ديفيد أوجيلفي هو أحد أعظم الأساطير في تاريخ صناعة الإعلانات، وقد ترك إرثًا لا يُنسى في هذا المجال. يُعرف أوجيلفي بلقب “أب الإعلان الحديث”، ويُعتبر مؤسس وكالة “Ogilvy & Mather”، والتي أصبحت لاحقًا واحدة من أكبر وأهم وكالات الإعلانات في العالم. لطالما كان أوجيلفي ملتزمًا بالمبادئ التي جعلت منه شخصية محورية في تطور عالم الإعلان، وكانت مقولاته جزءًا أساسيًا من فلسفته التي أرسى بها الأسس التي يعتمد عليها المعلنون حتى اليوم.
فلسفة ديفيد أوجيلفي في الإعلان
إذا كانت هناك ميزة واضحة تميزت بها أعمال أوجيلفي فهي قدرته الفائقة على الجمع بين الفن والعلم في الإعلان. كان أوجيلفي يؤمن بأن الإعلانات هي مزيج من الإبداع الاستراتيجي والبحث المستمر عن الفعالية. في ذلك الوقت، كان الكثير من المعلنين يعتمدون على الأساليب التقليدية التي تركز بشكل رئيسي على العواطف، ولكن أوجيلفي أضاف إليها نهجًا مدروسًا وعلميًا يضمن تقديم رسائل إعلانية فاعلة ومؤثرة. ولذلك كانت مقولاته تشدد على ضرورة أن يكون الإعلان ذا قيمة حقيقية للمستهلك، بدلاً من أن يكون مجرد أداة تجذب الانتباه.
أشهر مقولات ديفيد أوجيلفي في عالم الإعلان
1. “الناس لا يحبون أن يُقال لهم ما يجب عليهم شراؤه، بل يحبون أن يُخبروا بما هو جيد لهم.”
أوجيلفي كان دائمًا يوصي بأن الإعلان يجب أن يكون ذا طابع تعليمي، لا مجرد ترويج مباشر لمنتج ما. كانت هذه المقولة تعكس رؤيته بأن الإعلانات يجب أن تركز على تقديم فائدة حقيقية للمستهلكين، وليس مجرد إقناعهم بشراء منتج. وتُعتبر هذه المقولة من الركائز الأساسية التي قام عليها إعلان “Ogilvy & Mather”.
2. “الإعلان الناجح هو الذي يجذب الانتباه، يثير الاهتمام، ثم يحفز الفعل.”
واحدة من أشهر مقولات أوجيلفي التي تلخص بشكل دقيق كيف يرى الإعلان الفعّال. فهو لم يكن يرى أن الإعلانات هي فقط لترويج المنتجات بل كانت ضرورة أن تثير اهتمام الجمهور، وتحفزهم على اتخاذ خطوة فعلية، مثل الشراء أو التواصل مع الشركة. وهذا الأسلوب كان يشكل جزءًا كبيرًا من فلسفته في الإعلان الذي يدمج بين الجذب والإقناع والعمل.
3. “إذا كنت ستبيع منتجًا، عليك أن تُظهر للمستهلك كيف سيحسن حياتهم.”
من أهم مقولات أوجيلفي التي تتعلق بمفهوم الإعلانات العملية التي تحمل قيمة حقيقية. أوجيلفي كان يعتقد أن الإعلانات يجب أن تُظهر بوضوح كيف يمكن للمنتج تحسين حياة الأشخاص. كان يؤمن بقوة أن كل منتج، بغض النظر عن نوعه، يجب أن يكون له تأثير إيجابي على المستهلكين.
4. “الإعلانات التي لا تبيع، هي إعلانات فاشلة.”
كان أوجيلفي قاسيًا في تقييمه للإعلانات التي لا تساهم في تحقيق مبيعات فعلية. إذ كان يعتبر أن كل إعلان يجب أن يكون موجها لتحقيق هدف واحد هو بيع المنتج أو الخدمة. وهذا يتماشى مع فلسفته التي ترى أن الإعلان يجب أن يكون أكثر من مجرد وسيلة لتقديم صورة مبتكرة أو جذابة عن المنتج.
5. “أفضل طريقة لكتابة إعلان هي أن تكتب كما لو أنك تتحدث إلى صديق.”
أوجيلفي كان يعارض الأسلوب المتكلف في الكتابة الإعلانية. كان يعتقد أن الإعلان يجب أن يكون طبيعيًا وبسيطًا، حتى يصل إلى أكبر عدد من الأشخاص. هذه المقولة تعكس فلسفته التي تقول إن الإعلان يجب أن يكون مفهوماً وواضحاً للجميع، دون تعقيدات أو أسلوب معقد.
