أضرار العنبر لزيادة الوزن

أضرار العنبر للتسمين

العنبر هو مادة شمعية تُستخرج عادة من أمعاء حيتان العنبر، وقد عُرف منذ القدم بقيمته العالية في صناعة العطور والمستحضرات الطبية التقليدية. ولكن مع شيوع استخدامه في بعض الوصفات الشعبية بهدف زيادة الوزن، بدأت تتصاعد التساؤلات حول مدى مأمونيته، وظهرت تقارير متعددة تربط بين استخدام العنبر لأغراض التسمين وظهور مجموعة من الأضرار الصحية التي لا يُستهان بها.

هذا المقال يُسلط الضوء بتفصيل علمي دقيق على أضرار العنبر عند استخدامه بهدف التسمين، مُبيّنًا التأثيرات الجسدية والجهازية المحتملة، ومحذرًا من الترويج الشعبي غير القائم على أسس علمية أو طبية معتمدة.

أولاً: لمحة عن تركيب العنبر ومكوناته

العنبر الطبيعي هو مزيج من المركبات العضوية المعقدة التي تتضمن:

• الكحوليات العطرية طويلة السلسلة

• المركبات الستيرويدية

• الأحماض الدهنية

• مركبات نيتروجينية نادرة

• مواد راتنجية وزيتية

هذه التركيبة تجعل منه مادة قوية التأثير في جسم الإنسان، خصوصًا عند تناوله عبر الفم. في حين أن استخدامه الخارجي في العطور لا يحمل نفس المخاطر، فإن إدخاله في الوصفات الغذائية أو الطبية التقليدية بهدف التسمين يحمل آثارًا جانبية تستوجب الدراسة والتحذير.

ثانيًا: دوافع استخدام العنبر في التسمين

في الطب الشعبي، يُروج للعنبر – وخاصة “العنبر الأشهب” – كمادة فاتحة للشهية ومعززة لزيادة الوزن، ويُخلط غالبًا مع الحليب أو العسل أو المكسرات، أو يُستخدم كمكون في الخلطات الخاصة التي تهدف إلى فتح الشهية أو رفع كتلة الجسم. إلا أن هذا الاستخدام غير مدعوم بدراسات طبية موثوقة أو توصيات من هيئات صحية رسمية، بل يستند على تجارب فردية أو تراث شعبي.

ثالثًا: أضرار العنبر عند استخدامه للتسمين

1. اضطرابات الجهاز الهضمي

• الانتفاخ والغثيان: العديد من مستخدمي العنبر عبر الفم يعانون من إحساس مستمر بالغثيان والرغبة في التقيؤ، خصوصًا إذا كانت الجرعة عالية أو غير مخلوطة بشكل جيد مع المواد الأخرى.

• الحرقة المعوية: المركبات العطرية والراتنجية في العنبر قد تُسبب تهيج بطانة المعدة، ما يؤدي إلى شعور بحرقة مستمرة، وقد تزيد من خطر التقرحات المعدية لدى البعض.

• الإسهال أو الإمساك: لا توجد جرعة موحدة للاستخدام، مما يفتح الباب لظهور تفاعلات هضمية متباينة بين الإسهال الحاد أو الإمساك المزمن.

2. ردود الفعل التحسسية

• الطفح الجلدي والحكة: بعض الأفراد يظهرون رد فعل تحسسي عند تناول العنبر، يتمثل في حكة جلدية مزعجة وطفح جلدي قد يمتد لمناطق واسعة من الجسم.

• تورم الوجه أو الشفاه: في حالات فرط الحساسية النادرة، قد يتطور الأمر إلى تورم في الوجه أو الشفاه أو حتى صعوبة في التنفس، وهي حالة طبية حرجة تستدعي تدخلًا فوريًا.

3. تأثيرات على الكبد والكلى

الكبد هو العضو المسؤول عن تحليل المواد الكيميائية المعقدة في الجسم، والعنبر – بتركيبته العضوية الثقيلة – قد يُشكل عبئًا على الكبد، خصوصًا عند تناوله لفترات طويلة، ما قد يؤدي إلى ارتفاع إنزيمات الكبد أو التسبب في التهابات كبدية. كذلك قد تتراكم بعض مركبات العنبر في الكلى مما يؤثر على كفاءتها الوظيفية ويزيد من خطر الحصوات أو الفشل الكلوي في حالات الاستخدام المفرط أو طويل الأمد.

