أضرار الكيراتين على الحامل: دراسة شاملة للتأثيرات الصحية والمخاطر المحتملة

يُعد الكيراتين أحد المواد التجميلية الشائعة المستخدمة لفرد الشعر ومنحه نعومة ولمعاناً لافتين، حيث تلجأ إليه الكثير من النساء كحلّ فعال لمشكلة تجعّد الشعر أو تقصفه. ومع ذلك، فإن استخدام الكيراتين خلال فترة الحمل يثير العديد من التساؤلات والقلق بين النساء الحوامل والمهتمين بصحة الأمهات والأجنة على حد سواء، وذلك بسبب احتوائه على مواد كيميائية قوية قد يكون لها آثار جانبية خطيرة على صحة الحامل والجنين. المقال التالي يتناول بالتفصيل أضرار الكيراتين على الحامل، من منظور علمي وصحي موثق، ويعرض الآليات البيولوجية للمخاطر المرتبطة باستخدامه، بالإضافة إلى سرد البدائل الآمنة الممكنة.

التركيب الكيميائي لمستحضرات الكيراتين التجارية

رغم أن الكيراتين في أصله بروتين طبيعي يُفرَز في الجسم بشكل طبيعي، فإن مستحضرات الكيراتين المستخدمة لفرد الشعر تتضمن مكونات صناعية عديدة قد تكون سامة. من أبرز هذه المكونات:

• الفورمالديهايد (Formaldehyde): يُعد المادة الأكثر إثارة للجدل في تركيبة الكيراتين، وهو مركب كيميائي يستخدم كمادة حافظة ومثبت للشعر. يصنفه المركز الدولي لأبحاث السرطان (IARC) كمادة مسرطنة من الفئة الأولى.

• الميثيلين غلايكول (Methylene Glycol): يتحول إلى الفورمالديهايد عند تسخينه بواسطة مكواة الشعر الساخنة.

• البارابين والمواد العطرية الصناعية: وهي مركبات يمكن أن تسبب اضطرابات هرمونية وتفاعلات جلدية.

• الزيوت المعدنية والسيليكون: التي قد تسد مسام فروة الرأس وتؤثر على تنفس الجلد.

الآثار المحتملة لاستخدام الكيراتين على صحة الحامل

تخضع المرأة الحامل لتغيرات هرمونية وفسيولوجية كبيرة، ما يجعلها أكثر حساسية للتعرض للمواد الكيميائية. تتجلى الأضرار المحتملة لاستخدام الكيراتين خلال الحمل في النقاط التالية:

1. خطر التعرض للفورمالديهايد والاستنشاق المزمن

أثناء جلسات الكيراتين، خاصة عند تسخين الشعر، تنبعث أبخرة تحتوي على الفورمالديهايد. استنشاق هذه الأبخرة يمكن أن يؤدي إلى:

• تهيج الأغشية المخاطية في الأنف والعينين.

• ضيق في التنفس أو الربو التحسسي.

• زيادة خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة.

• ارتفاع احتمالية حدوث اضطرابات في الجهاز العصبي المركزي.

• ارتفاع خطر تشوهات خلقية في الجنين بسبب قدرة الفورمالديهايد على عبور المشيمة.

تشير الأبحاث إلى أن التعرض المزمن لمادة الفورمالديهايد خلال الحمل، حتى عند مستويات منخفضة، يرتبط بزيادة معدل الإجهاض والولادة المبكرة وانخفاض وزن المولود عند الولادة.

2. امتصاص الجلد للمواد الكيميائية وانتقالها عبر المشيمة

عند تطبيق الكيراتين على فروة الرأس، يمكن امتصاص المواد الكيميائية من خلال الجلد، خاصة إن كانت فروة الرأس تحتوي على جروح أو خدوش صغيرة. وتكمن الخطورة في:

• انتقال المواد الكيميائية إلى مجرى الدم.

• عبور هذه المواد إلى الجنين عبر المشيمة.

• تأثيرها المحتمل على نمو دماغ الجنين وجهازه العصبي.

البحوث الحديثة تؤكد أن الجنين في المراحل الأولى من الحمل يكون أكثر عرضة لتأثيرات المواد السامة بسبب عدم اكتمال وظائف الكبد والكلى لديه.

3. التسبب في اضطرابات هرمونية

تحتوي بعض أنواع الكيراتين التجاري على مركبات تُعرف باسم “معطلات الغدد الصماء” مثل البارابين والفثالات، وهي مركبات يمكن أن تحاكي أو تتداخل مع عمل الهرمونات في الجسم. هذه المركبات قد تؤثر على:

• توازن الهرمونات الأنثوية خلال الحمل.

