أسباب وعلاج نقص السوائل

نقص السوائل في الجسم: مخاطره، أعراضه، أسبابه، وطرق الوقاية

يُعد نقص السوائل في الجسم من الحالات الصحية الشائعة التي تتفاوت في خطورتها من حالة بسيطة يمكن تصحيحها بشرب الماء، إلى حالة حادة تهدد الحياة وتستلزم التدخل الطبي الفوري. يمثل توازن السوائل في الجسم عنصراً أساسياً لضمان سير العمليات الحيوية بشكل طبيعي، حيث تُشكل المياه حوالي 60% من كتلة الجسم لدى البالغين، وتدخل في تركيبة الدم، والسوائل الخلوية، والسائل بين الخلايا، وهي ضرورية في تنظيم درجة الحرارة، نقل المغذيات، التخلص من الفضلات، والحفاظ على وظائف الأعضاء.

يتناول هذا المقال الشامل جميع الجوانب المرتبطة بنقص السوائل، بما في ذلك الأعراض، الأسباب، الأنواع، التأثيرات الجهازية، الفئات الأكثر عرضة، المضاعفات المحتملة، وسائل الوقاية، واستراتيجيات التعويض الطبي والطبيعي.

أولاً: تعريف نقص السوائل

نقص السوائل في الجسم، أو ما يُعرف بـ”الجفاف” (Dehydration)، هو حالة تحدث عندما يفقد الجسم كمية من الماء أكثر من تلك التي يتم استهلاكها أو إدخالها إليه، مما يؤدي إلى اضطراب في التوازن المائي والإلكتروليتي للجسم. هذه الحالة قد تؤثر بشكل مباشر على نشاط الخلايا، الدورة الدموية، وظائف الكلى، الجهاز العصبي، وحتى على المستوى العقلي والمعرفي.

ثانياً: مستويات نقص السوائل

ينقسم نقص السوائل في الجسم إلى ثلاثة مستويات رئيسية:

ثالثاً: أسباب نقص السوائل

تتعدد الأسباب المؤدية إلى نقص السوائل، وتشمل عوامل فيزيولوجية، مرضية، وسلوكية، ومنها:

• الحرارة والتعرق الزائد: في البيئات الحارة، يزداد التعرق بشكل كبير مما يؤدي إلى فقدان كمية كبيرة من السوائل.

• الإسهال والقيء: تعد من أكثر الأسباب شيوعًا، خاصة عند الأطفال، حيث يُفقد الجسم كميات كبيرة من الماء والأملاح.

• الحمى: ترتفع حاجة الجسم إلى الماء مع ارتفاع درجة الحرارة، ما يؤدي إلى تسريع فقد السوائل.

• مرض السكري غير المسيطر عليه: حيث تؤدي زيادة مستوى السكر في الدم إلى التبول المفرط (Polyuria).

• الحروق: تؤدي إلى فقدان الماء من خلال الجلد المصاب.

• الإدرار المفرط بسبب الأدوية: مثل مدرات البول التي تُستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم أو فشل القلب.

• الصيام أو الامتناع عن شرب الماء لفترات طويلة.

• المجهود البدني العنيف دون تعويض السوائل المفقودة.

رابعاً: أعراض نقص السوائل

تختلف الأعراض تبعاً لشدة النقص، وتظهر على شكل علامات جسدية وسلوكية وعقلية:

أعراض جسدية:

• الشعور بالعطش الشديد

• جفاف الفم واللسان

• قلة التبول أو انعدامه

• بول داكن اللون

• جفاف الجلد وقلة مرونته

• تسارع ضربات القلب

• انخفاض ضغط الدم

• الإحساس بالدوار أو الدوخة خاصة عند الوقوف

أعراض عصبية ونفسية:

• صداع مستمر

• ضعف التركيز والارتباك الذهني

• التهيج أو الانفعال

• فقدان الوعي في الحالات المتقدمة

خامساً: الفئات الأكثر عرضة للإصابة بنقص السوائل

رغم أن نقص السوائل قد يصيب أي شخص، إلا أن هناك فئات تعتبر أكثر حساسية وتأثرًا بهذه الحالة، وتشمل:

• الأطفال الرضع: بسبب عدم قدرتهم على التعبير عن العطش، وسرعة فقدان السوائل عند الإصابة بالإسهال أو الحمى.

• كبار السن: بسبب تراجع الإحساس بالعطش، وتدهور وظائف الكلى، واعتمادهم على الغير أحيانًا لتوفير الماء.

• الرياضيون: خصوصًا في الألعاب التي تتطلب جهدًا بدنيًا عاليًا ولفترات طويلة.

