على عدد كبير من أجهزة الجسم الحيوية. من آلام العضلات والمفاصل إلى ضعف التنفس، مرورًا بالمشاكل الجلدية والهضمية وحتى تأثيرات محتملة على القلب والحمل. لذلك، يُنصح بشدة بالابتعاد عن هذه الوضعية، والعمل على تدريب الجسم للنوم على الجانب الأيسر، الذي يُعتبر وفقاً لمعظم الدراسات الوضعية الأكثر فائدة لصحة الإنسان.

المراجع:

1. American Chiropractic Association – “Posture and Sleeping Positions”

2. Mayo Clinic – “Sleep Positions: Best and Worst for Your Health”