أشكال النجوم وتنوعها الفريد

كيف تكون أشكال النجوم

النجوم هي كرات ضخمة من البلازما المضيئة، تشكل جوهر الكون المرئي، وتأتي بأشكال وأحجام وأنواع متنوعة تختلف تبعاً لعدة عوامل فيزيائية وكيميائية. لفهم أشكال النجوم، يجب أولاً التمييز بين شكل النجوم من منظور بصري خارجي وبين البنية الفيزيائية الداخلية التي تحدد شكلها الحقيقي.

1. الشكل العام للنجوم: الكرة

بشكل عام، معظم النجوم تأخذ شكلاً كروياً تقريبياً. يعود السبب الرئيسي في ذلك إلى تأثير الجاذبية الذاتية التي تجذب المادة نحو المركز، ما يؤدي إلى توازن متوازن بين ضغط الغاز الداخلي وقوة الجاذبية. هذا التوازن يجعل النجوم تتخذ شكلاً كروياً، حيث يكون الضغط متساوياً في كل الاتجاهات.

يُعرف هذا الشكل في الفيزياء الفلكية بأنه “شكل هيدروستاتيكي متوازن” Hydrostatic Equilibrium، وهو الحالة التي يستقر فيها النجم عندما تتوازن قوة الجاذبية مع قوة الضغط الناشئ من الغازات الساخنة في داخله.

2. تأثير الدوران على شكل النجوم

على الرغم من أن الشكل الأساسي للنجوم كروي، إلا أن دوران النجوم حول محورها يمكن أن يؤثر على شكلها. في النجوم التي تدور بسرعة عالية، تكون قوة الطرد المركزي ناتجة عن الدوران قادرة على تعديل شكل النجم قليلاً ليصبح مفلطحاً عند القطبين ومنتفخاً عند خط الاستواء.

هذا الشكل يسمى “الشكل الإهليلجي المفلطح” Oblate Spheroid، حيث يقل نصف قطر النجم عند القطبين ويزيد عند خط الاستواء. سرعة الدوران تؤثر بشكل مباشر على درجة هذا التضخم، حيث يزداد مظهر النجم المفلطح مع زيادة سرعة الدوران.

مثال شهير على نجم ذو شكل مفلطح هو نجم “ألفا إريدياني” (Achernar) الذي يدور بسرعة عالية جداً، مما يجعل نصف قطره الاستوائي أكبر بنسبة 50% تقريباً من نصف القطر القطبي.

3. النجوم النابضة وأشكالها غير المنتظمة

هناك نوع آخر من النجوم تظهر فيها أشكال غير منتظمة أو متغيرة، وهي النجوم النابضة (Pulsating Stars) مثل نجوم السيفيد Cepheid Variables والنجوم ذات التغيرات الدورية في الحجم والسطوع. هذه النجوم تخضع لتقلبات داخلية تؤدي إلى تمدد وانكماش دوري في نصف قطرها، مما يجعل شكلها يتغير باستمرار.

النجوم النابضة لا تفقد شكلها الكروي تماماً، لكنها تظهر أشكالاً متغيرة بين مرحلة التمدد والانكماش، وهذا له تأثير كبير على إشعاعها وبالتالي على قياسات المسافات الفلكية.

4. تأثير الثنائيات النجمية على شكل النجوم

تؤثر علاقة النجوم الثنائية (Stars in Binary Systems) أيضاً على أشكال النجوم. في بعض الأنظمة الثنائية التي يكون فيها نجمان قريبين جداً من بعضهما، تتبادل الجاذبية بينهما قوى هائلة تؤدي إلى تشوهات في شكل النجوم، وتظهر بشكل يشبه القطع الناقص أو الأشكال المشوهة.

في هذه الأنظمة، قد يحدث ما يسمى بالانسياح المدّي (Tidal Distortion) حيث تسحب جاذبية نجم على الآخر بشكل يؤدي إلى تشوهات سطحية تظهر كتضخم باتجاه النجم الآخر، وهذا يغير من الشكل الكروي المثالي ويجعل النجوم تبدو أكثر بيضاوية أو مفلطحة من جهة معينة.

5. النجوم العملاقة والنجوم العملاقة الحمراء وأشكالها

تختلف أشكال النجوم العملاقة والعملاقة الحمراء عن النجوم القزمة العادية بسبب ضخامة أحجامها وبطء حركتها الدورانية، إضافة إلى عمليات التدفق الحراري والرياح النجمية التي قد تسبب تشوهات سطحية أو نفثات غازية.

هذه النجوم، بسبب حجمها الكبير ودرجة حرارتها المنخفضة نسبياً مقارنة بالنجوم القزمة مثل الشمس، قد تظهر بشكل غير منتظم أو مع تكتلات غازية وفوضوية حولها، تجعل من شكلها الخارجي يبدو مختلفاً وغير كروي تماماً.

6. تأثير المغناطيسية على شكل النجوم

تؤدي الحقول المغناطيسية القوية عند بعض النجوم إلى ظهور مظاهر سطحية مثل البقع النجمية أو الخيوط البلازمية التي تؤثر على الشكل الخارجي للسطح النجم. في النجوم النشطة مغناطيسياً، هذه الظواهر قد تجعل شكل السطح يبدو معقداً ويشبه التشوهات الطفيفة.

على سبيل المثال، النجوم الشابة والنشطة مثل نجوم T Tauri تظهر نشاطاً مغناطيسياً هائلاً يؤثر على شكل الطبقة الخارجية النجمية، مما يجعل شكلها الخارجي أكثر تعقيداً من الشكل الكروي المثالي.

7. تصنيف النجوم وأشكالها من حيث الحجم والسطوع

يمكن تصنيف النجوم حسب حجمها ودرجة سطوعها، وهو ما يرتبط بشكل غير مباشر بأشكالها الظاهرة وخصائصها الفيزيائية:

8. النجوم النيوترونية والثقوب السوداء: أشكال غير تقليدية

بعد انتهاء حياة بعض النجوم الضخمة، قد تتحول إلى نجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء. النجوم النيوترونية، على الرغم من صغر حجمها، تتمتع بكثافة هائلة وتشكل كرة صغيرة ذات حقل جاذبية قوي، شكلها كروي لكنه مضغوط بشكل هائل.

الثقوب السوداء، من الناحية النظرية، ليس لها شكل مادي ظاهر لكن الحلقات أو القرص التراكمي المحيط بها يظهر بشكل دائري أو قرصي، وهو تأثير بصري ناجم عن جاذبيتها الشديدة.

9. الخلاصة العلمية لأشكال النجوم

• النجوم الكروية: هي الشكل السائد بسبب توازن القوى الداخلية.

• الشكل المفلطح: يظهر في النجوم ذات الدوران السريع.

• التشوهات السطحية: تحدث بسبب تأثيرات الجاذبية الثنائية أو الحقول المغناطيسية.

• التغيرات الدورية في الشكل: خاصة في النجوم النابضة.

• الأشكال غير التقليدية: في النجوم المتطورة كالنيوترونية والثقوب السوداء.

هذا التنوع في أشكال النجوم يعكس تعقيد وتنوع العمليات الفيزيائية التي تحدث داخل النجوم وعلى أسطحها، مما يجعل دراسة شكل النجوم موضوعاً غنياً ومتفرعاً داخل علوم الفلك والفيزياء الفلكية.

مراجع

1. Carroll, B. W., & Ostlie, D. A. (2017). An Introduction to Modern Astrophysics. Cambridge University Press.

2. Kippenhahn, R., Weigert, A., & Weiss, A. (2012). Stellar Structure and Evolution. Springer.