أسباب وعلاج نقص الكالسيوم

نقص الكالسيوم: الأسباب، الأعراض، التشخيص والعلاج

يُعد الكالسيوم أحد العناصر المعدنية الأساسية التي يحتاجها جسم الإنسان بكميات دقيقة ولكن ثابتة للحفاظ على وظائفه الحيوية، وخاصة صحة العظام والأسنان، وانتقال الإشارات العصبية، وتخثر الدم، وانقباض العضلات. ويؤدي نقص الكالسيوم، سواء في الدم أو العظام أو الخلايا، إلى مجموعة من الاضطرابات التي قد تكون طفيفة أو شديدة حسب درجة النقص ومدته. ويُعرف هذا الاضطراب طبيًا باسم “نقص كلس الدم” (Hypocalcemia) عندما يكون تركيز الكالسيوم في الدم منخفضًا عن المعدلات الطبيعية، والتي تتراوح في الغالب بين 8.5 إلى 10.2 ملغ/ديسيلتر.

يتناول هذا المقال بصورة موسعة الجوانب المتعددة لنقص الكالسيوم، بدءًا من أسبابه، مرورًا بعلاماته وأعراضه المختلفة، وتشخيصه، ووصولاً إلى آليات الوقاية والعلاج الممكنة، مع التركيز على الجوانب الطبية والوظيفية الحيوية لهذا العنصر.

أهمية الكالسيوم في الجسم

يمثل الكالسيوم حوالي 1-2% من وزن الجسم، ويوجد أكثر من 99% منه في العظام والأسنان في صورة مركب هيدروكسي أباتيت، بينما تتوزع النسبة الباقية في الدم والسوائل الخلوية. وتكمن أهمية الكالسيوم في ما يلي:

• الحفاظ على كثافة العظام والأسنان

• تنظيم ضربات القلب

• نقل الإشارات العصبية

• انقباض العضلات الإرادية واللاإرادية

• تنشيط بعض الإنزيمات الحيوية

• تخثر الدم الطبيعي

أسباب نقص الكالسيوم

يتعدد السبب الكامن وراء انخفاض مستوى الكالسيوم في الجسم، ويعتمد على طبيعة الحالة، الفئة العمرية، والعوامل المصاحبة. من أبرز الأسباب:

1. نقص فيتامين د

فيتامين د ضروري لامتصاص الكالسيوم في الأمعاء. ونقصه يؤدي مباشرة إلى ضعف امتصاص الكالسيوم وظهور أعراض نقصه.

2. اضطرابات الغدة الجار درقية (Parathyroid glands)

تُفرز هذه الغدد هرمون PTH الذي ينظم مستوى الكالسيوم في الدم. نقص أو فشل هذه الغدد يسبب خللاً مباشراً في مستويات الكالسيوم.

3. أمراض الكلى المزمنة

تؤثر على تصنيع الشكل النشط من فيتامين د وتقلل من قدرة الكلى على إعادة امتصاص الكالسيوم.

4. نقص المغنيسيوم

المغنيسيوم ضروري لعمل الهرمون الجار درقي، ونقصه الشديد يعيق تنظيم الكالسيوم في الجسم.

5. سوء التغذية وسوء الامتصاص

نقص الكالسيوم في النظام الغذائي، أو أمراض الأمعاء مثل داء كرون أو الداء الزلاقي، يحدّ من امتصاص الكالسيوم.

6. الأدوية

بعض الأدوية مثل مدرات البول (التي تفرز الكالسيوم عبر البول)، وأدوية العلاج الكيميائي، والمضادات الحيوية من نوع أمينوغليكوزيد، تؤدي إلى نقصه.

7. الحمل والرضاعة

يزداد احتياج الجسم للكالسيوم خلال الحمل والرضاعة لدعم نمو الجنين وإنتاج الحليب، ما يعرض الأم لنقص محتمل.

8. متلازمات وراثية

بعض الحالات الوراثية النادرة مثل متلازمة دي جورج (DiGeorge Syndrome) تؤثر على تطور الغدة الجار درقية وتسبب نقص الكالسيوم.

