أسباب جرثومة الدم الشائعة

أسباب جرثومة الدم: الأسباب، الأعراض، والتشخيص والعلاج

تُعد جرثومة الدم أو التسمم الدموي حالة صحية خطيرة تستدعي التدخل الطبي الفوري. تتمثل في دخول البكتيريا أو الميكروبات الأخرى إلى مجرى الدم، مما يؤدي إلى استجابة مناعية قد تتسبب في تلف الأعضاء الحيوية وتؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة. في هذا المقال، سنتناول أسباب جرثومة الدم، ما هو التسمم الدموي، وكيفية الوقاية منها.

تعريف جرثومة الدم

جرثومة الدم هي إصابة تحدث عندما تدخل الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا، الفيروسات، أو الفطريات إلى مجرى الدم. وتعتبر هذه الحالة من أخطر حالات العدوى، إذ أن وجود الميكروبات في الدم قد يؤدي إلى استجابة مناعية شديدة تعرف بالتسمم الدموي. يتم تعريف التسمم الدموي على أنه استجابة التهاب حاد في الجسم ناجم عن وجود بكتيريا أو سمومها في الدم، مما يؤدي إلى تحفيز الجهاز المناعي بشكل مفرط ويؤثر على العديد من أعضاء الجسم.

تحدث جرثومة الدم عادة نتيجة لانتقال الميكروبات من مكان آخر في الجسم إلى الدم عبر مجموعة متنوعة من الطرق. رغم أن العديد من الحالات يمكن أن تكون قابلة للعلاج باستخدام المضادات الحيوية أو العلاجات المناسبة، فإن التسمم الدموي يتطلب رعاية طبية عاجلة.

أسباب جرثومة الدم

تعتبر جرثومة الدم ناتجة عن مجموعة متنوعة من العوامل المسببة، وأكثرها شيوعاً هي البكتيريا. ومع ذلك، يمكن أن تسبب الفيروسات والفطريات أيضاً التسمم الدموي. سنستعرض في هذا القسم الأسباب الرئيسية لحدوث جرثومة الدم.

1. البكتيريا

البكتيريا هي السبب الرئيسي لجرثومة الدم، حيث يمكن أن تدخل مجرى الدم عن طريق العدوى في جزء آخر من الجسم. أكثر أنواع البكتيريا التي تسبب التسمم الدموي هي:

• بكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli): تنتقل هذه البكتيريا بشكل رئيسي من خلال الأغذية الملوثة أو المياه الملوثة. غالباً ما تكون موجودة في الأمعاء، ولكن عندما تدخل الدم، يمكن أن تسبب التسمم الدموي.

• بكتيريا العقديات (Streptococcus): تعد بكتيريا العقديات من أكثر البكتيريا الشائعة التي تسبب التسمم الدموي. قد تدخل إلى الدم من خلال التهابات الأنسجة أو الجروح.

• بكتيريا العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus): تُعد هذه البكتيريا من الأسباب الشائعة لعدوى الدم، وتنتقل عادة من خلال الجروح أو من الأجهزة الطبية مثل القسطرات أو الغرز.

• بكتيريا المكورات الرئوية (Streptococcus pneumoniae): قد تصيب هذه البكتيريا الأشخاص المصابين بالتهاب رئوي أو التهاب الجيوب الأنفية، وتنتقل إلى الدم.

• السل (Mycobacterium tuberculosis): هذا النوع من البكتيريا يمكن أن يسبب التسمم الدموي في الحالات النادرة، خاصة في الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

2. الفطريات

الفطريات هي مسبب آخر نادر لكن مهم لجرثومة الدم. عادة ما تحدث العدوى الفطرية في الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة، مثل مرضى السرطان أو المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). من الفطريات التي يمكن أن تسبب جرثومة الدم:

• الفطريات الكانديدية (Candida): هذه الفطريات تعيش عادة في الجسم، لكن عندما تصبح متكاثرة بشكل غير طبيعي، يمكن أن تسبب عدوى فطرية في الدم.

• الفطريات النادرة الأخرى: يمكن أن تحدث عدوى دموية نتيجة أنواع أخرى من الفطريات، مثل الفطريات المتعفنة (Aspergillus) أو فطريات الحزاز (Histoplasmosis)، التي تؤثر على الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.

3. الفيروسات

يمكن للفيروسات أن تسبب التسمم الدموي في حالات معينة، ولكنها أقل شيوعاً من البكتيريا أو الفطريات. من الفيروسات التي يمكن أن تؤدي إلى جرثومة الدم:

• فيروس نقص المناعة البشرية (HIV): في الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة بسبب فيروس HIV، قد تتطور حالات العدوى البكتيرية والفيروسية إلى تسمم دموي.

• فيروسات التهاب الكبد: قد تؤدي بعض فيروسات التهاب الكبد، مثل فيروس التهاب الكبد B و C، إلى دخول البكتيريا إلى الدم.

