ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة

ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة من المشكلات الصحية الشائعة التي تثير قلق الأهل بشكل كبير، لما له من تأثير مباشر على صحة الرضيع وسلامته. يعبر ارتفاع درجة الحرارة عن استجابة الجسم لمجموعة متنوعة من العوامل، منها العدوى، الالتهابات، أو حتى أسباب غير مرضية، لذلك من الضروري فهم أسبابها، طرق تشخيصها، كيفية التعامل معها، وأهمية المتابعة الطبية المستمرة. في هذا المقال سيتم تناول موضوع ارتفاع حرارة الطفل حديث الولادة بشكل مفصل علمي، يغطي الجوانب الطبية، الوقائية، والعلاجية، مع التركيز على تقديم معلومات موثوقة وشاملة.

تعريف ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة

ارتفاع درجة حرارة الجسم عند الأطفال حديثي الولادة يعني زيادة في حرارة الجسم عن المعدل الطبيعي. ويُعتبر معدل درجة الحرارة الطبيعي عند الأطفال حديثي الولادة بين 36.5 إلى 37.5 درجة مئوية، حيث يمكن قياسها عن طريق الفم، الإبط، أو المستقيم. وعندما تتجاوز الحرارة 38 درجة مئوية يُطلق عليها حالة “الحمى” أو “ارتفاع درجة الحرارة”.

هذه الحالة تعبر عادة عن محاولة الجسم مقاومة عدوى أو التهاب ما، لكن قد يكون ارتفاع الحرارة في الرضع علامة على وجود مشكلة صحية خطيرة تستدعي الانتباه والعلاج الفوري.

أسباب ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة، ويمكن تصنيفها إلى أسباب مرضية وأخرى غير مرضية:

1. الأسباب المرضية

• العدوى البكتيرية والفيروسية: من أكثر الأسباب شيوعًا، حيث يكون الجهاز المناعي لدى حديثي الولادة غير مكتمل، مما يجعلهم عرضة للإصابة بالعدوى مثل التهابات الجهاز التنفسي، التهابات المسالك البولية، أو التهاب الدم (الإنتان).

• الالتهابات الموضعية: مثل التهاب الأذن أو الجلد، حيث تسبب الالتهابات الموضعية ارتفاعاً في الحرارة كرد فعل مناعي.

• التهابات الجهاز العصبي المركزي: مثل التهاب السحايا، والتي تعد من الحالات الطارئة التي يصاحبها ارتفاع شديد في درجة الحرارة مع أعراض أخرى.

• الالتهابات الناتجة عن الفطريات أو الطفيليات: أقل شيوعاً، لكنها ممكنة في حالات ضعف المناعة أو العناية الصحية غير السليمة.

2. الأسباب غير المرضية

• ارتفاع درجة حرارة البيئة: خاصة في حالات تعرض الطفل لبيئة حارة أو ارتداء طبقات كثيرة من الملابس، مما يؤدي إلى ارتفاع حرارته بشكل غير حقيقي.

• تفاعل مع التطعيمات: بعض اللقاحات قد تسبب ارتفاع مؤقت في درجة الحرارة كرد فعل مناعي طبيعي.

• تغيرات التمثيل الغذائي: كزيادة النشاط أو البكاء الشديد، التي قد تؤدي إلى ارتفاع مؤقت في الحرارة.

• احتباس الحرارة: بسبب تغطية الطفل بكثرة أو تغطيته ببطانيات ثقيلة، خصوصاً في المناخات الحارة.

كيفية قياس درجة حرارة الطفل حديث الولادة بدقة

لقياس درجة حرارة الطفل حديث الولادة بشكل دقيق، يُفضل استخدام الطرق التالية:

• القياس الشرجي (Rectal): هو الأكثر دقة وينصح به للرضع، حيث يعكس درجة حرارة الجسم الحقيقية. يجب استخدام مقياس حرارة رقمي مخصص لهذا الغرض، مع الحرص على تعقيمه قبل وبعد الاستخدام.

• القياس تحت الإبط (Axillary): طريقة آمنة وسهلة لكنها أقل دقة، تستخدم كطريقة أولية أو متابعة.

• القياس عبر الفم: غير شائع عند حديثي الولادة بسبب صعوبة التطبيق.

• القياس بالأذن (Tympanic): قد لا يكون دقيقًا في الأطفال حديثي الولادة بسبب صغر حجم قناة الأذن.

الأعراض المصاحبة لارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة

إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة، قد تظهر على الطفل أعراض أخرى تساعد في تحديد سبب الحمى ومدى خطورتها، منها:

• النعاس المفرط أو الانفعال الشديد

• فقدان الشهية والرضاعة السيئة

• التنفس السريع أو الصعب

• القيء أو الإسهال

• الطفح الجلدي

• الارتعاش أو الضعف العضلي

• الصفير أو السعال

• تورم أو احمرار في مكان معين من الجسم

وجود أي من هذه الأعراض مع ارتفاع الحرارة يتطلب تقييمًا طبيًا فوريًا.

مخاطر ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة

ارتفاع درجة الحرارة عند حديثي الولادة لا يجب تجاهله، فقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل:

• الجفاف: بسبب فقدان السوائل نتيجة الحمى أو القيء.

• النوبات الحرارية: والتي يمكن أن تؤثر على الجهاز العصبي، وتكون أكثر شيوعًا عند الأطفال الصغار.

