أسباب السرطان وطرق الوقاية

مرض السرطان وأسبابه

يعد السرطان من أكثر الأمراض فتكًا بالبشرية في العصر الحديث، حيث يعتبر أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم. يطلق مصطلح “السرطان” على مجموعة من الأمراض التي تتسم بالنمو غير الطبيعي للخلايا في أي جزء من أجزاء الجسم. وتكمن خطورة السرطان في قدرته على الانتشار إلى أجزاء أخرى من الجسم عبر الأوعية الدموية أو اللمفاوية، وهو ما يعرف بالانتشار (Metastasis). تتعدد أنواع السرطان بشكل كبير، إذ يمكن أن يصيب أي عضو أو نسيج في الجسم، مثل الرئة، الثدي، القولون، الكبد، والمعدة، وغيرها.

ورغم التقدم العلمي والتكنولوجي الذي شهده مجال الطب في السنوات الأخيرة، إلا أن السرطان لا يزال يشكل تهديدًا صحيًا عالميًا. في هذا المقال، سوف نستعرض الأسباب المحتملة للإصابة بمرض السرطان، وكيفية تطوره، بالإضافة إلى الوقاية والعلاج المتاح.

1. مفهوم السرطان

السرطان هو عبارة عن مرض يحدث عندما تبدأ بعض خلايا الجسم في النمو بشكل غير طبيعي وغير منضبط. هذه الخلايا قد تشكل أورامًا أو يمكن أن تنتشر إلى الأنسجة المحيطة. بشكل عام، تختلف أنواع السرطان حسب مكان الإصابة، ففي حين أن سرطان الرئة يؤثر على الرئتين، فإن سرطان الثدي يؤثر على الخلايا المكونة للثدي. قد يكون الورم خبيثًا (سرطانًا) أو حميدًا (غير سرطاني).

الورم الخبيث يتسم بقدرته على الانتشار إلى الأنسجة والأعضاء المجاورة، مما يؤدي إلى تعقيد الحالة الصحية للمريض. في المقابل، الورم الحميد يظل محدودًا في مكان واحد ولا يمتلك القدرة على الانتشار إلى مناطق أخرى من الجسم.

2. الأسباب الرئيسية للإصابة بالسرطان

تعد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالسرطان معقدة ومتعددة، ويمكن تقسيمها إلى عدة عوامل رئيسية، منها:

2.1. العوامل الوراثية

تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في تطور بعض أنواع السرطان. فالأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع مرض السرطان يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض. على سبيل المثال، سرطان الثدي والمبيض يعدان من بين الأنواع التي يمكن أن تنتقل وراثيًا عبر جينات معينة، مثل جين BRCA1 وBRCA2.

من الممكن أن تكون بعض الطفرات الجينية التي تنتقل من الآباء إلى الأبناء هي المسؤولة عن زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان. وتؤثر هذه الطفرات على قدرة الخلايا في الجسم على التكاثر والانقسام بشكل طبيعي.

2.2. العوامل البيئية

تعد البيئة من العوامل المؤثرة في الإصابة بالسرطان. التعرض المستمر لبعض المواد الكيميائية أو السموم البيئية يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطان. فعلى سبيل المثال، يعد التعرض للمواد السامة مثل الأسبستوس (الأميانت) والزرنيخ من الأسباب المعروفة للإصابة بسرطان الرئة وسرطان المثانة.

التلوث البيئي هو عامل آخر يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، خصوصًا في المناطق التي تشهد تلوثًا في الهواء والماء، مما يزيد من احتمالية تعرض الإنسان لمواد مسببة للطفرات الجينية.

2.3. نمط الحياة

يؤثر نمط الحياة بشكل كبير في الإصابة بالسرطان. على رأس هذه العوامل يأتي التدخين، الذي يعد من أكثر الأسباب المؤدية إلى الإصابة بسرطان الرئة والفم والحلق والمريء. حيث تحتوي السجائر على العديد من المواد السامة التي تسبب تلفًا للخلايا وتزيد من احتمال حدوث الطفرات الجينية.

السمنة أيضًا تمثل عاملاً مسببًا للعديد من أنواع السرطان، مثل سرطان القولون والرحم والمريء. حيث يمكن أن يؤدي تراكم الدهون في الجسم إلى تغيرات هرمونية تؤثر على عملية الانقسام الخلوي.