• مرضى الأمراض المزمنة: مثل السكري، أمراض القلب، الفشل الكلوي.

• النساء الحوامل والمرضعات: لزيادة الحاجة إلى الماء خلال الحمل والرضاعة.

سادساً: مضاعفات نقص السوائل

عند تجاهل علاج نقص السوائل، قد يتعرض المصاب لمضاعفات صحية خطيرة، منها:

• فشل كلوي حاد نتيجة نقص التروية الكلوية

• صدمة نقص حجم الدم (Hypovolemic Shock)

• اضطرابات في نظم القلب بسبب اختلال مستويات الإلكتروليتات

• تشنجات عضلية ناتجة عن نقص البوتاسيوم والمغنيسيوم

• نوبات صرع في الحالات المتقدمة

• تخثر الدم وزيادة خطر الجلطات

• غيبوبة وربما الوفاة عند الجفاف الشديد غير المعالج

سابعاً: طرق الوقاية من نقص السوائل

تكمن الوقاية من الجفاف في الالتزام بعادات حياتية صحية وسلوكيات تغذوية سليمة، ومن أبرز وسائل الوقاية:

1. تناول كميات كافية من الماء يومياً: يتراوح الاحتياج اليومي للبالغين بين 2.5 إلى 3.5 لتر حسب النشاط والطقس.

2. زيادة شرب السوائل في الطقس الحار أو عند ممارسة الرياضة.

3. تعويض السوائل المفقودة بسرعة بعد التعرق أو الإسهال.

4. مراقبة لون البول كوسيلة بسيطة لتقدير حالة الترطيب (كلما كان داكنًا، زادت الحاجة للماء).

5. الاعتماد على الفواكه والخضروات الغنية بالماء مثل البطيخ، الخيار، البرتقال، والخس.

6. التقليل من الكافيين والكحول لأنها مدرة للبول.

7. مراقبة الأطفال وكبار السن للتأكد من حصولهم على السوائل الكافية.

ثامناً: العلاج والتعويض

يعتمد علاج نقص السوائل على درجة الجفاف وحالة المريض العامة:

في حالات الجفاف الخفيف:

• شرب الماء أو العصائر الطبيعية غير المحلاة.

• تناول محاليل الإماهة الفموية (Oral Rehydration Solutions) التي تحتوي على أملاح وجلوكوز للمساعدة في امتصاص الماء.

في حالات الجفاف المتوسط إلى الشديد:

• إعطاء سوائل وريدية (IV fluids) تحت إشراف طبي.

• معالجة السبب الأساسي (مثل علاج الإسهال أو الحمى أو التوقف عن الدواء المسبب للجفاف).

• مراقبة وظائف الكلى، وتوازن الإلكتروليتات، والتدخل عند حدوث خلل.

تاسعاً: الفرق بين نقص الماء ونقص الأملاح

من المهم التفريق بين “نقص الماء” و”نقص الإلكتروليتات”، فقد يحدث أحيانًا:

• نقص ماء فقط: ويُعوض بشرب الماء.

• نقص في الماء والأملاح: وهنا يجب تعويض الصوديوم والبوتاسيوم إلى جانب الماء.

• نقص في الأملاح مع وجود كمية ماء كافية: مثل حالات التسمم بالماء أو التعرق المفرط دون تعويض إلكتروليتي.

في الحالات الأخيرة، قد يؤدي شرب الماء فقط دون تعويض الأملاح إلى حالة خطيرة تُعرف بـ”نقص صوديوم الدم” (Hyponatremia).

عاشراً: الأثر العصبي والمعرفي لنقص السوائل

تشير الأبحاث إلى أن نقص السوائل، حتى في مستوياته الخفيفة، يمكن أن يؤثر سلبًا على:

• المزاج: زيادة الشعور بالتوتر أو الكآبة.

• التركيز والانتباه: ضعف في أداء المهام الذهنية.

• الذاكرة قصيرة المدى: صعوبة في استدعاء المعلومات الحديثة.

• سرعة رد الفعل: خاصة لدى السائقين أو العاملين في بيئات خطرة.

لهذا فإن الحفاظ على الترطيب الجيد لا يتعلق فقط بالجسم، بل يؤثر أيضاً على الأداء العقلي والذهني.

الحادي عشر: توصيات غذائية وسلوكية للمحافظة على الترطيب

المصادر:

• Mayo Clinic. Dehydration. https://www.mayoclinic.org

• World Health Organization (WHO). Oral Rehydration Salts: Treatment of Dehydration. [https://www.who.int]