أسباب التهاب الغدة النكافية

أسباب الغدة النكافية: أسباب مرضية وعوامل مؤثرة

تُعتبر الغدة النكافية أحد الأجزاء الحيوية في الجسم البشري، إذ تقع على جانبي الوجه، خلف الفك السفلي، وتعد أكبر الغدد اللعابية في الجسم. تتمثل وظيفة الغدة النكافية الأساسية في إنتاج اللعاب الذي يساعد في ترطيب الفم وتسهيل عملية الهضم. ومع ذلك، قد تتعرض الغدة النكافية للإصابة بعدد من الأمراض والاضطرابات، ما يؤدي إلى تورمها والألم الناتج عنها. تعد التهابات الغدة النكافية من الحالات الشائعة التي تصيب هذه الغدة، وقد تنجم عن عدة أسباب، تتراوح من العدوى الفيروسية إلى اضطرابات صحية أخرى. في هذا المقال، سيتم تناول الأسباب المختلفة التي تؤدي إلى التهاب وتورم الغدة النكافية، وأعراض هذه الحالة، وطرق الوقاية والعلاج.

التهاب الغدة النكافية (النُكاف)

النُكاف هو أحد الأمراض الفيروسية الأكثر شيوعًا التي تؤثر على الغدة النكافية. يتسبب في هذا المرض فيروس يُعرف بفيروس النُكاف (Mumps virus)، الذي ينتمي إلى عائلة الفيروسات المعروفة باسم “مصفرة الفيروسات”. على الرغم من أن النُكاف كان يُعتبر مرضًا نادرًا في السنوات الأخيرة بفضل برامج التحصين ضد الفيروس، إلا أنه ما زال يُسجل عدد من الحالات، خصوصًا في الأماكن التي تشهد انخفاضًا في معدلات التحصين.

أسباب الإصابة بالنُكاف

يعد فيروس النُكاف السبب الرئيسي في الإصابة بهذا المرض، ويتم انتقاله من شخص لآخر عن طريق الرذاذ التنفسي الذي يخرج مع السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة بالفيروس. قد يتسبب الفيروس في التهاب الغدة النكافية، ما يؤدي إلى تورمها وألم شديد في الفك. يعاني الأشخاص المصابون من أعراض إضافية مثل الحمى، الصداع، فقدان الشهية، والإرهاق العام.

العدوى والوقاية

على الرغم من أن فيروس النُكاف يمكن أن يُصيب الأفراد في أي مرحلة عمرية، إلا أنه غالبًا ما يصيب الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة. لذلك، توصي منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالتطعيم ضد النُكاف في سن مبكرة، ضمن جدول اللقاحات الروتيني. يعتبر اللقاح الثلاثي الفيروسي (MMR) هو الحل الوقائي الأمثل ضد النُكاف، الحصبة، والحصبة الألمانية.

التهاب الغدة النكافية بسبب البكتيريا

إلى جانب الفيروسات، يمكن أن تكون البكتيريا أحد الأسباب المؤدية إلى التهاب الغدة النكافية. يُعد التهاب الغدة النكافية الناجم عن البكتيريا أقل شيوعًا من النُكاف الفيروسي، لكن يُمكن أن يحدث في حالات معينة، مثل:

• العدوى بعد إجراء عملية جراحية: مثل عملية استخراج الأسنان أو العمليات الجراحية في منطقة الفم والفك.

• العدوى بسبب قلة إفراز اللعاب: تتسبب قلة إفراز اللعاب في حدوث جفاف في الفم، مما يهيئ البيئة المناسبة للبكتيريا لتتكاثر في الغدة النكافية.

العدوى البكتيرية مثل التهاب الغدة النكافية القيحي

قد تحدث العدوى البكتيرية عندما تدخل البكتيريا إلى الغدة النكافية وتؤدي إلى الإصابة بالتهاب قيحي. في هذه الحالة، قد يصاحب التورم الحمى، الألم الشديد، والاحمرار. تتطلب هذه العدوى العلاج بالمضادات الحيوية.

أسباب أخرى لتورم الغدة النكافية

هناك العديد من الأسباب غير الفيروسية والبكتيرية التي قد تؤدي إلى تورم الغدة النكافية، وهذه تشمل:

الجفاف والتغذية غير المتوازنة

يعتبر الجفاف من الأسباب التي تؤدي إلى تورم الغدة النكافية. عندما يفقد الجسم كمية كبيرة من الماء، ينعكس ذلك على أداء الغدد اللعابية، حيث يقل إفراز اللعاب. هذا النقص في اللعاب يزيد من احتمالية التهاب الغدة النكافية. إلى جانب ذلك، فإن نقص بعض الفيتامينات والمعادن الأساسية في النظام الغذائي، مثل فيتامين “أ” أو “ب”، قد يساهم في ضعف وظيفة الغدد اللعابية.