أعراض نقص الكالسيوم

تختلف أعراض نقص الكالسيوم حسب شدته وسرعة تطوره، ويمكن تقسيمها إلى:

أعراض عصبية وعضلية

• وخز وتنميل في الأطراف والفم

• تشنجات عضلية لا إرادية، خاصة في الوجه واليدين والقدمين

• تقلصات عضلية مؤلمة

• فرط استثارة عصبية تؤدي إلى رعشة واختلاجات

• نوبات صرع في الحالات الشديدة

أعراض قلبية

• انخفاض ضغط الدم

• اضطراب في نظم القلب

• استطالة الفترة QT في تخطيط القلب الكهربائي

أعراض نفسية وعقلية

• التهيج والعصبية

• القلق والاكتئاب

• اضطرابات في الذاكرة والتركيز

أعراض جلدية وشعرية

• جفاف الجلد

• تساقط الشعر

• تكسر الأظافر

أعراض مزمنة في حال نقص طويل الأمد

• هشاشة العظام وترققها

• كسور متكررة

• مشاكل في النمو عند الأطفال

الفئات الأكثر عرضة لنقص الكالسيوم

• كبار السن

• النساء الحوامل والمرضعات

• الأطفال في سن النمو

• المرضى المصابون بأمراض مزمنة في الكلى أو الكبد

• المصابون باضطرابات هضمية

• النباتيون الصرف

• من يتناولون أدوية تؤثر على امتصاص الكالسيوم

تشخيص نقص الكالسيوم

يعتمد التشخيص على الجمع بين الأعراض السريرية والتحاليل المخبرية التي تشمل:

المضاعفات المرتبطة بنقص الكالسيوم

قد يؤدي استمرار نقص الكالسيوم بدون علاج إلى:

• لين العظام (Osteomalacia) لدى البالغين

• الكساح (Rickets) عند الأطفال

• هشاشة العظام

• نوبات صرعية

• تكلس غير طبيعي في الأنسجة الداخلية

• اضطرابات دائمة في القلب والجهاز العصبي

علاج نقص الكالسيوم

يعتمد العلاج على السبب وشدة النقص، ويتضمن:

1. المكملات الغذائية

• أقراص أو سوائل الكالسيوم مثل كربونات الكالسيوم أو سترات الكالسيوم.

• يجب تناول المكملات تحت إشراف طبي، خاصة إذا كان المريض يعاني من مشاكل كلوية.

2. فيتامين د

يُعطى في حالات النقص المصاحب بالكالسيوم، ويُفضّل استخدام شكل “كولي كالسيفيرول” أو “كالسيتريول” في حالات الفشل الكلوي.

3. علاج السبب الرئيسي

• مثل تصحيح اضطراب الغدة الجار درقية

• علاج نقص المغنيسيوم أو فيتامين د

• التوقف أو استبدال الأدوية المسببة

4. التغذية السليمة

• تعزيز النظام الغذائي بالأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل:

  • الحليب ومنتجات الألبان

  • السردين والسلمون

  • اللوز والبقوليات

  • الخضروات الورقية (كالسبانخ والكرنب)

5. الحالات الشديدة

يُعطى الكالسيوم الوريدي في الحالات الحرجة تحت مراقبة دقيقة في المستشفى، خاصة عند حدوث اختلاجات أو عدم انتظام في ضربات القلب.

الوقاية من نقص الكالسيوم

• اتباع نظام غذائي متوازن غني بالكالسيوم

• التعرض الكافي لأشعة الشمس لدعم إنتاج فيتامين د

• الاهتمام بنسب المغنيسيوم والفوسفات في الجسم

• الفحص الدوري للمسنين والمرضى بأمراض مزمنة

• تعديل نمط الحياة وتجنب التدخين والكحول

جدول المحتوى الكالسيومي لبعض الأطعمة

الخلاصة العلمية

نقص الكالسيوم هو اضطراب خطير قد تظهر أعراضه ببطء أو بصورة مفاجئة، ويتطلب تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا مبكرًا لمنع المضاعفات طويلة الأمد على العظام، القلب، الجهاز العصبي، والصحة العامة. الوقاية عبر التغذية السليمة والمتابعة الدورية تبقى أفضل وسيلة لتجنب هذه الحالة. ويجب أن يتم أي تدخل علاجي تحت إشراف طبي متخصص لضمان تحقيق التوازن المطلوب بين مستويات الكالسيوم والعناصر الأخرى ذات العلاقة.

المراجع:

1. National Institutes of Health (NIH) Office of Dietary Supplements – Calcium Fact Sheet
   
   https://ods.od.nih.gov/factsheets/Calcium-HealthProfessional

2. World Health Organization (WHO) – Calcium and Bone Health
   
   https://www.who.int