النظام الغذائي يلعب دورًا مهمًا في الوقاية من السرطان. تناول كميات كبيرة من الأطعمة المعالجة، مثل اللحوم المدخنة والمصنعة، يمكن أن يساهم في زيادة خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان.

2.4. التعرض للإشعاعات

التعرض للإشعاعات، سواء كانت إشعاعات مؤينة أو غير مؤينة، يشكل خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان. الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس تعد من أبرز المسببات للإصابة بسرطان الجلد، وخاصة النوع القاتل منه المعروف باسم “الميلانوما”. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعرض للإشعاعات النووية أو العلاج الإشعاعي قد يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.

2.5. العدوى الفيروسية

هناك عدد من الفيروسات التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بأنواع معينة من السرطان. على سبيل المثال، يعد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) أحد الفيروسات التي تسبب سرطان عنق الرحم. كما أن فيروس التهاب الكبد B وC يعدان من الأسباب المؤدية إلى الإصابة بسرطان الكبد.

2.6. ضعف جهاز المناعة

جهاز المناعة يعمل على حماية الجسم من الأمراض والعدوى، بما في ذلك الخلايا السرطانية. ولكن عندما يضعف جهاز المناعة، سواء بسبب مرض معين مثل الإيدز أو نتيجة لتناول أدوية مثبطة للمناعة، فإن الجسم يصبح أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.

3. كيفية تطور السرطان في الجسم

يتطور السرطان عندما تحدث تغييرات في الحمض النووي (DNA) للخلايا، مما يؤدي إلى فقدان السيطرة على نموها وانقسامها. في الحالة الطبيعية، تتحكم الخلايا في النمو والانقسام عن طريق إشارات كيميائية وأوامر وراثية لضمان حدوث التكرار الخلوي بشكل منظم.

لكن في السرطان، يحدث خلل في هذه الآليات، مما يؤدي إلى انقسام الخلايا بشكل غير طبيعي. بعد فترة، تتجمع هذه الخلايا في كتلة تعرف بالورم. إذا كانت هذه الخلايا سرطانية، يمكن لها أن تهاجم الأنسجة المجاورة وتنتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم.

4. الوقاية والعلاج

4.1. الوقاية

تعد الوقاية من السرطان أهم خطوة يمكن اتخاذها لتقليل احتمالية الإصابة بالمرض. يمكن للأفراد اتخاذ خطوات فعالة لتقليل خطر الإصابة من خلال:

• تجنب التدخين والابتعاد عن التعرض للتدخين السلبي.

• ممارسة النشاط البدني بانتظام.

• اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يحتوي على الكثير من الفواكه والخضروات.

• تقليل التعرض لأشعة الشمس المباشرة والابتعاد عن استخدام الأسرّة الشمسية.

• الحصول على اللقاحات التي تحمي من العدوى الفيروسية مثل لقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) ولقاح التهاب الكبد B.

4.2. العلاج

تتعدد طرق علاج السرطان وتعتمد على نوعه ومراحله. تشمل العلاجات المتاحة:

• الجراحة: تهدف إلى إزالة الورم السرطاني من الجسم.

• العلاج الكيميائي: يستخدم الأدوية لقتل الخلايا السرطانية أو إيقاف نموها.

• العلاج الإشعاعي: يستخدم الإشعاع لتدمير الخلايا السرطانية.

• العلاج المناعي: يعزز جهاز المناعة لمحاربة السرطان.

• العلاج الهرموني: يستخدم في بعض أنواع السرطان مثل سرطان الثدي وسرطان البروستاتا.

• العلاج الجيني: يعتمد على تعديل الجينات في الخلايا لتقليل نمو الورم.

5. الخلاصة

يعد مرض السرطان من أكثر الأمراض فتكًا بالبشر، ويعد التوعية بالأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به من الأمور الضرورية لتقليل مخاطر الإصابة. يعتمد السرطان على مزيج معقد من العوامل الوراثية، البيئية، وأنماط الحياة التي قد تساهم في حدوثه. ومع استمرار البحث العلمي، فإن الأمل في الوقاية والعلاج الفعال لهذا المرض يظل قائمًا، خصوصًا مع تطور العلاجات المناعية والجينية التي توفر أفقًا جديدًا في مواجهة هذا المرض.