الأدوية والعلاج الكيميائي

تشير بعض الدراسات إلى أن بعض الأدوية قد تكون سببًا رئيسيًا في التهاب الغدة النكافية. على سبيل المثال، أدوية السرطان والعلاج الكيميائي يمكن أن تؤثر على نشاط الغدد اللعابية وتسبب في تورمها. بعض أدوية علاج ضغط الدم وأدوية المضادات الحيوية قد تؤدي إلى نفس النتيجة، مما يؤدي إلى احتباس السائل في الغدد اللعابية.

الأورام

من الأسباب النادرة ولكن الممكنة لتورم الغدة النكافية هو وجود أورام أو تكيسات في هذه الغدة. قد تكون الأورام حميدة أو خبيثة، وتسبب ضغطًا على الأنسجة المحيطة، مما يؤدي إلى تورم الغدة وألم شديد. أورام الغدة النكافية قد تكون مصحوبة بأعراض مثل فقدان الوزن المفاجئ، صعوبة في التنفس أو البلع، أو تغير في شكل الوجه.

أمراض مناعية ذاتية

بعض الأمراض المناعية الذاتية مثل متلازمة سجوجرن قد تؤثر على الغدد اللعابية، بما في ذلك الغدة النكافية. في هذه الحالات، يهاجم جهاز المناعة خلايا الغدة اللعابية، مما يؤدي إلى جفاف الفم والتورم المستمر للغدة.

أعراض التهاب الغدة النكافية

من الأعراض التي قد تظهر على المصابين بالتهاب الغدة النكافية ما يلي:

• تورم الغدة النكافية: وهو العرض الرئيسي ويكون في الغالب مؤلمًا وملحوظًا.

• ألم في الفك: نتيجة للضغط الناتج عن التورم.

• حُمّى وإرهاق عام: يمكن أن يعاني المرضى من ارتفاع في درجة الحرارة، إلى جانب شعور عام بالإعياء.

• فقدان الشهية: يعد من الأعراض المشتركة التي قد تصاحب التورم.

• جفاف الفم: قد يعاني المرضى من صعوبة في التحدث أو بلع الطعام بسبب جفاف الفم الناتج عن نقص اللعاب.

تشخيص الغدة النكافية

تشخيص التهاب الغدة النكافية يعتمد بشكل رئيسي على الفحص السريري الذي يقوم به الطبيب، والذي يشمل تقييم التورم والأعراض المرافقة. يمكن أن يحتاج الطبيب إلى إجراء اختبارات إضافية لتحديد سبب الإصابة، مثل:

• فحوصات الدم: لاكتشاف وجود عدوى فيروسية أو بكتيرية.

• اختبار اللعاب: في بعض الحالات، قد يتم سحب عينة من اللعاب لفحص وجود الفيروس أو البكتيريا.

• الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي: لتحديد إذا ما كان التورم ناتجًا عن أورام أو مشاكل هيكلية أخرى.

علاج الغدة النكافية

علاج التهاب الغدة النكافية يعتمد على السبب المؤدي إلى الإصابة. إذا كانت الإصابة ناتجة عن الفيروس، فإن العلاج سيكون داعمًا في المقام الأول، مثل تناول مسكنات الألم (مثل الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين) لتخفيف الألم والحمى، مع الراحة وشرب كميات كبيرة من السوائل.

إذا كانت الإصابة ناتجة عن عدوى بكتيرية، فقد يتطلب الأمر استخدام المضادات الحيوية. في حالة الأورام أو التكيسات، قد يتطلب العلاج تدخلاً جراحيًا أو علاجًا كيميائيًا.

الوقاية والعناية الذاتية

من أهم سبل الوقاية من التهاب الغدة النكافية هو تلقي اللقاح الثلاثي الفيروسي (MMR) في وقت مبكر. بالإضافة إلى ذلك، من المفيد اتباع سلوكيات صحية مثل تجنب الاتصال المباشر مع المصابين بالفيروس، والحرص على الحفاظ على نظافة اليدين وتغطية الفم أثناء السعال والعطس.

قد تساعد بعض الإجراءات البسيطة في تخفيف الألم والتورم الناتج عن التهاب الغدة النكافية، مثل وضع كمادات دافئة على المنطقة المصابة، واستخدام المسكنات التي يصفها الطبيب.

خلاصة

تعد الغدة النكافية جزءًا مهمًا من الجهاز اللعابي في الجسم، وأي خلل أو التهاب فيها قد يؤدي إلى معاناة شديدة. بينما غالبًا ما يرتبط التهاب الغدة النكافية بفيروس النُكاف، إلا أن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي يمكن أن تؤدي إلى تورمها، مثل العدوى البكتيرية، الجفاف، الأورام، والأمراض المناعية. من خلال الوقاية المتمثلة في اللقاحات والعناية الطبية المناسبة، يمكن الحد من تأثير هذه الحالات والحفاظ على صحة الغدة النكافية.