• تدهور الحالة الصحية السريع: خاصة عند وجود عدوى بكتيرية خطيرة كالتهاب السحايا أو الإنتان.

• تأخر النمو والتطور: في حالات الحمى المتكررة أو المزمنة.

لذلك تعتبر المراقبة الدقيقة وتلقي العلاج المناسب من الأمور الحيوية.

خطوات التعامل مع ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة في المنزل

عند ملاحظة ارتفاع درجة حرارة الطفل، من المهم اتباع عدة خطوات تساعد في تقليل الحرارة وتوفير الراحة:

1. تخفيف الملابس

تجنب تغطية الطفل بملابس ثقيلة أو بطانيات كثيرة، وارتداء ملابس خفيفة تسمح بتهوية الجسم.

2. الحفاظ على رطوبة الجسم

إرضاع الطفل بشكل منتظم لتجنب الجفاف، مع مراقبة عدد مرات التبول والتبرز.

3. تبريد الجسم

يمكن تبريد الجسم باستخدام قطعة قماش مبللة بالماء الفاتر ومسح جسم الطفل، مع تجنب الماء البارد الذي قد يسبب ارتجافًا.

4. استخدام الأدوية الخافضة للحرارة

• الباراسيتامول (Acetaminophen): آمن للأطفال حديثي الولادة بجرعات محددة حسب وزن الطفل وعمره.

• الإيبوبروفين: يمكن استخدامه للأطفال فوق عمر 6 أشهر فقط، ويجب تجنب استخدامه لحديثي الولادة.

يجب عدم إعطاء أي أدوية دون استشارة الطبيب لتفادي المضاعفات.

متى يجب استشارة الطبيب فوراً؟

في حالات معينة، يجب الذهاب للطبيب أو الطوارئ مباشرة دون تأخير، وهي:

• ارتفاع درجة الحرارة فوق 38 درجة مئوية مع عمر الطفل أقل من 3 أشهر.

• وجود أعراض خطيرة مثل صعوبة في التنفس، النعاس المفرط، القيء المستمر، أو الطفح الجلدي.

• عدم استجابة الحمى للعلاج المنزلي خلال 24 ساعة.

• ظهور علامات الجفاف مثل جفاف الفم، قلة التبول، أو غياب الدموع عند البكاء.

• حدوث نوبات أو تشنجات.

الوقاية من ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة

الوقاية تظل أفضل وسائل الحماية من ارتفاع الحرارة والأمراض المرتبطة بها عند الأطفال حديثي الولادة، وتتمثل في:

• النظافة الشخصية والبيئية: غسل اليدين جيدًا قبل التعامل مع الطفل، وتعقيم الأدوات المستخدمة.

• تجنب ملامسة المرضى: خصوصًا خلال الأشهر الأولى التي يكون فيها الجهاز المناعي ضعيفًا.

• المتابعة الطبية الدورية: للتأكد من سلامة الطفل وصحته.

• التطعيمات في مواعيدها: للوقاية من الأمراض المعدية.

• توفير بيئة معتدلة الحرارة: مناسبة لطفل حديث الولادة وعدم تعريضه لدرجات حرارة مرتفعة أو منخفضة بشكل مفاجئ.

تأثير ارتفاع درجة حرارة الطفل على الجهاز المناعي والتطور

يرى بعض الأطباء أن ارتفاع درجة الحرارة هو رد فعل طبيعي وصحي للجسم يقاوم العدوى، إذ تساعد الحمى على تحفيز خلايا المناعة وإبطاء نمو بعض الكائنات الدقيقة. لكن في الأطفال حديثي الولادة، قد يكون تأثير الحمى على الجهاز العصبي أكثر حساسية، مما يجعل التعامل معها بحذر ضرورة ملحة.

ارتفاع الحرارة المتكرر أو المزمن قد يؤثر سلبًا على نمو الطفل، خاصة في الشهور الأولى التي تعتبر مرحلة حرجة لنمو الجهاز العصبي والبدني. لذلك يجب مراقبة الحالة الصحية للطفل بشكل دقيق ومتابعة أي تغيرات قد تطرأ.

الجدول التالي يوضح الفروقات بين طرق قياس درجة حرارة الطفل ومزايا كل منها:

خاتمة

يعد ارتفاع درجة حرارة الطفل حديث الولادة مؤشرًا هامًا يعكس حالة صحته ويستدعي مراقبة دقيقة وفهمًا جيدًا من الأهل. تتنوع أسباب الحمى ما بين بسيطة وغير خطيرة إلى أمراض تتطلب علاجًا طارئًا، مما يجعل التعرف على العلامات المصاحبة وتطبيق الإجراءات الوقائية أمراً حيوياً. من خلال الاهتمام بقياس درجة حرارة الطفل بدقة، توفير البيئة المناسبة، وإدارة الحالة بشكل صحيح، يمكن تقليل المخاطر المحتملة وتأمين نمو صحي للطفل. متابعة الطبيب في الوقت المناسب تبقى خطوة أساسية لضمان التشخيص الصحيح والعلاج المناسب في كل حالة.

المصادر والمراجع

1. كتاب “طب الأطفال: المجلد الأول” للدكتور عبد الله الغامدي، الطبعة الثالثة، 2020.

2. دليل منظمة الصحة العالمية لحديثي الولادة، 2023.