• تنظيم عمليات الإباضة والولادة.

• نمو الجنين بشكل سليم، خصوصاً الأعضاء التناسلية والجهاز التناسلي.

التأثيرات طويلة الأمد على الجنين

لا تقتصر أضرار الكيراتين على فترة الحمل فقط، بل قد تظهر بعض التأثيرات لاحقاً خلال الطفولة، وتشمل:

• زيادة خطر الإصابة بالحساسية أو الربو لدى الطفل.

• خلل في السلوك أو الانتباه أو التعلم في السنوات الدراسية الأولى.

• اضطرابات في الهرمونات الجنسية لدى الأطفال في سن البلوغ.

تشير دراسات علم السموم إلى أن التعرض السابق للولادة للمواد الكيميائية المشابهة للفورمالديهايد قد يخلّف تأثيرات دائمة على التطور العصبي للطفل.

التأثيرات على الحامل نفسها

بعيداً عن تأثير الكيراتين على الجنين، يمكن أن تعاني المرأة الحامل من مضاعفات صحية مباشرة بسبب استخدامه، منها:

• الصداع المزمن والغثيان بسبب الأبخرة المنبعثة.

• الإرهاق والتوتر نتيجة تهيج الجهاز العصبي.

• تفاقم الحساسية الجلدية أو الأمراض الجلدية مثل الإكزيما.

• ضعف المناعة الموضعية لفروة الرأس، ما يجعلها أكثر عرضة للالتهابات.

الجوانب التنظيمية والقانونية

أصدرت العديد من المؤسسات الصحية والتنظيمية تحذيرات بشأن استخدام مستحضرات الكيراتين خلال الحمل:

بدائل طبيعية وآمنة للكيراتين أثناء الحمل

لأن العناية بجمال الشعر تظل مهمة للمرأة الحامل، يمكن الاعتماد على بدائل طبيعية وآمنة:

• زيوت الشعر الطبيعية: مثل زيت جوز الهند وزيت الأرغان، تمنح الشعر نعومة ولمعاناً دون مواد كيميائية.

• الماسكات المنزلية: ماسك العسل مع زيت الزيتون أو الأفوكادو يمكن أن يحسّن من ملمس الشعر ويقلل من التقصف.

• الكيراتين النباتي أو العضوي (Organic Keratin): الذي يخلو من الفورمالديهايد والمواد المسرطنة.

• تغيير أسلوب تسريح الشعر: يمكن اعتماد تسريحات مريحة لا تتطلب استخدام مواد كيماوية أو أدوات حرارية.

توصيات طبية للنساء الحوامل بشأن مستحضرات التجميل

• استشارة طبيب النساء أو الصيدلي قبل استخدام أي منتج تجميلي.

• قراءة الملصق جيداً والتحقق من خلوه من الفورمالديهايد ومشتقاته.

• تجنب أي علاج يحتاج إلى تسخين أو ينبعث منه أبخرة.

• الابتعاد عن صالونات التجميل المزدحمة والرديئة التهوية.

• اعتماد نهج “كل ما يدخل الجسم يصل إلى الجنين” كقاعدة ذهبية خلال فترة الحمل.

خلاصة علمية

يُظهر التحليل العلمي والبيئي أن استخدام مستحضرات الكيراتين خلال الحمل، خاصة تلك التي تحتوي على الفورمالديهايد أو مشتقاته، ينطوي على مخاطر صحية جادة على الأم والجنين. تشمل هذه المخاطر اضطرابات في الجهاز التنفسي، التشوهات الخلقية، تأخر النمو العصبي، واضطراب التوازن الهرموني. وقد أكدت توصيات المنظمات الصحية العالمية ضرورة تجنب التعرض لهذه المواد الكيميائية خلال الحمل حفاظاً على سلامة الأم والجنين معاً.

إن الجمال الحقيقي خلال الحمل لا ينبغي أن يأتي على حساب الصحة، لا سيما في ظل وجود بدائل طبيعية أكثر أماناً تمنح المرأة التألق دون تعريض حياتها وحياة جنينها للخطر.

المصادر:

1. U.S. Food and Drug Administration (FDA) – “Brazilian Blowouts and Other Hair-Smoothing Products That Release Formaldehyde”.

2. International Agency for Research on Cancer (IARC) – “Formaldehyde, 2-Butoxyethanol and 1-tert-Butoxypropan-2-ol”.