أسباب فطريات القطط، العوامل المؤثرة، الوقاية، العلاجات

تُعد فطريات القطط من الأمراض الجلدية الشائعة التي تصيب الحيوانات الأليفة، وخصوصًا القطط، حيث تُسبب إزعاجًا كبيرًا للحيوان وقد تمتد إلى الإنسان في بعض الحالات. تنتشر هذه الفطريات بسهولة داخل المنازل، خاصة في البيئات الرطبة أو عند وجود ضعف في النظام المناعي للقط. تتفاوت حدة الإصابة من التهابات سطحية بسيطة إلى حالات مزمنة تتطلب علاجًا طويل الأمد. تتعدد أنواع الفطريات التي تصيب القطط، ويُعتبر الفطر المعروف باسم Microsporum canis من أشهر الأنواع المسببة للتهابات الجلد الفطرية لدى هذه الحيوانات.

تُصنّف فطريات القطط ضمن العدوى الجلدية السطحية، لكنها قد تصبح أكثر خطورة إذا لم يتم تشخيصها أو علاجها في وقت مبكر. يعاني العديد من مربّي القطط من تكرار الإصابة بهذا النوع من العدوى، مما يفرض ضرورة فهم الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ظهورها، إضافةً إلى أهمية الوقاية والعلاج المناسب. هذا المقال يُقدم شرحًا مفصلًا وموسعًا حول أبرز أسباب فطريات القطط، والعوامل المساعدة على تفشيها، ومظاهرها السريرية، والإجراءات العلاجية المتبعة لمكافحتها.

الفطريات الجلدية عند القطط: نظرة عامة

الفطريات الجلدية، أو ما يُعرف بـ”السعفة”، هي عدوى فطرية تصيب الجلد، الشعر، والأظافر. تُعد القطط من الكائنات الحية التي تُصاب بسهولة بهذه العدوى، خاصة تلك التي تعيش في بيئات مزدحمة أو لا تتلقى العناية البيطرية المناسبة. تنتقل هذه الفطريات غالبًا عن طريق ملامسة الأسطح أو الحيوانات المصابة، وتتمتع بقدرة عالية على التكاثر في البيئات الرطبة والدافئة. يُمكن للفطريات أن تبقى خاملة لفترة طويلة قبل أن تُظهر أعراضًا واضحة على الحيوان المصاب، مما يجعل اكتشافها في بدايتها أمرًا صعبًا.

أسباب ظهور فطريات القطط

1. ضعف الجهاز المناعي

القطط التي تعاني من ضعف في الجهاز المناعي تكون أكثر عرضة للإصابة بالفطريات الجلدية. قد يكون هذا الضعف ناتجًا عن الإصابة بأمراض مزمنة، مثل فيروس نقص المناعة لدى القطط (FIV) أو فيروس اللوكيميا القططية (FeLV). كما أن القطط الصغيرة والقطط المسنة غالبًا ما تكون من الفئات الضعيفة مناعيًا، مما يُسهل انتشار الفطريات في أجسامها.

2. الاحتكاك بحيوانات أو بيئة ملوثة

يُعتبر التلامس المباشر مع الحيوانات المصابة أحد أهم أسباب انتقال الفطريات. سواء كانت هذه الحيوانات قططًا أخرى أو كلابًا أو حتى قوارض، فإن التفاعل مع حيوان مُصاب يزيد من احتمالية العدوى. كما أن البيئة التي تحتوي على أبواغ الفطر تُعد مصدرًا رئيسيًا للإصابة، خصوصًا إذا كانت الأرضيات أو الأسطح غير نظيفة أو تحتوي على شعر الحيوانات المصابة.

3. سوء النظافة والعناية الشخصية

القطط التي لا تتلقى رعاية صحية منتظمة، من حيث تنظيف الفرو وتمشيطه، وتوفير بيئة معقمة، تكون أكثر عرضة للإصابة بالفطريات. عدم تغيير الفراش، وترك الرمل ملوثًا، وعدم تنظيف أماكن نوم القطط، كلها عوامل تخلق بيئة خصبة لنمو الفطريات وتكاثرها.

4. الرطوبة والحرارة العالية

تُفضل الفطريات البيئات الرطبة والدافئة، ولذلك فإن القطط التي تعيش في مناطق ذات مناخ حار أو تعاني من التعرق المفرط (خاصة في حال وجود التهابات أو جروح) تكون أكثر عرضة لنمو الفطريات على سطح الجلد. كذلك يُمكن أن تتكاثر هذه الكائنات الدقيقة في الأماكن المغلقة ذات التهوية الضعيفة.

5. جروح الجلد والخدوش

عندما يُصاب القط بخدوش أو جروح مفتوحة، فإن سطح الجلد يصبح بيئة مفتوحة أمام الفطريات لدخوله واستيطانه. هذه الجروح قد تكون ناتجة عن معارك مع قطط أخرى أو عن طريق الحكة المتكررة بسبب الحساسية أو الطفيليات الخارجية مثل البراغيث.

