أسباب حمى النفاس وطرق الوقاية

أسباب حمى النفاس

تُعتبر حمى النفاس إحدى المشكلات الطبية التي قد تواجه المرأة بعد الولادة، وهي حالة تحتاج إلى اهتمام ورعاية خاصة من أجل الوقاية منها وعلاجها في وقت مبكر. تظهر حمى النفاس عادةً بعد الولادة بفترة قصيرة، وقد تكون نتيجة لعدة أسباب طبية تتعلق بالحالة الصحية للأم أو بتدابير الرعاية الصحية التي تلقتها أثناء عملية الولادة.

في هذا المقال، سيتم التطرق إلى أسباب حمى النفاس من خلال تحليل الأسباب المختلفة لهذه الحالة، وكيفية تشخيصها، بالإضافة إلى طرق الوقاية والعلاج المناسبة.

ما هي حمى النفاس؟

حمى النفاس هي زيادة في درجة حرارة الجسم بعد الولادة، وتعتبر إحدى العلامات الواضحة التي قد تشير إلى وجود التهاب أو عدوى. عادةً ما يتم تعريف حمى النفاس بأنها ارتفاع في درجة الحرارة يتجاوز 38 درجة مئوية لمدة 24 ساعة أو أكثر في الأسبوع الأول بعد الولادة. وهي حالة يمكن أن تصيب أي امرأة بعد الولادة، سواء كانت ولادة طبيعية أو قيصرية.

أسباب حمى النفاس

تتعدد أسباب حمى النفاس وقد تكون مرتبطة بعدة عوامل تتراوح بين التهابات بكتيرية أو فيروسات إلى مشكلات تتعلق بالإجراءات الطبية أثناء الولادة. سنستعرض أهم الأسباب المؤدية إلى حمى النفاس:

1. العدوى البكتيرية بعد الولادة

تُعد العدوى البكتيرية أحد أكثر الأسباب شيوعًا لحُمّى النفاس. هذه العدوى قد تكون نتيجة للتلوث الذي يحدث أثناء الولادة بسبب دخول البكتيريا إلى القناة التناسلية أو الجروح التي قد تحدث أثناء العملية. بعض أنواع البكتيريا التي قد تسبب هذه العدوى تشمل:

• البكتيريا العقدية (Group B Streptococcus): وهي من أكثر أنواع البكتيريا المسببة لعدوى ما بعد الولادة.

• البكتيريا القولونية (E. Coli): يمكن أن تكون هذه البكتيريا مسؤولة عن التهابات المسالك البولية أو التهابات الجروح.

• البكتيريا العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus): قد تسبب عدوى في الجروح الجراحية أو القيصرية.

2. التهابات الرحم (Endometritis)

يعد التهاب الرحم أحد أبرز أسباب حمى النفاس. يحدث هذا الالتهاب عندما تصاب بطانة الرحم بعد الولادة. قد تنتقل البكتيريا إلى الرحم أثناء الولادة، خصوصًا إذا تم استخدام أدوات طبية في العملية مثل القسطرة أو أثناء التوليد القيصري. يعد التهاب الرحم من الأسباب التي تتطلب رعاية طبية عاجلة، إذ يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية أكثر تعقيدًا إذا ترك دون علاج.

3. التهاب المسالك البولية

النساء اللواتي خضعن لعملية ولادة قيصرية أو أولئك اللاتي تم إدخال قسطرة بولية لهن خلال الولادة، قد يكن أكثر عرضة للإصابة بالتهابات المسالك البولية. يمكن أن تؤدي العدوى في المثانة أو الكلى إلى ارتفاع درجة الحرارة بعد الولادة.

4. التهاب الثدي (التهاب الثدي الرضاعي)

إذا كانت الأم ترضع طفلها طبيعياً، فقد يحدث التهاب في أنسجة الثدي نتيجة لعدوى بكتيرية تُدعى “التهاب الثدي”. وهو يحدث عادة بسبب انسداد قنوات الحليب أو عدم إفراغ الثدي بشكل كامل. التهاب الثدي يسبب عادةً ارتفاعًا في درجة الحرارة مع ألم وتورم في الثدي.

5. التهاب الجرح بعد الولادة القيصرية

في حالة الولادة القيصرية، يكون هناك جرح جراحي يحتاج إلى وقت للشفاء. إذا لم يتم الاهتمام بالجرح بشكل جيد أو إذا تعرض لعدوى، فقد يؤدي ذلك إلى حمى النفاس. الإصابة بعدوى في الجرح القيصري يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات صحية تتطلب علاجًا طويلًا.

