عنوان المقال: حكة الظهر الأسباب والعلاج
مقدمة
تُعد حكة الظهر من الأعراض الجلدية الشائعة التي قد تكون مزعجة وتؤثر سلبًا على جودة الحياة، خاصة عندما تكون مستمرة أو متكررة. تختلف مسببات الحكة من حالة لأخرى، فقد تكون نتيجة لاضطراب جلدي موضعي بسيط أو مؤشرًا على حالة صحية أعمق تحتاج إلى تدخل طبي. إن فهم الأسباب الدقيقة لهذه الحالة يشكّل خطوة أساسية نحو الوقاية والعلاج الفعال.
الفهم الفسيولوجي للحكة
الحكة (Pruritus) هي إحساس مزعج يثير الرغبة في حك الجلد. تنتج هذه الاستجابة عن تحفيز النهايات العصبية الحسية في الجلد بواسطة مجموعة من العوامل الكيميائية والفيزيائية. تُرسل هذه الإشارات إلى الدماغ، وتُفسر على أنها حكة، في حين يظل الجلد في كثير من الأحيان سليمًا ظاهريًا.
الظهر، لكونه منطقة واسعة وغنية بالأعصاب ولكن يصعب الوصول إليها باليد، قد يكون أكثر عرضة لأن تكون الحكة فيه مزمنة أو غير مريحة، خاصة إذا ترافقت مع أمراض جلدية أو اضطرابات جهازية مزمنة.
الأسباب الجلدية المباشرة لحكة الظهر
1. جفاف الجلد (Xerosis)
يُعد من أكثر الأسباب شيوعًا، خصوصًا لدى كبار السن أو في المواسم الباردة والجافة. يؤدي نقص الترطيب إلى تشقق الطبقة القرنية، مما يسمح بمرور المحفزات الكيميائية للأعصاب الجلدية، ما ينتج عنه شعور بالحكة.
2. التهاب الجلد التأتبي والتهيج
قد تتسبب مستحضرات العناية بالبشرة أو الملابس الاصطناعية أو المواد الكيميائية في تهيج الجلد وإحداث تفاعلات التهابية سطحية، مثل التهاب الجلد التماسي، الذي يظهر غالبًا على الظهر بسبب ملامسة الصابون، العطور، أو مساحيق الغسيل.
3. الصدفية (Psoriasis)
تُعد أحد الأمراض المزمنة الالتهابية التي تسبب بقعًا حمراء متقشرة وحكة شديدة، وغالبًا ما تظهر في مناطق مثل أسفل الظهر.
4. الأكزيما
تترافق مع جفاف وحكة واحمرار، وقد تظهر كحالة مزمنة تتأجج بفعل عوامل خارجية كالحرارة أو التعرق أو التوتر النفسي.
5. العدوى الفطرية أو البكتيرية
الظهر بيئة مناسبة لتكاثر الفطريات، خصوصًا مع التعرق الزائد أو ارتداء ملابس ضيقة، ما يسبب التهابات جلدية تُحفز الحكة. من أشهر هذه العدوى: السعفة المبرقشة (Tinea Versicolor).
6. لدغات الحشرات
لسعات البعوض أو بق الفراش قد تترك بقعًا صغيرة مثيرة للحكة في الظهر، وتكون مصحوبة باحمرار وانتفاخ طفيف.
الأسباب العصبية لحكة الظهر
1. حكة الظهر الناتجة عن الضغط العصبي
قد يرتبط التوتر العصبي أو القلق المستمر بزيادة الشعور بالحكة، ويُعرف هذا النوع باسم “الحكة النفسية”.
2. الاعتلال العصبي المحيطي
في بعض الحالات، يكون السبب عصبيًا ناتجًا عن تضرر الألياف العصبية التي تنقل الإشارات الحسية من الجلد إلى الدماغ، مثلما يحدث في مرض السكري أو التصلب المتعدد.
3. الحكة العصبية النخاعية (Notalgia Paresthetica)
هي حالة تصيب منطقة الظهر وتُسبب إحساسًا بالحكة والوخز أو الحرقان المزمن على جانب واحد من الظهر، ويُعتقد أنها ناتجة عن انضغاط الأعصاب الشوكية.
الأسباب الجهازية والداخلية
1. أمراض الكبد والمرارة
قد تُسبب الأمراض المزمنة في الكبد، مثل التهاب الكبد أو تليف الكبد، تراكم الأحماض الصفراوية في الدم، والتي تُحفّز النهايات العصبية مسببة حكة معممة قد تتركز أحيانًا في الظهر.