6. استخدام الأدوات المشتركة

مشاركة الأدوات مثل الأمشاط، أو أوعية الطعام، أو فراش النوم مع قطط أخرى قد يُسبب انتقال العدوى، خاصة إذا كانت هذه الأدوات غير معقمة وتُستخدم بين أكثر من حيوان. الأبواغ الفطرية يُمكنها أن تعيش لفترات طويلة على الأسطح الملوثة وتنقل العدوى عند أول تلامس.

أعراض فطريات القطط

تتنوع الأعراض بحسب نوع الفطر المصيب ومدى قوة الجهاز المناعي للقط، وتشمل الأعراض ما يلي:

• تساقط الشعر في بقع دائرية، غالبًا حول الوجه، الأذنين، الأرجل والذيل.

• ظهور قشور بيضاء أو رمادية على الجلد.

• حكة شديدة تدفع القط للحك بشكل متكرر.

• التهابات جلدية موضعية واحمرار أو تقرحات في الجلد.

• تغير في لون الجلد ليُصبح داكنًا أو شاحبًا في المناطق المصابة.

• ظهور نتوءات أو قشور سميكة على الرأس أو الظهر.

قد تظهر هذه الأعراض تدريجيًا، مما يجعل البعض يخلط بينها وبين حالات تساقط الشعر الموسمية أو الأمراض الجلدية الأخرى.

العوامل المساعدة على تفشي فطريات القطط

الوقاية من فطريات القطط

تُعد الوقاية حجر الزاوية في الحد من انتشار فطريات القطط، وتتضمن عدة جوانب صحية وبيئية، منها:

• التنظيف المستمر لمكان إقامة القط: تنظيف الفراش، الأوعية، الرمل، ومناطق النوم بالماء الساخن والمنظفات المضادة للفطريات.

• الاستحمام الدوري للقطط: باستخدام شامبو طبي مضاد للفطريات بإشراف الطبيب البيطري.

• العزل المؤقت للقطط الجديدة: خاصة عند إدخال قط جديد إلى المنزل، يجب عزله ومراقبته لمدة لا تقل عن أسبوعين.

• تعقيم الأدوات الشخصية للقط: الأمشاط، القصّافات، والوسائد يجب تنظيفها وتعقيمها بانتظام.

• التغذية السليمة والمتوازنة: توفير نظام غذائي غني بالفيتامينات والمعادن يعزز مناعة القط.

• الزيارات البيطرية المنتظمة: لفحص الجلد وتشخيص أي حالة مرضية في مراحلها المبكرة.

علاج فطريات القطط

يختلف العلاج باختلاف درجة الإصابة وعمر القط وصحته العامة. يُمكن أن يشمل:

1. العلاج الموضعي

يُستخدم في الحالات الخفيفة والمتوسطة، ويشمل:

• مراهم مضادة للفطريات مثل كلوتريمازول أو ميكونازول.

• شامبوهات طبية تحتوي على مضادات للفطريات.

• بخاخات جلدية طبية بإشراف بيطري.

2. العلاج الفموي

يُستخدم في الحالات الشديدة أو عندما تكون المناطق المصابة كبيرة الحجم، ويشمل:

• أدوية مثل غريزيوفولفين أو إيتراكونازول.

• يُعطى الدواء لفترات قد تصل إلى 4-6 أسابيع حسب تطور الحالة.

• يحتاج إلى مراقبة وظائف الكبد عند الاستعمال الطويل.

3. العلاج البيئي

بما أن الفطريات تُفرز أبواغًا قابلة للبقاء لفترات طويلة في البيئة، فإن تعقيم المكان يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من العلاج:

• استخدام محاليل مثل هيبوكلوريت الصوديوم المخفف لتعقيم الأرضيات والأسطح.

• التخلص من الفراش الملوث إن أمكن أو غسله على حرارة عالية.

• تنظيف الهواء الداخلي باستخدام أجهزة تنقية الهواء HEPA لتقليل تركيز الأبواغ في الجو.

فطريات القطط وانتقالها إلى الإنسان

الفطريات التي تُصيب القطط تُعتبر من الأمراض الزُّونوزية (أي القابلة للانتقال من الحيوان إلى الإنسان). الأشخاص الأكثر عرضة للعدوى هم:

• الأطفال.

• كبار السن.

• أصحاب المناعة الضعيفة.

• العاملون في العيادات البيطرية أو ملاجئ الحيوانات.

تظهر العدوى على شكل بقع حمراء دائرية على الجلد لدى البشر، مع حكة وتقشر. ويجب العلاج الطبي الفوري لتفادي تفاقم الحالة.

الخلاصة

تُعد فطريات القطط من الأمراض الجلدية القابلة للوقاية والعلاج، لكنها تتطلب وعيًا مستمرًا من أصحاب الحيوانات الأليفة. تبدأ الوقاية من خلال النظافة والرعاية البيطرية، ولا تنتهي إلا باتباع بروتوكول شامل يشمل القط وبيئته. التشخيص المبكر والتدخل الطبي الفوري يقيان من التعقيدات ويساهمان في تقليص فرص انتقال العدوى إلى البشر.

المراجع:

1. Muller, G.H., Kirk, R.W., & Scott, D.W. (2001). Small Animal Dermatology. W.B. Saunders Company.

2. Sparkes, A.H., et al. (2012). BSAVA Manual of Feline Practice: A Foundation Manual. British Small Animal Veterinary Association.