4. المضاعفات الناتجة عن الإجراءات الطبية

أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لانتقال الجراثيم إلى الدم هو استخدام الأجهزة الطبية، مثل القسطرات أو غرز الجراحة. قد تنتقل الميكروبات إلى الدم أثناء الجراحة أو من خلال الإجراءات التي تتضمن إدخال أدوات طبية في الجسم.

5. الإصابات المباشرة والتلوث

قد تؤدي الإصابات الجلدية أو الجروح العميقة إلى تسلل الميكروبات إلى مجرى الدم، خاصة إذا كانت الجروح مفتوحة أو ملوثة. قد تشمل الحالات مثل:

• العضات من الحيوانات أو البشر: البكتيريا قد تنتقل عبر الجروح التي تحدث نتيجة العض.

• الإصابات الناتجة عن الحروق: يمكن أن تدخل الميكروبات إلى الدم من خلال الحروق المفتوحة التي تعرض الجسم للتلوث.

6. الظروف الصحية المهيئة للتسمم الدموي

هناك مجموعة من الأمراض والحالات الصحية التي يمكن أن تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بجرثومة الدم:

• الأمراض المزمنة: مثل مرض السكري وأمراض القلب والفشل الكلوي، التي تضعف جهاز المناعة وتزيد من احتمالية الإصابة بالعدوى.

• المناعة الضعيفة: الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة، سواء نتيجة لأدوية مثبطة للمناعة أو لأسباب طبيعية مثل الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، يكونون أكثر عرضة للإصابة بجرثومة الدم.

الأعراض والعلامات السريرية

تبدأ الأعراض عادة بشكل تدريجي أو مفاجئ، وقد تكون شديدة. من أبرز الأعراض التي تشير إلى وجود جرثومة دم:

• الحمى: ارتفاع شديد في درجة الحرارة.

• التعرق الزائد: وخاصة في الليل، مما يدل على رد فعل الجسم تجاه العدوى.

• التسارع في ضربات القلب: زيادة معدل ضربات القلب نتيجة التسمم الدموي.

• انخفاض ضغط الدم: يمكن أن يؤدي التسمم الدموي إلى انخفاض حاد في ضغط الدم، مما يشكل تهديداً للحياة.

• الارتباك أو التغيرات في الوعي: نتيجة لتأثر الدماغ بعدوى الدم.

• ألم في الصدر: قد يصاحب بعض الحالات التهاب في الرئتين أو الأعضاء الأخرى.

• إعياء شديد وضعف عام.

التشخيص

يعتمد تشخيص جرثومة الدم على اختبارات طبية دقيقة تشمل فحوصات الدم المخبرية. من هذه الفحوصات:

• تحليل الدم الكامل (CBC): لتحديد مستوى خلايا الدم البيضاء وعدد الصفائح الدموية، وكذلك لمعرفة إذا كان هناك التهاب في الجسم.

• زراعة الدم: هي من أكثر الطرق دقة لتحديد نوع الجرثومة المسببة للعدوى.

• الأشعة السينية أو الفحوصات الأخرى: يمكن أن تكون ضرورية لتحديد مصدر العدوى، مثل التهابات الرئة أو التهاب المسالك البولية.

العلاج

يتطلب التسمم الدموي العلاج الفوري في المستشفى. يشمل العلاج عادة:

• المضادات الحيوية: تستخدم عادة لعلاج التسمم الدموي الناجم عن البكتيريا.

• الأدوية المضادة للفطريات: في حال كانت العدوى فطرية.

• دعم الحياة: يشمل هذا علاج انخفاض ضغط الدم، تعويض السوائل، والعناية بالأعضاء المتضررة.

• إجراءات طبية إضافية: في بعض الحالات قد يتطلب الأمر جراحة لإزالة الأنسجة الملوثة أو المسارعة في معالجة العدوى المسببة.

الوقاية

من الممكن تقليل خطر الإصابة بالجرثومة الدموية عبر عدة تدابير وقائية، مثل:

• العناية بالجروح: تنظيف الجروح والجلد بشكل جيد لتجنب العدوى.

• إجراءات طبية معقمة: ضمان تعقيم الأدوات الطبية بشكل جيد.

• تحسين المناعة: الاهتمام بصحة الجسم العامة من خلال تغذية متوازنة وتجنب التدخين والمشروبات الكحولية.

• التطعيمات: تلقي اللقاحات المناسبة مثل اللقاحات ضد المكورات الرئوية أو التهاب الكبد.

الخاتمة

تُعد جرثومة الدم حالة صحية خطيرة تتطلب الرعاية الطبية العاجلة. يعتبر التعرف على الأعراض المبكرة والتشخيص الصحيح العاملين الرئيسيين للحد من خطر المضاعفات الناجمة عن هذه الحالة.