8 عوامل تتسبب في خفة الشعر

يُعتبر الشعر من أهم ملامح الجمال والصحة لدى الإنسان، وهو يعكس كثيرًا من جوانب الحالة الصحية والنفسية للفرد. ومن أبرز المشاكل التي يعاني منها الكثيرون حول العالم هو مشكلة خفة الشعر، التي قد تتسبب في فقدان الثقة بالنفس والتأثير على المظهر العام. يختلف تساقط الشعر أو خفته من شخص لآخر، وقد يكون عرضًا مؤقتًا أو مزمنًا، وأحيانًا يكون مؤشرًا على خلل صحي أو نمط حياة معين. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل 8 عوامل رئيسية تتسبب في خفة الشعر، مع شرح علمي موسع عن كل عامل وأثره على صحة الشعر.

1. العوامل الوراثية

تلعب العوامل الوراثية دورًا حاسمًا في تحديد كثافة وجودة الشعر لدى الأفراد. الوراثة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى خفة الشعر، خاصة في حالات الصلع الوراثي المعروف بـ “الصلع الأندروجيني” أو “الصلع الذكوري”. يحدث هذا النوع بسبب حساسية بصيلات الشعر لهرمون ديهدروتستوستيرون (DHT)، وهو مشتق من هرمون التستوستيرون. يتسبب هذا الهرمون في تقلص بصيلات الشعر تدريجيًا، مما يؤدي إلى تقصير دورة نمو الشعر وظهور الشعر خفيفًا وضعيفًا حتى يتوقف نموه تمامًا.

تنتقل هذه الحساسية وراثيًا من الأبوين إلى الأبناء، لذلك يُلاحظ أن أفراد العائلة المصابين بالصلع الوراثي يكونون أكثر عرضة لخفة الشعر في سن مبكرة أو متوسطة. وعادةً ما يبدأ هذا النوع من الخفة من مقدمة الرأس أو من منطقة التاج، ويتوسع تدريجيًا.

2. التغيرات الهرمونية

تلعب الهرمونات دورًا بالغ الأهمية في تنظيم نمو الشعر والحفاظ على كثافته. أي خلل في التوازن الهرموني داخل الجسم يمكن أن يؤدي إلى تساقط الشعر وخفته. من أبرز التغيرات الهرمونية التي تسبب خفة الشعر:

• اختلال هرمونات الغدة الدرقية: سواء فرط نشاط الغدة الدرقية أو قصورها، كلاهما يؤثران سلبًا على دورة نمو الشعر ويؤديان إلى تساقط الشعر.

• التغيرات المرتبطة بالحمل والولادة: كثير من النساء يعانين من خفة الشعر بعد الولادة نتيجة تغير مفاجئ في مستويات الهرمونات، خاصة هرمون الأستروجين.

• سن اليأس: انخفاض مستويات الأستروجين والبروجستيرون في سن اليأس يساهم في تقليل كثافة الشعر وزيادة تساقطه.

• زيادة هرمونات الذكورة: كما في حالة تكيس المبايض عند النساء، حيث يرتفع مستوى الأندروجينات، مما يؤدي إلى تساقط الشعر على شكل خفة.

هذه التغيرات تؤثر على البصيلات عبر تعديل دورة نمو الشعر، مما يؤدي إلى تساقط أو خفة تدريجية.

3. سوء التغذية ونقص الفيتامينات

يُعتبر الغذاء الصحي والمتوازن من أهم العوامل التي تحافظ على صحة الشعر ونموه. التغذية السيئة وعدم الحصول على العناصر الغذائية الضرورية يؤدي إلى ظهور خفة الشعر بشكل ملحوظ، بسبب تأثر البصيلات بنقص الفيتامينات والمعادن الحيوية. من العناصر الأساسية التي يؤثر نقصها في الشعر:

• الحديد: نقص الحديد يسبب فقر الدم، وهو أحد الأسباب الرئيسية لتساقط الشعر وخاصة عند النساء.

• فيتامين د: يؤثر على دورة نمو الشعر ونشاط البصيلات.

• فيتامين ب7 (البيوتين): مهم لصحة الشعر وبصيلاته.

• الزنك: يلعب دورًا في إصلاح أنسجة الشعر والحفاظ على صحته.

• البروتينات: الشعر يتكون بشكل رئيسي من البروتين، ونقصه يضعف البصيلات ويجعل الشعر هشًا وخفيفًا.

الغذاء غير المتوازن، أو الحميات القاسية التي تقلل من هذه العناصر، تؤدي إلى ضعف نمو الشعر وخفته تدريجيًا.

