أسباب وخز اليدين

يُعد وخز اليدين من الأعراض الشائعة التي قد يعاني منها كثير من الأشخاص في مراحل مختلفة من حياتهم. قد يكون هذا الشعور بسيطًا ومؤقتًا، أو متكررًا ومستمرًا، وقد يشير في بعض الحالات إلى وجود مشاكل صحية تتطلب اهتمامًا طبيًا دقيقًا. يتجلى الوخز غالبًا كإحساس بالوخز أو التنميل أو الخدر في اليدين، وهو شعور شبيه بوخز الإبر أو الخدر الذي قد يترافق مع ضعف في حركة اليد أو ألم في بعض الأحيان. لفهم أسباب هذا العرض بشكل مفصل، لا بد من استعراض العوامل والظروف المختلفة التي قد تؤدي إلى حدوث وخز اليدين، مع التطرق إلى آليات الإصابة، والأمراض المرتبطة به، وكذلك العوامل المحفزة.

مفهوم وخز اليدين

الوشز أو التنميل هو إحساس غير طبيعي غالبًا ما يُوصف على أنه شعور بوخز الإبر أو خدر في اليد أو أحد أصابعها. قد يحدث هذا الشعور نتيجة لانضغاط الأعصاب أو اضطراب في تدفق الدم، أو اختلال في النشاط العصبي. في بعض الحالات، يكون الوخز عابرًا وينجم عن وضعية معينة أو نشاط معين، وفي حالات أخرى يكون علامة تحذيرية لمشاكل صحية أكثر تعقيدًا.

الأسباب العصبية لوخز اليدين

تعد اضطرابات الأعصاب من أبرز أسباب وخز اليدين، حيث يمكن أن تنجم عن انضغاط أو التهاب أو تلف في الأعصاب الطرفية أو العصب الوسيط (العصب المتوسط) الذي يمر عبر معصم اليد.

1. متلازمة النفق الرسغي (Carpal Tunnel Syndrome)

تعتبر متلازمة النفق الرسغي من أشهر الأسباب العصبية لحدوث وخز وتنميل اليدين، خاصة في الأصابع الثلاثة الأولى (الإبهام، السبابة، والوسطى). تحدث هذه المتلازمة نتيجة ضغط العصب المتوسط الذي يمر عبر قناة ضيقة في معصم اليد، مما يؤدي إلى اضطراب الإحساس وضعف حركة العضلات التي يغذيها هذا العصب. وتزداد فرص الإصابة بهذه الحالة بسبب الحركات المتكررة للمعصم أو الإصابات، أو أمراض مثل السكري والروماتويد.

2. الاعتلال العصبي المحيطي (Peripheral Neuropathy)

ينتج الاعتلال العصبي المحيطي عن تلف الأعصاب الطرفية، وقد يكون سببه عدة عوامل مثل السكري، التعرض للسموم، نقص فيتامينات معينة (خصوصًا فيتامين ب12)، أو الأمراض المزمنة. هذا الاعتلال يؤدي إلى ظهور أعراض مثل وخز اليدين، التنميل، وضعف العضلات، وأحيانًا ألم حارق.

3. الانزلاق الغضروفي العنقي (Cervical Disc Herniation)

عندما يحدث انزلاق غضروفي في الفقرات العنقية، قد يضغط القرص المنزلق على الأعصاب التي تغذي اليدين، مسببة وخزًا وتنميلاً وألمًا يمتد إلى الذراع واليد. قد يصاحب هذا الوخز ضعف في قوة القبضة أو حركة الأصابع.

4. التهاب الأعصاب (Neuritis)

التهاب الأعصاب يمكن أن يكون ناتجًا عن عدوى، إصابة مباشرة، أو أمراض مناعية مثل التصلب اللويحي، مما يؤدي إلى تغيرات في الإحساس تشمل الوخز والخدر.

الأسباب الدموية والوعائية

تؤدي مشاكل الدورة الدموية وانخفاض تدفق الدم إلى اليدين إلى ظهور وخز وتنميل. من بين هذه الأسباب:

1. متلازمة رينود (Raynaud’s Phenomenon)

هي حالة تتسم بتقلص مفاجئ للأوعية الدموية الصغيرة في الأصابع بسبب البرودة أو التوتر، مما يقلل تدفق الدم ويؤدي إلى وخز وألم وتغير لون الأصابع إلى الأبيض أو الأزرق.

