أسباب وعلاج تضخم الكبد

ما هو سبب تضخم الكبد؟

تضخم الكبد أو ما يعرف بـ “التهاب الكبد” هو حالة طبية يعاني فيها الشخص من زيادة في حجم الكبد عن الحجم الطبيعي. يعتبر الكبد أحد أهم الأعضاء في الجسم البشري، حيث يعمل كمصفاة سموم، ويلعب دوراً حيوياً في عمليات الهضم، والأيض، وتخزين الطاقة. وعندما يحدث تضخم للكبد، قد يكون هذا مؤشراً على وجود مشكلة صحية في الجسم تتطلب الانتباه والعلاج الفوري.

يعتبر تضخم الكبد عرضاً لعدد من الأمراض المختلفة، ويظهر عادة عندما يعجز الكبد عن أداء وظائفه الحيوية بشكل صحيح بسبب التورم أو الالتهاب أو حتى تراكم المواد غير الطبيعية فيه. في هذا المقال، سنستعرض الأسباب المختلفة التي قد تؤدي إلى تضخم الكبد، وكيفية تشخيصها، وطرق علاجها، بالإضافة إلى الوقاية منها.

1. أسباب تضخم الكبد

1.1 التهابات الكبد الفيروسية

تعد التهابات الكبد الفيروسية من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى تضخم الكبد. وتشمل هذه الفيروسات:

• فيروس التهاب الكبد A: ينتقل هذا الفيروس عن طريق المياه الملوثة أو الطعام الملوث، ويسبب التهاباً حاداً في الكبد، مع أعراض مثل اليرقان (اصفرار الجلد والعينين) والتعب العام والغثيان.

• فيروس التهاب الكبد B: ينتقل عن طريق الدم أو الاتصال الجنسي، وقد يؤدي إلى إصابة الكبد بأضرار شديدة إذا لم يُعالج بشكل صحيح.

• فيروس التهاب الكبد C: ينتقل هذا الفيروس عادة عن طريق نقل الدم الملوث أو الأدوات الطبية غير المعقمة، وقد يؤدي إلى تليف الكبد إذا ترك بدون علاج.

• فيروس التهاب الكبد D و E: أقل شيوعاً، لكنهما يمكن أن يسببان التهاباً حاداً في الكبد، وقد يرتبط فيروس D بحالات التليف الكبدي في حال وجود التهاب الكبد B.

1.2 أمراض الكبد الدهنية

تعد أمراض الكبد الدهنية من الأسباب الشائعة لتضخم الكبد، وتحدث عندما تتراكم الدهون الزائدة في خلايا الكبد. وتنقسم هذه الأمراض إلى نوعين:

• الكبد الدهني غير الكحولي: هذا النوع يحدث نتيجة تراكم الدهون في الكبد دون وجود علاقة مباشرة بتناول الكحول. يمكن أن يتسبب في التهاب الكبد وتدهور وظائفه.

• الكبد الدهني الكحولي: يحدث هذا النوع نتيجة للإفراط في تناول الكحول لفترات طويلة. يؤدي الكحول إلى تراكم الدهون في خلايا الكبد مما يسبب التهاباً وتدهوراً في وظائفه.

1.3 التسمم بالكحول والمخدرات

الاستخدام المزمن للكحول أو بعض أنواع المخدرات قد يؤدي إلى تراكم السموم في الكبد. الكحول، على سبيل المثال، يتسبب في تدمير خلايا الكبد مع مرور الوقت ويزيد من احتمالية الإصابة بتضخم الكبد. المخدرات مثل المواد الأفيونية والكوكاين قد تؤدي أيضاً إلى تضرر الكبد وزيادة حجمه.

1.4 اضطرابات المناعة الذاتية

يُصاب بعض الأفراد بما يعرف بـ التهاب الكبد المناعي الذاتي، حيث يهاجم جهاز المناعة في الجسم خلايا الكبد عن طريق الخطأ. ينتج عن هذا الالتهاب المزمن تورم الكبد، ويمكن أن يؤدي في النهاية إلى تليف الكبد أو الفشل الكبدي إذا لم يتم التحكم في المرض بشكل صحيح.

1.5 التليف الكبدي

التليف الكبدي هو مرحلة متقدمة من التهاب الكبد المزمن الذي يحدث عندما يحاول الكبد إصلاح نفسه بعد التعرض المستمر للضرر. يتسبب التليف الكبدي في تكون أنسجة ندبية داخل الكبد، مما يؤدي إلى تضخم الكبد وفقدان قدرته على أداء وظائفه الطبيعية.

1.6 بعض الأدوية والعقاقير

بعض الأدوية قد تتسبب في تضخم الكبد كأثر جانبي. الأدوية مثل الأسيتامينوفين، والمضادات الحيوية، والأدوية المضادة للفطريات يمكن أن تسبب تسمماً في الكبد، مما يؤدي إلى التهاب وتضخم في خلاياه. كما أن بعض أدوية العلاج الكيميائي قد تضر بالكبد وتؤدي إلى تضخمه.