2. أمراض الكلى المزمنة
الفشل الكلوي من الحالات التي يُصاحبها حكة مزمنة بسبب تراكم الفضلات في الجسم، وتظهر هذه الحكة غالبًا في الظهر أو الأطراف.
3. اضطرابات الغدة الدرقية
قصور الغدة الدرقية قد يتسبب بجفاف الجلد وبالتالي الشعور بالحكة، بينما فرط نشاط الغدة قد يسبب زيادة التعرق والتهيج الجلدي.
4. السرطانات والأورام
في بعض الحالات النادرة، تكون الحكة المزمنة أحد الأعراض المبكرة لوجود ورم سرطاني داخلي مثل الأورام اللمفاوية أو سرطان الكبد.
العوامل البيئية والسلوكية المسببة
1. الحرارة والتعرق
التعرض المستمر للحرارة أو ممارسة التمارين الرياضية دون استحمام قد يُسبب تهيج الجلد على الظهر، خصوصًا في المناطق المغطاة بالملابس الضيقة.
2. الاحتكاك المفرط بالملابس
ارتداء الأقمشة الاصطناعية أو الخشنة، أو الأحزمة الضيقة، قد يُؤدي إلى حكة موضعية بسبب التهيج المستمر.
3. الإفراط في الاستحمام بالماء الساخن
يزيل الطبقة الدهنية الواقية من سطح الجلد، مما يُسبب الجفاف والحكة.
متلازمة الحكة غير المرئية
في بعض الأحيان، يعاني الأشخاص من حكة في الظهر بدون أي علامات ظاهرة مثل احمرار، تورم أو طفح. هذا النوع يُعرف بـ “الحكة غير المرئية”، والتي غالبًا ما ترتبط بأسباب عصبية أو نفسية، وتستدعي تقييمًا دقيقًا يشمل تحاليل دم وتصوير عصبي إن لزم الأمر.
تشخيص حكة الظهر
يتضمن التشخيص الشامل ما يلي:
| الفحص | الهدف |
|---|---|
| الفحص السريري | فحص الجلد لتحديد وجود طفح، احمرار، تقشر أو علامات لدغات |
| تحاليل الدم | تقييم وظائف الكبد والكلى والغدة الدرقية |
| تحاليل السكري | استبعاد تأثيرات ارتفاع السكر العصبية أو الجلدية |
| اختبارات الحساسية | الكشف عن مسببات خارجية مثل المنظفات أو الأقمشة |
| الفحوصات العصبية | مثل الرنين المغناطيسي في حالات الاشتباه باعتلال عصبي |
العلاج والوقاية
1. الترطيب العميق للجلد
استعمال كريمات مرطبة تحتوي على مواد مثل الجليسرين أو السيراميدات يساعد على إعادة التوازن لطبقة الجلد الواقية، مما يقلل من الحكة الناتجة عن الجفاف.
2. العلاج الدوائي
-
مضادات الهيستامين: فعالة في الحكة التحسسية.
-
الكورتيزون الموضعي: يستخدم في الأكزيما أو التهابات الجلد.
-
مضادات الاكتئاب أو مضادات الصرع: توصف في حالات الحكة العصبية.
3. العلاج بالأشعة فوق البنفسجية
في حالات الحكة المزمنة غير المستجيبة للأدوية الموضعية، قد يُلجأ للعلاج الضوئي الذي يُساعد على تخفيف الالتهاب وتنظيم نشاط الخلايا المناعية في الجلد.
4. تعديل السلوك ونمط الحياة
-
تجنب استخدام الصابون القاسي أو العطور القوية على الظهر.
-
ارتداء ملابس قطنية فضفاضة.
-
الحفاظ على برودة الجسم وتجنب التعرق الزائد.
-
الامتناع عن حك الجلد لتجنب التقرحات والعدوى الثانوية.
الخلاصة
حكة الظهر ليست عرضًا بسيطًا في جميع الأحوال، إذ قد تنجم عن أسباب متعددة تتراوح بين العوامل الجلدية البسيطة إلى الحالات العصبية أو الجهازية المعقدة. التقييم الدقيق للمسبب هو الخطوة الأساسية لاختيار العلاج المناسب وتجنب المضاعفات. في حالات الحكة المستمرة أو غير المفسرة، يجب مراجعة الطبيب المختص لإجراء الفحوصات اللازمة وتقديم خطة علاجية متكاملة تشمل التدخل الطبي وتعديلات نمط الحياة.
المراجع:
-
American Academy of Dermatology Association – aad.org
-
National Eczema Association – nationaleczema.org