2. انخفاض ضغط الدم أو اضطراب تدفق الدم

عندما ينخفض ضغط الدم بشكل كبير أو يحدث انسداد في الأوعية الدموية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى نقص تروية اليدين مسببا وخزًا وتنميلاً.

الأسباب الميكانيكية والوظيفية

1. وضعيات الجلوس أو النوم الخاطئة

الجلوس أو النوم بوضعية تضغط على الأعصاب أو الأوعية الدموية في اليد أو الذراع قد يؤدي إلى شعور مؤقت بالوخز أو التنميل. هذا يحدث عادة بسبب انضغاط العصب المتوسط أو العصب الزندي في مناطق مثل الكوع أو الرسغ.

2. الإصابات والرضوض

إصابات اليد، المعصم، أو الذراع التي تؤدي إلى تورم أو كسر قد تسبب ضغطًا على الأعصاب، مما ينتج عنه وخز أو خدر في اليد.

أسباب مرضية متنوعة

1. السكري

يعد السكري من الأسباب الرئيسية لحدوث اعتلال الأعصاب الطرفية، حيث تؤثر المستويات العالية من السكر في الدم على الأعصاب الدقيقة في اليدين، مسببة وخزًا وتنميلاً وأحيانًا ألمًا مزمنًا.

2. نقص الفيتامينات والمعادن

نقص فيتامينات ب خاصة ب12، ب6، وحمض الفوليك يؤثر على صحة الأعصاب ويؤدي إلى أعراض مثل الوخز والتنميل. كذلك نقص المغنيسيوم يمكن أن يسبب أعراضًا عصبية مشابهة.

3. الأمراض الروماتيزمية

مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة الحمراء قد تسبب التهاب الأعصاب أو ضغطًا على الأعصاب الطرفية، مما يؤدي إلى وخز اليدين.

4. التصلب المتعدد (Multiple Sclerosis)

مرض مناعي ذاتي يصيب الجهاز العصبي المركزي، يؤدي إلى تلف في الأعصاب مع أعراض منها الوخز والتنميل في اليدين والذراعين.

عوامل أخرى تساهم في وخز اليدين

• الضغط النفسي والتوتر: يمكن أن يؤدي التوتر والقلق المزمن إلى تنشيط الجهاز العصبي الودي، مما يسبب توتر العضلات وضعف في تدفق الدم وحدوث وخز في الأطراف.

• تناول بعض الأدوية: بعض الأدوية مثل أدوية العلاج الكيميائي أو أدوية القلب قد تسبب اعتلال الأعصاب الجانبي كأحد الآثار الجانبية.

• التعرض للسموم: مثل الكحول أو المعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق التي تؤثر على الأعصاب.

تشخيص وخز اليدين

تتطلب عملية التشخيص جمع معلومات دقيقة عن طبيعة الوخز، تكراره، مدته، الأعراض المصاحبة، والتاريخ الطبي للمريض. تشمل أدوات التشخيص:

• الفحص السريري العصبي لتقييم قوة العضلات وردود الفعل.

• دراسات تخطيط الأعصاب (Electromyography – EMG) لقياس وظيفة الأعصاب.

• تصوير الرنين المغناطيسي (MRI) خاصة عند الاشتباه بضغط على الأعصاب العنقية.

• تحاليل دم لفحص مستويات السكر، الفيتامينات، والأمراض المزمنة.

علاج وخز اليدين

يرتكز العلاج على معالجة السبب الأساسي للوخز، إضافة إلى تخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة. ويشمل:

• العلاج الدوائي: مثل مضادات الالتهاب، أدوية الأعصاب، مكملات الفيتامينات، وأدوية تحسين الدورة الدموية.

• العلاج الطبيعي: تمارين التقوية وتحسين وضعيات اليد والمعصم لتقليل الضغط على الأعصاب.

• التدخل الجراحي: في حالات متلازمة النفق الرسغي الشديدة أو انزلاق غضروفي عنقي مع ضغط عصبي.

• تعديل نمط الحياة: تجنب الحركات المتكررة التي تسبب الضغط على الأعصاب، إدارة التوتر، الحفاظ على وزن صحي.

جدول يوضح أسباب وخز اليدين وأبرز سماتها

تتعدد أسباب وخز اليدين بشكل كبير بين أسباب بسيطة ومؤقتة وأخرى تستدعي متابعة طبية متخصصة، ويعد التشخيص الدقيق والمتكامل حجر الأساس في اختيار العلاج الأنسب والفعال لتجنب المضاعفات المحتملة وتحسين جودة حياة المرضى.