1.7 الأورام والتكيسات

قد يحدث تضخم الكبد بسبب وجود أورام سواء كانت خبيثة أو حميدة. يمكن أن تسبب الأورام السرطانية أو الكيسات الكبديّة في زيادة حجم الكبد بشكل ملحوظ. غالباً ما يتم تشخيص الأورام الكبديّة بواسطة الفحوصات التصويرية مثل الموجات فوق الصوتية أو الرنين المغناطيسي.

1.8 أمراض وراثية

بعض الأمراض الوراثية قد تؤدي إلى تضخم الكبد. على سبيل المثال، يُعتبر مرض ويلسون أحد الأمراض الوراثية التي تؤدي إلى تراكم النحاس في الكبد، مما يسبب تلفاً وتضخماً في خلاياه. كذلك، مرض التليف الكيسي يؤثر على الكبد وقد يؤدي إلى تضخمه نتيجة لتراكم المخاط السميك في خلاياه.

2. أعراض تضخم الكبد

يُعتبر تضخم الكبد في مراحله المبكرة غالباً غير مصحوب بأي أعراض واضحة. ومع تقدم الحالة، قد يشعر المريض ببعض الأعراض التي قد تشير إلى وجود مشكلة صحية في الكبد. تشمل هذه الأعراض:

• اليرقان (اصفرار الجلد والعينين): يحدث نتيجة تراكم مادة البيليروبين في الدم بسبب عجز الكبد عن معالجتها بشكل صحيح.

• ألم أو شعور بالامتلاء في الجانب الأيمن من البطن: خاصة في المنطقة التي يقع فيها الكبد.

• التعب العام وفقدان الشهية: وهو من الأعراض الشائعة في معظم حالات التهاب الكبد.

• الغثيان والقيء: قد يعاني الشخص من شعور دائم بالغثيان، مما يفاقم أعراض الحالة.

• تورم القدمين والبطن: يمكن أن يحدث هذا نتيجة لاحتباس السوائل بسبب فشل الكبد في أداء وظائفه بشكل صحيح.

• البول الداكن والبراز الفاتح: نتيجة لمشاكل في معالجة الصفراء من قبل الكبد.

3. تشخيص تضخم الكبد

تشخيص تضخم الكبد يتطلب مجموعة من الفحوصات والاختبارات الطبية التي تهدف إلى تحديد السبب الدقيق للحالة. تشمل هذه الفحوصات:

• الفحص البدني: يقوم الطبيب بالتحقق من حجم الكبد عن طريق الفحص الجسدي، وقد يستخدم جهاز الموجات فوق الصوتية لتحديد مدى التورم.

• التحاليل المخبرية: تشمل اختبارات وظائف الكبد مثل قياس مستويات الإنزيمات الكبديّة (مثل ALT و AST) والتي ترتفع عند تلف الكبد.

• الأشعة التشخيصية: مثل الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير بالموجات فوق الصوتية لتحديد حالة الكبد وتحديد وجود أي أورام أو تكيسات.

• خزعة الكبد: في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بإجراء خزعة من الكبد لفحص الأنسجة تحت المجهر وتحليل مدى تضرر الكبد.

4. علاج تضخم الكبد

تعتمد خيارات العلاج على السبب الذي أدى إلى تضخم الكبد. يمكن تقسيم العلاج إلى عدة محاور:

4.1 علاج الأمراض الفيروسية

• فيروسات التهاب الكبد A و B و C: تتطلب بعض الحالات علاجاً بالأدوية المضادة للفيروسات، مثل أدوية مثل الإنترفيرون و سوفوسبوفير لفيروس C، بينما قد يتطلب فيروس التهاب الكبد B علاجاً طويل الأمد باستخدام أدوية مضادة للفيروسات مثل تينوفوفير أو لَميفودين.

4.2 التوقف عن تناول الكحول

إذا كان السبب هو تناول الكحول، فإن التوقف عن شرب الكحول يعتبر الخطوة الأولى في العلاج. قد يكون من الضروري إجراء برنامج علاجي شامل يتضمن الدعم النفسي والتأهيلي للأشخاص الذين يعانون من إدمان الكحول.

4.3 التغذية والعناية بالحياة اليومية

• اتباع نظام غذائي صحي: يساعد الحفاظ على وزن صحي وتناول غذاء متوازن في الوقاية من الكبد الدهني وأمراضه.

• التقليل من الدهون والسكريات: من خلال تقليل تناول الأطعمة التي تحتوي على كميات عالية من الدهون المشبعة أو السكريات المضافة.

4.4 العلاج الجراحي

في بعض الحالات، مثل الأورام الكبديّة أو التليف الكبدي الحاد، قد يحتاج المريض إلى إجراء عملية جراحية لإزالة الأنسجة المصابة أو حتى عملية زرع كبد في حالات الفشل الكبدي المتقدم.

5. الوقاية من تضخم الكبد

الوقاية من تضخم الكبد تتطلب الالتزام بعادات صحية سليمة، مثل:

• تجنب شرب الكحول بشكل مفرط.

• ممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على وزن صحي.

• اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والبروتينات الصحية.

• الابتعاد عن التدخين.

• التأكد من تلقي اللقاحات المناسبة ضد التهاب الك