4. تأثيرات هرمونية محتملة

بعض الدراسات الأولية أشارت إلى أن المركبات العطرية والستيرولية الموجودة في العنبر قد تؤثر على النظام الهرموني للجسم، خاصة عند الاستخدام المزمن، مما قد يؤدي إلى:

• اضطراب في الدورة الشهرية لدى النساء

• تغيرات في المزاج

• تأثيرات على الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون والإستروجين

5. أضرار التسمين غير الصحي

التسمين السريع الناتج عن فتح الشهية بشكل مبالغ فيه عبر مواد منشطة مثل العنبر قد يؤدي إلى:

• تراكم الدهون في الكبد (الكبد الدهني)

• ارتفاع ضغط الدم

• زيادة مقاومة الإنسولين

• ارتفاع نسب الكوليسترول والدهون الثلاثية

جميع هذه الحالات تُعتبر عوامل خطر لأمراض القلب والسكري ومتلازمة الأيض.

رابعًا: تأثيرات نفسية وسلوكية لاستخدام العنبر

يُسوق العنبر على أنه وسيلة “سحرية” لزيادة الوزن، ما قد يُسبب نوعًا من الإدمان النفسي لدى المستخدمين، خصوصًا الفئات التي تعاني من اضطرابات في صورة الجسم (مثل النحافة المرضية). هذا الأمر يُعزز ممارسات غير صحية مثل:

• تجاهل التغذية السليمة

• الاعتماد على خلطات مجهولة المصدر

• اللجوء لاستخدام جرعات أكبر من العنبر دون استشارة طبية

هذه العوامل تؤدي إلى حلقة مفرغة من سوء التغذية والمضاعفات الصحية.

خامسًا: خطر التلوث في مصادر العنبر

العنبر الطبيعي مرتفع السعر ونادر، ما يفتح المجال لبيع منتجات مزيفة أو مغشوشة تحتوي على إضافات كيميائية ضارة، مثل:

• مواد صناعية معطرة

• شمع صناعي

• ملونات كيميائية

الخلطات التجارية التي تُباع تحت مسمى “عنبر للتسمين” قد لا تحتوي على العنبر أصلاً، بل على مواد صناعية خطيرة تسبب تسممًا كيميائيًا أو تلفًا في الأعضاء الحيوية.

سادسًا: الفئات الأكثر عرضة للخطر

الأطفال:

جهازهم الهضمي والكبدي لا يتحمل المركبات العطرية القوية، كما أن التفاعلات التحسسية لديهم أكثر حدة.

الحوامل:

قد يتسبب العنبر في تأثيرات هرمونية تُعرض الحمل للخطر، أو يُحفز انقباضات مبكرة في الرحم.

مرضى الكبد والكلى:

لديهم حساسية أكبر تجاه المركبات الثقيلة التي تحتاج إلى تصفية دقيقة من الجسم.

مرضى الحساسية أو الربو:

العنبر يمكن أن يُحفز نوبات الربو بسبب خصائصه العطرية، كما قد يسبب ضيقًا في الشعب الهوائية.

جدول توضيحي لأهم أضرار العنبر عند استخدامه للتسمين:

سابعًا: موقف الهيئات الطبية والصحية من استخدام العنبر

حتى وقت كتابة هذا المقال، لا توجد توصيات طبية أو إرشادات من منظمة الصحة العالمية (WHO) أو إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) توصي باستخدام العنبر كوسيلة لزيادة الوزن. بل على العكس، فإن العديد من الأطباء وخبراء التغذية يحذرون من استخدام المركبات غير الخاضعة للفحص السريري، مثل العنبر، بسبب غياب الجرعات الآمنة المعتمدة أو الدراسات السريرية الداعمة.

ثامنًا: البدائل الصحية لزيادة الوزن

بالمقابل، يمكن تحقيق زيادة الوزن بطريقة صحية وآمنة عبر:

• نظام غذائي عالي السعرات ويحتوي على البروتينات الصحية

• ممارسة التمارين الرياضية لزيادة الكتلة العضلية

• استخدام مكملات غذائية مُعتمدة من الجهات الصحية

• استشارة أخصائي تغذية لوضع خطة آمنة

تاسعًا: خاتمة علمية

العنبر قد يحمل بعض الخصائص الطبية عند استخدامه بشكل موضعي أو عطري، ولكن تناوله بهدف التسمين يحمل مخاطر جسيمة على صحة الإنسان. الاستناد إلى وصفات شعبية غير موثوقة دون وجود خلفية علمية أو إشراف طبي يمثل مخاطرة كبيرة، خاصة أن العنبر يحتوي على مركبات عضوية فعالة بيولوجيًا، وقد يُسبب تفاعلات ضارة غير متوقعة. الحفاظ على سلامة الجسم يمر عبر التغذية المتوازنة، والنمط الصحي السليم، والابتعاد عن التجارب غير المبنية على علم.

المراجع:

1. El-Hage, M. (2019). The Chemistry of Ambergris and Its Role in Traditional Medicine. Journal of Natural Products Research.

2. World Health Organization (WHO). Guidelines for the safe use of traditional medicines.