4. الإجهاد النفسي والتوتر المزمن

أثبتت الدراسات العلمية أن الحالة النفسية تؤثر بشكل مباشر على صحة الشعر، حيث يعمل التوتر النفسي والإجهاد المزمن على زيادة تساقط الشعر وخفته. يُعتقد أن الإجهاد يسبب تغيرات في إفراز هرمونات الإجهاد مثل الكورتيزول، مما يؤدي إلى توقف نمو بصيلات الشعر ودخولها في مرحلة الراحة المبكرة. هذا النوع من التساقط يُعرف بـ “تساقط الشعر الكربي” (Telogen Effluvium)، ويتميز بخفة عامة في الشعر يمكن أن تصبح ملحوظة خلال أسابيع من التعرض للإجهاد.

الإجهاد النفسي المستمر قد يؤدي أيضًا إلى مشاكل أخرى مثل اضطرابات النوم وضعف المناعة، مما يفاقم مشكلة الشعر الخفيف.

5. استخدام منتجات العناية بالشعر الخاطئة أو المبالغة في المعالجة الكيميائية

تلعب منتجات العناية بالشعر مثل الصبغات، الفرد، أو المواد الكيميائية دورًا كبيرًا في التأثير على صحة الشعر. الاستخدام المفرط أو غير الصحيح لهذه المنتجات يؤدي إلى تلف بصيلات الشعر وجذوره، وبالتالي خفة الشعر. على سبيل المثال:

• الصبغات التي تحتوي على مواد كيميائية قوية تضعف بصيلات الشعر وتجعله هشًا.

• فرد الشعر بمواد كيميائية تؤدي إلى تكسير ألياف الشعر وفقدانها للمرونة.

• استخدام الشامبو أو المنتجات التي تحتوي على مواد قاسية تسبب جفاف فروة الرأس وتلف الشعر.

التعرض المستمر لهذه العوامل يؤدي إلى تساقط تدريجي للشعر وخفته، وقد يؤدي إلى تلف دائم في بعض الحالات.

6. الأمراض المزمنة والحالات الصحية

بعض الأمراض المزمنة تؤثر بشكل مباشر على صحة الشعر وتؤدي إلى خفته، منها:

• السكري: يؤثر على الدورة الدموية وبالتالي على تغذية بصيلات الشعر.

• أمراض المناعة الذاتية: مثل الثعلبة (Alopecia Areata)، حيث يهاجم الجهاز المناعي بصيلات الشعر.

• العدوى الفطرية لفروة الرأس: تسبب تلف بصيلات الشعر وتساقطه.

• مشاكل الغدة الدرقية: كما ذكرنا، تؤثر بشكل مباشر على نمو الشعر.

هذه الأمراض تحتاج إلى تشخيص وعلاج مناسب لمنع تفاقم مشكلة خفة الشعر.

7. التقدم في السن

مع التقدم في العمر، تبدأ دورة نمو الشعر في التغير، حيث تقل فترة نمو الشعر وتزداد فترة الراحة، مما يؤدي إلى تقليل كثافة الشعر تدريجيًا وظهور الخفة. هذا التغير طبيعي تمامًا ولا يعني وجود مرض، لكنه مرتبط بتغيرات هرمونية وتراجع قدرة الخلايا الجذعية في بصيلات الشعر على التجدد. كما يصبح الشعر أرق وأضعف مع مرور الوقت بسبب انخفاض إنتاج الزيوت الطبيعية التي تحافظ على مرونته وحيويته.

8. العوامل البيئية الضارة

تلعب العوامل البيئية دورًا مهمًا في التأثير على صحة الشعر، ومنها:

• التعرض المفرط لأشعة الشمس فوق البنفسجية: يؤدي إلى تلف ألياف الشعر وجفافه، مما يضعف الشعر ويجعله أكثر عرضة للتساقط.

• التلوث الهوائي: الجسيمات الضارة في الهواء تلتصق بفروة الرأس وتعيق وصول الغذاء والأكسجين لبصيلات الشعر.

• الماء شديد العسر أو الملوث: قد يحتوي على مواد كيميائية تؤثر سلبًا على الشعر.

• التعرض المستمر للحرارة: مثل استخدام مجففات الشعر أو مكواة التجعيد.

تتجمع هذه العوامل في تلف بنية الشعر وتؤدي إلى خفته وضعفه مع مرور الوقت.

جدول يوضح العوامل وتأثيراتها على الشعر

إن فهم هذه العوامل بشكل دقيق هو الخطوة الأولى في علاج مشكلة خفة الشعر والوقاية منها، حيث يمكن تعديل بعض هذه العوامل من خلال تغييرات في نمط الحياة أو علاج طبي متخصص. يُنصح دائمًا باللجوء إلى الفحص الطبي عند ملاحظة خفة أو تساقط غير معتاد للشعر لتحديد السبب الحقيقي ووضع خطة علاجية مناسبة. الشعر الصحي هو نتاج تكامل عوامل متعددة بدءًا من الجينات مرورًا بالعناية اليومية والنظام الغذائي، وانتهاءً بالحالة النفسية والصحية العامة.