6. مشكلات في نظام المناعة

في بعض الحالات، قد يكون ضعف الجهاز المناعي للأم سببًا في الإصابة بحمى النفاس. إذا كانت المرأة تعاني من أمراض مثل السكري أو فقر الدم أو نقص المناعة المكتسبة، فقد تكون عرضة أكثر للإصابة بالعدوى بعد الولادة، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة.

7. الإصابة بعدوى فيروسية

على الرغم من أن العدوى البكتيرية هي الأكثر شيوعًا، يمكن أن تؤدي العدوى الفيروسية أيضًا إلى حمى النفاس. بعض الفيروسات، مثل فيروس الأنفلونزا أو الفيروسات التاجية (مثل كوفيد-19)، قد تتسبب في ظهور أعراض مشابهة لحمى النفاس. وتستدعي مثل هذه الحالات اهتمامًا خاصًا، حيث إن الفيروسات قد تؤثر على صحة المرأة بطرق أخرى.

8. مشكلات في نزيف ما بعد الولادة

في حالات نزيف ما بعد الولادة (الذي يحدث بعد الولادة نتيجة لتأثيرات الولادة أو الجراحة)، قد يؤدي فقدان كميات كبيرة من الدم إلى إضعاف الجسم، مما قد يسبب ارتفاع درجة الحرارة كرد فعل من الجسم على هذه الحالة. كما أن وجود جلطات دموية في الرحم قد يؤدي إلى التهاب.

تشخيص حمى النفاس

يتطلب تشخيص حمى النفاس إجراء فحص طبي شامل من قبل الطبيب المختص. يبدأ التشخيص عادةً بتقييم تاريخ الحالة الصحية للأم والتأكد من الأعراض الظاهرة، مثل:

• ارتفاع درجة الحرارة المستمر.

• أعراض الإعياء الشديد.

• ألم في البطن أو الحوض.

• إفرازات غير طبيعية من المهبل.

• ألم في الثدي أو تورمه.

إضافة إلى ذلك، قد يحتاج الطبيب إلى إجراء بعض الفحوصات مثل:

• فحص دم للتأكد من وجود التهابات أو عدوى.

• تصوير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound) في حالة وجود مشكلات في الرحم أو الجروح.

• فحص بول للتحقق من وجود التهاب في المسالك البولية.

الوقاية والعلاج

1. الوقاية من حمى النفاس

• الرعاية الصحية قبل وبعد الولادة: من المهم أن تحصل المرأة على رعاية طبية متكاملة قبل وأثناء وبعد الولادة، خاصة في الحالات التي قد تتطلب تدخلًا جراحيًا مثل الولادة القيصرية.

• النظافة الشخصية: يجب على المرأة اتباع إجراءات النظافة الشخصية الدقيقة بعد الولادة للحفاظ على المنطقة التناسلية والجروح نظيفة، مما يقلل من احتمالية الإصابة بالعدوى.

• إشراف طبي دقيق: من المهم مراقبة درجة حرارة الجسم بانتظام بعد الولادة. وإذا كانت درجة الحرارة مرتفعة، يجب استشارة الطبيب فورًا.

2. العلاج

• المضادات الحيوية: إذا كانت حمى النفاس ناتجة عن عدوى بكتيرية، يتم علاجها عادةً باستخدام المضادات الحيوية المناسبة التي يصفها الطبيب.

• علاج التهاب الثدي: في حالة التهاب الثدي، يتم علاج الحالة باستخدام مضادات حيوية مسموح بها أثناء الرضاعة، وفي بعض الحالات قد تحتاج الأم إلى الراحة واستخدام الكمادات الدافئة.

• الجراحة: في حالات النزيف الحاد أو حدوث مضاعفات كبيرة، قد يتطلب الأمر تدخلاً جراحيًا لإزالة أي جلطات دموية أو معالجة المشكلات الأخرى.

الخاتمة

على الرغم من أن حمى النفاس يمكن أن تكون خطيرة إذا لم يتم علاجها في وقت مبكر، إلا أنه يمكن الوقاية منها من خلال الرعاية الطبية الجيدة والانتباه لأعراض العدوى أو أي مشاكل صحية أخرى. إن الفهم الجيد لأسباب حمى النفاس وطرق الوقاية منها يساعد على تقليل خطر حدوث هذه الحالة، مما يسهم في تعزيز صحة الأم بعد الولادة وتحسين تجربتها في فترة ما بعد الحمل.