6. “لا تستهين أبدًا بمقدار ما يمكن للتصميم الجيد أن يفعله لإعلانك.”
كان أوجيلفي دائمًا يولي اهتمامًا كبيرًا للتصميم الجرافيكي في إعلاناته. إذ كان يعتبر أن الشكل والمحتوى لا يمكن أن يفترقا، وأن تصميم الإعلان الجيد يمكن أن يكون له تأثير كبير على وصول الرسالة إلى الجمهور المستهدف. من خلال هذه المقولة، كان يشير إلى أن كل عنصر في الإعلان، بما في ذلك الصور والألوان، يجب أن يكون جزءًا من التجربة الشاملة التي تهدف إلى التأثير على المتلقي.
7. “الإعلان الجيد لا يقتصر على بيع منتج، بل يبيع فكرة.”
كان أوجيلفي يعتقد أن الإعلان ليس مجرد وسيلة للترويج للمنتجات، بل هو أيضًا أداة لبيع الأفكار. وهذا يعكس أهمية بناء العلامة التجارية والرسالة التي تحملها. من خلال هذه المقولة، أراد أن يوضح أن الإعلان يجب أن ينقل أكثر من مجرد رغبة في شراء شيء، بل يجب أن يعزز علاقة عاطفية وأيديولوجية مع الجمهور.
8. “لا تكتب الإعلان كما لو أنك تتحدث إلى جمهور، اكتب كما لو أنك تتحدث إلى شخص واحد.”
كان أوجيلفي يعتبر أن الإعلان لا يجب أن يكون موجهًا إلى جماهير ضخمة، بل يجب أن يشعر كل فرد من الجمهور بأنه موجه إليه بشكل شخصي. كان يعتقد أن كل مستهلك يجب أن يشعر بأن الإعلان يتحدث إليه مباشرة، ويعكس اهتمامات وحاجات شخصه الخاص.
9. “الفكرة الأكثر تأثيرًا هي تلك التي تجد جمهورها في المكان الذي يتواجد فيه.”
كان أوجيلفي يرى أن الإعلان يجب أن يكون استراتيجيًا، أي يجب أن يتم في اللحظة والمكان المناسبين. هذه المقولة تتعلق بأهمية تحديد السوق المستهدف بعناية واختيار الطريقة الأنسب للوصول إليه. أوجيلفي كان يؤمن أن الإعلان الناجح لا يقتصر فقط على الرسالة، بل على المكان والزمان المناسبين.
10. “أن تبيع هو أن تجعل الناس يؤمنون بأنهم بحاجة إلى ما تبيعه.”
أوجيلفي لم يكن يرى الإعلان كعملية إقناع مفروضة، بل كان يعتقد أن وظيفته هي إقناع الجمهور بأن ما يُعرض عليه هو الحل الأمثل لاحتياجاته. من خلال هذه المقولة، كان يشير إلى أن الإعلان يجب أن يركز على بناء قناعة في ذهن المستهلك.
أثر مقولات أوجيلفي على صناعة الإعلان
إن مقولات ديفيد أوجيلفي لم تقتصر فقط على كونه شخصًا قدّم أفكارًا جديدة في الإعلان، بل شكلت قاعدة لتطوير الكثير من استراتيجيات الإعلان الحديثة. فمفاهيمه حول الوضوح والفعالية والتوجيه الشخصي في الرسائل الإعلانية كانت مؤثرة للغاية. كذلك، كان يعتبر أن الإعلان يجب أن يكون عملية علمية مدروسة، وليست مجرد محاولة للفت الأنظار بشكل عشوائي.
لقد شكلت مبادئ أوجيلفي حجر الزاوية للعديد من وكالات الإعلان الحديثة، وأصبح العديد من المعلنين يتبنون فلسفته في تصميم الحملات الإعلانية التي تركز على القيمة الفعلية للمنتج بالنسبة للمستهلك. كما أن تركيزه على أهمية البحث والاختبارات المتواصلة في تحسين الأداء الإعلاني ألهم أجيالًا من المبدعين في مجال التسويق والإعلان.
خلاصة
لقد أرسى ديفيد أوجيلفي أسسًا متينة وصحيحة لإعلانات اليوم، وكان له دور كبير في تطويرها إلى فن وعلم حقيقيين. تعتمد العديد من الممارسات الإعلانية اليوم على المبادئ التي أرسى أوجيلفي من خلال مقولاته الشهيرة، والتي ظل تأثيرها ممتدًا على صناعة الإعلان لأكثر من نصف قرن.
